الراصد القانوني

متابعة وتوثيق القوانين والتشريعات الاسرائيلية ذات الصلة بالفلسطينيين.

قرار الحكومة يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015

قررت الحكومة الإسرائيلية يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 تشكيل لجنة حكومية لوضع صياغة "متفق عليها، لقانون ما يسمى "إسرائيل دولة الشعب اليهودي"، بموجب اتفاقيات الائتلاف للحكومة الحالية، نظرا لما يواجهه مشروع القانون خلافات يهودية- يهودية، وداخل الائتلاف.

ويرأس اللجنة، بموجب القرار، رئيس الائتلاف الحاكم، النائب تساحي هنغبي، وفي عضوية اللجنة وزيرة القضاء أييليت شكيد، وهي من المبادرين السابقين لهذا القانون العنصري، وفي عضوية اللجنة أيضا، نواب وشخصيات من أحزاب الائتلاف الحاكم.

وقال نتنياهو في افتتاح جلسة حكومته الأسبوعية التي اتخذت هذا القرار، "إننا نصر على اقرار القانون، الذي سينظم بشكل واضح كون إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، الدولة القومية للشعب اليهودي". ولكن رغم هذا التصريح يعي نتنياهو أن الخلافات الداخلية في الائتلاف الحاكم، التي عرضناها في اوراق سابقة، ونستذكرها هنا مجددا، تضع عراقيل كبيرة جدا أمام هذا القانون، وقد تمنع اقرار كليا في الدورة البرلمانية الـ 20 (الحالية).

خلفية القانون

ظهر هذا القانون على جدول أعمال الكنيست، كمشروع قانون، في الدورة البرلمانية الـ 18، (2009- 2013)، من خلال نائب المعارضة، رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق آفي ديختر، حينما كان عضو كنيست من حزب "كديما"، وانضم اليه فريق من نواب اليمين، وكان فيه بند واضح يلغي الطابع الرسمي للغة العربية. وتبين في حينه، أن من وراء المشروع تقف منظمات اليمين المتطرف، خاصة من التيار "الديني الصهيوني".
وحسب ما نشر في حينه، فإن الصيغة الأولى لبلورة هذا المشروع تمت في المعهد اليميني المتطرف، "معهد الاستراتيجية الصهيونية. وأمام معارضة رئيسة "كديما" في حينه، تسيبي ليفني، للقانون، لم يقدمه ديختر للهيئة العامة، ولكن نواب آخرون صمموا مشاريع قوانين مطابقة أو مشابهة.

وعاد طرح القانون بقوة في الدورة البرلمانية الـ 19، (2013- 2015)، إلا أن الحكومة في حينه، شهدت خلافا داخليا حوله، نأتي عليه، ولم يتم طرح القانون للتصويت عليه.

كذلك قدم نواب كتلة "يسرائيل بيتينو" المعارضة مشروع القانون في الدورة الحالية. وتبعهم في عرض قانون مشابه النائب من حزب "الليكود" آفي ديختر، السابق ذكره هنا.

نشير هنا، الى أن القانون من حيث الجوهر، ينفي وجود أي قومية أخرى على ما يسمى بـ "ارض اسرائيل"، وحتى إن بقيت إسرائيل على "جزء من أرض اسرائيل"، حسب التعابير الاسرائيلية، فإن ابناء القومية "الأخرى"، لا يحق لهم أية حقوق قومية جماعية، بل حقوقا فردية.

فرص تمرير القانون في الدورة الحالية

يشكل هذا القانون هو موضع خلاف مركزي في ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو قبل الحالية، ولكن هذا الخلاف بقي مغلفا نظرا لما فيه من "حرج" للمجتمع اليهودي. فالائتلاف الحاكم السابق كان فيه اجماع حول بنود هذا القانون العنصرية التي تضرب الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، ولكن من جهة أخرى، فإن مركبات الائتلاف اختلفت في ما بينها حول بنود أخرى في القانون، وأولها، مكانة الشريعة اليهودية، إذ حسب عرض نتنياهو وأحزاب المستوطنين، فإن الشريعة هي مرجعية القضاء والقانون حيث وجدت ثغرة لا تجاوب على الحالة الماثلة أمامها، اضافة إلى أن نص القانون يثبت كليا سلسلة من قوانين الاكراه الديني.

أضف إلى هذا، أن اليمين العقائدي التقليدي رفض القانون، ولم ير فيه حاجة، لما فيه من جوانب ستثير قلق أبناء الديانة اليهودية في العالم. مثل أن القانون سيطرح من جديد مسألة "من هو يهودي"، وهي قضية تعلو وتخبو من حين إلى آخر، كما أن القانون بطابعه العنصري يخلق حالة حرج لليهود في أوطانهم في العالم.

كذلك في الائتلاف الحالي تتحفظ كتلتا المتدينين المتزمتين "الحريديم"- "شاس" و"يهدوت هتوراة"، من القانون، من جوانب الشريعة اليهودية. فالحريديم يتخوفون من طابع القوانين "الدستورية"، أو تلك التي يطلق عليها مصطلح "قانون أساس"، فمثلا نص قانون "القومية" المتداول، يقول إن الكيان الإسرائيلي الحالي، هو دول اليهود في العالم، وهذا ينقض رواية "مملكة إسرائيل" التوراتية، التي سيقيمها المسيح حينما يأتي إلى العالم لأول مرّة، ولكن الحريديم لا يجاهرون بهذا الخلاف، ويكتفون بالقول إن مكانة الشريعة ليست بالقدر الكافي في هذا القانون.

كذلك فإن حزب "كولانو" (كلنا) يعرض القانون، من وجهة نظر اليمين العقائدي التقليدي، ويرى أن لا حاجة لإسرائيل به.

حينما ظهرت اتفاقيات الائتلاف قبل عدة أشهر، ببند اقامة لجنة وزارية لوضع صيغة متفق عليها لقانون القومية، قال محللون كثر، إن هذه اللجنة مهمتها "قبر القانون" وعدم عرضه في الدورة البرلمانية الحالية.

الراصد القانوني

أحدث القوانين