المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قال التقرير السنوي لبنك إسرائيل المركزي، الصادر في الايام الأخيرة، والذي يلخص فيه النشاط الاقتصادي من كل نواحيه في العام 2015، إن مستوى المعيشة سجل ارتفاعا بوتيرة بطيئة جدا، وهي أقل من وتيرة الارتفاع في الدول المتطورة الأعضاء في منظمة OECD، ما زاد الفجوة في مستوى المعيشة عن معدل الدول المتطورة. وبرغم هذا فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتبر التقرير إيجابيا، و"إنجازا" لحكوماته الأخيرة.

ويقول التقرير إنه في العامين الأخيرين حقق الناتج العام للفرد، بمعنى مستوى المعيشة، ارتفاعا بطيئا، أشد بطئا من وتيرة النمو في غالبية دول منظمة OECD، بعد أن سجل النمو في السنوات الأولى للأزمة الاقتصادية العالمية، 2008- 2011، ارتفاعا أعلى من الدول المتطورة. وعلى ضوء النمو المنخفض في العامين الأخيرين، بمعدل 5ر2%، فإن الفجوة بين معدل الناتج للفرد في إسرائيل، ومعدل الناتج في منظمة OECD، تقلصت من 25% في العام 2006، إلى 15% في العام 2013، ولكنها عادت وارتفعت إلى نسبة 17% في العام 2015.

والأسباب الأساسية للانقلاب في وتيرة النمو العالية هي تراجع النمو في غالبية الدول المتطورة، خاصة تلك التي كانت في قلب العاصفة- الأزمة الاقتصادية، بين العامين 2008 و2011. بينما الآن عادت تلك الدول إلى مسار نمو اقتصادي أعلى مما كان إبان أوج الأزمة، في حين أن وتيرة الارتفاع في إسرائيل قد لُجمت في العامين الأخيرين. وما حافظ على استمرار ارتفاع النمو، ولو بوتيرة بطيئة، كان استمرار ارتفاع الاستهلاك الفردي، خاصة في ظل الفائدة البنكية المنخفضة، وزيادة المال لدى السكان، وساهم في هذه الزيادة انخفاض أسعار الوقود والطاقة خلال العام الماضي 2015، ما ساهم في انخفاض أسعار السلع، وزاد الاستهلاك. ويضم بنك إسرائيل إلى هذه العوامل أيضا ما وصفه بحصانة سوق العمل الإسرائيلية واستمرار نسبة البطالة المنخفضة- في حدود 3ر5%.
ويقول التقرير إن السبب المركزي للنمو المنخفض هو النشاط الاقتصادي العالمي الذي يراوح مكانه، منذ الأزمة الاقتصادية التي نشبت بقوة في العام 2008، وبقدر ما أيضا لجم مصاريف الحكومة في العامين 2013 و2014.

ويشير التقرير إلى أن النمو الاقتصادي كان في العام الماضي 2015 منخفضا أكثر من العامين اللذين سبقاه، بسبب استمرار عدة عوامل اقتصادية، ومن أبرزها لجم وتيرة ارتفاع الصادرات العامة، إذ أن الصادرات الصناعية سجلت العام الماضي انخفاضا بنسبة 1ر1%. والارتفاع الطفيف في الصادرات ناجم عن ارتفاع محدود في صادرات الخدمات. وتشكل صادرات الصناعة ما نسبته 60% من اجمالي الصادرات، وحسب التقرير فإن صادرات الصناعة ما تزال على حجمها منذ العام 2012، وحتى نهاية العام 2015.

التحديات المقبلة

وتقول محافظة بنك إسرائيل المركزية، كارنيت فلوغ، إن التحديات المستقبلية للنمو الاقتصادي متعلقة بعدة عوامل عالمية وأيضا محلية. وبحسب تقديرات محللين للاقتصاد العالمي، فإن النشاط الاقتصادي العالمي سيبقى لعدة سنوات يتحرك بوتيرة بطيئة، وبناء عليه فإن حجم التجارة الدولية سيرتفع هو أيضا بوتيرة بطيئة، ما سينعكس بطبيعة الحال على الصادرات الإسرائيلية، وبالتالي على النمو الاقتصادي.

ومحليا، حسب فلوغ، فإن زيادة الشريحة السكانية التي لا تشارك بنسبة عالية في سوق العمل، تساهم هي أيضا في تباطؤ النمو الاقتصادي. وتقصد بذلك فلوغ جمهور المتدينين المتزمتين "الحريديم"، الذين لا ينخرطون في سوق العمل إراديا، لدوافع دينية، إذ أن نسبة انخراط الرجال من بينهم في سوق العمل في حدود 40%. والجمهور الثاني هو النساء العربيات المحرومات عمليا من فرص العمل، وتبلغ نسبة انخراطهن في سوق العمل في حدود 32%.

ودعت فلوغ الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الاجراءات لتشجيع هذين الجمهورين على الانخراط في سوق العمل. إلا أن فلوغ لم تطرح في تقريرها الأسباب الموضوعية التي تجعل نسب انخراط النساء العربيات في سوق العمل أضعف من شرائح أخرى بين الجمهور، وبشكل خاص عدم فتح مناطق وأماكن عمل في البلدات العربية.

"تفاؤل" نتنياهو

في تعقيبه على تقرير بنك إسرائيل المركزي، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "إن نسبة التوظيف في الاقتصاد الإسرائيلي هي كاملة ووصلت نسبة البطالة إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وهذه هي أخبار سارة. ونتيجة لذلك تزايدت الأجور بشكل ملموس في القطاعات المختلفة. وارتفعت أجور أفراد الشرطة بنسبة %30 إلى 50% مقارنة بأجرهم الأساس. كما تزايدت أجور جميع المواطنين الإسرائيليين، وهذا هو أمر مهم. نرى أيضا انخفاضا محدودا في مؤشر اللامساواة، وما يزال أمامنا الكثير من العمل للقيام به في هذا السياق ولكن بشكل عام هذه هي أخبار سارة".

وتابع نتنياهو قائلا إن "مفتاح المستقبل منوط بالنمو. يجب أن ندرك ما الذي نريد تحقيقه في الميزانيات والخدمات وتحسين البنى التحتية، كل هذه الأمور المهمة بالنسبة للمواطن تحتاج للنمو".

واعتبر نتنياهو في تعقيبه أن التوقيع على اتفاقية التجارة الحرّة مع الصين من شأنه أن يساهم في النمو الاقتصادي، إذ حسب قوله فإن في تلك الاتفاقية احتمالات كبيرة لزيادة الصادرات الإسرائيلية إلى الصين. وقال إنه تجري محادثات مع اليابان حول اتفاقية تصنف إسرائيل كشريكة تجارة ذات أفضلية، بموازاة عمل الحكومة الإسرائيلية ككل على فتح المزيد من الأسواق الآسيوية أمام البضائع الإسرائيلية، حسب قوله.

ويقول نتنياهو "إن أحد الأسباب لعدم قيام الاقتصاد الإسرائيلي باستنفاد قدراته بشكل كامل هو البيروقراطية الزائدة، التي تؤدي إلى تزايد الأسعار بالنسبة للمواطن. والحكومة ستتخذ سلسلة من القرارات التي ستبسط الأنظمة كثيرا".

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات