المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يكتب تقرير ماحش عن قضية أم الحيران ما يلي، ونورد هنا صيغته حرفياً تقريباً:

كانت قضية أم الحيران إحدى القضايا المركزية التي أشغلت القسم (ماحش) في سنة العمل الأخيرة، وبذلت فيها موارد كثيرة من أجل التوصل إلى كشف الحقيقة وتحليل الجوانب المختلفة والمتنوعة للحدث.

 

وملخص الحدث كالتالي: في تاريخ 18-1-2017 في ساعات الصباح الباكرة وصلت قوات شرطة وبينها مقاتلو وحدة "متبا" للمساعدة في تطبيق قرار محكمة أمرت بإخلاء وهدم مواقع سكنية غير قانونية في قرية أم الحيران. خلال العمل، وحين تقدم المقاتلون نحو موقع السكن الخاص بالمرحوم يعقوب أبو القيعان الذي كان معداً للإخلاء والهدم، قاد يعقوب سيارته خارج بيته. وحين لم يستجب إلى دعوات عناصر شرطة له بالتوقف نفذ أحد الشرطيين إطلاق نار نحو عجلات السيارة بهدف وقفها. نتيجة لإطلاق النار هذا، بدأ إطلاق نار إضافي وفي أعقابه بدأت السيارة بزيادة سرعتها، في حين كان في مسار تحركها مقاتلو "متبا" إضافيون. في هذه المرحلة تم إجراء إطلاق نار كثيف نحو السيارة. في مواقع الحدث، صدمت السيارة التي قادها المرحوم مقاتلين ما أدى إلى موت الشرطي المرحوم إيرز ليفي وجرح شرطي إضافي. وبمحاذاة إصابة المقاتلين توقفت السيارة وهي تصطدم بسيارة شرطة. ومع وصول الشرطيين إلى السيارة وُجد أن المرحوم قد أصيب نتيجة لإطلاق النار الذي جرى نحوه. وتوفي المرحوم متأثرا بجراحه في موقع الحدث.

يتابع التقرير عما يصفه بتسلسل التحقيق كالتالي: صباح 18-1-2017 بدأ فحص الحدث من قبل الشرطة وبموازاته طلب ماحش تلقي كل مواد التحقيق لغرض إجراء فحص أولي. وخلال وقت قصير، وفقا لتعليمات المدعي العام للدولة توقفت الشرطة عن التحقيق وواصل ماحش الفحص من أجل تقصي الحدث بمختلف جوانبه، بما في ذلك مسألة وجود شبهة معقولة للقيام بمخالفة من قبل شرطي (ومبرر التحقيق مع شرطي أو أكثر تحت التحذير)، طابع الاستعداد لحملة الاخلاء، كيفية سلوك السائق المرحوم وصورة من الحدث ومجراه ومميّزاته، مسألة العلاج الطبي في المكان وغير ذلك. في إطار إجراء الفحص تم القيام بعمليات تحقيق كثيرة ومعمّقة من خلال استخدام وسائل خاصة، تعمّقٌ في تفاصيل التفاصيل والبحث الأقصى لكشف الحقيقة. وقد تم أخذ إفادات جميع الشرطيين الضالعين، الضباط في الموقع والمستويات العليا وكذلك أبناء عائلة يعقوب وشهود إضافيين كانوا في المكان، تم جمع تقارير من مختبرات الفحص الجنائي، تقرير الطب التشريحي (الشرعي)، جمع وتحليل أفلام مصوّرة من الحدث وشبكة الاتصالات (البوليسية) الداخلية، جمع معطيات من حاسوب السيارة وتفكيك وفحص عجلات سيارة يعقوب وكذلك تمت إعادة تمثيل وإجراءات قياسات في المكان بمساعدة ممثلين وبرفقة مصورين، تقرير خبير في التحقيق بحوادث الطرق وكذلك تقرير لأخصائيين من البلاد والخارج تتطرق إلى معطيات الحدث.

ويتابع التقرير أن الشاباك نقل هو الآخر إلى ماحش مختلف المعطيات، التقييمات والمعلومات ذات الصلة التي قام بجمعها في كل ما يتعلق بالحدث. "كل هذا من خلال تعاون قيمي وكامل"، كما يضيف.

وعن نقل وجهة نظر ماحش إلى نيابة الدولة يقول: بعد نصف سنة على الحادث تم استكمال إجراء الفحص ونقل ماحش وجهة نظره وتوصياته في جوانب الأمر المختلفة إلى نيابة الدولة. وعشية عيد العرش، وحتى قبل تلقي قرار المدعي العام للدولة، تنامى إلى علم ماحش أمر وجود وثيقة داخلية للشاباك تخص الحدث، والتي لم تكن معروفة بالمرة لماحش حتى ذلك التاريخ. وكشف الاطلاع على الوثيقة بأنها تعكس بالأساس معلومات تم نقلها في الماضي من الشاباك إلى ماحش. مع ذلك وجد في الوثيقة مؤشر لوجود دليل جديد يخص ما جرى في موقع الحدث، والذي لم يقدم لاطلاع القسم عليه، مما أوجب استكمالات قصيرة للتحقيق. بعد استكمال التحقيق حوّل ماحش إضافة محدثة إلى تقريره وحدّث توصياته وفقا للأدلة الجديدة التي تم جمعها في إطار استكمال التحقيق. في ختام الأبحاث التي جرت في مكتب المدعي العام للدولة، التي تناولت قضايا قانونية مختلفة إضافية، وبعد أن كتبت وثائق موقف قانونية مختلفة، يفترض أن يكون قريبا اتخاذ قرارات بالقضية.

النقاط المغيّبة والمهمة التي يتنصل ماحش من التوقف عندها

يختتم التقرير بالقول: إن هذه قضية ذات حساسية جماهيرية عالية جداً وهي مشحونة أيضا بتوتر العلاقات بين العرب واليهود و"علاقات الدولة والوسط البدوي"، وتتناول عائلتين فقدتا عزيزَيْن. هناك مجموعات واسعة من الجمهور تنتظر ما ستقوله المؤسسة في هذه القضية. وماحش لم يبخل في الأدوات وقام بكل ما في وسعه للتحقيق المكثف "الذي جرى بشفافية عالية" و"لم يترك حجرا على حجر" و"لم يقم بتقديم أية تنازلات"، وهذا من أجل تقديم أجوبة واضحة قدر المستطاع لعلامات السؤال المختلفة التي نشأت في هذا الحدث المأساوي. ومثلما في حالات حساسة واستثنائية أخرى كان الاهتمام الشعبي فيها كبيراً، فإن ماحش يشكل جهة موصية فقط، أما القرارات النهائية فيقدمها المدعي العام للدولة وأحيانا حتى بمشاركة المستشار القانوني للحكومة – هذا السطر الأخير يبدو أنه، كما قد يُستنتج، جاء للقيام بدور المبرر بأثر رجعي لما سوف يُكشف مستقبلا عن جديّة التحقيق!

ولكن في جميع الأحوال، يتجاهل التقرير الكثير من الحقائق والمحطات في معرض تقديمه لقصّة ما حدث في أم الحيران. وهو لا يكاشف الجمهور في تقريره بما أفادت به مصادر صحافيّة إسرائيليّة أواخر عام 2017، من أنّ ماحش أوصى بإغلاق ملف التحقيق بمقتل المربّي يعقوب أبو القيعان بنيران الشرطة الإسرائيليّة! مركز عدالة، الذي قدّم الشكوى لماحش باسم زوجة الشهيد، أكّد أنّ توصية ماحش بعدم تقديم المسؤولين عن جريمة القتل للمحاكمة هي مواصلة لسياسته التي توفّر غطاء الشرعيّة للعنف الدمويّ الذي تمارسه الشرطة الإسرائيليّة بحق المواطنين العرب. ورغم أنه من الواضح، ومنذ اليوم الأوّل، أن الشرطة قتلت أبو القيعان دون أي مبررٍ وبما يناقض تعليمات إطلاق النار، إلا أنّ ماحش يمارس دوره مجدداً في التستّر على الجرائم الخطيرة بحق المواطنين العرب. هذا دليل جديد على منهجيّة ماحش والشرطة الإسرائيليّة، كما شهدناها في أحداث أكتوبر 2000، وعدم تقديم أي شرطيّ إسرائيليّ للمحاكمة بهذه التهم.

كما أكد المركز أنّ "التحقيق استغرق وقتاً طويلاً وأُدير بشكلٍ معقّد. وكان من المتوقّع أن يجري التحقيق بشكلٍ أسرع وأكثر نجاعةً، وذلك لخطورة الحدث... ورغم توجّهاتنا المتكررة، ما زالت ماحش ترفض كشف تقرير الطب الشرعيّ لعائلة الشهيد، وتتجاهل جميع طلباتها لتلقّي أي معلومة حول مجريات التحقيق. الشرطة الإسرائيليّة ووزير الأمن الداخليّ يواصلان التمسّك بالأكاذيب التي صرّحوا بها يوم الحدث، ويواصلون الادعاء بأن الشهيد قصد دهس رجال الشرطة، وهي ادعاءات ثبت كذبها قطعاً بأشرطة الفيديو التي وثّقت الحدث".

 

المصطلحات المستخدمة:

المستشار القانوني للحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات