المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
الأطفال وكورونا: اخطار من نوع مختلف.  (الصورة عن: ساينس اورغ نيوز)
الأطفال وكورونا: اخطار من نوع مختلف. (الصورة عن: ساينس اورغ نيوز)

توقف بحث نشره مؤخراً معهد الأبحاث التابع للكنيست الإسرائيلي عند قضية عنونها بـ: "الأطفال المعرضون للخطر في أزمة كورونا: البرنامج الوطني للأطفال والشباب المعرضين للخطر". ويعرض في تقرير خاص كيف أثرت أزمة تفشي فيروس كورونا على جميع مجالات حياة الأطفال بشكل عام، والأطفال المعرضين للخطر بشكل خاص؛ إذ أدت الأزمة الصحية والإقامة المطولة في المنازل في بعض العائلات إلى تنامي ظواهر نفسية تجلت في القلق والضغوط الصحية والاقتصادية والعائلية التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة حالات الخطر على الأطفال.

بالإضافة إلى ذلك، يقول، أدى تقليص نشاط أنظمة التعليم والصحة والرعاية خلال الأزمة، وحتى إغلاق بعضها، إلى صعوبات كبيرة في تحديد مكان الأطفال المصابين وسبل حمايتهم وعلاجهم. وإلى جانب الأطفال في العائلات المستقرة، هناك عائلات تعاني من مشاكل لم تستطع أن توفر، حتى قبل الأزمة، احتياجات الأطفال، بل أضرّت بالأطفال إلى درجة أدت إلى إخراجهم من المنزل ونقلهم إلى أماكن خارج المنزل بشكل كامل أو جزئي. نظرياً، كان من الممكن أن يكون هؤلاء الأطفال قد عانوا من الأزمة بشكل أكثر خطورة وأن يكونوا في خطر يومي إذا اضطروا إلى العودة للبقاء في المنزل. وفي بعض الحالات كان من الممكن أن يعيشوا بدون سقف فوق رؤوسهم. بالنسبة إلى بعضهم، كان هناك خوف من أن يضطروا إلى العودة الى نفس حالات الاعتداء عليهم التي أُخرجوا من منازلهم بسببها، مثل العنف الشديد والاعتداء الجنسي.

وفقاً لمعطيات وزارة الرعاية والخدمات الاجتماعية: يعيش في إسرائيل أكثر من مليوني طفل، من بينهم 330 ألفاً من الأطفال والشبيبة الموجودين في أوضاع خطر وضائقة. أوضاع الخطر هذه تمس بقدرة الأولاد والشبيبة على استنفاد حقوقهم الأساسية في مجال الأمان، الحماية والكرامة.

الحديث هو عن سلسلة أوضاع خطر مختلفة، تتطلب ملاءمة حلول مختلفة ومتنوعة. هذه الأوضاع تنبع مما تنبع منه من مواجهة مصاعب اقتصادية، مرض أو وفاة أحد الوالدين، مصاعب تعليمية، أو التفاوت الاجتماعي وتتمثل في صعوبات بالأداء الوظيفي وحتى الانحراف الاجتماعي.

زيادة على نطاق وحالات الخطر داخل المنزل وخارجه

تركز تقرير معهد الأبحاث كما يشير في مطلعه على البيانات المتعلقة ببرنامج الحكومة المركزية في هذا المجال – والمسمى: البرنامج الوطني للأطفال والشباب المعرضين للخطر. وكتب: تثير الدراسات في أرجاء العالم حول تأثير كورونا على الأطفال والشباب المعرضين للخطر 3 مخاوف وصعوبات:

* زيادة الضغط العاطفي وخطر الانتحار. ظهور طيف من حالات الكرب والقلق كردّ على تهديد وجودي وظروف عدم اليقين وضائقة الوالدين والوحدة والبعد عن مصادر الدعم الاجتماعي. صعوبة تلبية الاحتياجات الاجتماعية وغيرها للأطفال والتعرض للأذى والاستغلال.

* تضرر تلقي موجّهات لنموهم، وصعوبة تلقي العلاج الطبي وشبه الطبي، وضعف في التسلسل التعليمي، والإنجازات الدراسية، وضعف الدافع للتعلم في مواجهة الصعوبات التي تصاحب التعلم عبر الإنترنت، وعدم التواصل المباشر مع المعلمين ومعلمي رياض الأطفال ومقدمي الرعاية.
* زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

لقد طرأت زيادة على نطاق المخاطر المعروفة وحالات الخطر داخل المنزل وخارجه، بما في ذلك صعوبة تحديد مكان الأطفال المتأثرين بالإهمال وسوء المعاملة وعلاجهم. "البرنامج الوطني للأطفال والشباب المعرضين للخطر"، وفقا للبحث، هو أحد البرامج الحكومية الرئيسة لعلاج الأطفال والشباب، تم تطوير البرنامج من قبل وزارة الرعاية والخدمات الاجتماعية، بمشاركة وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة، وزارة الهجرة والاستيعاب والسلطات المحلية. الهدف المعلن من البرنامج هو تقليل عدد الأطفال والشباب الذين يعيشون في مواقف تعرضهم للخطر وتهدد نموهم الطبيعي، مع التركيز على المجموعات الفريدة والضعيفة.

يفترض أن عمل البرنامج هو على منع وتقليل المواقف الخطرة مثل صعوبات التعلم والتأخر في النمو والسلوكيات السيئة لدى الأطفال من جميع الأعمار، مع التركيز على الطفولة المبكرة. يركز البرنامج على حوالي 200 سلطة محلية وعدد من الأحياء الضعيفة في المدن الكبيرة. كل منطقة تتمتع بالاستقلالية وبمستطاعها الاختيار من بين مجموعة واسعة من البرامج التي تضمها قاعدة بيانات البرامج المشتركة بين الوزارات، بناءً على تحديد احتياجات الأطفال والميزانية المخصصة لكل منطقة.

بموجب المعطيات: في العام الدراسي 20/2019، شارك نحو 56 ألف طفل ومراهق في البرنامج. يقيس البرنامج سبع حالات خطر لتحديد ورصد حالة الأطفال في سبعة مجالات من الحياة: الوجود الجسدي والصحة والنمو؛ الانتماء إلى عائلة؛ التعلم واكتساب المهارات؛ الرفاه والصحة العقلية؛ الانتماء والتكامل الاجتماعي؛ الحماية من الآخرين؛ والحماية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر.

زيادة عدد مَن يعانون حالات خطر جديدة في 2019/2020

يقول معدو البحث إنه عند فحص بيانات السنوات الأخيرة، من العام 2014 حتى 2020 (باستثناء 2018/2019 لنقص في البيانات) "نرى اتجاهاً ثابتاً لزيادة نسبة الأطفال المشاركين في البرنامج الذين تحسنت حالتهم. في العام 18/2017 أظهر ما يقرب من نصف الأطفال تحسناً في مدى تعقيد المخاطر التي تهددهم وخرج حوالي خمسهم من الخطر. ومع ذلك، في العام 20/2019 - العام الذي اندلعت فيه جائحة كورونا وما سببته من إغلاق العديد من الأطر- كان هناك انخفاض كبير في كل من معدل تحسن حالة الأطفال ونسبة الأطفال الذين خرجوا من حالات الخطر. خلال تفشي كورونا، كان هناك انخفاض بنحو الثلث في نسبة الأطفال الذين تحسنوا من مدى تعقيد المخاطر لديهم وانخفاض بنحو 60% في نسبة الأطفال الذين خرجوا من دائرة الخطر".

في تقرير فحص الفروق بين 18/2017 و 20/2019 - عام تفشي كورونا- تبرز النقاط التالية:

* في 20/2019 كان التحسن في جميع مجالات الحياة (باستثناء "الحماية من الآخرين") أقلّ، مقارنة بالقياس المقابل في 18/2017 (54.4% مقابل 58.3%على التوالي)، أي أنه بعد الأزمة كان هناك تحسن طفيف في وضع الأطفال مقارنة بالسنوات السابقة. في نقطتين زمنيتين، تم تحديد المزيد من الأطفال الذين يعانون من حالات خطر جديدة في جميع مجالات الحياة التي تم فحصها مقارنة بالسنوات السابقة، كما يلي: في 18/2017، وفي 20/2019 كان هناك زيادة بمرة ونصف المرة في عدد الأطفال الذين يعانون من حالة خطر جديدة واحدة أو أكثر مقارنة بـ 18/2017، أي أنه بسبب أزمة كورونا، كانت هناك زيادة كبيرة في حالات الخطر الجديدة المحددة.

* بالإضافة إلى ذلك، وجد أن معدل الكشف عن حالات الخطر يزداد مع زيادة العمر. بعبارة أخرى، تأثر الشباب بمعدل أعلى قليلاً من الفئات العمرية الأصغر: على سبيل المثال، 15% من الشباب في البرنامج واجههم وضع خطر جديد في مجال الانتماء الأسري (مثل قطع الاتصال بالوالدين) في حين أن 12% من أطفال المرحلة الابتدائية والطفولة المبكرة كانت لديهم هذه الحالة في جميع المناطق التي تم فحصها.
* خلال مقارنة نسبة الشباب الذين تم تحديدهم على أنهم في حالات خطر جديدة، في 20/2019 مقارنة بـ 18/2017، من بين جميع المشاركين في البرنامج، تبين أنه في 20/2019، تم تحديد ضعفي عدد الشباب الذين يعانون من حالات خطر جديدة. على سبيل المثال: في 18/2017، وجد أن ما يقرب من 8% من الشباب لديهم حالات خطر جديدة في مجال الانتماء الأسري، بينما في 20/2019 كان معدل أولئك الذين تم اكتشافهم تقريباً ضعفين (14.6%). في مجال الرعاية تم العثور على فجوات مماثلة في الصحة النفسية (6.8% مقابل 2.14% على التوالي). الأمر نفسه ينطبق في مجال الحماية ضد الآخرين.

ليس واضحاً مدى استعداد الوزارات للتعامل مع القضية وعواقبها

ضمن استخلاصات البحث، أنه في إثر النتائج والاستعداد لحالة طوارئ مستقبلية بعد الوضع المعقد الذي نشأ أثناء إعداد هذه الورقة، تم الشروع في إجراء واسع لاستخلاص النتائج ونتائج التخطيط في حالات الطوارئ. وشملت سلسلة من الإجراءات لتشخيص الأطفال المعرضين للخطر وتحديد مكانهم وسبل معالجتهم، ورسم الخرائط وتجميع الموارد، وتحديد أولويات الاحتياجات والاستجابات وتحسين آليات العمل مع الوزارات الحكومية لتسهيل الاستجابة.

ويتابع أنه في أوقات الأزمات، يُظهر التصدي لعواقب أزمة كورونا من المسح أعلاه، أن فترة الطوارئ التي أعقبت تفشي فيروس كورونا أثرت بشدة على الأطفال بشكل عام والأطفال المعرضين للخطر بشكل خاص. لكن البحث لم يفحص ما إذا كانت الوزارات الحكومية مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة ووزارة الرعاية والخدمات الاجتماعية مستعدة للتعامل مع عواقب إساءة معاملة الأطفال وكيف. وبالمثل، كذلك، لم يُفحص ما إذا كانت عمليات استخلاص العبر قد أجريت في هذه الوزارات، وما هي تلك العمليات والإجراءات لرعاية الأطفال المعرضين للخطر أثناء الأزمة، مثل تنظيم وضع العاملين في مجال الرعاية الاجتماعية والمؤسسات والأماكن خارج المنزل كعاملين حيويين، وما إذا كانت الوزارات تقوم بإعداد وترتيب أولويات قضايا حالات الأزمات المستقبلية وكيف تقوم بهذا، وبرعاية الأطفال ذوي الإعاقة، وتعزيز خدمة الصحة العقلية وبرنامج تغذية الأطفال في المدارس.

في هذه النقطة الأخيرة تمت الاستفاضة في تقرير سابق بشأن الأمن الغذائي أن المعطيات، ومنها مسح أجرته مؤسسة التأمين الوطني في العام 2016، أظهر أن حوالي 25% من الأطفال حتى سن 18 عاماً في إسرائيل يواجهون انعدام الأمن في التغذية، وترتفع في صفوف المواطنين العرب واليهود الحريديم خصوصاً، معدلات انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير. وقد سبقت الإشارة إلى أن هناك قلقاً من أن انتشار كورونا قد زاد من انعدام الأمن الغذائي بين الأطفال، حيث منعهم من الوصول إلى قنوات الدعم التي كانت قائمة قبل اندلاعه، بما في ذلك التغذية في المدارس.

وبالفعل، فقد تسبب انتشار وباء كورونا الذي بدأ في آذار 2020 في زيادة مخاطر انعدام الأمن الغذائي وسط تراجع الدخل بين العديد من الأسر وارتفاع معدلات البطالة والحجر الصحي. عامل الخطر الفريد الآخر الذي ظهر وهدد الأطفال هو وقف أنشطة المدارس وسائر الأطر التربوية، التي كان يتلقى فيها العديد من الأطفال سابقاً، بمن في ذلك الأطفال والشبيبة المعرضون للخطر، وجبة ساخنة على أساس يومي، مجاناً أو بتكلفة رمزية، قبل اندلاع الوباء. ولكن، من آذار 2020 إلى آذار 2021، تم إغلاق جميع المؤسسات التعليمية ثلاث مرات بسبب انتشار وباء كورونا. في المجموع واجه طلاب التعليم قبل الابتدائي حوالي 60 يوما من انعدام المساعدة في التغذية.

إن كل طفل من عائلة فقيرة يعاني من المساس بأبسط حقوقه، ومن الحق في أن يأكل بشكل لائق، وهذا خطر حقيقي على صحته. فكم بالحري حين يكون الطفل أيضاً يقع في دائرة التهديدات والمخاطر؟! هناك معطيات كثيرة ناقصة، كما تشير أبحاث كثيرة منها البحث قيد الاستعراض هنا. ولكن المعطيات الرسمية سبق أن أكدت بأنه خلال العام الدراسي 2009-2010، تلقى حوالي 39 ألف طفل وفتى التغذية في أطر الرعاية المختلفة المخصصة للأطفال والشبيبة المعرضين للخطر في المجتمع. هذا العدد ازداد وربما تضاعف مراراً؛ في حين أن الدراسات ذات الصلة، كشفت وعادت على التأكيد أنه مع انعدام سياسة شاملة في إسرائيل لتوفير الأمن الغذائي، يظهر أنه لا يوجد تبادل منهجي للمعلومات والتنسيق بين الجهات المختلفة، وخصوصا الحكومية منها.

المصطلحات المستخدمة:

التأمين الوطني

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات