المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بقلم الوف بنرئيس الحكومة وزملاؤه في القيادة الامنية – السياسية يعدون بأن الهجوم الامريكي على العراق سيحل مشاكل اسرائيل. الانظمة المعادية المحيطة ستسقط، وياسر عرفات سيُستبدل بقيادة مريحة، والدولارات من الولايات المتحدة ستحل الازمة الاقتصادية. ويؤمن ارئيل شارون انه اذا انتظرت اسرائيل بصبر حتى "اليوم التالي" فستستيقظ على واقع جديد، يخشى فيه العرب قوّتها بسبب الدعم الامريكي.

هناك ثمن للانتظار. وتدل الاستعدادات المتواصلة للحرب على العراق ان الدولة العظمى ايضا تستصعب الحديث ومضع اللبان في آن واحد. فلا وجود لفراغ على الحلبة الدولية: عندما تكون امريكا مشغولة بصدام حسين يستغل البعض الوضع لوضع حقائق استراتيجية. والى ان يصل "اليوم التالي" سيتغير ميزان القوى في المنطقة الى السلب. وتقدم احداث الاسابيع الاخيرة اكثر من برهان على محدودية قوة امريكا كشرطي دولي، بدءا بتجديد الخطط الذرية لكوريا الشمالية وحتى ضخ مياه الوزاني، من خلال تجاهل تحذيرات واشنطن. وافقت الولايات المتحدة على ان تفرغ سفينة صواريخ سكاد القادمة من كوريا الشمالية شحنتها في اليمن، وهكذا اضرت بمنع انتشار الصواريخ البالستية. واحكمت اسرائيل تمسهكا بالمناطق، وبالمقابل اجبرت على تحويل المال لعرفات وابتلاع "خريطة الطرق" – التي تعني تدويل الصراع مع الفلسطينيين بموجب مبادرة السلام السعودية.

ولعل التعبير الأكثر اثارة للقلق عن العجز الامريكي هو ايران، التي فازت بجائزة مضاعفة: تحت مظلة انتظار الحرب في العراق فانها تتقدم نحو الحصول على سلاح نووي. واذا عُزل صدام فسيختفي التهديد المركزي لأمنها ومكانتها في المنطقة. فسوف يجدها "اليوم التالي" اكثر قوة، وقريبة اكثر من ذي قبل من القنبلة. حليفها هو فلاديمير بوتين، الذي تكشف عن فنان بارع في لعبة القوى السياسية.ابرم بوتين صفقة مع واشنطن: ضحّى بالعراق، التي كانت ضائعة بطبيعة الحال كسوق للصناعات الروسية، مقابل حرية عمل في ايران. الامريكان بحاجة للكرملين كشريك في حربهم ضد صدام والارهاب، والضغوط لوقف "التسرب" التكنولوجي لايران هبطت الى اسفل سلم جول الاعمال في الحوار بين الدولتين العظميين. كذلك شارون يبحث عن التقرب الى بوتين، احد الزعماء القلائل المستعدين للتحدث معه واستضافته. بالمقابل اعطى شارون للروس شهادة تصديق على تخفيف "التسرب" الى ايران.

في الاسبوع الماضي زار ايران الوزير الروسي للطاقة الذرية، الكساندر روميانتسيف، في تظاهرة غير مسبوقة للالتزام السياسي باستكمال محطة القوة النووية في بوشاهر، المقامة كغطاء لجهود التسلح العراقية. غلف روميانتسيف جولته بتصريحات ضبابية، وفقط بعد عودته الى موسكو اعلن انه لم يف بوعده التوصل الى اتفاق لاعادة الزيت النووي المستعمل الناتج عن الفرن للتخزين في روسيا.

السيطرة على الزيت النووي هي المفتاح لتحويل الفرن المدني الى مصنع للسلاح لأنه يمكن انتاج البلوتونيوم من الوقود المعرض للاشعاع. لم يصر الروس على اعادة الزيت، وعندما كشف الامر في الصيف وعدوا الولايات المتحدة واسرائيل بتسوية الامر. منذ ذلك الحين لم يوقع اتفاق اعادة الوقود، رغم وعود روميانتسيف، الذي يعتبر توقيعه شرطا لارسال اليورانيوم الى الفرن، ورغم تصريحات الرئيس خاتمي، التي جاء فيها "اننا لسنا معنيين بالوقود الملوث". الان يحدد الوزير الروسي موعدا جديدا في يناير للتوصل للاتفاق ولارسال الوقود الى ايران.

البرنامج النووي الايراني يتواصل ببطء، دون المستوى الذي قد يحرك الولايات المتحدة لعملية حقيقية. والانباء الاخيرة من واشنطن عن منشآت ذرة سرية في ايران وشبكة مشتريات متفرعة مكونة من شركات وهمية، التي اضفت مصداقية على ادعاءات اسرائيل، دفنت تحت الازمات الملحة في العراق وكوريا الشمالية. زميلتهما في "محور الشر"، ايران، تستغل الضباب الدبلوماسي في مواصلة تعزيز ما تملك من قوة.

(هآرتس 2 يناير)

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات