أسدلت الانتخابات البرلمانية الخامسة، التي جرت خلال ثلاث سنوات ونصف السنة تقريبا، الستار على حالة عدم استقرار الحكم الإسرائيلي، وأفرزت النتائج تشكيل حكومة خلال وقت قصير نسبيا، برئاسة بنيامين نتنياهو، ترتكز على معسكره الثابت. وبرغم الأغلبية الواضحة لهذه الحكومة، مدعومة من ائتلاف بأغلبية 64 مقعدا، من أصل 120 مقعدا، فإن هذا لا يعني أنها ستكون حكومة من دون صراعات داخلية. وأظهرت الانتخابات الأخيرة انحيازا أشد في الشارع اليهودي الإسرائيلي نحو اليمين الاستيطاني الأكثر تطرفا، وشرعنة وجوده، في مقابل إسدال الستار برلمانيا على آخر حزب من "اليسار الصهيوني".
يتجه قرابة 6.79 مليون من ذوي حق الاقتراع إلى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، يوم الأول من تشرين الثاني المقبل، وهي الانتخابات الخامسة التي تجري خلال 3 سنوات ونصف السنة، ولا يبدو أن هذه الانتخابات أيضا ستنتهي بتشكيل حكومة ذات أغلبية كبيرة، إذا ما تشكلت أصلا. وتتنافس في هذه الانتخابات 40 قائمة انتخابات قطرية، على 120 مقعدا برلمانيا.
مع أن الرجل اليمينيّ البارز في إسرائيل، بنيامين نتنياهو، لم تكن له حصةٌ في تشكيل الحكومة في الانتخابات السابقة، فإنّ حضوره لم يغب حتى في أكثر لحظات الحكومة الإسرائيلية استقراراً، وهذا الحضور المفرط في المشهد السياسيّ الإسرائيليّ لم يكن محض مصادفةٍ سياسية، وإنما كان انعكاساً لمواقف زعيم حزب الليكود، والرجل البارز في معسكر اليمين في الانتخابات التي ستعقد مطلع الشهر القادم.
في الولايات المتحدة، ثمة مستجدات متسارعة تتعلق بحركة المقاطعة المعروفة باسم BDS (الاسم الكامل لها هو: حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها). وهذه المستجدات تتعلق أساساً بمعارك قانونية في المحاكم في الولايات المتحدة، سواء محاكم فيدرالية على مستوى الأقاليم (الإقليم يضم عدة ولايات)، أو على مستوى المحكمة العليا (القادرة على الاستئناف على، أو رفض، أو تثبيت، قرارات المحاكم الفيدرالية). هذه المقالة، تتابع هذه المستجدات الحاصلة في القضاء الأميركي والمتعلقة بمستقبل عمل حركة المقاطعة في الولايات المتحدة تحديدا، وتركز على الجهود الإسرائيلية الرامية إلى تجريم حركة المقاطعة هناك.
يُبيّن "مؤشر السياسة الإسرائيلية الخارجية للعام 2022"، الذي أجراه معهد "متفيم (مسارات) ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية" ونشر نتائجه التفصيلية في أوائل شهر تشرين الأول الجاري، أن الجمهور الإسرائيلي (اليهودي) يبدي تحفظاً واضحاً مما يُسمى "الحلول الكبيرة"، التي تعني المسارات الكبيرة والشاملة لحل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، أو حتى أي تسوية طويلة الأمد في قطاع غزة. ويبدي الجمهور الإسرائيلي تشككاً عميقاً في إمكانية "أن يشكل حل الدولتين استراتيجية قابلة للتطبيق اليوم"! وهو ما يناقض تماماً ما ادّعاه رئيس الحكومة الإسرائيلية (الانتقالية) يائير لبيد في الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المنصرم وأشار فيه إلى أنّ "الغالبية الساحقة من الإسرائيليين تؤيد حل الدولتين".
بتاريخ 11 تشرين الأول الجاري (2022)، صادق كل من رئيس حكومة إسرائيل يائير لبيد، والرئيس اللبناني ميشال عون، على نص المسودة التي تقدمت بها الولايات المتحدة لترسيم الحدود المائية بين البلدين. ومن المتوقع أن تنهي هذه الاتفاقية الخلافات الإسرائيلية- اللبنانية المتعلقة بالمياه الاقتصادية لكل بلد، وبتوزيع أرباح الغاز الطبيعي المتواجد في هذه المياه. الاتفاق يحمل بعدين، الأول سياسي- أمني، والثاني اقتصادي يتعلق بأرباح الغاز الموجود في المياه المتنازع عليها. ويعتبر الاتفاق الأول من نوعه بين إسرائيل ولبنان.
الصفحة 81 من 338