المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تناول تقرير جديد لرقابة الدولة السلطات المحلية في إسرائيل للعام 2023 "مجموعة من القضايا التي تقع في صميم عمل السلطات المحلية" كما عرّفها، متابعاً أن السلطات المحلية في إسرائيل تتولى "مسؤولية توفير الخدمات الحكومية والمحلية لسكانها، والاعتناء برفاهيتهم وتلبية احتياجاتهم اليومية. السلطات المحلية مسؤولة أيضا عن كل من البنية التحتية الفعلية - تعبيد الطرق المحلية، وبناء وتخطيط المدن، وأنظمة الصرف الصحي، وتصريف مياه المجاري، والبنية التحتية الاجتماعية - الخدمات الاجتماعية، والخدمات التعليمية، والثقافية والرياضية. تتمتع السلطة المحلية بقدر كبير من الاستقلالية في اتخاذ القرارات الواقعة ضمن نطاق مسؤولياتها، في كل ما يتعلق بطرق ووسائل ممارسة هذه المسؤوليات والموارد اللازمة لأجل ذلك وكذلك بتحديد أولويات الإجراءات في هذه المجالات. فضلاً عن ذلك تعمل السلطة المحلية كوصي عام في جميع أنشطتها، وبالتالي فهي ملزمة بممارسة صلاحيتها وفقاً لأحكام القانون".

فشل مستمر على مدى سنين طويلة لخطط الإنعاش

يتوقف مراقب الدولة عند ما يُعرف بـ "خطط الإنعاش" التي تهدف "إلى التوصل إلى حل شامل لعجز السلطة المحلية، بحيث يكون من الممكن، من بين أمور أخرى، تقديم الخدمات البلدية بطريقة منصفة وفعالة لجميع سكان السلطة". فبين عاميْ 2011 و2020، عملت 71 سلطة محلية في إطار خطة إنعاش. لكن يتبين من عملية المراقبة أن السلطات المحلية الأربع التي تم فحصها وهي بستان المرج، بيت أرييه، جسر الزرقاء، وساجور - لم تستوفِ 84 من 186 من المتطلبات المحددة لها في إطار خطط الإنعاش الـ 13، ولذلك لم تحصل على قروض ومنح. ونتيجة لذلك، فشلت السلطات في الوصول إلى موازنة سنوية في الميزانية العادية، واستمرت في إدارة العجز المتراكم، على الرغم من المنح التي قُدمت لها بمبلغ 62.9 مليون شيكل جديد إجمالاً وعلى الرغم من القروض الممنوحة لها بمبلغ 42.2 مليون شيكل جديد. من هنا، يخلص التقرير إلى أن "الآلية التي اعتمدتها وزارة الداخلية لإنعاش تلك السلطات وتحسين أدائها ليست فعالة بما فيه الكفاية. ويؤكد الفشل المستمر على مدى سنين طويلة لخطط الإنعاش الحاجة إلى فحص جوهري لشكلها الحالي. يجب على السلطات المحلية زيادة معدلات التحصيل المنخفضة لضرائب البلدية"، ويوصي "وزارة الداخلية بالقيام بعملية تعلم واستخلاص العبر ودراسة الخطوات والتدابير الإضافية التي ينبغي اتخاذها لمساعدة السلطات المحلية وسكانها. كما يوصى بالنظر في إمكانية تغيير شكل خطط الإنعاش للسلطات، خاصة على ضوء مسؤولية وزارة الداخلية وصلاحياتها، حتى تحقق هذه السلطات الاستقلال المالي والإداري".

الحكومة تعلم بالقصور في الضرائب البلدية ولم تنفذ توصيات

ضريبة البلدية (الأرنونا) هي الضريبة الرئيسية التي تقوم السلطات المحلية في إسرائيل بتحصيلها، وهي المصدر الرئيس لتمويل نفقات أداء وظائفها ولتقديم الخدمات الحكومية والمحلية لسكانها. ووفقاً للتقرير، تبين أن السلطات المحلية في العام 2020، فرضت على مالكي العقارات الواقعة ضمن نطاق نفوذها ضرائب بلدية بحوالي 34.6 مليار شيكل، لكن تم تحصيل مبلغ 24.2 مليار شيكل منها تقريباً، وهو ما يمثل حوالي 60% من دخلها الذاتي.

ويضيف أن رصيد المدينين بضريبة البلدية لدى السلطات المحلية في نهاية العام 2020 بلغ  31.7 مليار شيكل. وتم الكشف عن أوجه قصور في مجالات تنظيم ضريبة البلدية، والأوامر المتعلقة بضريبة البلدية وفرضها، وطريقة قياس مناطق الأصول وفرض الرسوم عليها، وتقديم طلبات الموافقة الاستثنائية على التغييرات في ضريبة البلدية ومعالجتها، وتحصيل ضريبة البلدية والتعامل مع الديون وتوفير الحسومات. وتشير نتائج عملية المراقبة إلى أن مجال ضريبة البلدية يتطلب التنظيم أيضاً بسبب تعدد التصنيفات والمعدلات وطرق القياس، ويتميز بعدم التجانس وبعدم المساواة. ويؤكد أن وزارتي الداخلية والمالية كانتا على علم بأوجه القصور والتشوهات التي تميز نظام ضريبة البلدية في السلطات المحلية، حيث وعلى مر السنين، تم تشكيل لجان مشتركة للوزارات لتصحيحها، ولكن لم يتم تنفيذ توصيات اللجان.

ووجد المراقب أوجه قصور فيما يتعلق بنطاق وجودة الخدمة عبر الإنترنت والخدمة الهاتفية والخدمة الوجاهية التي تقدمها السلطات لسكانها في مجال ضريبة البلدية، والمعلومات التي تنشرها للسكان حول حقوقهم وواجباتهم فيها، سواء عبر الوسائط الرقمية أو من خلال البلاغات الموزعة عن طريق البريد. على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية والتي تم فحصها لتشجيع الانتقال من قسائم الدفع الموزعة بالبريد إلى قسائم الدفع الرقمية، فإن معظم دافعي الضرائب ما زالوا يتلقون بلاغات دفع ضريبة البلدية عن طريق البريد.

مكامن خلل في مجال صيانة وسلامة المؤسسات التعليمية

كشف التقرير أوجه قصور مختلفة في مجال صيانة وسلامة المؤسسات التعليمية، بما يشمل التسريبات والرطوبة، والمراحيض المهملة، ومكيفات الهواء غير الصالحة، وأعطال الكهرباء والإنارة، ونقص مناطق التظليل، والطاولات والكراسي القديمة، ونقص مساحات التعلم. كما تم العثور على أوجه قصور متعلقة بالسلامة في المدارس، بما يشمل أوجه القصور المتكررة في السلامة في الاختبارات السنوية، وعدم الحرص على إجراء عمليات التفتيش الدورية بأكملها وحسب التكرار اللازم للمباني والمرافق، فضلاً عن أوجه القصور المتواصلة في التوصيل الكهربائي، وطرق الوصول إلى المدارس، والسلامة في المختبرات.

وبناء عليه، يوصي مكتب المراقب الدولة بأن تقوم السلطات المحلية بتحسين وزيادة أنشطتها فيما يتعلق بصيانة المؤسسات التعليمية ومعالجتها لتنظيم مخاطر السلامة، من أجل ضمان بيئة تعليمية سليمة وآمنة لطلابها. ويجب على السلطات المحلية إقرار آليات عمل تحدد العلاقات وتقسيم المسؤولية بين الجهات ذات الشأن؛ متابعة معالجة الاستفسارات المتعلقة بالصيانة والسلامة في المدارس؛ إجراء جميع فحوصات السلامة الدورية والتأكد من الحصول على جميع شهادات السلامة المهنية وفقاً لإرشادات وزارة التربية والتعليم.

نقص في دراسة الاحتياجات والخطط استعداداً لشيخوخة السكان

تضمن التقرير فصلاً حول معاملة السلطات المحلية للمواطنين المخضرمين الذين يسكنون في المناطق الواقعة ضمن نطاقها. هناك نحو 1.16 مليون شخص من المواطنين المخضرمين، ونسبتهم من عامة السكان هي 12%. الميزانية السنوية لمواطن مخضرم التي رصدتها وزارة الرفاه العام 2021 في السلطات المحلية تراوح بين 141 شيكلا و 772 شيكلا. السلطات المحلية التي شملتها الرقابة لم تجرِ دراسات للاحتياجات والرضى ولم تضع خططاً رئيسية استعداداً لشيخوخة السكان. متوسط عدد المشاركين شهريا في المراكز النهارية وأندية الإثراء في هذه السلطات المحلية منخفض ويتراوح من 9% إلى 30% من المواطنين المخضرمين الذين تتم معالجتهم من قبل أقسام الشؤون الاجتماعية.

المعلومات الواردة على مواقع الإنترنت التابعة للسلطات المحلية بشأن المواطنين المخضرمين وحقوقهم، ليست بارزة وليست متاحة بسهولة، بحيث أنهم ليسوا جميعاً على علم بحقوقهم. وزارة الرفاه لم تحدد الحد الأقصى لعدد المواطنين المخضرمين الذين تتم معالجتهم من قبل العامل الاجتماعي ولم تحدد متطلبات التجربة والتدريب الخاصة بالعاملين الاجتماعيين الذين يعالجون المواطنين المخضرمين. ووجدت دراسة أجراها مكتب مراقب الدولة أن 42% من المواطنين المخضرمين ليسوا على دراية بالأنشطة الترفيهية التي تقدمها السلطات المحلية، ومن بين المطلعين على الأنشطة يختار معظم المواطنين المخضرمين (63%) عدم المشاركة بسبب قلة الاهتمام. من هنا يوصي التقرير بأن توسع السلطات المحلية قنوات الاتصال مع المواطنين المخضرمين الذين يسكنون في مناطق نفوذها، وتحسّن إتاحة وصولهم إلى المعلومات. بالإضافة إلى مسح احتياجات شريحة المواطنين المخضرمين وإعداد خطط رئيسة تتضمن أهدافاً وغايات طويلة الأجل، تم بموجبها تحديد طرق تلبية احتياجاتهم، علماً أنه من المتوقع استمرار نمو نسبتهم من السكان خلال السنوات المقبلة.

فجوة هائلة بشأن ذوي المحدوديات وفقاً لتدريج السلطات الاقتصادي

خلال العام 2020، سكن في إسرائيل 1.6 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يشكلون حوالي 17% من إجمالي السكان. ووجد المراقب أن نطاق الخدمات المخصصة للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ونطاق القوى العاملة في هذا المجال لدى سلطات المناطق الطرفيّة محدودة، مقارنة بهذه الخدمات ونطاق القوى العاملة في سلطات منطقة وسط البلاد. عدد النوادي الاجتماعية في سلطات المناطق الطرفيّة صغير. وتبين أن وزارة الرفاه لم تقم منذ أكثر من خمس سنوات بتكييف أحكام النظام الداخلي للعمل الاجتماعي والأسعار والخدمات ونظم المعلومات مع المفهوم الذي أنشئت من أجله إدارة المحدوديات التابعة لوزارة الرفاه، والذي بموجبه يتم علاج الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة على أساس الأداء وليس وفقاً للتشخيص الطبي.

بين المعطيات البارزة: في العام 2021، لم تحقق حوالي 26% من السلطات المحلية اليهودية هدف التمثيل المناسب بالكامل لذوي المحدوديات، مقارنة بـ 62% من بين السلطات المحلية العربية. هناك أيضاً اختلافات كبيرة بين السلطات في توظيف العمال الاجتماعيين المتخصصين في مجال الاحتياجات الخاصة - 78% من السلطات المصنفة في العنقود الاقتصادي- الاجتماعي الأعلى تشغل عمالاً اجتماعيين متخصصين في مجال الاحتياجات الخاصة، مقارنة بـ 15% فقط من السلطات المصنفة في العنقود الاقتصادي- الاجتماعي المنخفض.

أقسام الخدمات الاجتماعية تعاني من عبء في الحالات التي تعالجها لذوي الاحتياجات الخاصة بحيث أنها ليست متاحة لتوسيع دائرة الأشخاص المستحقين وتحصيل حقوق أشخاص لم يتصلوا بهذه الأقسام بمبادرة منهم. يتطلب الوضع من وزارة الرفاه توسيع الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. ويوصي التقرير بأن تقوم الهيئات ذات الصلة - وخصوصاً السلطات المحلية ووزارات الرفاه والتربية والتعليم والداخلية – بتحديد ومعالجة الأسباب التي أدت إلى الفجوات القائمة بين السلطات، وصياغة حلول من شأنها تقليص هذه الفجوات. فيما يتعلق بمسألة إتاحة الوصول إلى الخدمات، تُنصح السلطات المحلية باتخاذ إجراءات استباقية، واعتماد حلول بالتعاون مع وزارة الرفاه لإتاحة إمكانية الوصول إلى الخدمات.

مشاكل عالقة بشأن الأمان على الطرق في السلطات المحلية العربية

يشير التقرير إلى أن مكتب مراقب الدولة نشر تقريراً العام 2020، حول "فعاليات لتعزيز الأمان على الطرق في نطاق نفوذ السلطات المحلية في المجتمع العربي" بعد نشر تقرير الرقابة السابق، ولكن تبين أنه حتى منذ العام 2020 أيضا، ما زالت نسبة تورط المواطنين العرب في حوادث الطرق كبيرة نسبياً، مقارنة بنسبتهم من عامة السكان.

وتبين في رقابة المتابعة، أن بعض أوجه الخلل قد تم تصحيحها كلياً أو جزئياً: حولت وزارة المواصلات إلى شركة "نتيفي أيالون" صلاحيات إعداد وتنفيذ خطط لسد فجوات البنية التحتية في البلدات العربية؛ وأعدت السلطات المحلية التي تم فحصها خطط عمل سنوية منتظمة بالتعاون مع السلطة الوطنية للأمان على الطرق؛ تم تدريب مديري مقرات الأمان الذين عملوا بانتظام مع "السلطة الوطنية للأمان على الطرق". ومع ذلك، تم العثور على أوجه خلل لم يتم تصحيحها: جميع السلطات التي تم فحصها ليس لديها خطة رئيسة للمواصلات، ولا تعمل وفقاً لخطة إشارة مرور، ولا تطلب معلومات من الشرطة حول أماكن حوادث السير في نطاق نفوذها. وفي السلطات المحلية التي تم فحصها، هناك شوارع وأرصفة غير معبدة، وهناك أوجه خلل في الترتيبات المرورية ومنشآت الأمان، مما يضر بسلامة مستخدمي الطريق، بما في ذلك أوجه خلل خطيرة في محيط المؤسسات التعليمية. ويتعين أن يتم تناول هذه القضية في مقال منفصل موسّع قادم.

المصطلحات المستخدمة:

مراقب الدولة, شيكل جديد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات