أوراق إسرائيلية

سلسلة أوراق تتناول ملفات راهنة في المشهد الإسرائيلي وتغطيها من زوايا مختلفة.
"اليهود الحريديم في إسرائيل.. دوافع التحالف مع اليمين"

رام الله: صدرت حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" ورقة إسرائيلية جديدة تحت عنوان "اليهود الحريديم في إسرائيل.. دوافع التحالف مع اليمين"، أعدها الباحث أنطوان شلحت، وتضم ترجمة لمقالتين إسرائيليتين جديدتين تتناولان آخر المستجدات المتعلقة بالحريديم في حلبة السياسة الإسرائيلية، ولا سيما فيما يختصّ بتعقّب جذور عملية ميلهم نحو اليمين وتحولهم إلى "شركاء طبيعيين" له ولزعيمه خلال العقد الأخير بنيامين نتنياهو، وبمواقفهم حيال الصهيونية وما يسمى "أرض إسرائيل" ودولة إسرائيل.

وتعود جذور الميل اليميني، وفقاً لمقالة "أرض التوراة، دولة التخبطات"، لكاتبها الباحث دوف غرينبويم، إلى ما عرف باسم "الانقلاب" الذي حققه مناحيم بيغن في العام 1977 وتأدّى عنه صعود حزب الليكود إلى سدّة الحكم، وفي إثره عاد الحريديم إلى مقاعد الائتلافات الحكومية الوثيرة، ومنذ ذلك الوقت شرعوا يعتبرون بيغن بمنزلة المخلّص القومي الذي أنقذهم وجعلهم حلفاء، بقدر ما بدأوا يرون أنفسهم أكثر قرباً إلى اليمين الإسرائيلي الذي أعاد لهم الاحترام والمجد، اللذين ظلوا يتمنونهما طوال ربع قرن من الزمن.

وتشير المقالة إلى أن كثيرين جداً يحاولون الادعاء بأن الجمهور الحريدي هو جمهور يميني، غير أنها ترى أن هذا الادعاء ليس دقيقاً. فثمة للجمهور الحريدي معايير واعتبارات أخرى يقرر، بموجبها، الانضمام إلى الحكومة أو عدم الانضمام. واليمين واليسار ليسا من بين أهم هذه الاعتبارات والمعايير. والحكومة التي تتصرف بعطف وتفهم تجاه الحريديم وتعترف بحاجاتهم هي التي تفوز بأصواتهم.

وتلفت المقالة إلى أن الحريديم لم يتركوا الائتلاف الحكومي بسبب إخلاء يميت (مستوطنة إسرائيلية في شبه جزيرة سيناء ـ المحرر) في إطار معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، أو بسبب إخلاء غوش قطيف (المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة) في نطاق "خطة الانفصال" عن القطاع، ولا حتى بسبب هذه الخطة السياسية أو تلك، وإنما ـ بالأساس ـ بسبب المساس بمعتقداتهم الدينية، كما حدث مع حكومة إيهود باراك مثلاً. فلا اليمين ولا اليسار هما ما يعني الحريديم ويؤرقهم، بل إن ما يعنيهم أكثر من أي شيء آخر هو استمرار المحافظة على الطابع اليهودي في الحياة العامة وفي الحيّز العام، بالإضافة إلى استمرار الحفاظ على ميزانيات المدارس الدينية (ييشيفوت) ومخصصات الأولاد.

وتنوّه المقالة بأن هذا لا يعني أن الحريديم سيصوتون غداً لأحزاب يسارية، لكن ليس ثمة مشكلة بينهم وبين اليسار كيسار، بصورة جذرية، مثلما أنهم غير منتشين باليمين كيمين. فاليمين جيد لهم حين يكون معهم واليسار قد يكون ممتازاً لهم حين يكون إلى جانبهم. أو بكلمات أخرى: الحريديم يحبون أرض إسرائيل، لكنهم ليسوا مولَعين بالدولة.

وهذا ما تتوصل إليه أيضاً المقالة الثانية، تحت عنوان "حسيدية ساتمر: ضد "الدولة الصهيونية" لا ضد الصهيونيين"، وفيها تسلط الباحثة بنينا فويفر الضوء على جماعات الحريديم التي لا تعترف بالدولة اليهودية، ليصل إلى القول إن جميع الحريديم يقدسون الأرض، لكنهم لا يقدسون الصهيونية، أكثر من أنها تتيح لهم إمكان العيش وفق نمط الحياة الذي يريدون، برفاهية وحرية.

وتضم الورقة إلى جانب المقالتين، تقريرا يقدّم نظرة عامة إلى الحريديم وتياراتهم ومعتقداتهم ومواقفهم في الماضي والحاضر على حدّ سواء.

 

اوراق اسرائيلية 70

أوراق اسرائيلية

أحدث الأعداد