المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

في مقالته حول إطلاق حركة "إسرائيليون ضد العنصرية"، ينتقد أورن زيف تركيز الحركة المزعوم على "العنصرية العامة" بدلاً من "العنصرية المؤسسية"، كما أنه يتساءل عن عدم انتقاد العنصرية ضد السكان الآخرين في إسرائيل بالإضافة إلى المهاجرين الأثيوبيين، وخاصة العرب. أريد الاستفادة من المنصة التي أعطيت لي هنا لتوضيح الأمور.

استنتاجه أن حركة "إسرائيليون ضد العنصرية" اختارت تحميل مسؤولية القضاء على العنصرية على عاتق "المجتمع" أو "الإسرائيليين" بدلاً من الحكومة وسلطاتها، هو استنتاج يسنده زيف كما يبدو على حدث تغطية إطلاق الحركة في وسائل الإعلام. خلال مراسم الحدث، تم عرض مقطع فيديو يقدم أداء جديدا لأغنية "ثمة يوم قادم"، وفي أعقاب ذلك خرجت الحركة في حملة عامة واسعة من أجل جمع تواقيع على ميثاق مناهض للعنصرية. ومع ذلك، فهذا ليس الطرف العائم من جبل الجليد الضخم لعمل الحركة، والتي بدأت بالتشكل في غضون بضعة أشهر.

مؤسسو "إسرائيليون ضد العنصرية" جميعهم من الإسرائيليين الوطنيين الذين ينظرون بأعين متّقدة كيف تؤدي العنصرية في المجتمع الإسرائيلي إلى تفككه وتشكل خطرا لانهياره من الداخل. إنهم يريدون تغيير ذلك. إنهم لا يستخلصون أي مكسب شخصي من هذا الصراع. يأتون بأيدٍ نظيفة ولا يحتاجون إلى شهادة نزاهة من أي شخص.

إنها بالفعل مجموعة من الأشخاص الذين ينتمون إلى قلب المؤسسات الأمنية والعامة والتجارية الإسرائيلية. بعض الناس يسمونهم "إسرائيليين ذوي امتيازات". في غضون ثلاثة أشهر فقط، تمكن "أصحاب امتيازات"، وهم جوهر مؤسسي الحركة - على نفقتهم وأموالهم الخاصة وبدون أي تمويل خارجي - من تشكيل طواقم عمل لصياغة خطط لمحاربة العنصرية في سلسلة طويلة من المنظمات، بما فيها الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية. تم تشكيل مثل هذه الطواقم في منظمة الهستدروت العامة، في جمعيات وإدارات نوادي كرة القدم ونوادي كرة السلة؛ في جمعية التسويق الإسرائيلية في رابطة شركات الإعلان؛ في قائمة طويلة من أكبر الشركات التجارية في الاقتصاد؛ في الاتحاد العام للطلاب الجامعيين؛ في المجلس القطري للطلاب في المدارس الثانوية؛ في جميع حركات الشباب ابتداء من حركة بني عكيفا ووصولا إلى حركة هشومير هتسعير؛ أقيمت طواقم أيضاً في سلسلة طويلة من السلطات المحلية والإقليمية، بما في ذلك القدس وتل أبيب ونتانيا وأشدود – وما زالت الجهود كبيرة والقائمة تطول.

لقد تم تنفيذ كل هذا النشاط مع الغطاء والدعم والمشاركة الشخصية لرؤساء الهرم من خلال قائمة المنظمات والاتحادات. هذه هي أكبر وأهم عملية حشد وتعبئة على الإطلاق في دولة إسرائيل للقضاء على ظاهرة العنصرية المؤسسية والمستترة، في أهم الهيئات ذات القوة والنفوذ في البلاد.

إن حركة "إسرائيليون ضد العنصرية" لم تنشأ كحركة احتجاج، بل كحركة تهدف إلى التأثير. هناك مساحة ومكان للاحتجاج في دولة إسرائيل، وسلاح المظاهرة هو سلاح مهم، ولكن من أجل الاستفادة من الاحتجاج لغرض القيام بإحداث التغيير الحقيقي، من الضروري حشد الناس الذين يعرفون كيفية الوصول إلى قلب المؤسسة الإسرائيلية ووضع مسألة الحرب على العنصرية والقضاء عليها، على رأس جدول أعمال الهيئات المهمة في البلاد.

إن التحرك العميق للوصول إلى مختلف هيئات التأثير في البلاد من خلال المزيد من النشاط العام الذي يتم نحو المجتمع الإسرائيلي ككل – جاءت لتكمِّله حملة جمع التواقيع على المعاهدة العامة. تكتسي أهمية التحرك العام أهمية كبيرة، لأنه طالما استمر الخطاب العنصري والسلوك العنصري – حتى ذلك الذي يأتي أحياناً بدوافع إيجابية - في التمتع بالشرعية في المجتمع الإسرائيلي، فلن يكون هناك تغيير حقيقي. لذلك، تعمل الحركة في كل من المجال الظاهر العلني، وكذلك تعمل في المجال المستتر المخفي من خلال التحركات الفردية أمام أجهزة الحكومة والهيئات العامة والخاصة في إسرائيل. تبذل هذه الجهود في الوقت نفسه، من أجل تكملة بعضها البعض.

تم إنشاء حركة "إسرائيليون ضد العنصرية" لمكافحة جميع الظواهر العنصرية في المجتمع الإسرائيلي على أساس اللون العرق والإثنية و/أو لون البشرة. هذا ما تم تعريفه في رؤيتها الأوّلية، وما هو مفصل في المعاهدة العامة التي وضعتها. في الوقت نفسه، في العديد من الاجتماعات التي عقدها مؤسسو الحركة مع أفراد المجتمع الأثيوبي، في المحادثات مع نشطاء المجتمع، ومع الشبان والشابات في مواقع التجمعات السكانية الكبيرة، تم توضيح صورة الطوارئ المتعلقة بالحاجة إلى حدوث تغيير عميق في كل ما يتعلق بالعنصرية الممارسة تجاه المهاجرين الأثيوبيين والمخاطر الناجمة عن عدم حدوث مثل هذا التغيير.

ولهذا السبب، اختارت الحركة أن تضع قضية مكافحة العنصرية ضد المهاجرين الأثيوبيين على رأس أولوياتها على المدى القصير. لكن منذ الآن، وحتى بقوة أكبر، تنوي الحركة العمل بكامل قوتها للقضاء على الظواهر العنصرية أيضاً تجاه السكان الآخرين - وخاصة السكان العرب الإسرائيليين، وكذلك المتدينين الإسرائيليين غير المنتمين دينياً وغيرهم.

لقد اختارت حركة "إسرائيليون ضد العنصرية" التركيز على ظاهرة العنصرية الموجودة داخل المجتمع الإسرائيلي تجاه المواطنين الإسرائيليين، وهي لا تتعامل مع القضية الفلسطينية أو قضية العمال الأجانب. هذه قضايا مهمة في حد ذاتها، ولكن التحديات التي واجهتها الحركة كبيرة وتتطلب التركيز في العمل.

تدعو حركة "إسرائيليون ضد العنصرية" أي شخص يحارب العنصرية في المجتمع الإسرائيلي، أو كل من يهمه هذا الأمر، إلى الدخول إلى موقع الحركة وتوقيع اتفاقية مناهضة العنصرية.
___________________
(*) العقيد احتياط ليفني هو من مؤسسي حركة "إسرائيليون ضد العنصرية"، مستشار استراتيجي، ورئيس القسم الاستراتيجي في شعبة الناطق العسكري في الجيش الإسرائيلي ومدير عام مكتب الدعاية غيتام.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات