منذ شهور تعاني دولة لبنان من أزمة طاقة مستفحلة، ومن نقصان حاد في توريد الغاز الطبيعي والنفط، وهما من المواد الأساسية التي تقوم بتشغيل محطات الكهرباء الرئيسة فيها. في تشرين الأول 2021، توقفت محطتا الكهرباء الأساسيتان في لبنان عن العمل، وخيم الظلام على الدولة. أما الفرقاء السياسيون في لبنان فبدأوا، كل على طريقته، بتهريب الغاز عن طريق السوق السوداء.
شهد العقد المنصرم نقاشاً متزايداً حول "جيش النساء"، وحول مشاركة النساء اليهوديات في الجيش الإسرائيلي، وقد تسبّب الأمر مراراً بأزمة بين التيارات العلمانية والدينية، كقضية "تجنيد الحريديم" وإن كان بدرجة أقل، وقد وصل الأمر لأن اعتبر بعض الحاخامات أن تجنيد النساء اليهوديات في الجيش، بمن في ذلك المتديّنات، يُغضب الله ويُخالف تعاليم التوراة. في المقابل ظهرت خلال هذه السنوات، استمراراً لظاهرة برزت خلال العقود الماضية، العديد من الأصوات الإسرائيلية، وتحديداً من الحركات النسوية، التي تُطالب بتحقيق "المساواة بين الجنسين" في الجيش، استناداً إلى ما نصّ عليه تعديل قانون "الخدمة العسكرية" وتعديل 16 (أ) للعام 2000، الذي يُنادي بتحقيق المساواة، وذلك في أعقاب قرار المحكمة العليا المعروف بقرار أليس ميلر، والذي سنتحدّث عنه أدناه. جدير بالذكر أن الخدمة في الجيش، وعلى الرغم من أهمية العامل الديني-السياسي- الأيديولوجي لليهود، إلّا أنها لا تقتصر على ذلك فقط، فقد شكّل الجيش أيضاً بوتقة صهر في إسرائيل، وتأدية الخدمة العسكرية مسؤولة بشكلٍ كبير عن تحديد مكانة الأفراد، والفُرص المستقبلية لهم، وهذا تجلّى في الامتيازات التي يحصل عليها خريجو الخدمة العسكرية، ويتقلّد خريجوها مناصب رفيعة في القطاع الخاص، ومؤخراً في قطاع الشركات التكنولوجية والرقمية.
تتناول هذه المساهمة قضية تجنيد النساء بين الإشكالية الدينية، وبين المحدّدات العسكرية التي تفرضها طبيعة العسكرتارية في إسرائيل.
"نحن نستبدل الشرطة والجيش"؛ "... نحن في حرب الاستقلال"- هكذا عبّر قائد عصابة من المسلّحين بمسدسات وأسلحة رشاشة مكونة من مستوطنين يهود جاؤوا من المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية بين النهر والبحر، مع اختفاء واضح للخط الأخضر، لـ "استعادة الردع اليهودي" و"مهاجمة العرب" و"لمساندة وحماية اليهود من الهجمات العربية"، خلال أحداث هبّة أيار من العام الماضي، والتي اندلعت على خلفية عمليات التطهير العرقي في حيّ الشيخ جرّاح في القدس وحيّ العجمي في يافا والضفة الغربية وغيرها من ممارسات المستوطنين وسياسات الدولة الإسرائيلية الاستعمارية الاستيطانية بحقّ الفلسطينيين في تجمّعاتهم الأربعة على امتداد فلسطين التاريخية، ووصلت ذروتها في اندلاع الحرب على غزة، ومواجهات مع الاحتلال ومستوطنيه عمّت كل التجمّعات الفلسطينية، التي باتت وحدة واحدة في مواجهة منظومة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلية، وتجلّى ذلك بصورته الأوضح في إضراب يوم 17 أيار الذي عمّ أرجاء فلسطين بين النهر والبحر.
ضمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) مؤخراً صوتها إلى هيومن رايتس ووتش وعدة منظمات غير حكومية إسرائيلية، وخلصت الى أن إسرائيل تقوم بارتكاب جريمة الفصل العنصري.
يستند هذا الاستنتاج إلى أكثر من مئتي صفحة من الدلائل المتعلقة بمعاملة الفلسطينيين، سواء في إسرائيل نفسها أو في الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
أقر الكنيست الإسرائيلي الأسبوع الماضي بالقراءة الأولى مجددا مشروع القانون الذي يحرم آلاف العائلات الفلسطينية، التي أحد الوالدين فيها من الضفة الغربية وقطاع غزة ودول عربية، من لم الشمل؛ ولم يتسن للحكومة اجتياز ما كان يظهر وكأنه عقبة إلا بعد التنسيق مع الكتلة الأكثر تطرفا في اليمين الاستيطاني في صفوف المعارضة، التي تم إقرار مشروعها الأكثر تشددا لنفس الغرض في ذات المشهد. ومشهد التصويت يدل على تعلق الأحزاب المشاركة في الائتلاف بهذه الحكومة، حتى لو أصابت ممارساتها نقاطا جوهرية في مواقف سابقة لها. في المقابل، فإن موجة الغلاء ما تزال تشغل الساحة الإسرائيلية والحكومة تعرض خطوات لن تغير الكثير من واقع الغلاء.
دأبت إسرائيل في الماضي على إظهار استخفافها ولامبالاتها إزاء الأصوات الصادرة عن أطراف إقليمية ودولية تنتقد سياساتها وممارساتها، سواء كانت تلك الأطراف دولا وحكوماتٍ وأحزابا، أو منظماتٍ، وبشكل خاص إزاء تقارير منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، والتي واظبت على رصد الانتهاكات الإسرائيلية الفظيعة لحقوق الفلسطينيين. ولم تخل هذه التقارير يوما من كيل الاتهامات لحكومة إسرائيل بمخالفة القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، وارتكاب أعمالٍ ترقى إلى مستوى جرائم الحرب. وكانت الانتقادات القاسية تصدر بشكل دوري عن منظمات حقوق الإنسان، لكن ردودَ أفعال الأوساط الإسرائيلية الرسمية والحزبية، ومن يدور في فلكها من وسائل الإعلام، بدت على الدوام جاهزةً ونمطيةً من حيث التصنيفُ المسبق لهذه المنظمات بأنها تقف في صف أعداء إسرائيل من اليسار والعرب وقوى التطرف الإسلامي، وبأن مواقفَها جزءٌ من الحملات اللاسامية المعادية لحق الشعب اليهودي في تقرير المصير!
الصفحة 100 من 338