المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

خفضت وزارة المالية الإسرائيلية في تقريرها الصادر في الأيام الأخيرة، تقديراتها للنمو الاقتصادي في العام الجاري، إلى نسبة 8ر2%، بدلا من نسبة 2ر3% في تقديرات سابقة. وذلك في حين قال تقرير آخر إن معدل أسعار المواد الغذائية في السوق الإسرائيلية ما زال أعلى بنسبة 10% من المعدل القائم في دول منظمة OECD. وقد فاجأ التضخم المالي في شهر آذار الماضي، إذ لأول مرّة يسجل تراجعا وكان بنسبة 2ر0%، ليكون التضخم قد تراجع في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 1%. وقالت وزارة المالية إن التضخم الإجمالي للعام الجاري سيبقى "سلبيا" للعام الثالث على التوالي.

ويقول التقرير الدوري لوزارة المالية إن النمو الاقتصادي سيسجل هذا العام ارتفاعا بنسبة 8ر2%، بعد أن كانت التقديرات السابقة تتحدث عن 9ر2%، وقبل هذا في سياق العام 2015، كان يجري الحديث عن نمو بنسبة 2ر3%، وقبل عامين جرى الحديث عن نمو اقتصادي في العام الحالي يفوق 5ر3%. إلا أن كل تقارير العام الماضي وحتى الآن تواصل تخفيض توقعاتها لارتفاع النمو بشكل دائم برغم المستوى المتدني للبطالة، والزيادة في جباية مداخيل الضرائب.

وكان النمو قد سجل في العام الماضي، وفق حسابات نهائية في وزارة المالية ومكتب الإحصاء المركزي، ارتفاعا بنسبة 5ر2%. ويعد هذا النمو الأدنى منذ العام 2010، إذ أن النمو سجل في العام 2009 نسبة 3ر1%، بفعل انعكاس الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الإسرائيلي، وسبق هذا نمو تراوح سنويا ما بين 8ر4% وحتى 3ر5% من العام 2004 وحتى العام 2008. كما أن النمو سجل في العام 2010 نسبة 5ر5%، وفي 2011 نسبة 5%، وفي 2012 انخفض إلى 9ر2%، ثم ارتفع في العام 2013 إلى 13ر3%، وفي العام 2014 بلغ النمو 6ر2%.

وتطابق تقديرات وزارة المالية عن العام الجاري تقديرات بنك إسرائيل المركزي، إلا أن وزارة المالية تتوقع ارتفاع النمو في العام المقبل بنسبة 3%، مقابل 1ر3% في توقعات بنك إسرائيل. أما منظمة التعاون بين الدول المتطورة OECD، فإن تقديراتها تشير إلى ارتفاع النمو في الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 2ر3% في العام الجاري وفق تقديرات نشرتها في شهر تشرين الثاني الماضي. إلا أن تقديرات OECD، كغيرها من الأطر العالمية، نابعة من التقارير الإسرائيلية الرسمية، مع تعديلات طفيفة، ما يعني أن منظمة OECD قد تخفض هي أيضا تقديراتها للنمو الإسرائيلي في تقريرها المقبل. وسبقها بذلك في نهاية الأسبوع الماضي صندوق النقد الدولي، الذي خفض تقديرات النمو في الاقتصاد الإسرائيلي للعام الجاري، الى المستوى الذي اعلنته وزارة المالية وبنك إسرائيل- 8ر2%.

ويقول التقرير إن "الأحداث الأمنية والاجتماعية التي تواجهها إسرائيل في الأشهر الأخيرة، قد أوقفت التراجع المستمر في حجم الصرف الحكومي، وانخفض العبء الضريبي". ورغم ذلك، فإنه لا يتوقع أن تؤثر هذه التغييرات على الموازنة العامة للعام الجاري، لأن التقديرات التي بنيت على أساسها ميزانية 2016، جرى طرحها في شهر أيلول من العام الماضي، وهي قريبة جدا من تقديرات الوزارة الجديدة. وأبقت الوزارة على توقعات عجز مالي في الموازنة بنسبة 8ر2% من حجم الناتج العام، وهو أقل من التقديرات السابقة- 9ر2%.

وتتوقع وزارة المالية أن يسجل الاستهلاك الفردي في العام الجاري ارتفاعا بنسبة 4ر3%، بعد أن سجل في العام الماضي ارتفاعا بنسبة 9ر4%. في حين سيسجل الصرف العام ارتفاعا بنسبة 2ر3%، وهي نسبة شبيهة بارتفاع العام الماضي، بنسبة 1ر3%.

وفي ما يتعلق بسوق العمل، فإن وزارة المالية تتوقع أن تراوح نسبة البطالة عند نسبتها في العام الماضي- 3ر5%، على أن تهبط في العام المقبل، 2017، إلى نسبة 1ر5%. ولكن الوزارة تنبه إلى ارتفاع نسبة الجمهورين اللذين لا ينخرطان بالقدر الكافي في سوق العمل، وهما جمهور المتدينين المتزمتين "الحريديم"، والجمهور العربي، وبالأساس النساء العربيات. ويقول التقرير إن هذا الارتفاع سيخلق مصاعب أمام قطاع التقنيات العالية. إلا أنه على أرض الواقع، فإن هذا القطاع يضع حواجز كثيرة أمام انخراط العرب خريجي الجامعات والكليات، وحسب تقارير فإن حوالي 70% من خريجي التقنيات العالية العرب إما أنهم لا يعملون في مجال اختصاصهم، أو أن الوظائف التي تولوها أقل من مستوى مؤهلاتهم الأكاديمية.

التضخم السلبي

وتتوقع وزارة المالية في تقريرها المذكور أن يسجل التضخم المالي الإجمالي في العام الجاري تراجعا بنسبة 3ر0%، ليكون هذا العام الثالث على التوالي الذي يسجل فيه التضخم تراجعا، أو ما يسمى "تضخما سلبيا". وكان التضخم المالي، في العام الماضي 2015، قد تراجع بنسبة 1%. وهذا العام الثاني على التوالي الذي يسجل فيه التضخم تراجعا. ويقول تقرير المالية إن 4ر0% من أصل تراجع التضخم، ناجم عن انخفاض أسعار الوقود، التي ساهمت في انخفاض أسعار منتوجات اخرى. وفي العام الماضي- 2014، تراجع التضخم بنسبة 2ر0%، وكان أول تضخم "سلبي" شهده الاقتصاد الإسرائيلي في العام 2003 بنسبة 9ر1%، وكان نتيجة حالة ركود اقتصادي شديد. وفي العام 2006، تراجع التضخم ثانية بنسبة 1ر0%، ولكن كان ذلك مؤشر انتعاش.
وفي سياق متصل، سجل التضخم المالي في شهر آذار الماضي مفاجأة بتسجيله لأول مرّة تراجعا، وكان التراجع بنسبة 2ر0%، ليكون التضخم قد تراجع في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري (الربع الأول) بنسبة 1%. فعادة يسجل التضخم في شهر آذار من كل عام ارتفاعا، مع بدء موسم الربيع على صعيدي الخضراوات والفواكه، والألبسة والأحذية، إلا أن ما حصل في الشهر الماضي، بموجب ما أعلنه مكتب الإحصاء المركزي في نهاية الأسبوع الماضي، قد قلب التقليد القائم، بفعل تراجع اسعار الكثير من الخدمات والسلع، وأبرزها استمرار انخفاض أسعار الوقود، وانخفاض أسعار المواد الغذائية.

ومع تراجع التضخم في آذار يكون التضخم قد تراجع للشهر الخامس على التوالي، وهو الشهر السابع الذي يتراجع فيه التضخم في الأشهر الـ 12 الأخيرة، التي تراجع التضخم الإجمالي فيها بنسبة 7ر0%.

أسعار المواد الغذائية

ويقول تقرير آخر لوزارة المالية إن أسعار المواد الغذائية انخفضت في السوق الإسرائيلية في العامين الماضيين 2014 و2015، في حين أن أسعار المواد الغذائية في دول منظمة OECD ارتفعت في الفترة ذاتها بنسبة 4%، وهذا ما قلص الفجوة في الأسعار بين الجانبين، من 16% في العام 2011 إلى نسبة 10% في العام 2015.

وفي تقديرات وزارة المالية يتبين أن أسعار الأغذية ستواصل انخفاضها أيضا في العام الجاري، في أعقاب القرار بزيادة كميات استيراد المواد الغذائية، المعفية من الجمارك، لزيادة المنافسة في الأسواق. ورغم هذا الانخفاض، فإن الجمهور في إسرائيل ما زال يشعر بالأسعار المرتفعة للمواد الغذائية، وفق ما جاء في التقرير، لأنها ما تزال أعلى بنسبة 10% عن أسعار OECD، وهذه النسب تأخذ بعين الاعتبار مستويات المداخيل والأجور في كل واحدة من الدول.

وقالت الوزارة إنه في العام المقبل 2017 ستدخل إلى حيز التنفيذ سلسلة إجراءات أخرى للتخفيض الجمركي على المواد الغذائية، وزيادة الكميات المستوردة، مقابل تعويض المزارعين. ويشمل هذا زيادة كميات استيراد البيض، الأمر الذي أثار غضب أصحاب مزارع الدجاج، فشرعوا في الأيام الاخيرة بسلسلة نشاطات احتجاجية، لكون هذا سيؤدي إلى تخفيض الأسعار، ما يضر بمدخولاتهم.

ويقول التقرير إن خفض أسعار المواد الغذائية لم يصل بعد إلى قطاع اللحوم، إذ أن أسعار اللحوم الطازجة واصلت ارتفاعها. فبعد أن انخفضت الأسعار في العام 2014 بنسبة 5%، فقد سجلت في العام الماضي 2015 ارتفاعا بنسبة 11%.

وفي حين تعزو جهات إسرائيلية رسمية ارتفاع أسعار اللحوم إلى احتكار سوق اللحوم على يد شركتي "تنوفا" وعائلة ذباح العربية من قرية دير الاسد (الجليل)، إلا أن هناك عوامل أخرى تساهم في ارتفاع أسعار اللحوم بنسب عالية جدا، وأولها شروط "الحلال" وفق الشريعة اليهودية، التي ترفع أسعار اللحوم بما بين 20% وحتى 30%، وبالأساس في ما يخص الشروط التي تفرض على أسعار اللحوم المجمدة المستوردة في موطنها.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات