المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أسقطت تصريحات لقادة حزب "العمل" الاسرائيلي المعارض بأن الحزب سيعمل على تبكير موعد الانتخابات البرلمانية وتلميحات قوية من أقطاب في حزب الوسط "شينوي" الشريك في الائتلاف الحكومي بالانسحاب منه، عددًا من الخيارات المتاحة أمام رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون، لاحتواء الانعكاسات المترتبة على هزيمته في إستفتاء منتسبي حزبه (الليكود) على خطته بشأن "فك الارتباط"، وتركته أمام خيارين كلاهما مرّ: القفز عن قرار "الليكود" والمجازفة بمنصبه أو الخنوع لاملاءات الجناح المتشدد في الحزب وطيّ فكرة الانسحاب من غزة بانتظار ما قد يتفتق عنه ذهنه من "مبادرة جديدة خلاقة" تعيد له بعض ماء وجهه.

ولم يأخذ معلقون كبار تعقيب شارون المقتضب على هزيمته الشنيعة في الاستفتاء ( 59.5 بالمئة عارضوا الخطة مقابل 39.7 بالمئة أيدوها) مأخذ الجد، وتحديدًا قوله أمس (الاثنين) أمام أعضاء كتلة حزبه البرلمانية أن الكنيست ستضطر في دورتها الحالية (بدأت أمس) إلى "إتخاذ قرارات حاسمة وصعبة ستؤثر على مستقبلنا جميعًا"، مشيرين إلى أن الصورة العامة في الكنيست اليوم تختلف جذريًا عن تلك التي كانت خلال الدورة الشتوية المنقضية "والتي تعامل معها شارون باستخفاف" ولم يقم لكتلة حزبه (ثلث النواب) أي اعتبار لقناعته بأنه الآمر الناهي الوحيد في الدولة العبرية، حتى جاءت نتائج الاستفتاء وصفعته على وجهه وبينت أن 21 نائبًا من نواب الليكود الأربعين يعارضون سياسته وباتوا يهددونه بالاطاحة من منصبه إذا تجرأ وحاول الالتفاف على نتائج الاستفتاء.

وهناك إجماع على التوقع بأن شارون سيكرس جلّ جهده في الأسابيع القريبة لإتقاء تداعيات نتائج الاستفتاء على توليفته الحكومية وعلى مستقبله الشخصي. كما سيعمل على تحجيم الأضرار البالغة والحيلولة دون غرق سفينته، ما سيدفعه إلى إلقاء خطته في ثلاجة وإلى التنازل عن فكرة طرحها للتصويت في حكومته وفي الكنيست لتجنب مأزق في حزبه وشركائه في اليمين قد يفضي إلى انهيار حكمه. وأشير ايضًا إلى أن شارون سيفضل عدم الدخول في مواجهة مع بعض أركان حكومته الذين أيدوا الخطة شفويًا وعملوا على إسقاطها في الواقع، على ما يبدو.

ونقلت إذاعة الجيش الاسرائيلي عن مصادر قريبة من شارون أنه قد يدرس إمكان إطلاق مبادرة جديدة لادراكه أن قرار الليكود في الاستفتاء أسدل الستار نهائيًا على خطة الفصل. وتابعت أن شارون لن يقدم على "خطوات متطرفة" مثل الاستقالة أو حل ائتلافه الحكومي أو تقديم موعد الانتخابات قبل أن يتأكد من استقرار حكومته. لكن هذا السيناريو سيواجه بمعارضة من حزب "شينوي"، ابرز الشركاء في الحكومة الحالية. وهدد عدد من نواب هذا الحزب بدعم مشروع قانون تقدم به حزب "العمل"إلى الكنيست (الاثنين) يدعو إلى تنفيذ الانسحاب من قطاع غزة في حال تلكأ شارون بالتجاوب مع مطلب إقرار الحكومة للخطة. وسارعت حركة "شاس" إلى الاعلان بأنها لن تحل محل "شينوي"في حال انسحابه، إنما تفضل دعم مشروع بتبكير موعد الانتخابات تقدم به أحد نواب "العمل"، ما يعني أن انسحاب "شينوي" قد يقرب أجل الحكومة الحالية.

وعلى غير عادتهم أبدى أركان "العمل" موقفًا موحدا من التطورات، بعد أن ساد الاعتقاد بأن الحزب سيعود إلى حظيرة "حكومة الوحدة". وأعلن شمعون بيريس، زعيم الحزب، بكلام لا لبس فيه، أن أمام شارون أحد خيارين: إما التخلص من رعب الاحتلال او البقاء تحت وطأته وانه إذا آثر الخيار الثاني، كما صوت أعضاء حزبه، فإنه سيجد أن حل الكنيست سيكون وشيكًا "وسيأخذ العمل زمام المبادرة لاجراء انتخابات برلمانية جديدة".

وينبغي الاشارة هنا إلى أن موقف "العمل" هذا يزيد من إحراج "شينوي"، فكلاهما يتنافس على شريحة الناخبين نفسها، وقد يسرع قرار مغادرة الأخير الحكومة من أجل تعزيز فرص تبكير موعد الانتخابات البرلمانية.

ومع أن المعلقين خلصوا إلى الاستنتاج بأن شارون يواجه ورطة حقيقية وأن عليه الاختيار بين رئيس حكومة مع برنامج سياسي لكن من دون ائتلاف أو رئيس حكومة من دون برنامج، فإن المعلق السياسي في إذاعة الجيش لم يستبعد أن يلجأ شارون إلى خيار ثالث لم ينفه معاونوه، يتمثل في تطبيق خطته في إطار "تسوية مع الفلسطينيين" تبدأ " بعد العملية الاستشهادية المقبلة فينفذ شارون وعيده بترحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ويدعي حينذاك بأن ثمة شريكًا في الطرف الفلسطيني يمكن الاتفاق معه حول الانسحاب لقاء مقابل معين".. وأضاف أنه بهذا السيناريو "قد يدخل شارون مع خطته عبر النافذة بعد أن أخفق في الدخول عبر الباب"!

المصطلحات المستخدمة:

شينوي, الليكود, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات