المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

حول مشروع التربية للهوية الوطنية بقلم: راجي منصور* الهوية بتعريفها العلمي تشمل عدة عناصر ذهنية ومادية، وهي ليست منتجاً جامداً، فهيئاتها ومركباتها ليست ثابتة، بل منوطة بالواقع الاجتماعي، السياسي والاقتصادي، حيث يتم تشكيلها واعادة تشكيلها وفقاً للواقع المعطى والظروف الموضوعية. الانسان في عصرنا الحديث والمتغيّر يحمل عدة هويات، قد تكون متقاطعة وقد تكون متجانسة وقد تكون متناقضة في بعض الاحيان،

كما هي حالة جماهيرنا العربية الفلسطينية من مواطني اسرائيل حيث ان هويتنا المركبة لم تكن خياراً ذاتياً ولم تكن نتاجاً لتطور طبيعي بل كانت مرهونة بتاريخ قضيتنا وواقعنا وما نجم عن ذلك عقب نكبة شعبنا الكبرى في العام 1948 وما تلاها من سياسات قمعية ومحاولات الطمس والتهميش. فعلى خلفية ذلك أصبحنا، نحن الأقلية العربية الفلسطينية الموجودة داخل اسرائيل، جزءاً من شعبنا العربي الفلسطيني، نشاركه تاريخه، تراثه، نحمل مآسيه، ونعيش ذاكرته التاريخية وحلمه القومي ونسعى كما يسعى باقي ابناء شعبنا لرفع المكانة الاجتماعية، الانسانية، والقومية للانسان الفلسطيني. ان العملية التربوية لها دور أساسي في رفع مكانة شعبنا وفي تشكيل صورته المستقبلية كأفراد وكمجموع. لذا يجب على التربية ان تأخذ بعين الاعتبار حاجات الفرد وحاجات المجتمع، وبالتالي عليها ان تهدف الى تطوير قدرات الفرد من جهة والى تعزيز شخصيته الجماعية وانتمائه الوطني والقومي من جهة أخرى. على خلفية ما تقدم وفي الواقع الاسرائيلي، كان لا بد للجنة متابعة قضايا التعليم العربي من وضع هذا المنهاج والانطلاق بهذا المشروع ومشروع التربية للهوية الوطنية، الثقافية والقومية والمدنية، فدولة اسرائيل بتعريفها وطابعها كدولة اليهود كما تقول وتؤكد، جاءت لتخدم المصالح القومية لليهود في اسرائيل والشتات، متجاهلة وجودنا وحاجتنا كأقلية قومية تسكن على أرضها وفي وطنها وبلادها الأصلية. فعلى سبيل المثال قانون التعليم في اسرائيل يهدف الى التربية >على قيم الحضارة الاسرائيلية وعلى انجازات العلم وحب الوطن والاخلاص للدولة ولشعب اسرائيل<. وكل مواد التدريس التي جاءت لتخدم هذه الاهداف تتحدث عن يهودية الدولة ويهودية الوطن دونما تطرق إلى وجود حق قومي لشعبنا في هذا الوطن، بل في احسن الاحوال هنالك اشارة إلى احتياجات وحقوق مدنية (ليس شرطاً فيها المساواة) وعليه فمن الصعب ان نتوقع من جهاز التربية والتعليم الرسمي الاسرائيلي القيام بالتربية للهوية الفلسطينية او ان يخصص الموارد الكافية ويعد المناهج الملائمة للعرب الفلسطينيين في اسرائيل ويضمن لهم حقهم في ذلك، كما تشير وتقر المواثيق الدولية. الغبن والتمييز على اساس قومي لاحق بحق طلابنا العرب في القضايا المادية أصلاً، فهل نتوقع من عقلية سياسات اسرائيل الصهيونية ان تفسح لنا المجال للمشاركة في وضع المنهاج الملائم لتربية ابنائنا كما نرغب وكما هي الحقيقة العلمية والتاريخية لهويتنا الوطنية؟!! الأمر لم يقف عند هذا الحد من التجاهل، بل تعداه الى محاولات الطمس والتربية على العدمية القومية، وابرازنا كمجموعة طوائف وأقليات، فلا عجب في ذلك ان نرى المبنى الاداري التنظيمي لوزارة المعارف لا يحتوي على مديريات او دوائر واقسام ادارية لرعاية جهاز التربية والتعليم العربي، والاهتمام بالتربية على القيم التربوية ذات المفهوم الوطني والثقافي. كما ان الموضوع السنوي المركزي لوزارة التربية والتعليم يعنى بحاجات الطالب اليهودي وقيمه القومية والاجتماعية، مثل موضوع: مائة عام على الصهيونية، عام اللغة العبرية، وغيرها من المواضيع التي لا تمت بصلة للطالب العربي وتبقيه مهمشاً، وفي أحسن الاحوال يعلن له عن موضوع آخر مغاير في القيمة والموضوع وطبعاً بعيد كل البعد عن القضية الوطنية والقومية. ونحن في لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، من منطلق وعينا التام لدورنا مسكنا زمام الأمور بأيدينا، وها نحن، ولأول، مرة نضع بين ايدي طلابنا ومعلمينا، منهاجاً موسعاً وشاملاً يهدف الى التربية للهوية الوطنية والقومية والثقافية، انطلاقاً من رؤيتنا الوطنية وواقع شعبنا وقضيته، واستناداً إلى الحقيقة العلمية والبحث العلمي، مستعينين بكوكبة طيبة من الخبراء المهنيين المتخصصين من ابناء شعبنا الذين اقاموا الطواقم المهنية في مختلف المواضيع التي شملها المنهاج، حتى نفي بحاجة طلابنا في المرحلة الثانوية، أولاً، آملين الاستمرار في هذا المشروع الحيوي الوطني، ليفي بحاجات طلابنا في باقي مراحل الجيل من الطفولة المبكرة وحتى انهاء المرحلة الثانوية. * رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي في الداخل.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات