المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قدّم مراقب الدولة الإسرائيلية ومفوض شكاوى الجمهور، يوم 19 كانون الأول الجاري، تقريراً خاصاً إلى الكنيست "بخصوص الأسابيع الستة الأولى للحرب" على غزة. ويستعرض التقرير مجمل الفعاليات التي قامت بها مفوضية شكاوى الجمهور خلال فترة التقرير ويصف التوجهات المتعلقة بحالة الطوارئ التي وصلت إلى المفوضية والعلاج المفصّل الذي قدمته المفوضية حيال عدد من الشكاوى.

يقول معدّو التقرير إنه يهدف إلى "تسليط الضوء على الفجوات التي ظهرت في الخدمات والردود التي تقدمها مؤسسات الدولة، كما ظهرت في توجهات الجمهور للمفوضية عبر "الخط الدافئ" ومن خلال اللقاءات مع النازحين في مختلف مرافق الضيافة في أنحاء البلاد."

بالإضافة إلى ذلك، يتابع التقرير، فهو "يستعرض الحلول التي قدمها موظفو وموظفات المفوضية إلى جمهور المتوجهين والأساليب التي تم استخدامها لتقديم المساعدة والعون لاجتياز هذه الفترة الصعبة بأفضل طريقة ممكنة".

عدد الذين تركوا منازلهم يفوق العدد الذي قررته الحكومة

يبدأ التقرير من الأمر الذي أصدرته الحكومة بإخلاء نحو 126.000 ألف مواطن من "البلدات في الجبهتين الجنوبية والشمالية"، للإقامة في فنادق ومنشآت ضيافة في أنحاء البلاد "على خلفية الوضع الأمني والخوف على أمن وسلامة سكان البلدات في غلاف غزة وبالقرب من الجدار الأمني في الشمال". لكن هذا الرقم ليس نهائياً، فوفقاً لـ "المحادثات التي أجراها مراقب الدولة ومفوض شكاوى الجمهور مع المسؤولين الميدانيين، تبين أن هنالك 130.000 ساكن من البلدات التي لم يتم إخلاؤها بقرار حكومي قرروا مغادرة منازلهم بشكل طوعي والإقامة في مرافق ضيافة وذلك بسبب الصواريخ التي يطلقها حزب الله وحماس".

إخلاء ونزوح مئات الآلاف من السكان من بيوتهم، وتجنيد مئات آلاف جنود الاحتياط للخدمة العسكرية، "هي تطورات خلقت واقعاً جديداً تطلب من الوزارات ومن سلطات الدولة المختلفة توفير ردود عديدة في مختلف المجالات للتعامل مع هذه التحديات."

ويتابع المراقب: "بعد يومين من الهجمة يوم 7.10.23، بادر مراقب الدولة ومفوض شكاوى الجمهور إلى سلسلة جولات ميدانية مُكثفة. الجولات التي رافقه فيها مندوبو مفوضية شكاوى الجمهور تمحورت في بلدات خط المواجهة في جنوب البلاد وشمالها وفي البلدات التي استقبلت السكان الذين تم إخلاؤهم من بيوتهم. تمت الجولات في السلطات المحلية، في المستشفيات وفي الفنادق التي يُقيم فيها السكان وكان هدفها الاطلاع عن قُرب على الفجوات والنواقص في معالجة المؤسسات الحكومية لاحتياجات الجبهة المدنية وفي توفير الرد لسكان دولة إسرائيل في حالة الطوارئ الحالية".

وهو يوجه المسؤولية نحو مختلف مؤسسات الحكم فيذكر كيف "قام مكتب مراقب الدولة ومفوض شكاوى الجمهور على الفور بإعلام المؤسسات ذات العلاقة عن النواقص والفجوات القائمة لكي تقوم الأخيرة بمعالجتها بأسرع وقت. في يوم 13.11.2023 أرسل مراقب الدولة ومفوض شكاوى الجمهور رسالة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أعلماه من خلالها بالإخفاقات والفجوات المركزية المتعلقة بالتعامل مع الجبهة المدنية التي شهداها في جولاتهما المتعددة والتي تظهر أيضا من خلال الشكاوى التي تصل إلى مفوضية شكاوى الجمهور". ويضيف: "لقد طرحت المفوضية على المؤسسات المختلفة الإشكاليات التي انعكست في الشكاوى والفجوات التي تظهر منها. وبهذا وضعت المفوضية مرآة أمام الهيئات العامة لحثها على العمل من أجل تصليح هذه العيوب ولتقليص الفجوات." ولكن "على الرغم من تحرك السلطات في مرحلة لاحقة من أجل مد يد العون للنازحين وتقديم المساعدة التي يحتاجونها، إلا أن هذا الأمر أكد على الفشل في أداء سلطات الحكم في بداية الحرب، وهو ما لم يكن متوقعاً منهم"، كما جاء بكلمات المراقب.

وهو يجزم بأن "حكومة إسرائيل قد فشلت في الاهتمام بالجبهة الداخلية، في الأسابيع الأولى من حرب السيوف الحديدية. ولم يكن هناك أي مبرر لذلك. عدم تنفيذ برنامج المساعدة الاقتصادية للجمهور في بداية العملية، ومع إخلاء السكان من منازلهم، خلق وضعاً أصبح فيه مئات الآلاف من المواطنين من السكان المحتاجين، وفتحت لجنة شكاوى الجمهور في مكتب مراقب الدولة خطاً ساخناً على الفور ووصلت إلى مواقع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من أجل تقديم المساعدة لمن وقعوا "بين كراسي" الوزارات الحكومية والجهات المختلفة. ويجب على الوزراء والوزارات استخلاص العبر من شكاوى الجمهور والعمل على تحسين الخدمة لمواطني البلاد على وجه الخصوص خلال هذه الحالة الطارئة".

برنامج المساعدة الاقتصادية للجمهور تأخر تنفيذه فترة طويلة

وفقاً للمعطيات: ورد خلال الأيام الـ 43 الأولى من الحرب، 1329 توجهاً يتعلق بحالة الطوارئ على الخط الساخن المذكور. الوزارات الحكومية ومؤسسات الدولة التي تلقت أكبر عدد من الطلبات هي قيادة الجبهة الداخلية، مؤسسة التأمين الوطني، وزارة العمل، مصلحة الضرائب ووزارة الأمن الداخلي. والقاسم المشترك للطلبات الواردة يكمن في صعوبة حصول السكان على الخدمة من سلطات الدولة، وفي الأمور المرتبطة مباشرة بحالة الحرب، مثل توفير الحماية ونشاط المؤسسات التعليمية واستحقاق المنح الخاصة وعلاج الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. أما الموضوع الذي تم تلقي أكبر عدد من الاستفسارات عنه، فهو موضوع الخدمة العامة. بعد ذلك، تم تلقي عدد كبير من طلبات التعويضات والمنح والتعليم والدفاع عن المنازل والإخلاء وعلاج الأشخاص الذين تم إجلاؤهم وغيرها.

يشير التقرير إلى أن مفوضية شكاوى الجمهور "ركزّت جهودها في تقديم المساعدة السريعة والفعّالة للنازحين الذين قدموا لها شكاوى تتعلق بحالة الطوارئ، وفرت معلومات صحيحة ومُحدّثة حول الحقوق المُستحقة لهم بسبب الحرب، وعملت كوسيط بين المواطن وبين سلطات الحكم، وأصغى موظفوها وموظفاتها للمواطنين الذي يعيشون ظروفاً صعبة. خلال الاتصالات العديدة التي أجراها طاقم موظفي المفوضية مع الجمهور في الأسابيع الستة الأولى للحرب، برزت قضايا كثيرة تطلبت من الهيئات العامة علاجاً وتعاملاً فوريين. المشاكل التي عرضها المتوجهون للمفوضية شملت مشكلة عدم القدرة على التواصل مع المؤسسات العامة ومع مراكز الخدمات التابعة لها في الأيام الأولى للحرب؛ حالة الضبابية المتعلقة بحقوق المتضررين من حالة الطوارئ؛ وعجز بعض النازحين عن استنفاد حقوقهم بسبب تدني مهاراتهم الرقمية (المتعلقة بالحاسوب والإنترنت)، الأمر الذي منعهم من الحصول على حقوقهم عبر الانترنت".

لكن، على الرغم من دخول مفوضية شكاوى الجمهور للقيام بدور الوساطة هذا بين مقدمي الشكاوى وبين السلطات الرسمية، فإن "تنفيذ برنامج المساعدة الاقتصادية للجمهور تأخر لفترة طويلة، وكان هذا فشلا أساسيا. وهذا ينطبق بشكل أكبر على سكان الجنوب والشمال من القطاع الخاص، بمن في ذلك العاملون لحسابهم الخاص، الذين وصفوا لمراقب الدولة واقع حياتهم في ظل ظروف من عدم اليقين: فهم يعانون من نقص في الدخل، ومن ناحية أخرى، فهم ملزمون بدفع نفقات مثل دفع أجور الموظفين، والمدفوعات للموردين ودفع أقساط الائتمان للبنوك. أدى عدم تنفيذ برنامج المساعدة الاقتصادية للجمهور في بداية العملية، إلى جانب إجلاء السكان من منازلهم، إلى خلق وضع تحوّل فيه مئات الآلاف من المواطنين إلى محتاجين".

​علاوة على ذلك، يتابع التقرير توجيه النقد للحكومة ووزاراتها ومؤسساتها، فإنه "لا يتم تقديم أي معلومات للجمهور بطريقة منظمة فيما يتعلق بجميع إجراءات الحكومة لرعاية ودعم الجبهة الداخلية. التحدي الفريد المتمثل في إجلاء مئات الآلاف من الأشخاص من منازلهم، وعدم اليقين بشأن حالة الحرب وصياغة برامج المساعدة المختلفة - كل هذه الأمور زادت من الحاجة الفورية إلى تعيين "متحدث مدني" - وهو عامل دائم يقدم المعلومات بشكل يومي وإطلاع الجمهور على إجراءات الحكومة في الجوانب المدنية، وخاصة فيما يتعلق بالمساعدات في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية".

وفي إشارة إلى عدم تنظيم مثل هذه الوظيفة من قبل الحكومة يقول التقرير إنه "نظرا لميزتها ومكانتها، أخذت مفوضية شكاوى الجمهور في مكتب مراقب الدولة على عاتقها مهمة توفير المعلومات لأي شخص في ضائقة بسبب حالة الطوارئ والتي سيتم استخدامها لممارسة حقوقه، هذا بالإضافة إلى التحقيق في الشكاوى على الهيئات العامة".

الفوارق في مستوى الملاجئ على مستوى الخلفية الاجتماعية والاقتصادية للسكان

على الرغم من مرور وقت طويل، فما زال هناك نقص يتمثل بانعدام وجود "هيئة إدارية تتولى تنسيق أنشطة الوزارات الحكومية في الميدان والتنسيق فيما بينها". ويورد التقرير مثالا: في الفنادق التي تؤوي الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، لا توجد جهة حكومية واحدة تقوم بتجميع المعلومات بشكل مركزي عن جميع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم والمقيمين في كل فندق واحتياجاتهم المختلفة. كما تبين أكثر من مرة أن ممثلي مكتب رئيس الحكومة أو المسؤولين الحكوميين الآخرين الموجودين في الفنادق، ليست لديهم الموارد المتاحة للتعامل مع القضايا الناشئة في المنطقة. ووفقا لممثلي الوزارات الحكومية، يتم حل هذه القضايا في بعض الأحيان على أساس المعرفة الشخصية مع مسؤول من وزارة حكومية أو بعد تقديم طلب إلى مكتب المساعدة المدنية الذي يديره متطوعون.

في ما يتعلق بالحماية، يقول التقرير إنه في الجولات التي قام بها المكتب، برزت الفوارق في مستوى الملاجئ في البلدات الواقعة على طول خطوط المواجهة في الجنوب والشمال، وخاصة في الأحياء ذات الخلفية الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة للسكان والأحياء القديمة. وتزايدت أهمية معالجة الفجوات في الحماية والمأوى في البلدات التي لم يتم إخلاؤها. وتطرق المزارعون وأصحاب المزارع إلى فجوات حماية أخرى، حيث أشاروا إلى ضرورة وضع حمايات في المناطق الزراعية وبالقرب من مراكز تعبئة المنتجات الزراعية والحظائر والأقنان، من أجل استمرار النشاط الزراعي. بالإضافة إلى ذلك، يتابع التقرير، "تبين أن هناك فجوات في الحماية في المؤسسات التعليمية في البلدات الجنوبية والشمالية، بما في ذلك في المؤسسات التعليمية غير الرسمية المعترف بها (والتي تخدم بشكل رئيس السكان الحريديم)، وكذلك في المؤسسات التعليمية في المركز وتتطلب هذه النتائج صياغة خطة حماية تعتمد على رسم خرائط حديثة للثغرات، وتوفير استجابة مرنة فيما يتعلق بموضوع الدراسة في المباني البديلة وتعزيز سد ثغرات الحماية من أجل العودة السليمة إلى الدراسة".

يذكّر المراقب أنه في شهر آب 2020 نشر تقريرا حول "الاستعداد للدفاع عن البلاد ضد تهديد الصواريخ والقذائف الصاروخية". وكان الوضع المشار إليه في هذا التقرير هو أن "حوالي 28% من سكان البلاد ليست لديهم حماية بالقرب من منازلهم، ولم تتم تسوية الصلاحيات والمسؤولية بين وزارة الدفاع ووزارة الأمن الداخلي بعد...". كما لم يتم حتى الآن وضع خطة متعددة السنوات للأعوام 2019 - 2030 بشأن "الدفاع عن الجبهة الداخلية التي قررها المجلس الوزاري السياسي الأمني. وقد أوصى التقرير، من بين أمور أخرى، بالانتهاء من صياغة خطة لحماية الجبهة الداخلية بتكلفة إجمالية قدرها 5 مليارات شيكل، وأن تقوم وزارة الداخلية وقيادة الجبهة الداخلية بتشجيع السلطات المحلية على أداء دورها فيما يتعلق بإنفاذ القانون بشأن موضوع الملاجئ".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات