الراصد القانوني

متابعة وتوثيق القوانين والتشريعات الاسرائيلية ذات الصلة بالفلسطينيين.

مشروع القانون يلزم كل مركز حقوقي أو كل ناشط في مراكز حقوقية أن يشير في أي توجه مكتوب أو حملة إعلامية أو خلال المشاركة في بحث يتواجد فيه موظفو مؤسسات عامة أو منتخبو جمهور إلى مصادر التمويل.

في أعقاب اعتراضات من دول العالم، اضطرت الحكومة إلى تخفيف حدة القانون.

أقر الكنيست في ساعة متأخرة من مساء يوم 8 شباط/ فبراير 2016، بالقراءة الأولى، مشروع قانون من شأنه أن يضيق على عمل كافة المراكز الحقوقية وتلك التي تتابع ممارسات جيش الاحتلال وجرائمه، والمراكز المناهضة لسياسة التمييز العنصري، وتتلقى دعما خارجيا، بالأساس من دول أوروبية، ولكن أيضا من دول غنية، مثل صناديق في الولايات المتحدة وكندا وغيرهما.

خلفية القانون

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية قد نشرت في الأيام الأولى من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 مسودة مشروع قانون، بصيغة أشد حدة من التي أقرتها الهيئة العامة للكنيست بالقراءة الأولى، إذ كانت تنص على إلزام كل موظف/ة ناشطة/ة في هذه المراكز، يدخل إلى الكنيست والمؤسسات الحكومية، ليلتقي بمنتخبي جمهور أو موظفي دولة، أو ينشط في ميادين يتواجد فيها موظفو دولة، مع تركيز خاص على ذكر الجنود وعناصر الشرطة، بأن يضع على صدره بطاقة تحمل اسمه والمركز الذي يعمل فيه، والجهة الأجنبية الممولة لهذا المركز، أو للمشروع الذي يعمل في إطاره في تلك الفترة العينية.

وفي حال شارك هذا الموظف/ة الناشطة/ة في بحث لجان برلمانية، فإنه ملزم بأن يعرّف عن نفسه، كما هو قائم، ولكن مع الإشارة إلى اسم المركز والجهة الممولة لنشاط المركز، والغرض الذي يتواجد لأجله في الكنيست، أو في أي مؤسسة رسمية، على أن يتم تسجيل هذا في محضر الجلسة.

كما يلزم القانون كافة هذه المراكز بأن تشير في كل منشور ومطبوعة تصدرها (تقارير)، إلى الجهة الأجنبية الممولة لذلك المنشور أو المطبوعة. إضافة الى الإشارة بخط واضح للجهة الممولة في كل حملة إعلامية، مثل لافتات شوارع أو أفلام تصويرية وغيرها.

ونشير هنا إلى أن كل من يدخل إلى الكنيست، زائرا أو ناشطا، ملزم بوضع بطاقة يقدمها له الكنيست، تحمل اسمه والجهة التي يُدعى لها.

وفي منتصف شهر كانون الثاني/ يناير 2016 أقرت الحكومة مشروع القانون كما هو منصوص عليه في المسودة، لكن قبل وبعد إقرار الحكومة للقانون، واجهت الحكومة حملة انتقادات واسعة النطاق، برزت فيها الولايات المتحدة الأميركية، التي طلبت من سفيرها دان شابيرو، بتوضيح موقف البيت الأبيض من صيغة القانون، خاصة في ما يتعلق بوضع البطاقة.

وبداية حاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صد كل الانتقادات، معتبرا القانون مشروعا جديرا بإقراره. إلا أنه لاحقا اضطر للتراجع وطلب من وزارة العدل تعديل القانون، بحيث تم إسقاط مسألة وضع البطاقة على صدر العاملين في المراكز الحقوقية، حينما يكونون في مؤسسات عامة، أو في الميدان أمام الجنود.

وأبقت صيغة القانون على كل ما يتعلق بإبراز تمويل المركز في كافة المراسلات والمطبوعات.

مخاطر القانون:

- هذا القانون يستهدف أساسا كل المراكز الحقوقية، التي تعنى بمناهضة الاحتلال وجرائمه، وسياسة التمييز العنصري، والاعتداء على حقوق الإنسان والجمهور، فكل هذه المراكز تتلقى تمويلا من دول، وصناديق في دول في العالم. وفي ذات الوقت فإنه يعفي المراكز الأخرى التي تتلقى تمويلا "داخليا"، ما يعني إعفاء كافة الأطر اليمينية واليمينية المتطرفة، التي وإن تلقت تمويلا من
-
مراكز يهودية، أو أثرياء يهود وغيرهم في العالم، فإن هذا التمويل يمر عبر المنظمات الصهيونية، ما يجعل التمويل "داخليا".
- هذا القانون يأتي في ظل حملة تحريض تبدأ من رأس الهرم الحاكم، وماكنة إعلامية لا تتوقف ضد هذه المراكز، ما يجعل الناشطين أمام أخطار جسدية على حياتهم ككل، خاصة حينما يتحركون في مناطق ينشط فيها عناصر احتلال و"أمن".
- التراجع الحاصل في صيغة القانون، وبناء على تجارب سابقة، لا يعني التنازل كليا عن الصيغة الأولى له. إذ أن القانون وفي حال بقي على الصيغة ذاتها لدى التصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، فإنه سيكون قاعدة جاهزة لتعديلها لاحقا في المستقبل، وفي أي لحظة سانحة، لإعادته إلى صيغته الأولى التي نصت عليها المسودة.
- يسعى اليمين الأشد تطرفا منذ ثماني سنوات، بشكل خاص، لسن قوانين عديدة، من شأنها أن تقوّض حركة هذه الجمعيات والمراكز. وحتى الآن لم يمر أي منها في الكنيست، بسبب اعتراضات وتحذيرات منظمات حقوقية عالمية وأوروبية، ودول أوروبية أخرى. ونذكر من هذه القوانين والإجراءات:

1- منع منح تأشيرات إقامة دائمة أو طويلة لناشطين أجانب في منظمات تنشط لمقاطعة إسرائيل، أو لبضائع ومؤسسات الاحتلال- هذا مشروع قانون بمبادرة أحد النواب، وصادقت عليه الحكومة، إلا أنه لم يطرح بعد للتصويت عليه بالقراءة المبدئية في الكنيست، ومن المتوقع أن يطرح قريبا، وتضمن له الحكومة أغلبية من الائتلاف والمعارضة.
2- قانون فرض ضريبة بنسبة 45% على كل التبرعات الخارجية (أموال الدعم) لهذه المراكز الحقوقية، وقد طرح كمشاريع نواب خاصة، في الدورتين البرلمانيتين السابقتين. وكانت من بين المبادرين من باتت اليوم وزيرة العدل أييليت شاكيد. ولكن مشروع القانون طرح للنقاش وجرى سحبه من التصويت عليه، في الدورة قبل السابقة (الكنيست 18).
3- قراران برلمانيان بدعم حكومة نتنياهو قبل السابقة (2009- 2013)، لإقامة لجنة تحقيق برلمانية في عمل المراكز الحقوقية، بهدف التوصل الى قرار يقضي بسحب إجازة عملها في إسرائيل، وبعد الضجة العالمية والمحلية، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بذاته سحب القرارين قبل التصويت النهائي عليهما.
4- من ضمن الإجراءات ضد الناشطين في هذه المراكز، تضييق سلطات الاحتلال على الناشطين الحقوقيين المتجهين الى المناطق المحتلة منذ العام 1967، وسحب تأشيرات منهم، أو منع دخولهم إطلاقا وطردهم من المطار أو المعابر الحدودية الأخرى.

التصويت على القانون

حصل مشروع القانون على تأييد 50 نائبا، مقابل معارضة 43 نائبا.

وقد أيد القانون كل كتل الائتلاف، إضافة إلى كتلة "يسرائيل بيتينو" المعارضة، وعلى النحو التالي:

"الليكود": 24 نائبا وغياب 6 نواب.
"كولانو": 8 نواب وغياب نائبين.
"البيت اليهودي": 5 نواب وغياب 3 نواب.
"شاس": 5 نواب وغياب نائبين.
"يهدوت هتوراة": 5 نواب وغياب نائب واحد.
"يسرائيل بيتينو": 3 نواب وغياب 3 نواب.

وعارض القانون كتل المعارضة على النحو التالي:

"المعسكر الصهيوني": 17 نائبا وغياب 7 نواب.
"القائمة المشتركة": 10 نواب وغياب 3 نواب.
"ميرتس": 5 نواب من دون غياب.
"يوجد مستقبل": 11 نائبا من دون غياب.

لا توجد مؤشرات للغياب نابعة من تأييد أو اعتراض على القانون. فهو يحظى بقاعدة 67 نائبا من الائتلاف كاملا- 61 نائبا يضاف لهم 6 نواب كتلة "يسرائيل بيتينو" التي يتزعمها أفيغدور ليبرمان. وهي كتلة داعمة لكل القوانين العنصرية، والمعرقلة لحل الصراع، إما بالتصويت مباشرة أو بالتغيب عن الجلسة عمدا، إذ أن التغيب يزيد الفجوة بين المعارضة والائتلاف.

الراصد القانوني

أحدث القوانين