المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

في مجيئه إلى صندوق الاقتراع، كان معظم الجمهور الاسرائيلي راضيًا عن قراره حول تصويته. من بين هؤلاء الذي بلّغوا عن عدم تصويتهم، شاع جدًا التفسير أنه لم يكن هناك أي حزب، تبعث طريقه السياسية على الرضى، وفي المكان الثاني فقط من ناحية التفسيرات، جاء الاحتجاج على تصرف الأحزاب والسياسيين. التقدير السائد بين مواطني إسرائيل اليهود هو أن السبب الأساسي لسقوط أحزاب اليسار هو طريقها السياسي في كل ما يتعلق بالفلسطينيين، والسبب الثاني هو إنعدام القيادية في هذه الأحزاب. مقابل ذلك، يُفسر فوز "الليكود"، بالأساس، بالزعيم الذي على رأسه، فيما تحتل طريق الحزب السياسية المكان الثاني.


الجمهور اليهودي منقسم في آرائه، مع بعض الزيادة أو النقصان، فيما يتعلق بتأثير نتائج الانتخابات على سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين: نسبة الذين يعتقدون أن النتائج ستؤدي إلى البحث عن حل سياسي، أكبر بقليل من نسبة الذين يعتقدون أن النتائج ستؤدي إلى تصلب هذه السياسة تجاه الفلسطينيين. مقابل ذلك، عند الحديث عن تأثير الانتخابات في إسرائيل على مواقف الطرف الفلسطيني، يزيد عدد الذين يعتقدون أنهم سيجنحون الآن لنضال عنيف، عن عدد الذين يعتقدون أنها ستؤدي إلى زيادة إستعدادهم لحل سياسي للنزاع.

نفس الجمهور يفضل بوضوح إئتلافًا علمانيًا، الليكود - شينوي- العمل، ومن بين الأسباب لذلك، أن هذا الجمهور يقدر أن "العمل" سيتمتع بتأثير سياسي حقيقي، في حالة إنضمامه للحكومة، ولن يكون زينة فقط.

الغالبية الساحقة تعتقد أنه لا يجب ضم الأحزاب العربية إلى الائتلاف. وفيما يخص سلم أولويات الحكومة التي ستقوم، فإن المسألة الاقتصادية والمسألة الأمنية هما على رأس السلم، مع تفضيل واضح لإعادة بناء الاقتصاد والمرافق، على أيجاد حل للنزاع الاسرائيلي- الفلسطيني.

هذه هي النتائج الأساسية لاستطلاع السلام لشهر كانون الثاني 2003، والذي أجري في الأيام الاحد - الثلاثاء، 1-3 من شباط.

غالبية كبيرة تصل إلى ثلاثة أرباع اليهود في إسرائيل، تقول إنه عند وصولها إلى الصناديق كانت متأكدة من تصويتها، و(20%) فقط قالوا إن الشكوك كانت تساورهم حول أي حزب سيحصل على صوتهم. تحليل الإجابات بحسب التصويت للأحزاب يكشف عن أن هناك فروقات شاسعة في مدى التأكد من الاقتراع. مثلا، في أوساط الذين صوتوا في النهاية لحزبي اليسار، كانت نسبة الذين قالوا إنهم متأكدين من إقتراعهم في الصندوق، 65% فقط من "العمل" و71% في "ميرتس". هذا مقارنةً بنسبة 82% من مصوتي "الليكود" وما يقارب الـ 100% في أوساط الأحزاب الحريدية- "شاس" و"يهدوت هتوراه". نسبة الثقة في الاقتراع لـ "شينوي" كانت أقرب إلى نسبة أحزاب اليسار وكانت 68%. وفي أوساط الذين لم يصوتوا، قال 24% إنهم لم يصوتوا لأنه لم يطرح أي حزب طريقًا سياسية تلائمهم، وقال 21% إنهم لم يصوتوا إحتجاجًا على تصرف السياسيين والأحزاب. 16% ادعوْا أن السياسة لا تثير إهتمامهم، وحوالي 10% قالوا إنهم لم يصوتوا لأسباب موضوعية- لمرضٍ أو أنهم كانوا في خارج البلاد.

عندما سأل الاستطلاع عن التفسير الأساسي للهبوط في قوة أحزاب اليسار – "العمل" و"ميرتس" - في الانتخابات الأخيرة، كان الجواب الشائع أن الأمر نبع من طريقيهما السياسيين في الموضوع الفلسطيني (38%)، والجواب التالي (21%) بسبب قياديي هذين الحزبين. مقابل ذلك، عندما طُلب من المُسْتَبْيَنين أن يقدّروا السبب الرئيسي لفوز "الليكود"، بحسب رأيهم، صوت 40% لكفة رئيس الحزب و23.5% فقط لكفة آراء الحزب في الموضوع الفلسطيني. وقد حصلت التعليلات المتعلقة بالتمثيل العلماني- الديني، الأشكنازي- الشرقي أو الطبقي، كسبب لهبوط اليسار أو كسبب لارتفاع "الليكود"، على نسب قليلة جدًا. أي أن المواضيع المتعلقة بالفوارق أو الشروخات في المجتمع الاسرائيلي- اليهودي لعبت دورًا هامشيًا في الاعتبارات الانتخابية.

تقسيم الاجابات بشأن أسباب خسارة اليسار، يوضح أن مصوتي اليسار - "العمل" و"ميرتس" - يدرجون قيادييهم في رأس سلم "التذنيب" في الخسارة، ويدرجون الطريق السياسية في المكان الثاني فقط. مقابل ذلك، يُرجع مصوتو "الليكود" و"شينوي" خسارة اليسار إلى الطريق السياسي، بينما يحتل عامل القياديين المكان الثاني فقط. عند الحديث عن تقدير أسباب فوز اليمين، يُجمع مصوتو اليسار مع مصوتي "شينوي" واليمين على أن السبب الأساسي للفوز هو قائد "الليكود"، والسبب الثاني هو الطريق السياسية لهذا الحزب في المسألة الفلسطينية.

كيف سيؤثر فوز "الليكود" والمركز - اليمين على سياسة حكومة إسرائيل في المسألة الفلسطينية؟

كما ذُكر سابقًا، ينقسم الجمهور اليهودي في آرائه حول هذه المسألة، مع فارق بسيط –45%- لصالح الذين يعتقدون أن النتائج ستؤثر أكثر في إتجاه البحث عن حل سياسي للنزاع، مقابل (40%) الذين يعتقدون أنها ستدفع أكثر نحو تصلب السياسة تجاههم. وخلافا للتوقعات، لم نجد هنا فرقًا بين مصوتي "الليكود" و"العمل" في تقدير نتائج الانتخابات على سياسة الحكومة في المسألة الفلسطينية. مثلا، 41% و43% على التوالي يعتقدون أن الميل هو باتجاه اتباع يد صلبة، فيما يعتقد النصف بالضبط –50%- في الحالتين، أن الميل سيكون باتجاه البحث عن حل سياسي. في أوساط مصوتي "ميرتس" و"شينوي" صحيح أن هناك أغلبية، 43% و45% على التوالي، للذين يعتقدون أن الميل سيكون باتجاه الصلابة، لكن هنا أيضًا توجد أقلية لا يُستهان بها –36%- يتوقعون بحثًا وراء حل سياسي (الباقي، حوالي الخُمس، يعتقدون أن الوضع سيبقى على ما هو عليه).

عند الحديث عن تقدير تأثير نتائج الانتخابات على مواقف الفلسطينيين، والطريق التي سيسلكونها، فإن الآراء منقسمة. مع أن هناك تفوقًا معينًا، خلافًا للنهج السابق، للذين يعتقدون أن الفلسطينيين سيتوجهون الآن أكثر إلى الكفاح العنيف (44%) مقابل (37%) فقط الذين يعتقدون أنه في ضوء النتائج فإنهم سيبحثون عن حل سياسي. في هذا الموضوع أيضًا هناك تشابه واضح في تقديرات مصوتي "العمل" و"الليكود" –حوالي 41% من مصوتي هذين الحزبين يعتقدون أن الفلسطينيين سيردون بشكل عنيف، وحوالي 42% من "العمل" و47% من "الليكود" قالوا إنهم سيجنحون أكثر للاتجاه السياسي. مقابل ذلك، يتوقع مصوتو "ميرتس" الأسوأ- 71% منهم يقدّرون أنه في أعقاب الانتخابات فإن الفلسطينيين سيمضون في طريق العنف، مقابل 14% فقط الذين يعتقدون أنهم سيمضون الآن إلى الأفق السياسي. "شينوي" موجودة في الوسط مع 49% يتوقعون عنفًا أكثر من الجانب الفلسطيني في أعقاب الانتخابات، و26% يتوقعون أنهم سيمضون في الاتجاه السياسي (25% لا يعرفون).

فيما يخص التركيبة الائتلافية المفضلة من جانب الجمهور اليهودي في إسرائيل - هناك تفضيل واضح (45%) لائتلاف يعتمد على الليكود- شينوي- العمل. وقد حظيت إمكانيتان أخريان عُرضتا على المستَبينين بدعم أقل بكثير: يفضل ائتلاف "الليكود" مع أحزاب اليمين والأحزاب المتدينة- الحريدية حوالي 26%، ويفضل 18% فقط ائتلافًا يعتمد على "الليكود"، "شينوي" والأحزاب المتدينة، ولكن من دون الحريديم ومن دون حزب "العمل". يدل تقسيم التفضيلات الائتلافية بحسب التصويت، على أن أكثر دمج شائع بين مصوتي اليسار وبين مصوتي "الليكود" هو الائتلاف العلماني (الليكود، شينوي والعمل)، فيما يبرز هذا الميل أكثر بين مصوتي "شينوي"- 76%، وبين مصوتي حزب "العمل"- 69%، و"ميرتس" 50% وفي "الليكود" 43%. وخلافًا لشبه الاجماع في "العمل"، فإن هناك بديلا مفضلا ثانيًا، بين مصوتي "الليكود"، وهو ائتلاف الليكود- شينوي والأحزاب المتدينة، من دون "العمل" ومن دون الحريديم (32%).

عن السؤال حول ما إذا كان على "العمل" الانضمام إلى ائتلاف برئاسة شارون، أجابت أغلبية واضحة من الجمهور اليهودي – 55% - بالأيجاب (38% يعتقدون أن على "العمل" قيادة المعارضة من الخارج). تقسيم الإجابات بحسب التصويت يدل على استنتاج فيه تناقض داخلي لأول وهلة، لأن أغلبية (56%) من مصوتي حزب "العمل"، الذين فضلوا في السؤال السابق خيار الائتلاف العلماني، صوتت هنا لصالح بقاء حزبها خراج الائتلاف وقيادة المعارضة (34% فقط دعموا دخول الدخول إلى الحكومة). يمكن تفسير هذه الفجوة لأول وهلة بحسب الاعتبار "القومي"، الذي سيّرهم في الإجابة عن السؤال الأول، مقابل الاعتبار "الحزبي"، الذي سيّرهم في الإجابة عن السؤال الثاني العيني، حول انضمام أو عدم انضمام حزبهم إلى الائتلاف، مقابل الاحتمال بأن يكون هناك كزينة فقط. في مجمل الجمهور اليهودي يعتقد 50% أن "العمل" سيكون قادرًا على التأثير، مقابل 41% يقدّرون أنه سيكون زينة فقط، بينما يعتقد 40% من مصوتي "العمل"، أنه سيكون تأثير لـ "العمل" في مثل هذا الوضع، مقابل 54% يعتقدون أنه سيكون زينة فقط. مصوتو "الليكود" و"العمل" هم مع إنضمام "العمل" إلى ائتلاف بقيادة شارون، بشكل بارز، والغالبية العظمى من مصوتي "ميرتس" هم ضد هذا الانضمام.

كما ويطفو سؤال ضم الأحزاب العربية كشركاء في الائتلاف، كما يحدث بعد كل معركة إنتخابية. ويتضح أن غالبية كبيرة في الجمهور اليهودي –68%- تعتقد أن لا مكان اليوم لمثل هذه المشاركة، ويعتقد 29% أن هناك مكان لذلك (3% لا يعرفون). ولكن، في هذه المسألة، توجد، كما هو متوقع، فوارق كبيرة بين مصوتي الأحزاب المختلفة: في اليمين –المتدين والعلماني- يسود المزاج الواضح ضد ضم العرب، وفي اليسار مع و"العمل" يتأرجح في الوسط. مثلا، بين مصوتي الأحزاب الحريدية والمتدينة –"شاس، "يهدوت هتوراه" و"المفدال"- يدعم هذه الخطوة أقل من 10%، وبين مصوتي "الليكود" 18%، وبين مصوتي "شينوي" 26%، وبين مصوتي "العمل" 48% مع و46% ضد، و"ميرتس" هو الحزب اليهودي الوحيد الذي يحوي أغلبية واضحة لضم الأحزاب العربية إلى الائتلاف- 85%، (15% ضد).

في المراحل المتأخرة من معركة الانتخابات، حُوّل المجهود الاعلامي عند غالبية الأحزاب إلى الموضوع الأمني، في الوقت الذي تنحّت فيه المسائل الاجتماعية والاقتصادية جانبًا. ولكن، يتضح أن الموضوع الاجتصادي في نظر الجمهور، لا يقل ولا يزيد في أهميته عن الموضوع الأمني. فـ 45% من الجمهور اليهودي يعتقدون أن إعادة تأهيل الاقتصاد والمرافق يجب أن تحتل المكان الأول في سلم أولويات الحكومة الجديدة، و 42% يعطون الأفضلية الأولى لحل النزاع مع الفلسطينيين. مواضيع أخرى، مثل الجَسر على الشروخات في الشعب (علمانيون- متدينون، أشكناز- شرقيون وغيرها)، حصلت على نسب منخفضة جدًا. إضافةً على ذلك، حتى عندما سُئل المستَبينون عن الموضوع الثاني في سلم الأولويات بالنسبة لهم، حصلنا على نتائج متشابهة. تقسيم النتائج بحسب التصويت للأحزاب يدل على أن هناك تساويًا بين مصوتي "العمل"، بين هذين التفضيلين (44% لحل النزاع و43% للاقتصاد)، وبين مصوتي "الليكود" هناك تشابه كبير (42% لحل النزاع و47% للاقتصاد)، وبين مصوتي "ميرتس" تفضيل لحل النزاع (57%) على الاقتصاد (32%)، بينما التوجه معكوس بين مصوتي "شينوي"- تفضيل الموضوع الاقتصادي (57%) على الموضوع السياسي (36%). في باقي المواضيع لم تكن فروقات واضحة في التفضيلات، بحسب التصويت للأحزاب.

معايير السلام لهذا الشهر كانت: استطلاع السلام العام 55.2% (51.0 للعينة اليهودية) واستطلاع أوسلو 33.7 (29.7 للعينة اليهودية).

مشروع "إستطلاع السلام" يتم في مركز "تاني شطاينمتس" لأبحاث السلام في جامعة تل أبيب، برئاسة بروفيسور إفرايم ياعد ود. تمار هيرمان. المقابلات الهاتفية تمت بواسطة معهد ي. كوهن في جامعة تل أبيب في 1-3 من شباط، وشملت 573 مستَبيَنًا، يمثلون السكان اليهود والعرب البالغين في البلاد (بما في ذلك المستوطنون والكيبوتسات). الخطأ الاحصائي للعينة المعطاة هو حوالي 4.5% لكل إتجاه.

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, شينوي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات