المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تتواصل، هذه الأيام، على أعلى المستويات، اتصالات ومحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة كانت قد بدأت قبل بضعة أشهر حول المساعدات الأمنية ـ العسكرية الخاصة، الاستثنائية، التي ستقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل. و"الاستثنائية" تعني، هنا، مساعدات تأتي الآن زيادة على المساعدات الأمنية السنوية (الثابتة). وتبلغ قيمة هذه المساعدة الاستثنائية 1ر3 مليار دولار، علماً بأن بين إسرائيل والولايات المتحدة اتفاقية تقدم الأخيرة بموجبها "معونات" عسكرية ـ أمنية مختلفة بقيمة إجمالية تبلغ 30 مليار دولار. وينتهي مفعول هذه الاتفاقية في العام 2017، وهو ما دفع مسؤولي البلدين إلى الشروع في إجراء مباحثات بغية التوقيع على "مذكرة تفاهم" جديدة تشكل أساساً لاتفاقية جديدة سيتم التوقيع عليها بين البلدين.

ويتوقع المراقبون والمتابعون أن يتضمن الاتفاق الجديد زيادة كبيرة وجدية جدا، قد تصل إلى مئات ملايين الدولارات سنويا، في حجم "المساعدات الأمنية ـ العسكرية" الأميركية لإسرائيل "بسبب الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط"!

وتتمحور الاتصالات والمحادثات الجارية هذه الأيام حول موقف ورغبة كل من الدولتين ـ كما أفاد مراسل موقع "واينت" في واشنطن، أمس الاثنين: فبينما تريد الولايات المتحدة أن تكون مساعداتها الأمنية ـ العسكرية في الجانب الدفاعي، أساساً، تطالب إسرائيل بتزويدها بمعدات وتجهيزات هجومية "قادرة على ضرب إيران"!

ومن بين ما تشمله القائمة التي تطالب إسرائيل بالحصول عليها من الولايات المتحدة، الآن، المعدات والتجهيزات الهجومية التالية: سرب طائرات من طراز إف ـ 15، طائرات تزود بالوقود، طائرات هليكوبتر، طائرات "في – 22 أوسبري" (V-22 Osprey)، وهي الأولى التي تعمل بتقنية المراوح القابلة لتغيير الاتجاه، إذ تجمع بين القدرة على الإقلاع والهبوط العموديين، مثل طائرات الهليكوبتر، وسرعة التحليق العالية، وهما ما يميزان الطائرات ثابتة الجناح.

كما تشمل القائمة، أيضا: أسلحة وذخائر ذكية ومساعدة كبيرة للتزود بصواريخ من طراز "حيتس ـ 3" التي يؤمَل بقدرتها على إسقاط صواريخ بالستية خارج الغلاف الجوي، وغيرها من المعدات والتجهيزات العسكرية الأخرى التي تقول إسرائيل إنها بحاجة إليها "لضمان الحماية أمام تهديدات إيران وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتهديدات إقليمية أخرى"!

وقال موقع "واينت" إن قائمة المطالب الإسرائيلية هذه عُرضت خلال لقاءات بين "مسؤولين كبار" من كلتا الدولتين، ثم جرى بحثها أيضا خلال سلسلة لقاءات بين وزيريّ الدفاع في الدولتين، الإسرائيلي موشيه يعلون والأميركي أشتون كارتر، عقدت في واشنطن الأسبوع الماضي، وخصصت للبحث في "سبل تعزيز التفوق النوعي الإسرائيلي خلال السنوات القادمة"!

كما تم وضع قائمة المطالب الإسرائيلية هذه على طاولة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، للنظر فيها عشية الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن الأسبوع المقبل.

ونقل الموقع عن الوزير الأميركي، كارتر، قوله خلال زيارة يعلون إلى واشنطن الأسبوع الماضي، إن"إسرائيل ستكون الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ستحصل على طائرة "إف – 35" التي تعتبر طائرة المستقبل"! فيما يطلب الإسرائيليون، أيضا، تزويدهم بطائرات من طراز "إف – 15" التي تشمل جميع التحديثات والتقنيات التي تم تطويرها في الصناعات العسكرية الإسرائيلية وتعتبر "العمود الفقري في سلاح الجو"!
وكانت الولايات المتحدة قد صادقت، مؤخرا، على تزويد إسرائيل بطائرات "في – 22 أوسبري" المعدّة أساسا، بناء على مزاياها المذكورة أعلاه، لعمليات القوات الخاصة ولعمليات الانقاذ السريع في مناطق قاسية ومعقدة الظروف، كما تمتلك (هذه الطائرات) القدرة على الوصول إلى إيران!

وفي السياق، نُقل أن السفير دنيس روس والجنرال ديفيد بتريوس كانا قد اقترحا، مؤخرا، أن تقوم الإدارة الأميركية بمنح إسرائيل قنابل خارقة للتحصينات انتهت الولايات المتحدة من تطويرها، تصميمها وإنتاجها في الفترة الأخيرة وتمتلك القدرة على اختراق المفاعلات النووية في إيران وتدميرها، "غير أن الإدارة الأميركية لا تضع هذا الأمر على جدول أعمالها الآن"، كما أضاف موقع "واينت"، بل هي معنية، أساسا، "بمساعدة إسرائيل بتجهيزات دفاعية لحمايتها، وصاروخ "حيتس ـ 3" هو عامل مركزي في إغلاق سماء الدولة (الإسرائيلية)".

"الخيار العسكري ضد إيران يبقى مطروحا"!

من جهته، أوضح وزير الدفاع الأميركي، أشتون كارتر، أنه تم خلال لقاءاته مع نظيره الإسرائيلي، موشيه يعلون، "بحث سبل إضافية أخرى لتوسيع وتعميق التعاون بين البلدين، بما في ذلك في مجال الحرب الإلكترونية (وحرب الانترنت) وتقنيات الأسلحة الأكثر تطورا وتقدما"! وأكد كارتر أن "العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليست باتجاه واحد فقط، إذ تمتلك إسرائيل قدرات فوق العادة في مجال الحرب الإلكترونية والتقنيات".

وخلال اللقاءات الأخيرة بين مسؤولين كبار من كلا البلدين، "بُذلت محولات وجهود كبيرة لوضع حد للخلافات العلنية بين الدولتين في كل ما يتعلق بمسألة المشروع النووي الإيراني"، كما قال مراسل "واينت"، من خلال التأكيد على أن "الأميركيين مقتنعون ومصرون على أن الاتفاق النووي مع إيران هو اتفاق جيد، رغم أنه لا يحل مشاكل وتهديدات لا تزال إيران تضعها وتمثلها"! لكنّ "كارتر أطلع يعلون على أوامر الرئيس أوباما بضمان الإبقاء على الخيار العسكري ماثلا ومتاحا في حال أقدمت إيران على خرق الاتفاق"!

وفي معرض تبرير "الحاجة إلى المساعدات الأمنية ـ العسكرية الاستثنائية التي ستقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل"، قال كارتر إن "الشرق الأوسط يمرّ بتغيرات وتحولات دراماتيكية وبأزمة متراكمة منذ أجيال تشكل تهديدا على إسرائيل من كل الاتجاهات"! مضيفا أن "الوضع الإقليمي الراهن يعرّض إسرائيل لتهديدات ومخاطر يومية، سواء على الدولة كلها أو على اقتصادها أو على النظام الديمقراطي فيها. وفي هذا، نحن سنبقى واقفين إلى جانب إسرائيل، كما فعلنا منذ إقامتها وعلى الدوام"! وأوضح كارتر أن "إسرائيل هي حجر الزاوية في استراتيجيتنا في الشرق الأوسط وحياله، ولذا فإن أمنها يمثل أفضلية عليا بالنسبة لأميركا، للجيش الأميركي، للرئيس أوباما ولي شخصيا"!

إسرائيل تستعد لهذا منذ زمن!

ويبدو أن إسرائيل كانت قد أجرت استعدادات مسبقة لهذه المحادثات الجارية هذه الأيام، استئنافا واستكمالا لمحادثات كانت قد بدأت قبل بضعة أشهر، وهو ما كانت إسرائيل ألمحت إليه في شهر تموز الأخير، على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، بالقول إن الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي "يضعها أمام أخطار وتحديات جدية جديدة" لا بد وأن تحتاج، حياله، إلى ما يمكّنها من التصدي لأي خطر قد ينشأ عن هذا الاتفاق.

وفي محاولة لممارسة الضغط على الولايات المتحدة آنذاك، قرر نتنياهو، عشية التوقيع على الاتفاق النووي، تعليق هذه المحادثات كي لا يوافق الكونغرس الأميركي على الاتفاق، في الوقت الذي رأى فيه وزير الدفاع، يعلون، أن "تصديق الكونغرس على الاتفاق أمر مفروغ منه" وأنه "يجب البحث في بدائل أخرى" واصفا تعليق / تأجيل المحادثات بأنه "فرصة لتقييم تداعيات هذا الاتفاق"! وقال يعلون، للقناة القانية في التلفزيون الإسرائيلي آنذاك: "نحن نتحدث عن مساعدات عسكرية أميركية لإسرائيل... من الواضح أن الوضع هنا تغير وينبغي دراسته من جديد"!

ونبّه يعلون إلى أن "المكاسب الاقتصادية التي ستحققها طهران من رفع العقوبات الغربية قد تؤدي إلى تعزيز قوة المسلحين المدعومين من إيران في لبنان والأراضي الفلسطينية. وقد يقود هذا أيضا إلى سباق تسلح مع دول عربية ليست صديقة لإسرائيل"، مشيرا إلى "ضرورة المحافظة على تفوق إسرائيل العسكري" في الشرق الأوسط وقال: "في نهاية المطاف، سيتعين علينا بالطبع أن نذهب لإجراء محادثات حول الحلول الوسط من أجل الحفاظ على التفوق النوعي."

وكانت وكالة "رويترز" قد أفادت، في حينه (تموز الأخير)، نقلا عن مسؤولين رسميين، إسرائيليين وأميركيين، بأنه قبل أن يعلق نتنياهو المحادثات، كان الجانبان "على وشك إتمام اتفاق بشأن حزمة جديدة من المنح تبدأ في العام 2017 بقيمة تتراوح بين 6ر3 و 7ر3 مليار دولار. وأضاف هؤلاء أن "هذا الرقم سيزيد على الأرجح، مع استئناف المحادثات"!

المصطلحات المستخدمة:

موشيه يعلون, باراك, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات