أوراق إسرائيلية

سلسلة أوراق تتناول ملفات راهنة في المشهد الإسرائيلي وتغطيها من زوايا مختلفة.
تهجير سكان قطاع غزة: الخطط الرسمية والتوصيات اليمينية وتحليل العمليات العسكرية خلال الحرب 2023-2025
  • أوراق إسرائيلية
  • 204
  • تصفح الملف

رام الله: صدرت عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، حديثًا، الورقة 85 من سلسلة "أوراق إسرائيلية" تحت عنوان "تهجير سكان قطاع غزة- الخطط الرسمية والتوصيات اليمينية وتحليل العمليات العسكرية خلال الحرب 2023-2025"، أعدّها وقدّم لها الباحثان وليد حباس وياسر مناع.

تقدّم هذه الورقة الواقعة في 204 صفحات، 15 مادة إسرائيلية مترجمة حول تهجير سكان قطاع غزة خلال الحرب الجارية، تشمل خططًا ووثائق رسمية، ومقالات رأي، وتقارير إعلامية، ودراسات أكاديمية، وندوات حوارية تعكس الحضور البارز لخطاب التهجير خلال الحرب الحالية على المستوى الرسمي، والعسكري، بالإضافة في أوساط العديد من المثقفين، والأكاديميين، والدبلوماسيين، ومراكز الأبحاث والتفكير في إسرائيل.

تكشف الورقة عن أن مشروع "التهجير" ليس استجابة طارئة لظروف الحرب الراهنة، بل هو امتداد لمشروع بدأ منذ العام 1948، حين تحولت غزة إلى "مخزن ضخم للاجئين"، ويجري اليوم تكثيفه في سياق الحرب الحالية على أساس تصوّر يعتبر غزة "حيزاً يجب إخلاؤه لا احتواؤه". ومع ذلك، وكما سيرد في الترجمة (15) الأخيرة—وهي حوار بين مثقفين وسياسيين وصنّاع قرار إسرائيليين—فإن هجوم حماس في 7 أكتوبر، دفع الى تحويل مشروع "الترانسفير" من خانة "الأحلام" الإسرائيلية إلى فضاء الخيار السياسي المُعلن، الذي يُخطَّط ويُروَّج له على نحو فعلي و"قابل للتطبيق".

تتألف الورقة من ثلاثة أقسام رئيسية إضافة الى المقدمة والخاتمة: يتناول القسم الأول خطط التهجير الإسرائيلية أثناء الحرب على غزة، عبر ترجمة وثائق رسمية وشبه رسمية، مثل خطة وزارة الاستخبارات، وقرار الحكومة بإنشاء "مديرية النقل الطوعي"، وترجمة لرؤية ترامب حول التهجير وخطط من منظمات لتنفيذ هذه الرؤية. أما القسم الثاني فيحلّل العمليات العسكرية التي تحمل دلالات أو أهدافًا تهجيرية، مستعرضاً قراءات إسرائيلية ترى في أسلوب الهجوم وإدارة المعارك وسيلةً لتهيئة بيئة الطرد الجماعي. بينما يركّز القسم الثالث على تجنّد المثقفين ومراكز الأبحاث ومجموعات الضغط لدعم خطاب التهجير، من خلال مقالات، ومؤتمرات، وخطابات لقيادات سياسية وأمنية تروّج لإفراغ القطاع وإعادة الاستيطان فيه.

تتعمق الورقة في إحداثيات واسعة تتمحور حول ظهور ثلاثة تطورات محورية خلال حرب الإبادة في غزة، جعلت من قضية الترانسفير أكثر من مجرد طرح "افتراضي"، بل خطة ينبغي أخذها على محمل الجد بوصفها برنامج عمل إسرائيليًا فعليًا، تدعمه معطيات سياسية وعسكرية ووقائع ميدانية ملموسة، أولها تأسيس مديرية التهجير تحت قيادة الجيش الإسرائيلي في 22 آذار 2025، حيث صادق المجلس الوزاري الأمني-السياسي (الكابينيت) على قرار ب/176 الذي أمر بإنشاء مديرية خاصة في وزارة الدفاع لتنسيق الاستعدادات بين الأجهزة الأمنية والحكومية لنقل فلسطينيين من غزة إلى دول ثالثة، تحت مسمى "المغادرة الطوعية" ولأسباب إنسانية أو "موسعة" (بمعنى أنها قد تشمل أسباباً تتعدى خانة "الإنسانية")، بما يتوافق مع القانون الإسرائيلي والدولي (قرار الحكومة مترجم أدناه).

 تشمل مهام المديرية التخطيط والتنفيذ اللوجستي والأمني، وإنشاء مسارات ومعابر مخصصة براً وبحراً وجواً، وضمان المرافقة الأمنية، والتنسيق مع منظمات دولية وأطراف إقليمية، مما يضع إطاراً رسمياً لبرنامج ترحيل منظم لسكان غزة. وقد جاء إنشاء المديرية (التي قلّما نجد تفاصيل عن عملها حتى كتابة هذه الورقة في آب 2025)، بعد تصريحات ترامب حول رؤيته "نقل" سكان غزة إلى مكان أكثر أماناً عبر توزيعهم على دول راغبة باستيعابهم.

التطور الثاني محمول في طبيعة العمليات العسكرية حيث تكشف تحليلات إسرائيلية لعدد من العمليات العسكرية البارزة خلال الحرب، وبناء على تدحرج الهجوم الإسرائيلي الكثيف في قطاع غزة، أن الغاية من العمليات ليست "اقتلاع حماس من المشهد السياسي والعسكري في غزة"، ولا على "تلقين الفلسطينيين درساً قاسياً حول عبثية المقاومة"، بل تتجاوز ذلك إلى هدف أعمق: تهيئة القطاع للتهجير. وتشير هذه القراءات الإسرائيلية (وأبرزها صادر عن مراكز أبحاث مقرّبة من صناع القرار الإسرائيلي) إلى أن هذه العمليات تُنفَّذ بطريقة تتيح القيام بـ "إزاحات" جماعية للسكان ترمي إلى إخلاء شمال قطاع غزة كما في "خطة الجنرالات" في تشرين الأول 2024، أو "مركبات جدعون" في صيف 2025، أو فكرة احتلال مدينة غزة في آب 2025. هذه العمليات العسكرية التي "تتطلع" إلى تكديس الفلسطينيين في "مدينة إنسانية" في جنوب القطاع المدمر ليست إلا مراحل أولى في مشروع تأهيل الواقع الغزي لتهجير السكان إلى خارج القطاع.

يتمثل التطور الثالث في القبول العام بالتهجير وتجند اليمين النشط ومجموعات الضغط لتحويله إلى واقع، فبعد 7 أكتوبر 2023، تصاعدت بشكل ملحوظ الدعوات العلنية من قبل دوائر يمينية، صهيونية ومتطرفة في إسرائيل لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة. وزراء بارزون، مثل إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي) وبتسلئيل سموتريتش (وزير المالية)، ألقوا خطباً في تجمعات جماهيرية دعوا فيها صراحة إلى إفراغ غزة من سكانها الفلسطينيين وإعادة توطين اليهود فيها. كما عُقدت مؤتمرات عدة لما يُعرف بكتلة "اليمين الاستيطاني"، خُصصت للدعوة إلى تهجير سكان القطاع وإعادة الاستيطان اليهودي فيه، وشارك فيها عشرات الوزراء، ورجال الأمن، وممثلو مراكز فكر، ومثقفون. ولم تقتصر هذه الرؤى على الأوساط السياسية؛ إذ أظهرت استطلاعات رأي عن مراكز أبحاث أن أكثر من 80٪ من اليهود الإسرائيليين يوافقون على ترحيل الغزيين إلى الخارج.

أوراق اسرائيلية

أحدث الأعداد