المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

في الرابع من شباط 2008 أطلقت إيران صاروخاً لأغراض البحث إلى الفضاء، وقد جرت عملية الإطلاق في نطاق تدشين مركز الفضاء الإيراني وسط تغطية إعلامية واسعة في وسائل الإعلام الإيرانية، التي ركزت على توجه إيران نحو الاعتماد على الذات في إطلاق الأقمار الاصطناعية.

صاروخ البحث (Sounding Rocket) الذي أطلق سمي "كابو شغار 1" وبحسب التقارير التي نشرت بعد نحو أسبوعين من إطلاقه ذكر أن عملية إطلاق هذا الصاروخ، المزود بمعدات قياس علمية، تمت على مرحلتين الأولى استغرقت قرابة 90 إلى 100 ثانية فيما استغرقت المرحلة الثانية 300 ثانية، وأن الصاروخ وصل إلى ارتفاع 200 كم ثم أعيد إلى الأرض بواسطة مظلة. أما حمولته فتضمنت معدات قياس بثت معلومات عن الموقع الجغرافي وسرعة الرياح والضغط الجوي ودرجة الحرارة وما إلى ذلك. وذكر متحدثون إيرانيون أنه سيتم خلال الشهور القريبة إطلاق صاروخين آخرين لأغراض البحث بما يتيح إطلاق القمر الصناعي الإيراني "أوميد" (وتعني "الأمل") في شهر أيار أو حزيران من هذا العام- 2008.

وتظهر الصور التي بثتها وسائل الإعلام الإيرانية أن صاروخ "كابو شغار" مشابه جداً لصاروخ "شهاب 3"، كما أنه أطلق بطريقة مشابهة للطريقة التي تستخدم في إطلاق صاروخ "شهاب 3" (بواسطة منصة إطلاق تجرها شاحنة) كما أنه يعمل أيضاً بواسطة وقود سائل. عملية إطلاق هذا الصاروخ ليست الأولى التي يقوم بها الإيرانيون، ففي شهر شباط 2007 أعلنت إيران أنها أطلقت صاروخ بحث مشابها إلى ارتفاع 150 كم.

مركز أبحاث الفضاء الإيراني

أقيم مركز أبحاث الفضاء الإيراني في منطقة صحراوية، بعيدة عن الأماكن المأهولة، في إقليم سمنان (جنوب شرقي العاصمة طهران). ويحتوي المركز على جهاز للمراقبة والتحكم عن بعد بالأقمار الاصطناعية وميدان لإطلاق الأقمار الاصطناعية.

عن قمر "أوميد" وغيره

لم ينشر الكثير عن القمر الاصطناعي الإيراني "أوميد" المنتظر إطلاقه صيف هذا العام، ما عدا أنه قمر لأغراض البحث صنعه علماء إيرانيون وأنه يهدف إلى رصد الكوارث الطبيعية. كذلك ذكر أن هذا القمر سيحلق، بعد إطلاقه، على ارتفاع 650 كم وأنه سيمر فوق إيران 5 أو 6 مرات في اليوم.

وعلى الرغم من أنّ إيران تجاهر منذ سنوات عديدة بتطلعاتها نحو تحقيق إنجازات في مجال الأقمار الاصطناعية، إلاّ أنها ما زالت متخلفة في هذا المضمار عن العديد من دول المنطقة. فالقمر الاصطناعي الإيراني الأول "سينا- 1" أُنتج عملياً من قبل شركة روسية وأطلق بواسطة صاروخ روسي في تشرين الأول 2005. وهو قمر اصطناعي يبلغ وزنه 170 كغم يستخدم لأغراض البحث، لكن لا تتوفر فيه، حسبما ذكر، قدرة تصوير بجودة عسكرية.

هناك قمر اصطناعي إيراني آخر لأغراض البحث يسمى "مصباح" وكان من المقرر أن يتم إطلاق هذا القمر، الذي يبلغ وزنه 65 كغم، بواسطة صاروخ إطلاق إيراني وذلك في سنة 2003. أما قمر الاتصالات "زُهرة" الذي مر بمراحل وأطوار عديدة منذ عهد (حكم) الشاه، فمن المقرر أن تتولى بناءه، في طوره الأخير، شركة روسية وسيكون مزوداً بمعدات بث من صنع دول أوروبية غربية. وعلى ما يبدو فإن هذا المشروع يواجه أيضاً عثرات عديدة. وكان متحدثون إيرانيون قد تحدثوا في السابق عن قمرين آخرين، الأول هو مشروع مشترك بين إيران وبضع دول منها باكستان والصين، لكنه لم تنشر في السنوات الأخيرة أي معلومات عن مصير هذا المشروع. أما الثاني فهو قمر اصطناعي صغير سمي "سفير" ويبلغ وزنه 20 كغم. وليس من المستبعد أن يكون قمرا "سفير" و"أوميد" هما قمر واحد باسمين مختلفين.

صاروخ الإطلاق

لا تتوفر أي معلومات عن الصاروخ الذي سيحمل إلى الفضاء قمر "أوميد". قبل نحو عشرة أعوام تحدثت أنباء عن تطوير إيراني لصاروخ إطلاق أقمار اصطناعية باسم IRIS، يستند إلى نموذج صاروخ "شهاب"، ويمكن لصاروخ يعتمد على مثل هذه التكنولوجيا (أي صاروخ من مرحلة واحدة يعمل بواسطة وقود سائل) أن يحمل إلى الفضاء قمراً اصطناعيا بوزن لا يزيد عن 20 كغم. أما إذا كان القمر من وزن أكبر فيمكن إطلاقه إلى الفضاء بواسطة صاروخ مشابه للصاروخ الذي استخدمته كوريا الشمالية في محاولتها التي جرت قبل نحو عشرة أعوام، أي صاروخ من مرحلتين أو ثلاث مراحل علماً أن مراحله الأولى تستند إلى نفس التكنولوجيا القديمة- لغاية الآن ليس هناك ما يؤكد أن إيران طورت أو اختبرت صاروخاً متعدد المراحل، وما هو معروف هو أن إيران طورت صاروخاً مشابهاً في حجمه لصاروخ "شهاب 3" الذي يعمل بواسطة وقود صلب. هذه التكنولوجيا تمكن الإيرانيين من تطوير صواريخ أقوى لإطلاق الأقمار الاصطناعية، ولكنه لا تتوفر هنا أيضاً أي معلومات عن تجارب بمثل هذه التكنولوجيا، باستثناء ما أعلنه الإيرانيون أنفسهم.

الأهمية

إن جميع المتحدثين الإيرانيين قد أكدوا، في أعقاب تدشين مركز أبحاث الفضاء الجديد، لا على الأهمية الإستراتيجية لمشروع الأقمار الاصطناعية بالذات، وإنما على أهميته المعنوية الوطنية، وأنه دليل على أن "الثورة الإسلامية" الإيرانية نجحت في تحقيق إنجازات على صعيد جبهة العلم والتكنولوجيا.

لا شك في أن إيران تطمح للوصول إلى امتلاك قدرة متقدمة في مضمار الأقمار الاصطناعية، سواء لأسباب مرتبطة بالاحتياجات الإتصالاتية والعلمية والاقتصادية أو للأغراض العسكرية. ولذلك فإن إيران مستعدة لاستثمار موارد كبيرة في مشاريع الصورايخ والأقمار الاصطناعية. ولكن يبدو أن المشروع لا يعدو كونه في المرحلة الحالية خطوة أولى تنطوي على آمال مستقبلية ومعنوية أكثر ما تنطوي عليه من استخدام عملي. ومن الواضح أن هذه المشاريع ما زالت تصطدم بصعوبات وعقبات تحول دون تحقيق التقدّم المطلوب في إدارة وإنجاز مثل هذه المشاريع المركبة.

______________________

* الكاتب باحث في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب. ترجمة خاصة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات