المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أقرت الحكومة الإسرائيلية في منتصف الشهر الجاري الإطار العام وهيكلية الموازنة العامة للعام المقبل 2019، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الحكومات، بأن يتم الاسراع في اقرار الموازنة العامة في هذا الوقت المبكر، وهو ما يؤكد أن هدف بنيامين نتنياهو، ومعه وزير المالية موشيه كحلون، وباقي أطراف الحكومة، هو البقاء في سدة الحكم لأمد أطول، ولأقرب ما يكون من الموعد القانوني للانتخابات، في خريف العام 2019.

 

وحسب القانون الإسرائيلي المتبع منذ العام 2009، فإن الحكومة والكنيست يقران ميزانية مزدوجة لعامين، إلا إذا كان الحديث عن عام يصادف فيه الموعد القانوني للانتخابات البرلمانية، فيتم اقرار ميزانية عام واحد فقط. وحسب تقارير، فإن نتنياهو والحكومة كلها معنيان بإقرار الموازنة العامة بالقراءة الأولى حتى انتهاء الدورة الشتوية للكنيست، في منتصف آذار المقبل، والقراءة النهائية بعد ثلاثة أشهر من ذلك الحين.

ويبلغ حجم الموازنة العامة 479 مليار شيكل، وهو ما يعادل حوالي 139 مليار دولار، بسبب سعر صرف الدولار المتدني (أقل من 44ر3 شيكل للدولار). وهي ميزانية أعلى بنسبة 6% (بالشيكل) من موازنة العام الجاري 2018. ولكن فور اقرار الميزانية، صوت الوزراء على تقليص 9ر2 مليار شيكل من ميزانية 2019، وتقليص ملياري شيكل من ميزانية العام الجاري 2018، بهدف سد نفقات مخططة، على الرغم من الفائض الضريبي الذي كان في العام الماضي 2017.

كما أقرت الحكومة رفع العجز في الميزانية العامة من 5ر2% من اجمالي الناتج القومي، كما كان مخططا من قبل، إلى نسبة 9ر2%، على الرغم من توصيات بنك إسرائيل المركزي بتخفيض العجز في الموازنة العامة، ورفع الضرائب. ومن المفترض أن يضمن رفع 4ر0% بالعجز، ما يزيد عن 4 مليارات شيكل، أي أكثر من 15ر1 مليار دولار.
ويقول المحلل حجاي عميت في مقال له في صحيفة "ذي ماركر"، في تعليقه على الجلسة الماراثونية للحكومة التي استمرت ما يزيد عن 24 ساعة، وأيضا تعليقه على دور قادة المستوطنين، "إن السؤال الذي يطرح نفسه: ألا توجد وسيلة أخرى عدا عن أن مجموعة قليلة من الناس تصوت على ميزانية دولة كاملة، وهؤلاء أعينهم مغمضة من شدة التعب وفي ساعة متأخرة إلى هذا الحد، وأن يكون همّ الواحد منهم أن يذهب إلى النوم؟".

ويتابع عميت كاتبا "لكن هناك من يعرف كيف يستغل قوانين اللعبة، وأن يكون في المكان الذي يتم فيه حسم مصير مئات الملايين، حتى في ساعات الفجر، حتى وإن لم يكونوا وزراء، أو موظفين في وزارة المالية. أحد هؤلاء، شخص ليس من المفروض أن يكون جزءا من اللعبة، وهو يدعى زئيف حافير (زمبيش)، من قادة مجلس المستوطنات، الذي مكث في مكاتب ديوان رئيس الحكومة، ملتصقا بمكتب بنيامين نتنياهو، حتى ساعات الفجر".

وقال "لقد اهتم حافير بالتأكد من أن نتنياهو صادق على تخصيص 200 مليون شيكل للبنى التحتية في يهودا والسامرة (الضفة المحتلة). وقد بقي نتنياهو يقظا حتى منتصف الليل، مهتما في جانب تقليص الميزانية، الذي طلبته وزارة المالية، ولكن أيضا للاهتمام بمطالب حافير".

وكتب عميت أيضا "إن من أسباب تمرير ميزانية 2019 بسهولة في الحكومة، هو أن الميزانية ستدخل حيز التنفيذ في العام المقبل 2019، وليس مضمونا أن يكون الوزراء على مقاعدهم في ذلك الحين. وأحد أهم انجازات وزارة المالية، هو تقليص حجم الميزانيات المخصصة لطلبات الكتل البرلمانية، لتوجيهها لفروع صرف خاصة هم معنيون بها. والقصد هنا، أنه في كل واحدة من الميزانيات العامة يتم تخصيص بضع مئات ملايين من الدولارات، لتوزيعها بناء على مطالب عينية للكتل المشاركة في الحكومة، على قطاعات صرف تخدم جمهور ناخبيهم".

ويقول المحلل غاد ليئور، في الملحق الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن تمرير الميزانية في هذا الوقت المبكر من السنة، يعد مناورة لامعة تسجل لصالح نتنياهو ووزير المالية موشيه كحلون؛ فقد سارعا بكونهما سياسيين مجربين، لطرح ميزانية بعيدا عن الصراعات التي كانت ستندلع مع اقتراب موعد الانتخابات، بما ينعكس على هيكلية الميزانية. وقال إن وزارة المالية طرحت مطالب صعبة على الوزراء، بهدف التنازل عنها لاحقا، مقابل تمرير ما كانت ترمي اليه فعلا وزارة المالية.

وقال ليئور إن الجواب على سؤال "كيف الميزانية، وما إذا هي جيدة أم سيئة؟"، منوط بمن يجيب، فمثلا محافظة بنك إسرائيل المركزي، كارنيت فلوغ، لا يعجبها أن الحكومة لم ترفع الضرائب في ميزانية العام المقبل، كما أنها لن تكون سعيدة برفع نسبة العجز المخططة من 5ر2% إلى 9ر2% من حجم الناتج العام. في حين أن شرائح في المجتمع ستكون سعيدة بعدد من الاجراءات الاقتصادية، خاصة تلك التي تساعد الشرائح الوسطى من الأزواج الشابة العاملة، التي ستتلقى امتيازات ضريبية، في سنوات أطفالهم الأولى. كما أن الصناعيين سيفرحهم تخصيص أكثر من 300 مليون دولار، لصالح دعم المصالح الصغيرة والوسطى.

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات