المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

منذ اسابيع طويلة جدا، يعكف رؤساء المستوطنين والاوساط الداخلية في الليكود، المعارضة للخط السياسي الذي ينتهجه رئيس الحكومة ارئيل شارون، على البحث والتداول في "خارطة الطريق". لكن احدًا منهم لم يتوقع ان يتم عرض هذه الخطة على الحكومة، الآن. "مجلس مستوطنات يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغزة" كان منشغلا بالنقاشات الداخلية حول خطة بديلة - خطة الكانتونات. "الهيئة للمحافظة على قيم الليكود"، التي نجحت في تجنيد دعم 23 عضو كنيست في الليكود، كانت تخطط لسلسلة من الاجراءات المؤدية الى عقد جلسة لمركز الحزب من اجل "تطويق شارون". واستطاعت المجموعة الداعمة لمجلس المستوطنات في الكنيست عقد لقاء افتتاحي واحد فقط، كان مشبعا بحلو الكلام عن شارون "بغية تعزيزه". مطالبة الولايات المتحدة لرئيس الحكومة باقرار الخارطة والاستجابة السريعة من جانب شارون، فاجأتا اليمين. "ضبطونا بلا سراويل"، اعترف احد رؤساء مجلس المستوطنات، امام ديوان رئيس الحكومة امس ( 25/5).

وتبين، ايضا، ان لا اساس من الصحة للتقديرات حول موازين القوى في داخل الحكومة. لقد فشلت "مخابرات" المستوطنين. الوزراء ليمور ليفنات، وتساحي هنغبي وبنيامين نتنياهو، جرى عدّهم مساء السبت في قائمة المعارضين للخارطة، بينما انتقلوا صباح امس الأحد (25/5) الى معسكر الممتنعين. الوزيرة تسيبي ليفني، التي اعتبرت في عداد الممتنعين، صوتت تأييدا للخارطة. كما ان كل محاولات رؤساء مجلس المستوطنات، خلال الاسابيع الأخيرة، لعقد لقاء مع شارون، قوبلت بالرفض.

يمثل اقرار "خارطة الطريق" في الحكومة الاسرائيلية ، بالنسبة للمستوطنين، هزة أرضية. فحين يقول الوزير عوزي لانداو، او رؤساء مجلس المستوطنات، ان خارطة الطريق، من وجهة نظرهم، هي أسوأ من اوسلو، وان اوسلو هي "حيوان أليف" بالمقارنة مع الخارطة، فانهم يقصدون ويعنون كل كلمة يقولونها. فهم يقولون ان على اسرائيل، وفقا للخارطة، تفكيك جميع المستمسكات التي اقيمت بعد آذار 2001، ومن ثم تجميد أي نشاط استيطاني. اوسلو لا يذكر هذا، البتة. كما يثير قلقهم، ايضا، حقيقة قبول خارطة الطريق، عمليا، بمبدأ اقامة دولة فلسطينية.

امس تنافس متحدثو اليمين في ما بينهم على من يكون الأكثر حدة في التعبير عن الشعور الثقيل السائد بينهم. "وصمة عار أبدية"، قال مجلس المستوطنات. "بكاء لأجيال طويلة"، اضاف عضو الكنيست شاؤول يهلوم. "خارطة الطرق الى جهنم"، قال الياكيم هعتسني. اما سكرتير مجلس المستوطنات، عادي مينتس، فقال: ليس ان شارون لم يتعلم درس اوسلو، فحسب، وانما هو يكرر خطأ اوسلو التكتيكي، ولكن بصورة اكثر خطورة. الآن يواجه اليمين والمستوطنون معضلة العضوية في هذه الحكومة. الميل الآن هو نحو عدم الخروج من الحكومة، ولو بسبب التخوف من ان يحتل حزب "العمل" المقاعد الشاغرة الى جانب شارون. "تجاوزنا سن البلوغ"، قال الوزير زبولون اورليف، "لقد تعلمنا من أخطاء الماضي". اما المعضلة الأخرى التي يواجهها اليمين والمستوطنون فهي: هل يعودون الى نضال الشوارع ام لا؟ فمنذ اقام شارون حكومته، اكتفى اليمين بتفعيل مجموعات الضغط السياسية. اليمين، وهذا ليس بالجديد، يجد صعوبة كبيرة في تجنيد جماهير واسعة للمشاركة في مظاهرات ضد حكومة اليمين امس كان يبدو ان اليمين قد عاد الى الشوارع ـ طواقم المدن وهيئات اخرى سيتم تفعيلها مجددا، في الايام القريبة، علاوة على اعلان رؤساء مجلس المستوطنات وبعض الوزراء وأعضاء الكنيست، من الائتلاف الحكومي، انهم سينخرطون في النضال.

(هآرتس ـ 26/5)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات