بعد نحو شهر من هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دعا رئيس الولايات المتحدة في حينه، جو بايدن، إلى "إعادة هيكلة" السلطة الفلسطينية باعتبارها الطرف الأنسب لإدارة قطاع غزة بعد الحرب. ويُستخدم مصطلح "إعادة هيكلة" السلطة الفلسطينية بشكل واسع في الخطابات السياسية والدبلوماسية بعد حرب غزة 2023–2024، إلا أن هذا المصطلح يفتقر إلى تعريف موحد، إذ تُحمّله كل جهة معاني وأهدافًا مختلفة.
كشفت حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 عن عمق العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، باعتبارها علاقة استراتيجية تجاوزت الأطر التقليدية، لتشمل مجالات الاستخبارات، والتسليح، والتمويل العسكري والاقتصادي. فقد ظهرت واشنطن خلال هذه الحرب كفاعل مباشر وشريك ميداني، عبر تأمين غطاء دولي للممارسات الإسرائيلية، وتسريع عمليات نقل الأسلحة، وتقديم حزم مالية ضخمة لإسرائيل؛ بل وحتى المشاركة في الاجتماعات العسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تجري العديد من المراكز البحثية ووسائل الإعلام الإسرائيلية استطلاعات رأي دورية لقياس الرأي العام الإسرائيلي من القضايا المختلفة ولا سيّما تلك المرتبطة بحرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة: العمليات العسكرية، أهداف الحرب وتحقّقها، قضية الأسرى والمحتجزين والثقة بالمؤسسات الحكومة والشخصيات العامة. ومنذ ذلك الحين، وكجزء من تغطيات، قدّم مركز مدار استعراضاً وتحليلاً لهذه الاستطلاعات بهدف تتبّع التحولات في الرأي العام الإسرائيلي من القضايا المرتبطة بالحرب.
شهد قطاع التعليم في إسرائيل مطلع هذا الأسبوع إضراباً واسعاً، إذ لم تفتح 217 مدرسة ومئات رياض الأطفال أبوابها احتجاجاً على قرار الحكومة الاقتطاع الشامل من أجور المعلمين. العديد من الطلاب بقوا في منازلهم بعد إعلان آلاف المعلمات والمعلمين أنهم مرضى ولم يأتوا إلى المؤسسات التعليمية، وذلك بعد رفض الحكومة ممثلةً بوزارة المالية تعويض العاملين في مجال التعليم عن الاقتطاع من رواتبهم، مثلما تم تعويض سائر العاملين في القطاع العام.
تراكمت في الأيام الأخيرة تقديرات سلبية للاقتصاد الإسرائيلي، فإن كان منها انعكاس للتأثيرات العالمية، وخاصة الحرب الجمركية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيبقى الأساس هو انعكاس استمرار الحرب على الاقتصاد، إذ قالت تقديرات أولية في بنك إسرائيل المركزي إن كلفة استئناف الحرب على قطاع غزة ستصل إلى 40 مليار شيكل (قرابة 11 مليار دولار) وهذا من شأنه أن يرتفع إذا امتدت الحرب حتى نهاية العام. وبموازاة ذلك فإن المحللين الاقتصاديين يتوقعون أن تستأنف كلفة المعيشة ارتفاعها، وأن يتجاوز الغلاء (التضخم المالي) حدود التوقعات لهذا العام.
تعكس الهجمة التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والرامية لإقالة رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار، وقبل ذلك تعيين إيال زامير رئيساً جديداً لهيئة أركان الجيش وسط اتهامات للأخير بقربه من نتنياهو، إلى جانب الصدام العنيف مع المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف- ميارا، نية واضحة لتطويع أجهزة الدولة لخدمة مصالح شخصية وسياسية ضيّقة تخدم أجندة اليمين ونتنياهو بحسب معارضيه. في ضوء ذلك، يبرز السؤال في إسرائيل حول قدرة اللجان المختلفة والأجهزة القضائية على الحفاظ على "مهنية" و"نزاهة" عمليات التعيين لا سيّما في المناصب الأمنية والعسكرية والتي تحوّلت مؤخراً لساحة مركزية للصراع على مستقبل النظام السياسي ومؤسسات الدولة المختلفة.
الصفحة 3 من 341