المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

مهمة هي الاولى من نوعها القيت على كتيبة المدرعات النظامية التي يقودها المقدم يعقوب بنجو، من اللواء السابع. انها الكتيبة الاولى في الجيش الاسرائيلي التي توكل اليها المسؤولية عن قطاع في منطقة "خط التماس"، تشمل جزءًا فاعلا من الجدار الفاصل الجديد (الموصول بنظام انذار الكتروني). يبلغ طول المقطع الفعال، حاليا، حوالي 11 كيلومتراً، من اصل مسافة عشرات الكيلومترات ـ من "الجلبواع" في الشرق وحتى "مي عامي" (تجمع سكاني يهودي قرب ام الفحم في المثلث - المحرر) في وادي عارة، في الغرب. ورغم ذلك، فان هذا المقطع يشكل مختبر تجارب يتيح للجيش البدء في فحص انتشاره وتوجهاته القتالية على طول المرحلة الاولى من الجدار ـ من سالم شمالا، وحتى "الكَناه" (مستوطنة في الاراضي المحتلة) جنوبا ـ والتي يتوقع انجازها كليا، في غضون اقل من شهرين.


خلال زيارة الى هذه الكتيبة، بداية هذا الاسبوع، كان بالامكان ملاحظة ان الطريق لا تزال في مراحل البناء والتطوير. المفاهيم لا تزال تتبلور، ولا يزال ينقص بعض الوسائل التقنية، علاوة على ان اوامر فتح النار لم تدخل حيز التنفيذ بعد، والتعاون بين الجيش وبين حرس الحدود لم يتم تنظيمه واقرار ضوابطه. وعلى الرغم من ذلك، فقد بدأ الجدار الجديد يعطي نتائجه الأولية، حتى قبل الموعد المقرر. في الجيش يسجلون للجدار احباط محاولة، او اثنتين، لتسلل <<مخربين>> الى داخل "الخط الأخضر"، ويتولد لديهم الانطباع بأن <<الارهاب>> قد بدأ يلائم نفسه للواقع الجديد، اذ أخذ "ينزلق" شمالا وجنوبًا لتجاوز المناطق التي اقيم فيها الجدار.

المسار الكامل للجدار، والذي لم يتم عرضه علانية بعد، سوف يبلغ طوله حوالي 600 كيلومتر، أي ما يعادل ضعفي طول الخط الاخضر، تقريباً. وينجم ذلك عن حقيقة انه سيجري ازاحة الجدار شرقًا، في العديد من المقاطع (كما هو الحال حول "ارئيل" ـ اذا صادق رئيس الحكومة على ذلك نهائياً)، من أجل حماية عدد من المستوطنات المركزية الواقعة، حسب رأي المستوى السياسي، على بعد مسافة معقولة من الخط الأخضر. ضابط رفيع في الجيش قال، الاسبوع الماضي، ان تكلفة المشروع برمته ستبلغ 6،5 مليارات شيكل.

منذ اقامة الجدار (في الجزء الذي بدأ تشغيله) سجلت بعض الحالات التي ينجح فيها فلسطينيون في القفز عنه، او العبور من تحته، في الثغرات التي نشأت خلال العمل في بنائه، ولم يتم سدّها بعد. ويبرر الجيش ذلك بـ "مخاض الولادة" ويدعون بأنهم سوف يتغلبون عليها لاحقاً. وقد تم نصب عدد من نقاط المراقبة على طول الجدار، مجهزة بوسائل مراقبة متقدمة "تغطي" ما يحدث في المنطقة، بتفصيل كبير. وفي المقابل، بدأ الجيش بتسيير دوريات في المنطقة.

كتيبة المدرعات أنيطت بها مهمة منع تسلل <<مخربين>> من المنطقة الى داخل الاراضي الاسرائيلية. عمليًا، وبما ان الجدار لا يزال جزئيًا حتى الآن، فان الانجاز المطلوب هو منع دخول سيارات، ايا كانت، الى داخل الاراضي الاسرائيلية. اما بالنسبة الى المشاة، فالهدف هو منع دخولهم ، قدر المستطاع في الظروف الحالية. محاولات اختراق الجدار تتواصل كل الوقت، والجزء الأكبر منها يقوم به عمال يرغبون في الدخول الى اسرائيل للعمل، لكن من دون تصاريح. عدد محاولات الاختراق في مقطع تحرسه سرية عسكرية (قوامها أربع فصائل، أي حوالي 150 جنديا - المحرر) قد يصل الى 10 في الليلة الواحدة.

تعليمات فتح النار على طول الجدار لم تدخل حيز التنفيذ بعد. إقرار هذه الأوامر والتعليمات، التي ستتيح اطلاق النار على متسللين بعد تحذيرهم، منوط برجال قانون لا يزالون ينتظرون اتمام اجراءات نصب اليافطات والاشارات في المنطقة. وثمة مشكلة جوهرية أخرى تتعلق بالعرب مواطني اسرائيل. فمنطقة "التماس" الجديدة تمنح الجيش مسؤولية، وصلاحيات، العمل في قطاع ضيق من الجانب الغربي من "الخط الأخضر". ويترتب على ذلك وقوع احتكاكات مع سكان القرى العربية الواقعة في الجانب الاسرائيلي من منطقة "التماس"، علمًا بأن هؤلاء السكان بعيدون عن ان يكونوا متحمسين لرؤية الجنود يقيمون حواجز في مداخل هذه القرى للبحث عن فلسطينيين تمكنوا من عبور الجدار.

وفي ضوء مداولات استغرقت اشهر عديدة، ألقيت المسؤولية الشاملة عن المنطقة في جانبي الجدار، في نهاية الأمر، على الجيش. القرار، الذي اتخذه رئيس الحكومة أرئيل شارون (خلافا لموقفه الأصلي) يُخضع سرايا "حرس الحدود" (تابعة للشرطة - المحرر) لإمرة قادة الجيش. طرق العمل لا تزال قيد الاعداد في هذه الايام.

هناك حاجة للجسر على الفوارق في أنظمة العمل والمفاهيم بين الجهازين. ثمة صعوبة كبيرة تتصل بدمج رجال "حرس الحدود" في منظومة الاتصال التابعة للجيش. في قيادة المنطقة العسكرية الوسطى يعبرون عن تفاؤلهم في ما يتعلق باحتمالات نجاح هذه التوليفة. اما في المستويات الدنيا، فالتفاؤل اقل بكثير. هناك يساورهم القلق من مشاكل تتعلق بحجم قوات "حرس الحدود" (عدد الجنود في سرية حرس الحدود اقل بكثير منه في سرية الجيش) وكذلك مما يصفه أحد القادة العسكريين بـ " فوارق المعايير" بين جنود الجيش وشرطيي "حرس الحدود".

قائد المنطقة العسكرية الوسطى، موشي كبلينسكي، الذي قام بزيارة الى الكتيبة مؤخرًا، أكثر من التذكير بالحدود الشمالية (مع لبنان ـ المحرر) باعتبارها نموذجا للتقليد. كبلينسكي، الذي تولى مناصب عسكرية مختلفة على الحدود مع لبنان، تحدث عن تجربته المشتركة مع قائد كتيبة المدرعات وقائد سرية حرس الحدود في الجبهة الشمالية، وعن الحاجة الى تبني انماط عمل منظمة، من تلك المستفادة من التجربة في الشمال. المفاهيم لا تزال قيد الصياغة، قال للضباط والجنود، لكن هذا لا يمكنه التقليل من أهمية المهمة. ينبغي وضع جدول زمني للانتهاء من مأسسة المفاهيم، والى جانب ذلك ينبغي الحذر من تلقي ضربات. "ما دام الجدار قد أصبح قائمًا، ولو جزئياً، فسيكون أصعب علينا كثيراً تبرير تسلل ودخول أي "مخرب" الى مستوطنات التعناخ (منطقة غور الاردن الشمالي)، او سيارة مفخخة الى وادي عارة"، أضاف.

(عاموس هرئيل ومازل معلم - هآرتس 8 ايار)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات