المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قال تقرير جديد لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي إن عدد الطلاب في المعاهد العليا الإسرائيلية انخفض ما بين العامين 2013 وحتى 2017 بنسبة 1%، في الوقت الذي سجل فيه عدد الطلاب في دول منظمة التعاون والتنمية للدول المتطورة OECD، ارتفاعا بنسبة 5ر3%. وفي تقرير آخر، لمجلس التعليم العالي الإسرائيلي، يتبين أن نسبة الطلاب العرب من إجمالي الطلاب في المعاهد الإسرائيلية ارتفعت خلال عشر سنوات بـ 80% من حيث النسبة المئوية، وأكثر من 100% من ناحية عددية.

ويقول التقرير إنه بعد عامين من الانخفاض في عدد الطلاب الجامعيين في إسرائيل بشكل عام، فقد سجل العام الدراسي ارتفاعا في عدد الطلاب الذين كانت تلك سنتهم الجامعية الأولى في المعاهد العليا الإسرائيلية، وهذا الارتفاع كان في مختلف المواضيع.

فمنذ العام 2013 وحتى العام 2017، بقي عدد الطلاب الإجمالي في الجامعات والكليات الإسرائيلية، العامة والخاصة، يتراوح ما بين 306 آلاف إلى 308 آلاف طالب. بينما في العام الدراسي الجامعي الذي افتتح هذا الأسبوع، ارتفع عدد الطلاب الجامعيين إلى 314 ألف طالب، بمعنى ارتفاع بنسبة 2% عن العام 2013. في حين أن عدد أبناء الشريحة العمرية ارتفع في ذات الفترة بنحو 18%.

وبيّن تقرير آخر أن عدد الطلاب الذكور شهد تراجعا مستمرا، إن كان بالنسبة المئوية، أو بالأعداد الحقيقية، ففي حين كان عدد الطلاب الذكور في العام الدراسي 2010- 2011، حوالي 100 ألف طالب، ونسبتهم 58% من إجمالي الطلاب في المعاهد العليا، فإن نسبة الذكور هبطت في السنة الدراسية الجامعية إلى 42%، مقابل 58% من الطالبات، وانخفض عدد الطلاب الذكور إلى 7ر96 ألف طالب.

ويقول التقرير إن الانخفاض لا يتوقف عند 4% فقط، لأن هناك زيادة تكاثر طبيعي في تلك الفترة بين الذكور بنسبة 11%، بينما نسبة التكاثر بين الشابات كانت في ذات الفترة بنسبة 12%، وعددهن في المعاهد العليا ارتفع بذات النسبة.
وأحد التفسيرات للتراجع في نسبة الطلاب عامة، ونسبة الطلاب الذكور خاصة، هو الارتفاع المستمر في نسبة المتدينين المتزمتين الحريديم، وأيضا ارتفاع نسبة العرب، مقابل انحسار نسبة اليهود العلمانيين. إلا أن هذا التفسير الذي أوردته صحيفة "كالكاليست"، يصطدم أمام حقيقة واقع الطلاب العرب، الذين سجلوا في السنوات الأخيرة ارتفاعا حادا في المعاهد العليا الإسرائيلية، وبموازاة ذلك في استمرار تدفقهم على التعليم خارج إسرائيل، وخاصة في الضفة الغربية المحتلة، والأردن، ودول أوروبية عدة. ما يعني أنه في المستقبل سينعكس هذا الارتفاع على نسبة الحاصلين على شهادات جامعية، ليتبين أنها أعلى من نسبتهم في الجامعات الإسرائيلية.

فقد قال تقرير أخير، لمجلس التعليم العالي الإسرائيلي، إن نسبة الطلاب العرب في الجامعات والكليات الإسرائيلية ارتفع في السنوات العشر الماضية، من 10% من إجمالي الطلاب، إلى نسبة 18% في العام الدراسي الماضي. وتبقى هذه نسبة أقل من الشريحة العمرية التي تتراوح ما بين 21% إلى 22%، عرب من بين اليهود (من دون القدس والجولان)، ولكن نسبة المتعلمين العرب ترتفع بعد الأخذ بالحسبان أكثر من 16 ألف طالب يتعلمون في الضفة والأردن وأوروبا.

ويقول مجلس التعليم العالي في تقريره إن عدد الطلاب العرب في الجامعات والكليات الإسرائيلية كان في العام 2008 حوالي 24 ألف طالب، بينما عددهم اليوم 51 ألف طالب. وهذا يدل على أن الجامعات والكليات فتحت أبوابها بقدر أكبر أمام الطلاب العرب، وبالإمكان القول إنه في خلفية هذا أن عقبات كثيرة كانت في وجه الطلاب العرب في المعاهد العليا الإسرائيلية قد خفت. إذ تبين لمؤسسات التعليم الإسرائيلية أن دراسة العرب خارج البلاد يأتي على حساب الاقتصاد الإسرائيلي، وأيضا على حساب ميزانيات المعاهد الإسرائيلية. ففي نهاية المطاف، الغالبية الساحقة جدا من هؤلاء الطلاب ينهون دراستهم في الخارج، ويعودون إلى الوطن، ويجتازون الامتحانات الخاصة بالوزارات أو النقابات وينخرطون في العمل.

وقد تنبهت إسرائيل بعد العام 2010، إلى أن عدد الطلاب في الأردن وحدها تجاوز في حينه 14 ألف طالب، وبالنسبة لها، فهذا يعني مئات ملايين الدولارات تخرج من الاقتصاد الإسرائيلي إلى الخارج. وبعد ذلك جاءت الجامعة الأميركية في جنين التي تستوعب قرابة 5 آلاف طالب من فلسطينيي الداخل، وفق التقديرات، إضافة إلى 3 آلاف طالب يتعلمون في جامعة النجاح في نابلس وفي جامعة بير زيت وأيضا في جامعة بيت لحم، في حين أن عدد الطلاب في الأردن هبط حاليا إلى محيط ألفي طالب. وبعد هذا يأتي آلاف الطلاب الذين يتعلمون في أوروبا، وبشكل خاص في أوروبا الشرقية وروسيا.

ويقول التقرير إن نسبة التسرب من الجامعات بين العرب في حدود 10%، إذ أنها بين الشبان العرب 14% وبين الشابات العربيات 7%، أما نسبة التسرب بين الطلاب اليهود عامة فهي في محيط 7%.

وكانت القفزة أيضا في الدراسة للقب الثاني، إذ ارتفعت نسبة الطلاب العرب من 6% في العام 2008، إلى 14% في العام الدراسي الماضي، ولكن من ناحية عددية فقد تضاعف العدد ثلاث مرات، من 2855 طالبا في العام 2008، إلى 9247 طالبا في العام الماضي.

في المقابل، كشف تقرير لمراقب الدولة العام عن أن كل مخططات الحكومات الإسرائيلية لرفع أعداد الطلاب من المتدينين المتزمتين الحريديم في الجامعات الإسرائيلية قد سجلت فشلا ذريعا، ولم يتحقق أي من الأهداف التي وضعتها الحكومة. ومن أهم أسباب هذا الفشل أن مدارس الحريديم ما تزال ترفض تطبيق المنهاج التعليمي الرسمي العصري، وتحظر دراسة مواضيع أساسية هامة، مثل الرياضيات، واللغة الإنكليزية، ومواد علمية.

ويضطر طلاب الحريديم، الذين يريدون استكمال دراستهم الجامعية، إلى تلقي دروس في معاهد أخرى، ولكن من يصل منهم إلى مقاعد معاهد التعليم العالي، بضع مئات سنويا، في الوقت الذين يسجلون فيه نسبة 25% من الشريحة العمرية الملائمة للجامعات. وقال تقرير مراقب الدولة إن 78% من الحريديم الذين يحصلون على اللقب الأول في السنوات الأخيرة هم من الإناث.

وهذا الفشل يأتي بموازاة فشل الحكومات، وخاصة حكومات بنيامين نتنياهو الأخيرة، في تطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية على شبان الحريديم، والأهم هو الفشل في دفع رجال الحريديم إلى سوق العمل. ففي حين ارتفعت نسبة الرجال المنخرطين في سوق العمل في العامين 2014 و2015، حينما تراجعت مخصصاتهم الاجتماعية بقرار حكومة نتنياهو، التي كان الحريديم خارجها، فإن نسبتهم اليوم هبطت عن 50% في سوق العمل، بعد أن أعادت حكومة نتنياهو الأخيرة لهم كل ما كانوا يحصلون عليه حتى العام 2013.

وتقول صحيفة "كالكاليست"، في تقرير لها، إن ظاهرة تراجع الذكور عن الرغبة في ضمان الشهادة الجامعية تعود لأسباب عديدة، منها أولئك الذين يفضلون دراسة مواضيع مهنية بمدة زمنية أقصر، كما أن نسبة من الشبان تكتسب مهنا خلال خدمتها العسكرية، وتتجه فور إنهاء خدمتها العسكرية إلى سوق العمل فورا.

ويقول عميد كلية التصميم والابتكار في كلية الإدارة الدكتور غين ساس إن هناك ظاهرة من الشباب الذين يفضلون دراسات الدبلوم التي ينهونها خلال عامين، وليس الحصول على شهادة جامعية تستغرق أربع سنوات وأكثر. ويضيف أن الشبان الذين يخدمون في وحدة جمع المعلومات والاستخبارات "8200" في الجيش يكونون قد اكتسبوا مهارات مهنية مطلوبة في سوق العمل، وهم يتجهون فور إنهاء خدمتهم العسكرية إلى أماكن عمل، تطلبهم وتفضلهم.

وتؤكد البروفسور ليلاخ ليف آري، المختصة بعلم الاجتماع في جامعة بار إيلان، أن الرجال أكثر جرأة على تغيير نمط الحياة، وخوض مغامرات في مجال الحياة، بقصد التنازل عن الدراسة الجامعية، في حين أن القلق يبقى يساور النساء، اللاتي يفضلن الدراسة الجامعية لضمان مستقبل مهني أفضل لهن. وأضافت أن "الشهادة فقدت سحرها لدى الشباب، الذين باتوا يعتقدون أنه يمكنهم كسب لقمة العيش من دون الحصول على درجة علمية".

مواضيع الدراسة

ومن حيث مواضيع الدراسة، يقول تقرير مكتب الإحصاء إنه في السنوات الأخيرة سُجل ارتفاع بنسبة 75% في أعداد الطلاب في اللقب الأول في الدراسات الجامعية، في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، علوم الحاسوب، نظم المعلومات، الإنترنت ونظم المعلومات الاجتماعية والإدارية، وهندسة الحاسوب.

ويبين التقرير أنه من حيث نسبة متعلمي المواضيع التكنولوجية والمتطورة، من إجمالي طلاب المعاهد العليا، في العام الدراسي 2017- 2018، احتلت إسرائيل المرتبة الخامسة بين دول OECD. بينما نسبة الطلاب الذين يدرسون العلوم الإنسانية في إسرائيل كانت 4ر9% وهي أقل من متوسط OECD، 5ر12%.

وقال تقرير مجلس التعليم العالي إن عدد الطلاب في موضوع علم الحاسوب ارتفع في المعاهد الإسرائيلية، من 2600 طالب في العام 2010، إلى 5600 طالب في العام الدراسي الماضي. كما زاد عدد طلاب الهندسة من 8600 في العام 2010، إلى 10400 طالب في العام الدراسي الماضي. بينما الزيادة في أعداد طلاب الهندسة والرياضيات شهدت ارتفاعا طفيفا في السنوات الأخيرة، ولكن لوحظ من الإحصائيات استمرار ابتعاد الطالبات عن موضوع الرياضيات.

وفي سياق متصل، قال مجلس التعليم العالي إن الميزانية العامة للتعليم العالي ارتفعت منذ العام 2010، وحتى العام الدراسي الجديد، بنسبة 71%، إذ كانت الميزانية في العام 2010 حوالي 7 مليارات شيكل (9ر1 مليار دولار)، وارتفعت إلى 8ر11 مليار شيكل في العام الدراسي الحالي الجديد (36ر3 مليار دولار). وهذا يعني حسب المجلس زيادة في ميزانيات البحث العلمي والتطوير، وهو مقياس مهم في التعليم العالي.

 

المصطلحات المستخدمة:

مراقب الدولة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات