منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر، 2023، دخلت إسرائيل في واحدة من أكثر مراحلها دموية واضطراباً، معلنةً أن هذه الحرب ليست مجرّد جولة مواجهة عسكرية، أو حرباً تُشبه سابقاتها، بل صنّفتها كـ "حرب وجودية تهددّها على جبهات مختلفة". إن ما ميّز هذه الحرب هو عدم اقتصارها على فصائل المقاومة في قطاع غزة، حيث امتدّ نطاقها ليشمل جبهات متعدّدة، اعتبرتها إسرائيل حرباً على 7 جبهات في الوقت ذاته من غزة وهي ساحة الحرب الأساسية، وحزب الله في الشمال، إلى الحوثيين في اليمن، مروراً بفصائل المقاومة في العراق، وبعض التنظيمات المدعومة من إيران في سورية، وصولاً إلى المواجهة المفتوحة مع إيران نفسها في أكثر من مرة، وهو ما أكسب هذه الحرب أهمية من الناحية الإسرائيلية على المدى البعيد، على الرغم من كل الاعتبارات المحيطة بالحرب منذ بدايتها.
مع استمرار الحرب وإفشال إسرائيل لكل مقترحات اتفاقات وقف إطلاق النار منذ بداية الحرب، ومع استمرار حالة الانقسام الداخلي التي بدأت تتعقّد أكثر في ضوء غياب أفق سياسي واضح لها، تصدر العديد من المؤسسات البحثية الإسرائيلية نشرات دورية عن الخسائر الاقتصادية والبشرية الثقيلة والمتراكمة لهذه الحرب التي تختلف عن سابقاتها من حيث اتساع رقعتها ومدّتها الزمنية غير المسبوقة. هذه المساهمة، تستعرض أبرز المعطيات المحدّثة التي توردها الجهات الإسرائيلية حول الخسائر البشرية الإسرائيلية في الحرب على الجبهات المختلفة، مع أهمية الإشارة إلى أنه ينبغي التعاطي بحذر شديد مع هذه المعطيات، حيث أثبتت حروب سابقة أن معطيات الخسائر الحقيقة يتم الكشف عنها بعد سنوات طويلة من انتهاء الحروب ضمن تصوّر إسرائيلي ممنهج في هذا الصدد.
إننا نفتح هذه الحصيلة الصادرة من داخل إسرائيل نفسها، لرصد ما تكشفه الأرقام والبيانات من دلالات حول مأزق استراتيجي متفاقم، تحاول إسرائيل احتواءه عبر القوة، وسط مشهد إقليمي بات أكثر اضطراباً وأقل قابلية للعودة إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر.
معطيات الحرب الأساسية:
- الحرب على قطاع غزة:بلغ عدد القتلى الإسرائيليين 1876 من بينهم 858 عسكرياً، إلى جانب 24.995 مصاباً. في ما بلغ عدد المهجّرين من منطقة غلاف غزة 143 ألفاً. أُطلق من القطاع أكثر من 13500 صاروخ وقذيفة منذ 7 أكتوبر. في المقابل، تُشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف أكثر من 46 ألفاً في القطاع.
- الحرب على حزب الله: بلغ عدد القتلى الإسرائيليين في المواجهة مع حزب الله 133 قتيلاً منهم 85 عسكرياً، بالإضافة إلى إخلاء 43 بلدة ومستوطنة على الحدود الشمالية، وقد عاد من بين العدد الرسمي للمهجّرين وهو 68.500[1] قرابة 42 ألف فقط (طوعي). أُطلق من جنوب لبنان وسورية قرابة 22 ألف صاروخ وقذيفة، جدير بالذكر أن هذه المعطيات حتى نهاية شهر أيار المنصرم.
- الحرب على الضفة الغربية بما يشمل القدس: بلغ عدد القتلى الإسرائيليين في هذه الجبهة 65 قتيلاً و484 مصاباً، ونفّذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 15.640 حالة اعتقال حتى نهاية أيار المنصرم. بحسب المعطيات الإسرائيلية، فقد تم تسجيل أكثر من 8670 عملية/ هجوم منذ بداية الحرب نفذّه فلسطينيون في هذه الجبهة. من ناحية أخرى، تم تسجيل أكثر من 2848 حادثة اعتداء إرهابية نفّذها المستوطنون بحق الفلسطينيين حتى بداية أيار الماضي.
- المواجهة مع إيران: جاءت حصيلة الاستهداف الإيراني لإسرائيل على النحو التالي: 321 صاروخاً باليستياً أُطلقت في اتجاه إسرائيل، 30 صاروخ كروز و120 مسيّرة (طائرة بدون طيار) في هجومي 14 نيسان والأول من تشرين الأول 2024. أسفر الاستهداف الإيراني عن مقتل إسرائيلي واحد، وجرح 34 آخرين.
- المواجهة مع فصائل المقاومة في العراق: أطلقت فصائل المقاومة العراقية أكثر من 300 إطلاق (غالبيتها مسيّرات) في اتجاه إسرائيل منذ بداية الحرب، وأسفرت المواجهة عن مقتل جنديين إسرائيليين يوم 4 تشرين الأول 2024.
- الحرب على اليمن (جماعة أنصار الله الحوثي):تُشير المعطيات إلى أن جماعة أنصار الله الحوثي أطلقت منذ بداية الحرب ما يقارب 400 صاروخ ومسيّرة، بالإضافة إلى تسجيل أكثر من 500 هجوم بحري.
معطيات أخرى حول الحرب:
- حتى يوم 22.05.2025، تم تفعيل صافرات الإنذار في أكثر من 1348 بلدة ومدينة كان أبرزها: "كريات شمونة"، "أشكلون"، "مرغليوت"، "مسغاف عام"، "المطلة"، "كفار جلعادي"، "تل حاي"، "شلومي"، "منورا" و"بيت هيلل" وهي تعتبر أكثر مناطق تعرّضت إلى الاستهداف على التوالي.
- أما بالنسبة لقضية الأسرى والمحتجزين، فجاءت المعطيات حتى تاريخ 28.05.2025 على النحو التالي: 255 تم اختطافهم يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 (9% عسكريين و91% مدنيين)، تمت استعادة 197 منهم من خلال صفقات تبادل أو عمليات تخليص عسكرية، وتبقّى منهم 58 في الأسر حتى هذا التاريخ (منهم 35 أسيراً تم الإعلان عن مقتلهم بشكل رسمي).
- بلغت المساعدات العسكرية الأميركية إلى إسرائيل منذ بداية الحرب وحتى يوم 26.05.2025 قرابة 14 مليار دولار.
[1] يشمل فقط من تم إجلاؤهم بقرار رسمي حيث أن هناك عشرات الآلاف نزحوا بشكل طوعي.