المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

كتبت هبة زعبي:

تجددت حركة الاحتجاج الاجتماعية الإسرائيلية في منتصف حزيران المنصرم، وجددت مطالبتها بتحسين أوضاع المعيشة، وتوفير المسكن، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وإيقاف الغلاء. وقد انطلقت بعد خيبة الأمل التي شعر بها المحتجون كونهم لم يلمسوا تحقيقا للأهداف التي خرجوا من أجلها العام المنصرم، وواجه المحتجون في تظاهرتهم الأولى عنفا كبيرا من قبل أفراد الشرطة حيث تعرض جزء كبير منهم للعنف والضرب، وتعرض 100 منهم للاعتقال، وفتحت ملفات اتهام بحق جزء منهم.

لكن على الرغم من هذا فإن التظاهرات العام المنصرم تميزت بزخم ونشاط أوسع، وقد انطلقت بمبادرة من عشرة أشخاص ينتمون إلى الطبقة المتوسطة، وأفلحت جهودهم في جذب جمهور واسع ومتنوع، ونجحت تظاهراتهم لتصل إلى مشاركة نصف مليون إنسان، واستقطبت التظاهرات كافة فئات المجتمع الإسرائيلي التي التفت من حولها مطالبة بتحقيق أهداف اقتصادية وبدا أنها غير مكترثة بأي "أوضاع أمنية غير مستقرة" تلوّح الحكومة أنها تهددها. كل هذا جعل الحكومة تتحرك وتقوم بتأليف "لجنة تراختنبرغ" والتي أصدرت تقريرا تضمن 117 توصية، ويرى المحتجون أنها غير كافية بالمرة لتلبية مطالبهم ولا ترتقي لتحقيق الأهداف التي خرجوا من أجلها. مع ذلك فإن فحصا أوليا قام به بنك إسرائيل لمدى تبني الحكومة الإسرائيلية هذه التوصيات وأعلن خلال شهر حزيران 2012 أظهر أن الحكومة والكنيست تبنتا 58% من هذه التوصيات- أي 80 بندا من مجمل 112 بندا، ويمكن لهذه المعطيات أن تدعم وزراء الحكومة ورئيسها الذين يخرجون بتصريحات تشدد على إنجازاتهم في هذا الصدد، وعلى تلبيتهم لمطالب الجمهور.

ويعاني المحتجون الإسرائيليون هذا العام من بيروقراطية خانقة تنتهج بحقهم من قبل البلديات والشرطة، إذ تفرض البلديات عليهم تلبية طلبات كثيرة لتسمح لهم بنصب خيام الاحتجاج، وهم يتعرضون لمضايقات عديدة من قبلها، أما الشرطة فإنها تفرض عليهم شروطا صعبة للموافقة على التصريح بإقامة التظاهرات، فشرطة بئر السبع مثلا اشترطت على المحتجين عدم رفع شعارات منددة ومحرضة ضد الدولة خلال مظاهرتهم هذا الأسبوع، وفرضت عليهم بأن يتحمل المسؤولون عن التظاهرة المسؤولية عما سيجري خلالها.

الفيسبوك وتويتر

ملجأ المحتجين الإسرائيليين

ينشط المحتجون الإسرائيليون كنظرائهم من المحتجين في العالم على شبكتي التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" و"تويتر"، حيث باتت هاتان الشبكتان ساحة للنضال ووسيلة للاتصال والتواصل فيما بينهم، في حين انخفضت التغطية الإعلامية لنشاطاتهم في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وهذا وفق بحث أعدته شركة "يفعات للمعلومات والاتصال"، وتظهر النتائج أن انخفاضا ملموسا بنسبة 40 بالمئة طرأ على تغطية الاحتجاجات في الصحف الإسرائيلية مقارنة مع العام المنصرم، ويقارن البحث بين التغطية في الإعلام التقليدي (الصحف الإلكترونية والمطبوعة) والإعلام الاجتماعي هذا العام وبين التغطية في العام المنصرم، ويتضح من خلال النتائج أنه تسجل تعقيبات بأسماء مجهولة في المواقع الإخبارية تقوم بمهاجمة المحتجين. كما يبين البحث حدوث تغيير في نوعية التغطية، ففي حين غطت هذه الوسائل الإعلامية في العام المنصرم الاحتجاجات بأسلوب متعاطف مع المحتجين، فإن وسائل الإعلام قامت هذه السنة بعرض الاحتجاجات بطريقة سلبية وهي لا تبرزها في الصفحات الرئيسة.

وأبدى 70 بالمئة من مدوني التعقيبات على المقالات تأييدهم لتصرفات الشرطة العنيفة مع المحتجين. ووفق البحث ادعى هؤلاء في تعقيباتهم أنه أقيمت تظاهرات غير مرخصة ما يبرر استخدام الشرطة للعنف مع المحتجين، وتبنوا صيغة الشرطة وتعريف المتظاهرين كـ "يساريين". ويفسر معدو البحث هذا بأنه في الأماكن التي يعقب فيها أشخاص بأسماء مجهولة تشهد هجوما كبيرا على المحتجين، في حين أن هذه الصورة معكوسة في الفيسبوك وتويتر. والتفسير في نظرهم لهذا، وخصوصا حين لاحظوا تكرارا لنفس الفقرات والرسائل، هو وجود جهات تحاول التأثير على المضامين في التعقيبات، ويقدر معدو البحث بأن هذه الجهات يمكن أن تكون جهات سياسية ترى أهمية لهذه الحلبات الإعلامية. ووجه 90 بالمئة من مستخدمي تويتر انتقادات إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية مقابل 60 بالمئة في الفيسبوك، و85 بالمئة من المعقبين على أخبار الاحتجاجات قاموا بتوجيهها إلى المتظاهرين.

حركة الاحتجاج- حضن

لمواقف متباينة ومتنوعة

أيضا هناك تباين واضح في مواقف المحتجين، الذين ينتمون إلى تيارات سياسية واجتماعية مختلفة، حول موقفهم من الهدف الذي يصبو الاحتجاج إليه، فقسم كبير منهم يطالب بأن تبقى حركة الاحتجاج غير مسيسة، ويرفض أن تتأطر في أي حزب سياسي كان، وأن تحاول دخول الكنيست، وبرأيه أن الأحزاب التي وصلت إلى سدة الحكم وكل النظام السياسي يتحملان المسؤولية عن تدني مستوى الوضع المعيشي في إسرائيل، وهو يرغب في أن يبقى الاحتجاج محصورا بين المواطنين والسلطة. وينتقد هذا القسم بشدة رفع أعلام وشعارات بعض الأحزاب اليسارية خلال الوقفات والتظاهرات الاحتجاجية. ولكن جزءا كبيرا منهم وهو مؤلف من أفراد ينتمون إلى حركات سياسية يضع موضوع وقف الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية كأحد الأهداف التي يطالب بتحقيقها ويصبو لتحقيق الأهداف الاجتماعية بصورة لا تنفصل عن الأهداف السياسية.

حول هذه القضايا وحملة الاحتجاج أجرينا المقابلات الثلاث التالية:

حركة الاحتجاج

في مدينة تل أبيب

المقابلة الأولى كانت مع ألون لي - جرين، أحد قادة الاحتجاج في مدينة تل أبيب، وهو من الأشخاص العشرة الأوائل الذين أطلقوا شرارة الاحتجاج العام المنصرم:

(*) سؤال: ما الذي دفع مجموعة من عشرة أشخاص إلى السعي لتنظيم احتجاجات وصل عدد المشاركين فيها إلى نصف مليون في العام المنصرم؟

- جواب: قبل كل شيء أثرت الحالة الشخصية لكل واحد منا علينا، ونحن إن لم نطالب ونسعى لتحقيق طلباتنا فلن يقوم أحد بهذه المهمة نيابة عنا.

(*) سؤال: ما هو الفرق بين الاحتجاجات في صيف 2011 وصيف 2012 من ناحية المشاركة والهدف والوضع العام؟

- جواب: رجعنا هذه السنة وقد نضجنا أكثر، ونحن واعون ومتفهمون أكثر للوضع، فهمنا بأنه لا يجب علينا البحث عن الشعارات الأوسع وكسب التأييد الأوسع والإجماع، ويجب علينا عدم الخوف والتصريح بالأمور التي نؤمن بها فعلا مثل الآراء والأفكار المتعلقة بالحكومة الحالية، ولن نقبل بأن يقترحوا علينا حلولا ترتكز على إقامة لجان لحل مشاكلنا وإنما نطالب بصدور قرارات حكومية مباشرة، ونحن ندرك جيدا أن هذه الحكومة غير قادرة على تلبية طلبات الجمهور.

(*) سؤال: لكن أعداد المشاركين هذه السنة قليلة نسبيا مقارنة بالتظاهرات في العام المنصرم؟

- جواب: يجب الانتظار، فهذه هي بداية الصيف فقط، ونحن في أوج مساعينا للتوسع. ثانيا بعد مضي عام كامل عانينا فيه من سخرية وتشهير وتشكيك بهويات قيادة الاحتجاج بدلا من الاهتمام بتلبية طلبات المحتجين فإن هذا التحريض يحقق مفعوله، ولا يمكن عمل أي شيء حيال ذلك، لكن في كل الأحوال فإن احتجاجنا صادق وعملنا صادق حتى لو خرج 10 أشخاص أو 500 ألف شخص.

(*) سؤال: ذكر في بعض الصحف أنه يوجد انقسام في حركة الاحتجاج؟ هل هذا صحيح؟

- جواب: يتميز هذا الاحتجاج بتعددية الآراء، هناك احتجاج سياسي وغير سياسي، وهناك محافظون وغير محافظين، ولكن حين نجمع الأطراف كلها معا نحصل على احتجاج واسع ومتنوع. وهذا بحد ذاته ليس انقساما.

(*) سؤال: هل تؤيد من يقول بأن وجود عقد وقعته مجموعة من قيادة الاحتجاج في نهاية حزيران وعارضه آخرون قد قسم وفرق الاحتجاج إلى قسمين؟

- جواب: لا أعتقد ذلك، فهناك عقد تم توقيعه وحاولت وسائل الإعلام عرضه بطريقة تشوه الحقيقة، فهذا العقد يتحدث عن أمور صحيحة وهو أحد الملفات التي مثلت الاحتجاج، وكل من اشترك أو وقع عليه يؤمن بالقيم التي يتضمنها لكن هناك من لا يؤمن ببعض الأشخاص الذين وقعوا عليه، المعارضة هنا هي ليست على مضامينه وإنما على أسماء بعض الأشخاص الموقعين عليه.

(*) سؤال: هل هناك أهداف سياسية للاحتجاج؟ هل يمكن أن يكون له تأثير على وقف الاحتلال؟

- جواب: كل هدف بحد ذاته هو سياسي، فقضية التربية والتعليم هي سياسية، والتوقف عن الفصل وتحقيق المساواة وقضايا أخرى كلها قضايا سياسية هامة، وإضافة لكل هذا لدينا أهداف عليا هي وجود حكم يكون جيدا لكل مواطنيه. وبخصوص إنهاء الاحتلال أعتقد أن هذا الأمر يمكن أن يتحقق لكن رويدا رويدا وعلى المدى البعيد.

(*) سؤال: في حال تقرر تقديم الانتخابات، هل سيكون لهذا الأمر تأثير على طريقة نهجكم؟

- جواب: لا أرغب في أن تكون هناك انتخابات جديدة على أساس حل لجنة بليسنر (لجنة فرض الخدمة العسكرية أو المدنية على الجميع) لأنها ستكون عنصرية وستأتي على حساب العرب والحريديم، وهو أمر لا ترغب حركة الاحتجاج فيه، ونحن نرغب في انتخابات من النوعية الاجتماعية وتخدم المصالح المشتركة لكافة فئات المجتمع في إسرائيل.

(*) سؤال: كيف رأيتم رد الشارع الإسرائيلي عليكم هذه السنة؟ وهل تتوقعون أن يزداد الدعم لحركة احتجاجكم؟

- جواب: هناك تأييد كبير من الشارع الإسرائيلي وسيزداد مع الوقت، فنحن ما زلنا في مرحلة البداية.

(*) سؤال: ما رأيك في النشاطات والتصريحات الحكومية التي تعلن أنها تسعى لتحسين الوضع، فرئيس الحكومة نتنياهو مثلا يعلن أنه سيزيد العجز المالي حتى لا يزيد الضرائب، هل هذه المواقف هي نتيجة احتجاجكم؟

- جواب: أنا لا أرى وجود أي شيء هنا يسعى لتحسين الوضع الاقتصادي، نتنياهو لم يغير من نهج سياسته الاقتصادية الرأسمالية وإن غيرها يكون ذلك في أمور شكلية للغاية.

(*) سؤال: ما هي أبرز المشاكل التي تواجهونها هذه السنة خلال تنظيمكم لنشاطاتكم؟

- جواب: واجهنا هذه السنة مضايقات ومشاكل مع الشرطة، وتعاملا مجحفا من جانب بلدية تل أبيب التي منعتنا من إقامة الخيام، ومحاولة لتضخيم الإنجازات الحكومية لتحسين الوضع والتي تؤثر شيئًا فشيئًا على الجمهور.

(*) سؤال: هل قدمت لوائح اتهام بحق النشطاء؟ وهل هذا الأمر سيردعكم من مواصلة نشاطكم؟

- جواب: قدمت حوالي 14 لائحة اتهام ونحن نطالب بإغلاق هذه الملفات، هدف هذا الأمر هو ردعنا وما جرى هو جعل حركة الاحتجاج غير شرعية، لكننا لن نسمح بأن يوقفنا ذلك عن مواصلة نشاطنا.

(*) سؤال: وهل ستناضلون أيضا أمام بلدية تل أبيب للسماح لكم بإقامة الخيام؟

- جواب: نحن لن نقف صامتين حيال هذا الأمر، وسنستمر في مطالبتنا حتى تسمح لنا البلدية بإقامتها فمن حقنا الطبيعي والقانوني هو أن نتظاهر ونعبر عن رأينا. البلدية تحاول جعل حركتنا غير شرعية، وتطلق آراء مشككة بهويات المتظاهرين وقياداتهم وأمور أخرى.

(*) سؤال: هل تعانون من تحريض ضدكم؟

- جواب: نحن دائما نسمع أقاويل ضدنا. يقولون عنا بأننا فوضويون ويساريون وأننا جئنا من أجل تدمير إسرائيل، هم يحاولون فض الجمهور من حولنا وإخافتهم منا.

(*) سؤال: ما هي توقعاتك حول ما ستنتجه حركة الاحتجاج هذا الصيف؟

- جواب: أتوقع بأن تكون أنجح من السنة الفائتة، لكننا في النهاية سنصل إلى أهدافنا التي وضعناها.

حركة الاحتجاج

في مدينة حيفا

المقابلة الثانية كانت مع الحاخامة عيديت ليف (تنتمي إلى الحركة اليهودية الإصلاحية) من قيادة الاحتجاج في مدينة حيفا، وهي ناشطة حقوقية، وتدير قسم العدل الاجتماعي في "جمعية حاخامين من أجل حقوق الإنسان".

(*) سؤال: ما هي أهداف الاحتجاجات في نظرك؟

- جواب: جعل الجمهور في إسرائيل أكثر نشاطا وفاعلية من الناحية المدنية، وحثه على أن يراقب كافة أعمال رجال السياسة وأعضاء الكنيست وألا يكون دوره محصورا فقط وقت التصويت، وجعل المواطنين نشطين سياسيا أكثر ومطلعين وناقدين أكثر لكل ما يجري من حولهم.

(*) سؤال: كيف تقيمين النشاط الاحتجاجي في مدينة حيفا مقارنة بمدينة تل أبيب؟

- جواب: من الطبيعي أن يكون النشاط أوسع في تل أبيب فهي مدينة أكبر، أنا لم أفحص المعطيات جيدا لكنني أعتقد بأن عدد المستأجرين في مدينة تل أبيب أكبر من حيفا وهؤلاء نشطون جدا في حركة الاحتجاج، لكننا نقوم بعمل جيد في مدينة حيفا.

(*) سؤال: هل الادعاء بأن الوضع الاقتصادي في حيفا أفضل من تل أبيب هو ادعاء صحيح؟

- جواب: لا أعتقد هذا، لا يوجد فرق بينهما، فهناك صعوبة كبيرة في شراء شقة جديدة في حيفا وفي كل إسرائيل، وعدد الطلاب في الصفوف في حيفا لا يختلف عن عددهم في صفوف تل أبيب، والخدمات الحكومية هي نفسها التي تقدم في المدينتين، وحيفا بطبيعة الحال أصغر من تل أبيب.

(*) سؤال: هل تعتقدين أنكم ستحققون أهدافكم الآن؟ أم أن هذا سيستغرق وقتا؟

- جواب: حصلنا الآن على بعض النتائج، قسم منها إيجابي وقسم منها سلبي، لا أظن أن نتنياهو منشغل لهذه الدرجة بتجنيد الحريديم إلا بهدف أن يسكت الاحتجاج، هو لم ينجح بهذا لكنه يحاول صرف الانتباه عنا. أيضا هناك توفير روضات مجانية لجيل 3 سنوات، على الرغم من وجود تحفظات عندي حيال هذا الأمر، وأنا ناشطة في قضايا العدل الاجتماعي منذ 8 سنوات وكنا نصل إلى 200 مشارك في التظاهرة بالقوة ونعتبر ذلك إنجازا، لكننا اليوم إن نظمنا تظاهرة تصل إلى 10 آلاف شخص لا أحد يكتب عنا، من المؤكد أن حركة الاحتجاج أحدثت تغييرا في طريقة التفكير لدى الجمهور العام وبالنسبة للحكومة فإن الأمر سيستغرق وقتا.

(*) سؤال: هل تعانون من التحريض؟

- جواب: التحريض دائما موجود ودائما حاولوا تشويه شخصيات النشطاء. هذه المحاولات وأيضا المحاولات لتشويه صورة اللاجئين الأجانب جاءت لإبعاد الانتباه عن المحتجين وهي إحدى الطرق التي تمارس ضدنا ولا أظن أنها تنجح.

(*) سؤال: هل عنف الشرطة في المظاهرة قبل أسبوعين هو بسبب نجاح حركة الاحتجاج؟

- جواب: أنا أظن بأنهم تلقوا أوامر عليا لإسكات حركة الاحتجاج، ولكنهم حينما رأوا الضجة الإعلامية التي أحدثها تعاملهم معنا تراجعوا في مواقفهم، لكن شرطة إسرائيل كانت دائما تعاملنا بصورة عنيفة حينما كنا دائما ننظم التظاهرات التي تدعو للتعايش أو تحسين العلاقات العربية اليهودية وقد تعرضت للضرب من قبل الشرطة، أنا استغربت تعاملها الجيد معنا في كل تظاهرات حركة الاحتجاج خلال العام المنصرم، وهي تعاملت معنا بصورة عنيفة فقط في تظاهرة واحدة، وهو تصرف لا نجده حينما ننظم تظاهرات تدعو للتعايش، أذكر أول مرة شاركت فيها في تظاهرة وكنت منزعجة جدا من كاميرات الشرطة التي كانت ترصد تحركاتنا بحثا عن أية هفوة نرتكبها، والآن الشرطة رجعت مرة أخرى تعاملنا بصورة جيدة في التظاهرات الأخيرة، ولذا ما جرى هو نتيجة أوامر عليا.

(*) سؤال: هل منعتكم بلدية حيفا من إقامة الخيام؟

- جواب: نحن في حيفا وعلى النقيض من مدينة تل أبيب أفلحنا في العمل بالتعاون مع البلدية والتي تساعدنا أيضا في أمور معينة، وفي العام المنصرم توصلنا إلى اتفاق مع البلدية حول إقامة الخيام، لكن هذه السنة لا أظن بأننا سنقوم بإعادة النشاط نفسه وأظن أننا سنقوم بأمور تختلف عما قمنا به العام المنصرم.

(*) سؤال: هل ترين أن إجراء انتخابات مبكرة سيؤثر على حركة الاحتجاج؟

- جواب: من المؤكد أن هذا الأمر سيؤثر، فحين أعلنوا قبل فترة عن النية بإجراء انتخابات مبكرة حاول سياسيون إلقاء خطابات سياسية خلال وقفة احتجاجية نظمت في مدينة حيفا لكننا رفضنا ذلك وعلى الرغم من ممارستهم ضغطا علينا، أظن أن هذا سيؤثر وعلى حركة الاحتجاج أن تفكر كيف سترد على هذا وهي بالتأكيد ستزيد من قوة حركة الاحتجاج ولن تضعفها.

(*) سؤال: هل ترين أن عدم وجود قيادة قطرية لحركة الاحتجاج هو أمر يضعفها؟

- جواب: لا أرى ضرورة لوجود أي قادة قطريين لحركة الاحتجاج، هناك قادة محليون في كل مكان، وهناك علاقات فيما بينهم، وفي نظري فإن هذا الأمر لن يضعف الاحتجاج وإنما سيقويه، حيث سيمكن خروج أشخاص أكثر إلى الشارع لوجود تعددية في الآراء والقيادة، ولا مرة كنا نتبع لقيادة واحدة حتى خلال العام المنصرم لكن التعاون بيننا قائم وكنا موزعين لمجموعات مختلفة، وهناك أشخاص مختلفون ومجموعات متنوعة، وأحد الأمور التي يقوم بها الناس هو الانضمام إلى مجموعة لديهم معها قاسم مشترك، حيث أن لكل شخص رأيا مختلفًا عن أخيه، والمجموعة الكبيرة تفقد العامل المشترك الموجود داخلها.

أين العرب في

حركة الاحتجاج؟

وعن مشاركة الفلسطينيين من مناطق 48 تحدثنا في المقابلة الثالثة والأخيرة مع رجا زعاترة الذي كان العام المنصرم ناشطا في خيمة وادي النسناس في حيفا وانتخب في طاقم قيادة الاحتجاج القطرية.

(*) سؤال: ما هو الفرق بين حجم مشاركة العرب هذه السنة عن سابقتها؟ وبين نوعية الاحتجاج خلال السنتين؟

- جواب: في السنة الماضية أيد 70 بالمئة من العرب الاحتجاج وشارك فيه قرابة 20 بالمئة منهم (بموجب الاستطلاع العلمي الوحيد الذي أجري). الاحتجاجات هذه السنة أكثر تسييسًا، وهذا بحد ذاته يتيح فرصة أمام الأقلية العربية لطرح قضاياها وطرح العلاقة الجدلية بين السياسي والاقتصادي- الاجتماعي، وبين الاحتلال والأوضاع المعيشية.

(*) سؤال: هل هناك سعي من قبل النشطاء اليهود لاستقطاب وتشجيع العرب على المشاركة؟

- جواب: هناك قوى تحاول شدّ الاحتجاج إلى حضن الإجماع القومي السائد في إسرائيل، وهناك قوى أخرى تشدّه في اتجاه آخر، يساري أكثر. بطبيعة الأمر نحن أقرب إلى الاتجاه الثاني.

(*) سؤال: كيف تجد أهمية هذه المشاركة في الاحتجاجات وتأثيرها على عملية المطالبة بالحقوق الأساسية للأقلية العربية في البلاد؟ وهل تجدها كافية؟

- جواب: الأقلية العربية الفلسطينية في البلاد تناضل بعدّة طرق وتطرح قضاياها بعدّة وسائل. إن أي تزحزح في السياسة الاجتماعية- الاقتصادية مهما يكن صغيرًا يصب في صالحنا (كما هي الحال مع توسيع تطبيق قانون التعليم المجاني الإلزامي لجيل 3 و4 سنوات). وبالتالي علينا تعزيز مشاركتنا وتأثيرنا السياسي في الاحتجاج هذه السنة أيضًا. بالطبع هناك قوى تسعى إلى اختلاق قضية ما يسمى بـ "تقاسم العبء" لأنها لا تريد الاصطدام مع الحكومة والطبقة الحاكمة، ومن مصلحتنا كعرب أن يكون النضال والنقاش على الحقوق لا على "الواجبات".

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات