المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

منذ حرب "الأيام الستة" (حزيران 1967) تُبذَل جهود مكثفة من قبل حكومات إسرائيل والحركة الصهيونية لتوسيع حدود دولة إسرائيل وعرقلة وتشويش كل محاولة من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم "أرض إسرائيل" على أساس حدود 1967. وهذا الجهد أدى إلى تحويل إسرائيل عملياً إلى دولة ثنائية القومية، لشعبين يعيشان فيها، يشكل كل واحد منهما نصف السكان.

صحيح أن معظم السكان الفلسطينيين موجودون ظاهرياً خارج الدولة، على الأقل من ناحية القانون، حيث أن قوانين دولة إسرائيل لا تسري على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنهم عملياً مواطنون يخضعون في نهاية الأمر لسلطة حكومة إسرائيل. فمن غير الممكن، إذن، حل الصراع بين الشعبين إلى أن تتحقق مساواة في الحقوق وتمثيل سياسي للشعبين داخل الكيان الجيوسياسي الذي يعيشون فيه.

لهذا الغرض لا بد من وقف حملة التخويف التي تتم تحت شعار "المشكلة الديمغرافية" والشروع برؤية الواقع كما هو: دولة إسرائيل هي دولة ثنائية القومية يسيطر فيها عملياً شعب على شعب آخر. ومن الواضح في ظل هذا الوضع أن الشعب الواقع تحت الاحتلال سيحارب حتى تحقيق حريته وتحقيق التمثيل السياسي المناسب. وحيث أن حدود العام 1967 قد محيت سواءً من الوعي أو من الخريطة السياسية، ناهيكم عن الواقع القائم على الأرض، فإن كل ما تبقى عمله لحل النزاع هو منح حقوق متساوية كاملة لجميع من يعيش بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. بعبارة أخرى، تحويل دولة إسرائيل من دولة ثنائية القومية دون مساواة في الحقوق، لدولة ذات صبغة ديمقراطية.

تبدأ حملة التخويف في المدرسة، تحدثوا لنا هناك وما زالوا يظهرون لأبنائنا ضرورة أن نكون أقوياء، وأنه لا يجوز لنا أن نعطي العرب القليل حتى لا يطالبوا بالكثير، كما تحدثوا عن الخطر الوجودي الذي يتهددنا نحن اليهود جراء وجود كيان عربي في إسرائيل. ولكن حملة التخويف لا تنتهي عند هذا الحد بل تستمر مروراً بالخدمة العسكرية، وبمواصلة بناء الجدار الذي يهدف إلى الفصل بيننا وبينهم، وبالإذن الذي يُعطى لأبنائنا من حملة السلاح بإطلاق النار وقتل جيراننا الفلسطينيين دون محاكمة أو قانون. تتواصل حملة التخويف ولا تتوقف بحيث يقتل إلى جانب "المتهمين" آخرون بالصدفة. ومن الواضح أن أناساً يسمح لهم القانون بممارسة القتل بهذه الطريقة السهلة هم أناس خطيرون، لا صلة لهم بعمر، ونوع، ودرجة التهمة. من هنا يتضح لماذا هو مسموح إهانة الناس وإذلالهم على معابر الحدود في الدخول والخروج من البلاد. فهم حقاً وآباؤهم وآباء آبائهم ولدوا جيلاً بعد جيل في هذه البلاد وعاشوا هم وآباؤهم فيها. ولهذا يتضح لماذا يحرم الشباب والنساء والأطفال من حقوقهم؟ ولماذا يشكلون خطراً وجودياً على القوة العسكرية العظمى التي نسميها إسرائيل؟ والحقيقة يجب ألا تكون هكذا.

يجب ومن الضروري أن نربي أولادنا وأولادهم على العيش بتعاون ومساواة. يمكن أن نعلم أبناء الإسرائيليين اللغة العربية وأولاد الفلسطينيين العبرية. يمكن أن نعلم الشعبين أن الاستقلال السياسي والهوية السياسية لا تتطلب سلطة تقتصر على إسرائيل: يمكن أن نعلم الشعبين أن "الآخر" ليس سيئاً وإنما هو مختلف فقط وعلى هذا الأساس نقيم شبكة علاقات من نوع آخر، شبكة علاقات تقوم على الاحترام، والتعاون ومنح الحرية السياسية، والوطنية والدينية. يمكن عمل كل ذلك إذا توفرت الإرادة، لا بد لنا أن نفعل كل ذلك إذا كنا نرغب بتوفير مستقبل أفضل لأبنائنا.

______________________________

* ناشط سلام إسرائيلي وهو نجل عضو الكنيست الأسبق متتياهو بيلد. بادر ميكو بيلد، الذي يعيش حاليًا في كاليفورنيا، مع نادر البنا، وهو فلسطيني يعيش أيضًا في كاليفورنيا، لإحضار ألف كرسي مدولب لأبناء إسرائيل والسلطة الفلسطينية، 500 لكل طرف. هذا المقال خاص بـ"المشهد". وقد ترجمه جمال منصور.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات