المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أكثر الاسرائيليين قربى اليوم من جورج بوش، وهو ضيف ثابت في ساعات فراغ الرئيس، هو رجل "الموساد" غبريئيل ألون. مهنته العلنية، ترميم التحف الفنية، الأمر الذي يمنحه غطاءً مريحًا للتجول في العالم، وخاصةً الاهتمام بالسرقة النازية. وألون، كبير "التصفية المُركزة" (الاغتيالات)، هو قاتل جريء وبارد الأعصاب، مثل الضابط المسؤول عنه في "الموساد"، أري شومرون. ومؤخرًا، في رحلة جمعته مع البابا، خرج ألون لينتقم من موت صديق قتل في برلين، حيث أقام هناك في عطلة سنوية جزئية - مع أن رجال "الموساد" لا يخرجون في الواقع إلى عطل سنوية. ونحن، وليس الصقلانيين، أوجدنا الانتقام، يؤكد ألون.غبريئيل ألون هو البطل المتخيل لكتاب "الحريص"، من تأليف دانيئيل سيلفا، وهو واحد من كتابين يقرؤهما بوش الآن؛ وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الكتاب الثاني هو "المحتلون" (صيغة الفاعل)، من تأليف مايكل بشلوي، وهو عن ترميم ألمانيا المحتلة. وفي نهاية اليوم، أو في كامب ديفيد في نهاية الأسبوع، يرتاح بوش من إدارة الحرب على العراق بمساعدة دانيئيل وغبريئيل، اللذين يدفعانه لتصفية الحساب مع النازيين ومساعديهم، ومن أجل التنويع، يتعلم كيف يحيي عدوًا منهزمًا.

وصل بوش إلى السياسة من تكساس ومن البيسبول، ولا يُنظر إليه بعد على أنه رونالد ريغان من هوليوود، كتمييع للفارق بين الواقع والخيال، ولكنه أيضًا – مثل الناخبين الذين صوتوا لأجله (أو ضده) - ليس محصنًا من تأثيرات الثقافة والاعلام. ليست هناك ملفات منفردة في دماغ من يقرأ رواية إثارة عن "الموساد" في المساء، وتقرير "سي آي أيه" في الصباح. وإذا كان الأمر كذلك في الاستهلاك العقلاني للمواد المطبوعة، فإن الجدران أقل ارتفاعًا في الإستيعاب الحسّي للبلاغات الصورية. وقد يكون ما زال هناك فوارق بين ما يجري على أرض الواقع، وبين ما يجري في فيلم متخيل، ولكن الأخبار التلفزيونية، التي تلغي هذه الفوارق، تحول صورة العالم وعالم الصور، الى خليط لزج سائل.

وهذا ليس إكتشافًا مثيرًا: التجديد كائن في قوة التنفيذ. قبل خمسين سنة، بُرر الحصار المكارثي على المخرجين وكتاب السيناريو، بتهمة مساعدتهم للشيوعيين الخبيثين في إدخال مضامين خفية إلى وعي الأمريكي الساذج. وقد أدير مجهود البنتاغون للاتصال بالناس والكونغرس عن طريق الاعلام الجماهيري، في الهامش في فترة كلينتون، ثم احتل الصدارة في فترة حروبات بوش. ووصل هذا المجهود ذروته في ضم الصحفيين إلى القوات في العراق. ومثلما هدف التحرك إلى بغداد برأسين، عصبة 3 من الغرب والمارينز على محور دجلة من الشرق، فإن هذه الخطوة استهدفت هدفًا مزدوجًا، العالمي والأمريكي.

صيغة التصدير واضحة: ليس لدينا ما نخفيه، كان بإمكاننا أن نحطم البيضة أو أن نصنع منها عجة، لكننا نحرص على إحداث ثقب في قشرتها وشفط البياض عن طريقه. ضمان ذلك هو المراقبة الاعلامية الدائمة، من قبل المراسلين ومن قبل أمريكيين يطمحون لجوائز "بوليتسر" و"أيمي"، ممن لن يتكتموا على أية فظائع.

ولكن صيغة المخرج المعدة للجمهور في البيت معقدة أكثر. فهي تبدأ في تعريف الاعلام على أنه ساحة حرب أساسية، تبرر عناية الكبار على كل المستويات، وتبرر قرار منح المراسلين الثقة بألا يمسّوا الأمن الميداني للقوات. وفي شروط إنعدام الرقابة، فإن واجب حماية المعلومات ملقي على القائد الميداني، والمراسل ينشر كل ما عرفه ويوافق على تجنب الحديث عن الأمكنة الدقيقة والتخطيط الميداني المستقبلي.

المنفعة الفورية الناتجة عن سيل التقارير والقصص الخاصة، هي دعم الناخبين والمنتخبين للحرب. هذا مهم للرئيس، كسياسي عالمي وكسياسي محلي، لكن البنتاغون سجل إنجازًا بعيد المدى أكثر من ذلك - كسر الاغتراب المتواصل بين الأمة وبين جيشها. وقد تفاجأت الصحافة حين اكتشفت، وبثت ذلك إلى البيوت، أن القيادة الميدانية ليست طائفة غريبة من الجنود الأشاوس الذين يتسلون بألعاب فتاكة وغالية؛ المظليون، الطيّارون والمارينز تحولوا إلى إنسانيين وأصدقاء، مثل رجال المطافئ والشرطيين في الحادي عشر من أيلول. هذا هو النجاح الحقيقي، ليس في البصرة أو في بغداد، وإنما في بوسطن وبولتيمور وباتون - روج، في البيت.

(هآرتس، 8/4، ترجمة: "مـدار")

المصطلحات المستخدمة:

الموساد, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات