المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اعتبر موقع "ميداه" الإسرائيلي اليميني أن "اليمين لا يزال يخفق في المعركة لتحقيق الهيمنة الإعلامية في إسرائيل" وأكد أن بعض المعطيات التي نُشرت مؤخرا "تؤكد الفشل المتواصل الذي يمنى به ممثلو اليمين في المعركة من أجل فتح وسائل الإعلام الإسرائيلية أمام التنافس"، بينما "يواصل اليسار السيطرة على الإعلام"!

 

يأتي هذا الاستنتاج ضمن تعليق تحليلي كتبه موشيه إفرجان، أحد كتاب الموقع وعضو اللجنة المركزية في حزب الليكود، على خلفية معطيات نشرها الموقع نفسه، الأسبوع الماضي، عن معدلات الاستماع إلى البرامج الإذاعية التي تبثها إذاعة الجيش الإسرائيلي (غالي تساهَل)، وأفادت بأنّ برنامج الصحافي اليميني أريئيل سيغال يحظى بمعدلات استماع تزيد عن معدلات الاستماع إلى البرامج الإذاعية التي يقدمها ثلاثة من صحافيي اليسار المركزيين في هذه الإذاعة (هم، حسب الموقع: رازي بركائي، رينو تسرور وياعيل دان) "مجتمعة"!

ويذكّر الكاتب بمقال سابق كان قد نشره العام الماضي وادعى فيه بأن "الصراع على الهيمنة الإعلامية هو الصراع السياسي المركزي في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة" وبأن "اليسار مستعد لتكبد خسارة تكتيكية في مجالات عديدة، شريطة أن يواصل امتلاك هذه السيطرة الاستراتيجية". ولكن، يبدو أن اليمين لم يُمن بالفشل فقط "في هذا الصراع الذي تتوفر له فيه، بالذات، إمكانية حقيقية لتغيير الوضع لصالح منتخِبيه"، وإنما هو "يساعد اليسار على مواصلة هيمنته" أيضا.

يقول الكاتب إن "الشعور بهذا الفشل السياسي يتعزز حين نتذكر أن هذه معطيات عن الاستماع للإعلام الرقمي، بمعنى أن المستمعين أبدوا اهتماما خاصا بالبرامج واستمعوا إليها صدفة" ويعتبر إن "لهذه المعطيات دلالات دراماتيكية"، إذ تشير إلى "إقبال متعاظم على البرامج الإذاعية الإخبارية من وجهة نظر يمينية محافظة، بينما ليس ثمة عرض يلبي هذا الطلب ويوازيه"، وذلك لأن "السوق الإعلامية في إسرائيل تئن تحت وطأة منظومات وأنظمة إدارية متقادمة".

ولكن، خلافا لليمين الذي "أخفق في فهم الصورة الإعلامية"، كما يقول الكاتب، "فإن اليسار يفهمها بصورة جيدة جدا"، وهو ما يفسر ـ حسب رأيه ـ "خلفية الهجوم المستمر من جانب اليسار وممثليه الكثيرين جدا في وسائل الإعلام" على أريئيل سيغال، الصحافي اليميني "الذي يمثل، في منظورهم، مبعث الخوف والقلق الشديدين من فقدان الهيمنة في مملكتهم هذه".
لكن الكاتب لا يرى "فشل اليمين" في معطيات الاستماع إلى برامج إذاعة الجيش الإسرائيلي فقط، وإنما في "القناة 20" (قناة التلفزيون اليمينية) أيضا "حيث يمثل سيغال، من خلالها، تهديدا محتملا للهيمنة اليسارية السياسية على التلفزيون". ذلك أن هذه القناة "التي تقدم بديلا حقيقيا قادرا على منافسة القنوات المركزية" قد "أصبحت هدفا مركزيا للتنكيل من جانب الجهات الإدارية الرسمية وللسخرية من جانب الإعلاميين اليساريين الذين يحاولون، معا، القضاء على البديل الحقيقي وهو ما زال في المهد".

وسيطرة اليسار على سوق الإعلام ومعركته ضد أي تغيير محتمل يفسران، برأي الكاتب، ما يبدو أنه شذوذ وانحراف عن السائد: الإعلاميون يكررون العظات حول الإعلام الحر وحرية التعبير، لكنهم يمارسون العكس تماما في الواقع: يدفعون بما يسمونه "الإعلام الجماهيري" ويعمقون التدخل الإداري "على حساب الإعلام الحر ويدوسون أية حرية للتعبير تتعلق باليمين". ففي كل مرة يلوح فيها احتمال للتغيير من خلال ما يبدو أنه "مسّ" بقنوات ورجال الإعلام المحسوبين على اليسار "يسارع اليمين الساذج إلى الوقوف دفاعا عنهم"! أما حين يجري الحديث عن "قانون يسرائيل هيوم" أو تنكيل بالقناة 20، "يتجند اليسار كله ويدعم المسّ بهما".

ثم يتساءل الكاتب: "أين هي التبادلية؟ أين هو الوفاء لحرية التعبير وللحرية عامة؟"، ويجيب: "ليس لدى اليسار وليس لدى الأغبياء في اليمين"! فبينما "يفهم اليسار ساحة المعركة جيدا، يظهر اليمين في ذروة ضعفه في هذا المجال المركزي بالذات". ذلك أن "فتح سوق الإعلام أمام المنافسة وإعطاء الجمهور إمكانية اختيار المضامين التي يرغب فيها ويفضلها لا بد أن يؤديا إلى خلخلة الهيمنة اليسارية على الإعلام، ثم تلاشيها تلقائيا".

ويخلص الكاتب إلى القول إن اليمين في إسرائيل "يدفع ثمنا سياسيا باهظا طوال سنوات عديدة في مجال الإعلام ولا ينجح في ترجمة قدراته الكامنة وتوظيفها في تغيير الوضع السائد فيه"، مما يشكل "الإخفاق اليميني الأكبر في أيامنا هذه"!

 

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, يسرائيل هيوم

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات