المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

العودة المتجددة لليمين الاسرائيلي الى السلطة في اسرائيل لم تكن صدفة، وقد كتب وسيكتب فيها وفي تحليل وشرح اسبابها الكثير.
وبمعزل عن الأسباب التي صنعت الجرف اليميني المتعزز في معركة انتخابات 28 كانون الثاني الماضي، كأن يُعزى ذلك كله الى ما صنعته الانتفاضة والعمليات الانتحارية داخل اسرائيل، تبقى هناك اساطير كثيرة يتم تداولها جيلا بعد جيل حول <<الآخر – العدو - الذي لا يفوت فرصة في تفويت فرص تاريخية لايجاد حل للمأساة الفلسطينية>>، كما تقول الاسطورة الاكثر رواجا عن موقف الفلسطينيين حيال مشاريع التسوية التاريخية التي طرحت في فترات مختلفة لتسوية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي.

ننشر فيما يلي مجموعة اولى من هذه الاساطير، على امل العودة الى المزيد في مرات قادمة.

* <<دولة إسرائيل أرض محتلة أيضا>>:

هذه الأسطورة أو الخرافة، تفاجىء بكونها لا تزال محببة لدى اليمين الإسرائيلي ("ماذا بالنسبة للشيخ موَنـّس"). وهي السلاح الصدىء المتبقي بأيدي "جيل الآباء" أساساً في رفض التحاور مع ممثلي الشعب الفلسطيني على حل عادل للصراع، معللين ذلك بالقول ان العرب يعتبرون تل ابيب (وقرية الشيخ مونس المدمرة الى الشرق منها) منطقة محتلة ايضا. هذه الاسطورة رائجة اساساً في اذهان المستوطنين، الذين يقولون انه يحق لهم الاستيطان في كل جزء من ارض اسرائيل، وانه اذا كانت تل ابيب ارضا محتلة فإن الون موريه او ارئيل هي كذلك..

* <<لا يوجد شعب فلسطيني>>:

وهي اسطورة تعرف أيضا بتسميتها الثانية <<اليسار اخترع الشعب الفلسطيني>>. وقد دأب المؤيدون لهذه الأسطورة على القول بأنه لم يكن هناك <<أبدًا>> شعب فلسطيني.

* <<نظرية المراحل>>:

يمكن من خلال هذه الأسطورة أيضا التعرف على عدد من منطلقات التفكير التي يتسم بها اليمين الإسرائيلي، وفي اساسها أن العرب في رأيهم أغبياء، وان تحليلهم للوقائع غير سليم، وأن النظرية أقوى من الوقائع أو الوقائع العملية.

ما هي خلفية هذه "النظرية"؟

في العام 1974 اعتمد المجلس الوطني الفلسطيني خطة الدولة المصغرة، التي تقضي بأن تقيم منظمة التحرير الفلسطينية سلطتها على كل بقعة يتم تحريرها من الأرض، تمشيا مع التطلع الفلسطيني العام لتجسيد الحلم الفلسطيني الكامل بالعودة والاستقلال وتقرير المصير.

وقد أسس اليمين الاسرائيلي، استنادا لتلك "الخطة الفلسطينية"، فرضية تقول إن الفلسطينيين <<الماكرين>> سيتظاهرون بالإعتدال وسيقبلون بكل ما يمكن الحصول عليه بالطرق السلمية، وإذا تعذر عليهم الحصول على شيء بالطرق السلمية فسوف يلجأون عندئذ للخيار العسكري. وهنا يطرح السؤال: ما دام الفلسطينيون قد اعلنوا سلفًا عن نواياهم، فأين يكمن هنا المكر والدهاء بالضبط؟!!

قرار منظمة التحرير المذكور يعد معاكسًا تمامًا للتطرف الذي يخيف اسرائيل. ومن ناحية عملية فقد كان بمثابة المرحلة الأولى على طريق تحول المنظمة نحو البرغماتية، والذي توجته بقبولها قرار مجلس الأمن 242 الذي يعني الاعتراف بدولة إسرائيل.

ويمكن القول ان رفض منظمة التحرير الفلسطينية القبول باتفاق كامب ديفيد يعد سلوكا منافيًا للمنطق الكامن خلف "نظرية المراحل"، ولكن من اعتقد أن الوقائع ستترك أثرها على اليمين الإسرائيلي، أخطأ.

* <<في كامب ديفيد وطابا تكشف الوجه الحقيقي للفلسطينيين>>:

قبل تفحص ما حصل في محادثات كامب ديفيد وطابا، تجدر بنا الإشارة إلى وقائع أساسية سبقت المحادثات، وهي:

1. إسرائيل رفضت الوفاء بالتزاماتها حسب الإتفاق الموقع (أوسلو) بتنفيذ المرحلة الثالثة من الإنسحابات والتي كان من المفروض أن تشمل معظم مساحة الضفة الغربية.

2. إسرائيل قامت بانتهاكات خطيرة لاتفاقيات أوسلو مثل عدم تنفيذ اتفاق الممر الآمن، وإلغاء الإدارة المدنية، وعدم احترام حقوق الإنسان، وعزل القدس عن الضفة الغربية ومنع الوصول إلى الأماكن المقدسة، وغيرها من الإنتهاكات.

3. طوال فترة المفاوضات واصل رئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الوقت، إيهود باراك، أنشطة البناء المكثف في المستوطنات.

الفلسطينيون يؤكدون أنهم قاموا بالتنازل التاريخي المطلوب في أوسلو، عندما تخلوا رسميًا عن 78% من وطنهم - وهي المساحة التي احتلتها إسرائيل في العام 1948 - واكتفوا بمساحة الـ 22% المتبقية. والآن تطالب إسرائيل (مدعومة من الولايات المتحدة) بـ "المساومة" على هذه المساحة المتبقية (أي الضفة الغربية وقطاع غزة)، وهي من وجهة النظر الفلسطينية "مساومة" غير واردة بالحسبان.

من ناحية الفلسطينيين هناك نقطة نهاية واضحة وقاطعة، كانت مطروحة على مائدة التفاوض طيلة الوقت، وهي: إقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي التي احتلت في حرب العام 1967، تكون القدس الشرقية عاصمة لها، وحل مشكلة اللاجئين وإقامة سلام حقيقي بين إسرائيل وفلسطين.

ووفقا لما ورد في مقال كتبه وزير الخارجية في حكومة باراك، شلومو بن عامي، ونشر في صحيفة "هآرتس"، فقد قام الرئيس ياسر عرفات بتنازلات بعيدة الأثر من وجهة النظر الفلسطينية، خلال المحادثات، ومن ضمن ذلك:

- وافق (أي عرفات) على تعديل حدود الخط الأخضر وضم أراض - بين 2% و3.5% - إلى إسرائيل.

- وافق مبدئيا على بقاء كتل استيطانية كبيرة.

- وافق على أن تضم إسرائيل إليها الإحياء اليهودية في القدس الشرقية، على الرغم من اعتبار الفلسطينيين لها مستوطنات بكل معنى الكلمة بكونها إقيمت في المنطقة التي ضمتها إسرائيل بعد حرب 1967.

- وافق على إعطاء إسرائيل حائط المبكى والحي اليهودي في القدس القديمة.

- وافق على التخلي عمليا عن المطلب التاريخي بتمكين كل لاجيء فلسطيني من العودة إلى بيته، وأقر بمبدأ أن تعيد إسرائيل عددا محدودا من اللاجئين، يتم تحديده في الإتفاق.

إن كل مطلع، ولو بقدرمحدود، على الشأن الفلسطيني، يدرك أن هذه التنازلات تعد من وجهة النظر الفلسطينية، تنازلات كبيرة جدا. فكيف يستوي ذلك مع الإستنتاج الذي يزعم بأن الفلسطينيين يريدون تدمير إسرائيل؟!

وبالنسبة للحيثيات (حسبما وصفها بن عامي): عندما شرع باراك بالتفاوض، مطلع العام 2000، إقترح إعادة 66% من مساحة المناطق المحتلة (والتي تشكل 14.5% من مساحة فلسطين الإنتدابية) إلى الفلسطينيين. وفي ربيع العام 2000، وعندما بدأت المفاوضات في استوكهولم، طالب الإسرائيليون بالإحتفاظ بـ 12% من مساحة المناطق المحتلة (دون أي تبادل أراض)، إضافة إلى "تواجد أمني" في غور الأردن (بمعنى: ضم عملي لـ 10% أخرى)، وبسط سيادة إسرائيل على حدود نهر الأردن (بمعنى: عزل الضفة عن الأردن).

وقد عارض باراك إجراء أي نقاش لمستقبل القدس بل ورفض حتى إدراج القدس كموضوع للتفاوض أو البحث.

المرحلة التالية كانت محادثات كامب ديفيد في تموز 2000. وطبقا لما أورده روبرت مالي، مساعد الرئيس بيل كلينتون، فقد أرغم الرئيس عرفات من قبل كلينتون على التوجه إلى كامب ديفيد، خلافا لإرادته، معتقدا (وعن حق) أنه سيُجر إلى فخ. وبالفعل فقد بذل كلينتون وباراك كل ما بوسعهما من أجل "كسر" عرفات ولي ذراعه، وكان كل هم الرئيس الفلسطيني الخروج بقضيته من هناك سالماً.

سعى باراك، الذي كانت حكومته قد بدأت بالتفكك، إلى فرض اتفاق على عرفات يساعده (أي يساعد باراك) في إعادة انتخابه لرئاسة الوزراء. أما كلينتون فقد رغب في تعويض زوجته المهانة التي كانت تحتاج لأصوات اليهود ليتم انتخابها إلى مجلس الشيوخ.

طرح الإسرائيليون على طاولة المحادثات خريطة ضم الـ 12%، فيما ألمحوا شفهيا إلى استعدادهم للإكتفاء بضم 8% - 10%، إضافة إلى مطلب "السيطرة المؤقتة" في غور الأردن. لكن الفلسطينيين أدركوا من خلال تجربة مرحلة إعادة الإنتشار الثالثة، التي لم تنفذ حتى اليوم، ما هي قيمة الوعود الكلامية. وبشكل تدريجي برزت قضية القدس كموضوع مركزي، علما أن الإقتراح الذي عرضه باراك في هذا الصدد كان مجافيا للإنطباع الذي تكون في إسرائيل. فقد أبدى بارك استعدادا لمنح الفلسطينيين سيادة فقط على "الغلاف الخارجي" للمدينة (مثل بلدة أبوديس، التي وعد بإعادتها ولم يوف بوعده، والعيزرية وبيت حنينا ومثيلاتها)، في حين كانت نيته تتجه للإبقاء على الأحياء العربية الواقعة داخل القدس نفسها (مثل الشيخ جراح ووادي الجوز ورأس العامود وسلوان وغيرها) تحت السيادة الإسرائيلية، وسط إعطاء "حكم ذاتي وظيفي" للفلسطينيين. وطالب باراك أيضا بإبقاء الحرم القدسي تحت سيادة إسرائيل مع إعطاء "عهدة دائمة" للفلسطينيين. وطبيعي ان مثل هذا <<الإقتراح السخي>> لم يكن بمقدور أي زعيم عربي أو إسلامي القبول به.

إلى ذلك فإن حسابات النسب المئوية لا تروي القصة الحقيقية، فالأهم من عدد الدونمات هو موقع ومكان هذه الدونمات. فقد مزقت الخريطة الإسرائيلية أوصال الضفة الغربية إلى ثلاث جيوب أو كانتونات منفصلة عن بعضها البعض، تكون كل منها محاطة بالمستوطنات ومعسكرات الجيش الإسرائيلي، والتواصل الواهن الذي بدا ظاهريا في الخريطة، لا يغير هذه الحقيقة.

وعندما عادت وفود اسرائيل المفاوضة من كامب ديفيد، قام أفرادها بفبركة الأسطورة التي أضحت منذ ذلك الوقت شبه مقدسة ("قلبت كل حجرا بحثا عن السلام، أعطيت الفلسطينيين كل ما طلبوه، لكن عرفات رفض جميع الإقتراحات، عرفات لا يريد السلام" - هذا ما قاله باراك..). ولما بدأ يتتابع نشر شهادات أخرى حول ما حصل حقا في كامب ديفيد، وتبين أن الإقتراحات الإسرائيلية أبعد من أن تكون معقولة، نشأت أسطورة جديدة تحت هذا العنوان: في طابا قدمت إسرائيل للمرة الأولى اقتراحا بدا أشبه باعتراف حقيقي بنهاية الإحتلال، بما في ذلك إعادة 96% للفلسطينيين وتأجير 2% لإسرائيل إضافة إلى محادثات حول حق العودة. لكن ميغيل موراتينوس، مبعوث الإتحاد الأوروبي لشؤون الشرق الأوسط الذي حضر محادثات طابا كمراقب، كشف من هو المسؤول حقا عن توقف المحادثات، حيث تبين أن من أوقف المحادثات ليس ياسر عرفات وإنما ايهود باراك بالذات، والذي أوعز للمفاوضين الإسرائيليين بالعودة إلى إسرائيل.

* <<نتنياهو حاول المضي في اتفاق السلام..>>

كان من المفروض ببنيامين نتنياهو الذي انتخب في أيار 1996 المضي قدما في تطبيق اتفاقيات أوسلو بموجب ما تعهد به قبل انتخابه. وكان عليه القيام بثلاثة انسحابات بفاصل زمني مدته 6 أشهر ابتداء من أيلول 1996. ومن نافلة القول أنه لم يقم بتنفيذ أي انسحاب. عوضا عن ذلك ارتكب نتنياهو في بداية ولايته خطأ مأساويا بإعادته فتح نفق حائط المبكى، ولعل ذلك هو الخطأ الأكبر الذي ارتكبه نتنياهو (والذي دفع 15 جنديا إسرائيليا و79 فلسطينيا حياتهم ثمنا له). علاوة على ذلك فقد توقفت جميع الإتصالات التي بدأت عقب اتفاقيات أوسلو بما في ذلك اللقاءات والمحادثات الإقتصادية. ونجحت الولايات المتحدة، التي خشيت حصول تدهور، في حمل الطرفين على التباحث حول تطبيق اتفاق الخليل، ثم توقفت المباحثات حول هذا الإتفاق في أعقاب قرار آخر لنتنياهو بالشروع في بناء مستوطنة ("هار حوماه") - جبل أبو غنيم - وذلك خلافا لمطالب صريحة من جانب الأميركيين والأوروبيين والفلسطينيين بوقف تنفيذ هذا المشروع الإستيطاني.

قرار حكومة نتنياهو الشروع ببناء المستوطنة أدى إلى توقف جميع الإتصالات الإسرائيلية - الفلسطينية لغاية العام 1998 (جرت في غضون ذلك محاولة فاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، أفضت إلى إخلاء سبيل الشيخ أحمد ياسين).

في العام 1998 وقع اتفاق واي ريفر الذي نص على انسحاب إسرائيلي من 13% من الارض على ثلاث مراحل، لكنه لم ينفذ سوى الجزء الأول من هذا الإتفاق. خلاصة القول، حاول نتنياهو التملص من اتفاق أوسلو، وذهب إلى اتفاق الخليل، وأوقفه في منتصف الطريق، ثم توجه في النهاية ليوقع اتفاق واي ريفر لكنه لم ينفذ هذا الإتفاق. وعموما فإنه يمكن وصف نتنياهو وعن حق بأنه "قابر اتفاقيات أوسلو".

* <<إخلاء المستوطنات هو "ترانسفير" أيضا>>:

عند الحديث عن "الترانسفير" كجريمة حرب، ينبغي الإيضاح أن القصد به ان تقوم دولة بطرد مواطنيها إلى خارج حدودها أو تفعل ذلك عند احتلالها لمنطقة فتطرد سكانها منها. ولكن عندما تحتل دولة ما ارضا عائدة لشعب اخر وتقوم بنقل سكانها هي إليها (خلافا للقانون) ثم تخليهم إلى داخل حدودها عند انسحابها من هذه المنطقة، فإن هذا لا يشكل "ترانسفير" بقدر ما هو عملية دستورية وقانونية.

* <<لا سلام مع القتلة..>>:

إن كل من سيقود الفلسطينيين في المستقبل القريب أو حتى البعيد لا بد وأن يكون ضالعا بهذا الشكل أو ذاك في أعمال معادية إسرائيل. فزعماء وقادة الشعوب ينبثقون في أتون الكفاح ليس إلا. وحيثما جرى نضال من أجل التحرر الوطني أو الإجتماعي نجد أن <<إرهابي>> اليوم سيصبح بمرور الزمن قائداً سياسياً، سواء كان ذلك نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، أو جومو كنياتا في كينيا، أو ماوتسي تونغ في الصين أو فيدل كاسترو في كوبا أو فلاديمير لينين في روسيا (وحتى مناحيم بيغن في إسرائيل)، أو كما وصف ذلك أحدهم ذات مرة: (أنا "المقاتل من أجل الحرية"، و"الإرهابي" هو من يعمل ضدي).

* <<الإنسحاب من لبنان علّم الفلسطينيين بأنه يمكن محاربة إسرائيل بالقوة>>:

هل يعتبر نهج الكفاح ضد المحتل "اختراعا" ابتكره حزب الله؟! وإذا افترضنا أن الفلسطينيين تعلموا أو استوحوا ذلك من حزب الله، إذن ممن تعلم مقاتلو حزب الله؟! إذا لم يكونوا قد تعلموا من أحد، فلعل الفلسطينيين لم يكونوا أيضا بحاجة لتعلم ذلك من طرف ثالث. ليس "هناك إي اختراع" مميز ابتكر في لبنان، فحرب العصابات وأعمال المقاومة معروفة من أقدم العصور، منذ حرب يهودا المكابي ضد اليونانيين. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أكذوبة أخرى لليمين الإسرائيلي وهي اكذوبة "كان يجب الخروج من لبنان ولكن باتفاق". من المهم معرفة أنه لم تكن لدى سورية أي مصلحة في مساعدة الجيش الإسرائيلي على الخروج من المستنقع اللبناني، على العكس. فالأفضل من وجهة نظر السوريين هو أن تبقى اسرائيل هناك أطول فترة ممكنة لأن وجودها هناك برر بشكل غير مباشر تواجد السوريين في لبنان.

*<<حدود 67 ليست حدودا قابلة للدفاع عنها>>:

ذلك يقال في تبرير الرغبة بالتوسع واحتلال اراضي الغير، والبحث عن "عمق استراتيجي" للدولة العبرية اثبتت حرب الخليج الثانية (1991) بطلانه.

* <<زيارة شارون للحرم القدسي لم تشعل الإنتفاضة>>:

هذا الأمر يشبه حال شخص يلهو أو يتسلى بأعواد الثقاب قرب اسطوانات الغاز، ثم يتهم الأخيرة (اسطوانات الغاز) بأنها المسؤولة عن الإنفجار.

* <<لماذا زودتموهم بالبنادق؟!>>:

إسرائيل لم تعط الفلسطينيين السلاح، بل سمح للفلسطينيين العائدين بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية بأسلحتهم ومعداتهم لحفظ النظام والأمن العام.

* <<لا يجوز أن نظهر ضعفاء>>:

تلك هي إحدى الفرضيات الأشد تدميرا وتصلبا في ظروف التصعيد. فالآباء يتصرفون بقسوة وفظاظة حتى لا يظهرون ضعفاء في عيون أبنائهم، والشعوب تصرف بوحشية حتى لا تبدو ضعيفة في نظر أعدائها، والحكام الطغاة يلجأون إلى أساليب القمع حتى لا يظهرون ضعفاء في نظر رعاياهم.

الاسرائيليون مشغولون في معالجة مسألة صورتهم عوضا عن الإنشغال في مسألة ما هي الحكمة، وما هو المنطق، في أعمالهم. وفي ذلك فهم يكبلون أيديهم بأنفسهم ويفقدون حرية العمل والقدرة على التغير. انهم يخلطون بين ضرورة أن يكونوا أقوياء وبين الخوف من أن يبدوا ضعفاء. ولعل لبنان تشكل مثلا كلاسيكيا على ذلك: فقد بقيت اسرائيل في لبنان ثمانية عشر عاما لخشيتها من الظهور في مظهر الخانعين إذا انسحبت من هناك، تاركة جنودها كالبط في ميدان الرماة، متكبدة خسائر جسيمة، وهادرة لقدرة الردع لدى الجيش الإسرائيلي، وكل ذلك <<حتى لا نظهر ضعفاء>>.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات