المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ها هي الأعياد (العبرية) على وشك الانتهاء، وهذا هو الوقت لتلخيص سنة انتهت، ولنتفحص ما هو متوقع في السنة المقبلة.

في شبكات التسوق للمواد الغذائية كانت هذه سنة جيدة لها. كانت سنة عادت فيها الشبكات لتسجل نموا، بعد 7 سنوات من حملة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في صيف العام 2011، على غلاء المعيشة، وكانت المواد الغذائية عنصرا بارزا في الغلاء في حينه.

وفي الأشهر السبعة الأولى من السنة الجارية 2018، شهدنا نموا بنسبة 5ر3% في سوق المواد الاستهلاكية. وهذا ارتفاع انعكس أيضا ليس فقط بالمداخيل المالية، وإنما أيضا بالكميات التي تم شراؤها، لكن جزءا من الزيادة المالية نابع من ارتفاع الأسعار.

إلا أننا في السنة المقبلة سندفع أكثر ونحصل على أقل، وفي خلفية الغلاء ليس فقط ارتفاع أسعار المواد الخام، وارتفاع كلفة الإنتاج والتسويق، وإنما عوامل أخرى. فشبكات تسويق الأغذية الكبرى، وإن من وراء الكواليس، لا تسارع للجم ارتفاع الأسعار، التي أعلنت عنها شركات إنتاج واستيراد الأغذية، فإن قسما من الشركات تشجع شبكات التسويق على رفع أسعار، ولو بقروش قليلة، كي تكون شبكات التسويق قادرة على تقليص حجم زيادة المصروفات لديها، مثل ارتفاع الحد الأدنى من الأجر.

لربما أن الجمهور لم يشعر بعد بارتفاع الأسعار، ولربما أن قسما آخر من رفع الأسعار سيكون بعد انتهاء موسم الأعياد العبرية، وانتهاء حملات التنزيلات، لكن بعد الأعياد سنلمس رفع أسعار البضائع، وهذا ما سنراه على رفوف المحلات.

وثمة أمر آخر هو التنوع. ففي السنة المقبلة سنشهد تنوعا أكبر من البضائع. إن الزيادة الحاصلة في جيوب الجمهور، على أثر ارتفاع الحد الأدنى من الأجور، وتراجع نسب البطالة، وعوامل أخرى، ستسمح للجمهور بأن يشتري أكثر في السوبر ماركت، في حين أننا سنشهد أيضا عروضا للحصول على قروض بشروط مسهلة، وهي قروض صغيرة تسمح بصرفها على الاحتياجات الاستهلاكية، أو على رحلات نقاهة في الخارج، وما إلى ذلك، ما يمكن أن ينقلنا نحو واقع مغاير، لكن هناك شك في ما إذا كان هذا سيغير الواقع.

كذلك فإننا مقبلون على سنة جديدة، ستكون فيها على شركات المواد الغذائية أن تضع علامات حمراء على المواد الغذائية التي تحتوي على مقدار عال من السكر والدهون وغيرهما، بموجب تعليمات وزارة الصحة. وفي هذه الأيام الأخيرة قال تقرير لمكتب الإحصاء المركزي إن 48% من المواطنين في إسرائيل يعانون من وزن زائد.

وتهدف إصلاحات وزارة الصحة إلى مكافحة ظاهرة زيادة الوزن، لما ينجم عنها من أضرار صحية. وقد استوعبت شركات الأغذية هذه الظاهرة، وهي تبحث عن بدائل صحية للمواد الغذائية التي تنتجها وتسوقها.

وقد رأينا مؤخرا أن شركة "بيبسيكو"، التي تبرز في منتوجات ذات ترويج كبير، مثل بيبسي كولا، ونقارش ترتكز على نسبة سكر عالية أو ملح، اشترت شركة "صوداستريم"، في حين أن شركة "تصبار"، المختصة بالسلطات والمقبلات، باعت حصتها في شركة تنتج أنواع المايونيز.

وهذا يسري أيضا على شركات إسرائيلية استوعبت هي أيضا التعليمات الجديدة، فنرى أن شركة "يونيفيلر" باتت تضع إشارة حمراء على نقارش الصباح ذات السكر العالي، "كورنفليكس". في حين أن شركتي "تنوفا" و"شتراوس" خفضتا نسبة السكر في الحليب الممزوج بالشوكولاتة. وكذا بالنسبة لشركة "أوسم"، التي بدأت هي أيضا تنتج مواد غذائية خالية من السكر، والقائمة تطول.

لكن كل هذا سيزيد علينا الصرف، لأن هذه الشركات تعرض علينا حقا مواد غذائية صحية أكثر، لكننا سنكون مطالبين بدفع أكثر مقابلها. كذلك فإن شركات أخرى بدأت تستعد لرفع تدريجي للأسعار، بعد كل هذه التغيرات. وهذه السنة ستقرّر أي الشركات جاهزة لمواجهة كل هذه التحديات، رفع أسعار وتغيير منتوجات، وأي شركات ستماطل الى موعد أبعد.

ولا يمكن أن نختم من دون الحديث عن التكنولوجيا، التي تؤثر بشكل كبير جدا على قطاع المواد الغذائية، وبشكل خاص حاجة شبكات تسوق المواد الغذائية إلى مواجهة ظاهرة البيع عن طريق شبكة الانترنت، فحتى الآن لا تنجح شبكات التسوق في إحداث التوازن الذي سيسمح لها بتطوير هذا النمط من البيع. وقد حاولت شركات عالمية لجم هذه الظاهرة، إلا أنها اعترفت بفشلها، وقررت الدفع قدماً أكثر في هذا الاتجاه.

____________________________

(*) محلل اقتصادي. عن "غلوبس" بتصرف.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات