المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قرر بنك إسرائيل المركزي إبقاء الفائدة البنكية عند مستواها الذي يلامس الصفر، 1ر0%، حتى نهاية شهر تشرين الثاني المقبل، موعد القرار التالي بشأن الفائدة البنكية الأساسية. وجاء قرار البنك خلافا لتوقعات الكثير من المحللين وخبراء الاقتصاد، الذين توقعوا رفعا للفائدة، لأول مرة منذ 43 شهرا. إلا أن البنك خفض تقديراته لوتيرة التضخم المالي، في حين رفع مجددا تقديراته للنمو الاقتصادي للعامين الجاري والمقبل.

وقالت محافظة بنك إسرائيل المركزي، كارنيت فلوغ، إن كل المؤشرات الاقتصادية من حيث وتيرة التضخم، ووتيرة النمو الاقتصادي، وقيمة الدولار أمام الشيكل، دفعت باللجنة المختصة في شؤون الفائدة البنكية، لاتخاذ قرار بإبقاء الفائدة الأساسية عند مستواها الحالي 1ر0%، حتى نهاية تشرين الثاني المقبل، ما يعني أن هذه الفائدة يكون قد مرّ عليها حتى ذلك الحين 45 شهرا. وهي فترة زمنية غير مسبوقة، من حيث استقرار الفائدة، وأيضا من حيث مستواها المتدني.

وهذا يعني أنه للعام الثالث على التوالي، لم تطبق تقديرات البنك المركزي برفع الفائدة البنكية في الربع الأخير من العام الجاري. وكانت هناك توقعات مماثلة للعامين الماضيين 2017 و2016.

وهذا هو البيان الأخير لكارنيت فلوغ، التي ستغادر منصبها مع نهاية الشهر الجاري، وفق ما أعلمت رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، ووزير المالية موشيه كحلون. فقد قالت في شهر تموز الماضي إنها ليست معنية بطلب تمديد ولايتها التي تنتهي هذا الشهر، بعد 5 سنوات في المنصب. وتفيد التقارير الصحافية بوجود خلافات دائمة بين فلوغ ونتنياهو وكحلون. وحسب التقارير ذاتها، فإن نتنياهو وكحلون لم يطلبا من فلوغ البقاء، وأعلن في الأسبوع الماضي عن تعيين الإسرائيلي الأميركي أمير يارون لتولي المنصب (طالع خبرا مفصلا حول التعيين في هذه الصفحة).

وقال بنك إسرائيل المركزي إن وتيرة التضخم المالي تراجعت في الآونة الأخيرة، وإن الارتفاعات التي شهدناها في النصف الأول من العام الجاري كانت عابرة، وليست ثابتة تقود إلى ارتفاعات أكثر في الأسعار. فحتى نهاية شهر آب الماضي، كانت وتيرة التضخم 2ر1% في الأشهر الـ 12 التي سبقت. وبناء عليه، فقد قرر البنك تخفيض توقعاته للتضخم الاقتصادي لهذا العام من 1% إلى 8ر0%. وهذا أقل من الحد الأدنى لمجال التضخم الذي وضعته السياسة الاقتصادية، ما بين 1% إلى 3%. وهذا يعني أن التضخم في الأشهر الأربعة الأخيرة من هذا العام سيتراجع.

وإذا صدقت توقعات بنك إسرائيل بالنسبة للتضخم حتى نهاية العام 2018، فإن هذا سيعني عدم ارتفاع الفائدة أيضا في الشهر الأخير من هذا العام. وهذا في حال أن المحافظ الجديد لبنك إسرائيل اتبع ذات السياسة التي تتبعها فلوغ.

وكانت فلوغ قد تولت منصبها في شهر تشرين الثاني 2013. وكانت تلك فترة تراجع في نسبة الفائدة، إذ كانت في تلك الفترة حوالي 75ر1%. وسجلت أعلى مستوى سابق لها في العام 2011، ووصل إلى 5ر3%. واستمرت فلوغ في خفض الفائدة، حتى باتت في شهر آذار 2015 بنسبة 1ر0%.

وفي حسابات بنك إسرائيل أيضا قيمة الشيكل أمام الدولار، فقد سجل الشيكل ارتفاعا في الشهرين الماضيين، بعد أن ارتفع سعر الدولار حتى مطلع آب الماضي إلى 7ر3 شيكل للدولار. وهو الآن يحوم حول 6ر3 شيكل للدولار. ورفع الفائدة البنكية من شأنه أن يخفض سعر الدولار أكثر، ما يضر بعائدات الصادرات.

كذلك أعلنت فلوغ عن رفع تقديرات البنك للنمو الاقتصادي للعام الجاري إلى 7ر3%، بدلا من 5ر3% في التقديرات السابقة، على أن يرتفع النمو في العام المقبل 2019، بنسبة 6ر3%.

وقد رأى عدد من المحللين الاقتصاديين أن على بنك إسرائيل رفع الفائدة البنكية.

وقال المحلل الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سيفر بلوتسكر إن بيانات التضخم المالي في شهري تموز وآب، كانت وفق تقديرات بنك إسرائيل بشأن وتيرة التضخم المنخفضة. فالتضخم في البضائع الاستهلاكية الأساسية، مثل المواد الغذائية والخضراوات والسكن، كانت بوتيرة سنوية 3ر0%، وهذه نسبة ليست ملموسة، حتى لعائلة ذات دخل متدن جدا، من 5 آلاف شيكل.

وتابع بلوتسكر أن هذا يعني وخلافا لتخوفات كثيرين أن وتيرة التضخم المالية لم تقترب إلى وتيرتها في أوروبا، حوالي 3%، ولا للوتيرة في الولايات المتحدة الأميركية، حوالي 2%. كذلك فإن البطالة في إسرائيل ما تزال منخفضة، رغم ارتفاعها الطفيف في الأشهر الأخيرة (حاليا في حدود 2ر4%). كما أن معدل الرواتب الفعلي يرتفع باستمرار، وقيمة الشيكل أمام الدولار مستقرة في محيط 6ر3 شيكل للدولار.

وقال بلوتسكر إن الوضع الاقتصادي القائم ليس مختلفا عما سبق. وحتى لو رفع بنك إسرائيل الفائدة البنكية، فإن انعكاسات القرار كانت ستبقى محدودة جدا على المدى القريب. لكن لو رفع بنك إسرائيل الفائدة، أو حينما سيرفعها مستقبلا، وكما يبدو قريبا، فإن هذا سيُعد انتهاء لفائدة صفرية لعدة سنوات، فالفائدة الحالية لم تتحرك منذ مطلع شهر آذار العام 2015، وهذه نسبة ليست مسبوقة بمستواها، ولا من حيث فترة جمود النسبة أيضا.

ويقول المحلل أدريان بايلوت، في مقال له في صحيفة "كالكاليست"، إن محافظة بنك إسرائيل كارنيت فلوغ تولت مهامها في نهايات العام 2013، وواصلت عملية تخفيض الفائدة البنكية في تلك الفترة، حتى وصلت إلى نسبة 1ر0% في آذار العام 2015، ومنذ ذلك الحين لم تحرّك ساكنا، وهي ظاهرة لا سابق لها إطلاقا في كتب التاريخ الاقتصادي.

وحسب بايلوت، فإنه لا توجد ظروف اقتصادية ملائمة أكثر من الظروف الحالية لرفع الفائدة مجددا. فالسوق جاهزة لارتفاع في الفائدة، وكذا كافة الأقسام الاقتصادية في جميع المؤسسات المالية تتوقع رفعا للفائدة في ثلاث أو أربع موجات حتى نهاية العام 2019، لترسو عند ما بين 75ر0% وحتى 1%. وكما نعلم فإن وحدة الأبحاث في بنك إسرائيل كانت قد توقعت سابقا أن التغيير في نسبة الفائدة سيكون في الربع الأخير من العام الجاري.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات