المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تسعى ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش الى احداث "اختراق سياسي" في السياق الاسرائيلي – الفلسطيني، عبر مبادرة خاصة الى استصدار تصريح رئاسي في مجلس الامن يؤيد خطة "خارطة الطريق" ويدعو اسرائيل والفلسطينيين "الى العمل معاً لوقف الارهاب وتحقيق السلام".وبموجب الصيغة الامريكية المقترحة، سيبارك مجلس الامن عرض خطة الطريق "لتحقيق تصور دولتين ديموقراطيتين – اسرائيل وفلسطين – تعيشان جنباً الى جنب بسلام وامان".

وكان من المفروض ان يصدر التصريح عن المجلس يوم الجمعة 2 ايار الا انه تأجل حتى يوم الاثنين 5 ايار، نزولا عند طلب سورية، الى ان يعود وزير الخارجية كولن باول الذي زار دمشق من جولته الشرق اوسطية.

ويجيء الاجراء الامريكي للتصدي للمبادرة الفلسطينية الى دعوة مجلس الامن للبحث في عمليات القتل الاسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، ومقتل وجرح العشرات في عمليات اجتياح نهاية الاسبوع.

ويشار الى ان التصريح الرئاسي، خلافًا لقرارات مجلس الامن، ليس ملزماً. لكن الادارة الامريكية تأمل ان يؤدي تصريح من هذا القبيل – يصدر، عادة، فقط باتفاق عام – الى ارضاء الدول العربية في الامم المتحدة، ويقنعها بالتراجع عن مبادرتها الى دعوة المجلس للبحث في جرائم اسرائيل في القطاع.

وبموجب "هآرتس" الالكترونية (3 ايار) يتضمن التصريح الرئاسي الذي صاغته الادارة الامريكية تبريكاً لتعيين ابو مازن رئيساً للحكومة الفلسطينية.

ورفضت ادارة بوش عرض خارطة الطريق حتى استكمال اقرار التعيين امام المجلس التشريعي الفلسطيني، بسبب رفضها اجراء مفاوضات مع الرئيس ياسر عرفات.

وقالت مصادر في الاتحاد الاوروبي ان وزراء الخارجية متفقون على الحاجة الى المحافظة على مكانة الرئيس ياسر عرفات: "عرفات هو شخصية تاريخية ولاعب حيوي في عملية السلام. أي محاولة للمس بمكانته ستؤثر سلباً على عملية السلام"، قالت هذه المصادر.

ووجه وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الذين التقوا الجمعة 2 ايار في جزيرة رودوس في اليونان الدعوة لاسرائيل والولايات المتحدة لقبول "خارطة الطريق" بدون تغييرات. وقال وزراء الاتحاد ان على اسرائيل والفلسطينيين تبني الخطة والبدء بتطبيقها في الحال.

ازاء ذلك، كثفت إسرائيل من عملياتها العسكرية في الاراضي الفلسطينية تحت ستار دخاني كثيف من التحركات الرامية الى إظهار استعدادها للتجاوب مع متطلبات "خارطة الطريق". وهي تستعد لاستقبال وزير الخارجية الأميركية كولن باول، خلال ايام، ولهذه الغاية يصل الى المنطقة مساعد وزير الخارجية الامريكي ويليام بيرنز للإعداد لهذه الزيارة.

واعدت إسرائيل، إضافة الى التعديلات التي تنوي قريبا مناقشة إدخالها على "الخارطة"، آلية لحصر النقاشات مع الفلسطينيين في الشهور القادمة في المستوى الأمني وحسب.

وقد اضطرت وحشية الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة والتي أودت بحياة ثلاثة عشر فلسطينيا في يوم واحد بينهم ثلاثة أخوة، الولايات المتحدة الى دعوة إسرائيل الى كبح جماح عملياتها. ودعت وزارة الخارجية الأميركية في بيان استثنائي إسرائيل الى اتخاذ كل تدابير الحيطة الضرورية لتجنب المساس بالمدنيين الأبرياء.

وتأتي العمليات الإسرائيلية المكثفة في المناطق الفلسطينية عموما وفي قطاع غزة على وجه الخصوص ضمن خطوة واضحة لإظهار عجز حكومة أبو مازن ومن أجل إحباطها. وهذا ما دعا اللواء عبد الرزاق المجايدة، قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في القطاع، الى اعتبار الهجمات الإسرائيلية قتلا لحكومة أبو مازن.

حصر اللقاءات في الموضوع الامني

ورغم العمليات، يتكرر الحديث في اسرائيل عن اعتزامها خلال الأسابيع القليلة القادمة البدء بلقاءات أمنية وسياسية مع القيادة الفلسطينية. ومن المقرر أن تبدأ هذه اللقاءات باجتماع بين رئيسي الحكومة الإسرائيلية والفلسطينية، أرييل شارون ومحمود عباس (أبو مازن). وهناك لقاء آخر سيعقد بين أبو مازن ووزير الخارجية الإسرائيلية سيلفان شالوم.

غير أن اسرائيل تسعى من وراء هذه اللقاءات الى ذر الرماد في العيون. فثمة اتفاق بين أريئيل شارون ووزير دفاعه، شاؤول موفاز على حصر الاتصالات مع الفلسطينيين في الجانب الأمني. ولهذا الغرض أعلن موفاز عن تشكيل الشعبة السياسية في وزارة الدفاع برئاسة الجنرال عاموس جلعاد بهدف إجراء المفاوضات. وبغية إزالة أي التباس عمد الى تشكيل "لجنة التوجيه السياسي" والتي تضم إضافة إليه كلا من رئيس الأركان، موشيه يعلون، رئيس مجلس الأمن القومي، إفرايم هاليفي، رؤساء الموساد والشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية، مئير دغان، آفي ديختر وأهرون فركش، ورئيس شعبة التخطيط في هيئة الأركان الجنرال غيورا آيلاند.

وتهدف لجنة التوصية الى التأكيد على أولوية البعد الأمني في المفاوضات مع الفلسطينيين. وترى هذه اللجنة بترتيب الأولويات الإسرائيلية بحيث لا تنسحب القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية إلا بالتدريج وضمن اختبارات لوضع الأمن فيها. وإذا نجحت الحكومة الفلسطينية في فرض سيطرتها تعمل إسرائيل على إزالة الأطواق والحصار والسماح بتحريك المشاريع الاقتصادية. وفقط إن أثبتت حكومة أبو مازن في الشهور القادمة قدرتها ستقوم إسرائيل بتقديم بوادر حسن نية تشمل إطلاق سراح معتقلين والسماح بحرية الحركة والبدء بمفاوضات سياسية.

وكان مبعوث شخصي للرئيس الأميركي، جورج بوش، وهو إليوت أبرامز قد وصل الى إسرائيل سرا لطمأنتها الى عدم وجود نية لممارسة أي ضغوط عليها. ومن المقرر أن يصل مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ويليام بيرنز.

وتعمل إسرائيل عبر اللوبي الصهيوني والعديد من المراكز ذات النفوذ لإحباط أي محاولة للضغط عليها من جانب إدارة بوش.

وبعد دخول باول الى رام الله وتل أبيب سيتوجه مدير عام ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية دوف فانسغيلاس الى واشنطن للبحث مجدداً في مطالب إسرائيل بتعديل خريطة الطريق.

وقد تغيرت نبرة إسرائيل تجاه أبو مازن. وكتب المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس" ألوف بن أنه في الوقت الذي يطالب فيه أبو مازن بالانسحاب وتجميد المستوطنات تطالب إسرائيل بمواجهة عنيفة بين أبو مازن ومحمد دحلان من جهة، وحماس والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى من جهة ثانية. وأوضح أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي منح أبو مازن علامة أقل من كاف.

ولكن، ومهما كان الحال فإن أميركا، وخلال وقت قصير، ستنجح في إقامة لجان أمنية مشتركة وتستأنف المباحثات على المستوى المناطقي. وبين هذه وتلك ستعقد لقاءات سياسية، ولكن أحدًا في إسرائيل لا يعلق عليها آمالا كبيرة.

"لوبي المستوطنات" ضد "خارطة الطريق"

وتشهد الحلبة الحزبية الداخلية في اسرائيل تحركات واسعة وحثيثة للتفاعل مع استحقاقات "خارطة الطريق". وبدأ معسكر اليمين بتنظيم نفسه لإحباط أي تقدم في تطبيق الخطة التي سلمتها الولايات المتحدة للاسرائيليين والفلسطينيين.

وتتبلور خطة عمل في إطار "لوبي ييشاع" (لوبي مستوطني الضفة الغربية) لعرقلة جهود التقدم نحو تطبيق خارطة الطريق.

وانضم حتى الآن إلى اللوبي 22 عضو كنيست ويتوقع مؤسس اللوبي ورئيسه، عضو الكنيست يحيئيل حزان من الليكود، أن ينضم إليه مع بداية الدورة الصيفية للكنيست ثلث اعضاء البرلمان الاسرائيلي.

وقال حزان المستوطن في مستوطنة أريئيل في الضفة الغربية والذي شغل سابقـًا منصب نائب رئيس المجلس البلدي للمستوطنة: "جمعنا حتى الآن 22 توقيعـًا دون أي جهد.. إن خارطة الطريق في صيغتها الحالية غير مقبولة وإذا تم تنفيذها فسيكون ذلك بمثابة خراب دولة إسرائيل".

ومضى حزان يقول: "هناك جهل كبير لدى أعضاء الكنيست والجمهور بشكل عام بكل ما يتعلق بمكانة الضفة الغربية. إن هدف إقامة اللوبي هو تزويد أعضاء الكنيست بأدوات دعائية لكي يدركوا أن كل ما نقوم به في الضفة الغربية قانونيـًا".

وقدم عضو "اللوبي"، عضو الكنيست غلعاد أردان (ليكود) مشروع اقتراح في الكنسيت يدعو إلى إجراء "استفاء شعبي على خارطة الطريق أو على الحل الدائم مع السلطة الفلسطينية". ويشترط الاقتراح أن يصوت إلى جانب خارطة الطريق أو الحل الدائم ما يزيد عن 50% من أصحاب حق الاقتراع في اسرائيل.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات