المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

كتب محمد دراغمة:
لم يكن مفاجئاً اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي والمتحدثين باسمه للرئيس عرفات بالمسؤولية عن العملية التفجيرية في القدس (الاحد 18 ايار)، فمنذ وصوله لمنصبه هذا، وضع شارون عرفات عنواناً وهدفاً دائمين لحربه المتواصلة، دونما توقف، على الفلسطينيين.

لكن الجديد في هذه الحرب، إن كان فيها جديداً، هو التغيرات الأخيرة في المنطقة، التي قد يرى فيها شارون تطوراً يأذن له بتصعيد هذه الحرب، ودفعها لتأخذ منحى آخر ظل قصياً منه، وعصياً عليه، حتى اليوم.

فقد يرى شارون في ما فعلته الولايات المتحدة في العراق، وفي استحداث منصب رئيس وزراء في السلطة، تطورين يتيحان له تصعيد حربه على أبو عمار، كمقدمة للقضاء على منظمة التحرير، بما يمثله عرفات، وما تمثله المنظمة، من رمزية كبيرة في النضال الوطني الفلسطيني المعاصر من أجل الحرية والاستقلال.

وكان رعنان غيسن، المتحدث باسم شارون، صرح بان إبعاد الرئيس عرفات سيكون على جدول اعمال الحكومة في اجتماعها بعد العملية.

وعززت خطوات اتخذها شارون عقب العملية الشكوك بوجود نوايا لديه بتصعيد جديد في حربه على عرفات والفلسطينيين عموماً، خصوصاً تأجيل زيارته للولايات المتحدة الأمريكية.

لكن المراقبين يرون الكثير من الكوابح التي تحول دون شارون وتحقيق تطلعاته في ذلك، وفي المقدمة منها التداعيات المحلية والدولية المحتملة لخطوة كبيرة من هذا النوع.

ويقول الدكتور علي الجرباوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت: "قد يقدم شارون على تصعيد إجراءاته ضد الرئيس، لكنني أستبعد أن يقدم على خطوة مثل الإبعاد، فخطوة من هذا القبيل قد تخرق أصول اللعبة مع العالم الخارجي، وتصعد الوضع بدرجة خطيرة".

ويرى مراقبون في تأجيل زيارة شارون لواشنطن هروباً من إمكانية تعرضه لضغوط بشأن القبول بخارطة الطريق.

وقال الجرباوي: "أتصور أن يستخدم شارون كل وسيلة ممكنة لإبعاد أي نوع من الضغط عنه، وكل يوم يؤجل فيه زيارته لواشنطن سيكون في صالحه، مشيراً إلى استغلاله في ذلك اقتراب إدارة بوش من السنة الانتخابية التي ينشغل فيها المرشحون بملف الانتخابات، ويضعون جانباً كل ما قد يحمل تأثيراً على فرصهم الانتخابية، وخاصة ما تكون اسرائيل طرفاً فيه.

ويستغل شارون الهجمات الفلسطينية المسلحة، خصوصاً تلك التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين في محاولته خلق الانطباع لدى صناع قرار، ولدى الرأي العام عموماً، في الولايات المتحدة والعالم، بما فيه إسرائيل نفسها، بأن محور الصراع هو ما يسميه "الإرهاب" وليس احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية، ومواصلة الاستيطان فيها.

ومنذ استحداث منصب رئيس وزراء في السلطة، اتخذت حرب شارون الدعائية هذه منحى جديداً، فأخذ الناطقون باسمه، وهم كثر، يطلقون تصريحان مفادها أن عرفات يستخدم العمليات لإعاقة توصل شارون ورئيس الوزراء الفلسطيني الجديد لأي اتفاق سياسي.

وقد تعايش الفلسطينيون مع المستوى الراهن من هذه الحرب التي تشن على زعيمهم التاريخي، بما يمثله من رمزية وطنية، لكن يصعب تخيل ردود الفعل على خطوة كبيرة من النوع التي يلمح اليها المتحدثون باسم شارون.

فحتى اليوم قاوم الفلسطينيون شعبياً، بالتظاهرات العارمة، كل حصار ومحاولة مس تعرض لها رئيسهم.

وفي حال حدوث سيناريو من قبيل إبعاد الرئيس، الذي يحلم شارون بأن يدخل التاريخ وقد حققه مرتين، الأولى من بيروت، والثانية من رام الله،، فإن التوقعات تبدأ من الانفجار، ولا تتوقف عنده..

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات