المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

لم يعرف تاريخ إسرائيل السياسي "انقلاباً" من طراز فوز الليكود في الإنتخابات الأخيرة. فقد تمكن الليكود بزعامة أرئيل شارون من مضاعفة عدد نوابه في الكنيست ليرسي بذلك قاعدة صلبة لإقامة ائتلاف جديد.أضحى الليكود، مستعيناً بإلغاء قانون الإنتخاب المباشر لرئاسة الحكومة، ومعتمداً على خيبة أمل الجمهور من مسيرة أوسلو ومهندسيها، أضحى الآن في موقع القيادة بلا منازع. القانون الجديد، الذي يحد من اقتراحات حجب الثقة في الكنيست ما عدا الحالات البناءة، سيوفر للحكومة الجديدة استقراراً كبيراً يتيح لها على الأرجح البقاء حتى نهاية ولاية الكنيست في تشرين الأول 2007.

من هنا يبدو أن الأيام التي جرت فيها انتخابات الكنيست مرة كل سنة أو سنتين ولَّت وانتهت. ألآن، وبعد فوز الليكود، وانهيار العمل و ميرتس وتقلص قوة "شاس"، يعاني شارون من مشاكل أو ترف الأغنياء. ويحتار الخبراء السياسيون وهم يعددون ويحللون مناورات وخيارات الحكومة الإئتلافية المقبلة. فمن سيكون أول المدعوين للإنضمام إلى هذه الحكومة، ومن سيسير في إثره، ومن سيترك للنهاية... إلى آخره.

ولكن أليست مثل هذه التكهنات أشبه بوضع العربة أمام الحصان؟! هل أنستنا حملة الإنتخابات المشكلات الخطيرة التي تعانيها إسرائيل واقتصادها الذي يمر بأزمة متفاقمة؟ أليس من الواجب أن يكون البند الأول على جدول الأعمال هو بلورة خطة عمل، ومن ثم يصبح بالإمكان تحديد من هي الأحزاب المستعدة لدعم وتأييد هذه الخطة وتحمل المسؤولية في تنفيذها؟

غير أن رئيس الوزراء يعاني كما يبدو من عقدة اسمها حكومة الوحدة. فهو يريد الجميع في حكومته، ويرغب في أن تكون جميع الأحزاب شريكة في تحمل مسؤولية سياسة الحكومة المقبلة. الجميع يحب الوحدة، ولعل أحد أخطاء عمرام متسناع في حملته الإنتخابية هو إعلانه بأنه لن ينضم بأي حال من الأحوال لحكومة برئاسة شارون. ولكن تحديد السياسة القومية السليمة ووضعها موضع التنفيذ هما الشيء الأكثر أهمية، في حين نجد أن السياسة السليمة وحكومة الوحدة لا يستويان دوما.

فكيف يجب العمل إذن؟!

تمر إسرائيل الآن في حرب مضى عليها 28 شهرا، وقتل فيها أكثر من 700 إسرائيلي وجرح الآلاف، غالبيتهم من المدنيين، فضلا عما ألحقته هذه الحرب من أضرار جسيمة بالإقتصاد الإسرائيلي. وما المشاكل الإقتصادية الراهنة إلا نتيجة مباشرة لحالة عدم الإستقرار التي أوجدتها الحرب.

لذلك يتعين على الحكومة الجديدة إنهاء هذه الحرب بالسرعة الممكنة. وتطرح في هذا الصدد، ببالغ الأهمية والإلحاح، ثلاثة آراء متباينة أو بديلة من جانب الأحزاب التي يسعى الليكود إلى ضمها لحكومة الوحدة.

فهناك من يقول أنه لا يمكن وضع حد للحرب بوسائل عسكرية. ويقول آخرون أنه لا يمكن إنهاء الحرب بوسائل عسكرية فقط. أما الرأي الثالث فيقول أنه يمكن ويجب إنهاء الحرب بوسائل عسكرية فقط.

لقد أثبتت عمليات الجيش الإسرائيلي في المدن والقرى (الفلسطينية) في "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) منذ العملية الدموية في فندق بارك في نتانيا، إن الجيش الإسرائيلي قادر على الحد بدرجة ملموسة من عمليات الإرهاب الموجهة ضد المدنيين الإسرائيليين. كما أن الشكوك التي عبر عنها البعض إزاء قدرة هذا الجيش على العمل داخل المدن الفلسطينية وما رافق ذلك من مخاوف إزاء إمكانية تكبد الجيش لخسائر جسيمة؛ هذه الشكوك والمخاوف تبددت كلياً. وقد نتجت غالبية عمليات الإرهاب التي وقعت منذ ذلك الوقت، عن رفع القيود التي فرضت على المدن الفلسطينية قبل الأوان والإنسحاب المتسرع من عدد من المناطق قبل استكمال مهمة القضاء على الخلايا الإرهابية.

إن باستطاعة معركة عسكرية حازمة أن تحقق نصرا حاسما يتكلل بتدمير خلايا الإرهاب في "يهودا والسامرة" وإسقاط الزعامة الفلسطينية التي تقف وراء حرب الإستنزاف الحالية. ذلك هو الطريق الوحيد لوضع حد لسفك الدماء وإعادة الثقة بالإقتصاد وإرساء قاعدة للتفاوض مع الفلسطينيين.

ومن سوء الحظ أنه لا يوجد أمام إسرائيل سبيل آخر.. فاتركوا للذين يوافقون على هذه الرأي الإنضمام للحكومة الجديدة، ودعوا الآخرين ينتقدونها من الخارج.

(هآرتس، 4 شباط، ترجمة: "مدار")

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, الكنيست, نتانيا, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات