المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

من الصعب أن تجد بنيتين سياسيتين متجاورتين تتأثر إحداهما بما يجري في الأخرى كما هو الحال فيما بين فلسطين وإسرائيل. فكلما كان هناك انتخابات في إسرائيل استأثرت بالاهتمام الموضوعات التي لها صلة بالفلسطينيين، وانقسم الإسرائيليون بشأن أفضل الطرق لمعالجة المشكلة الفلسطينية أو بشأن المواقف من معاهدة بعينها، وهكذا.

بقلم: غسان الخطيب
من الصعب أن تجد بنيتين سياسيتين متجاورتين تتأثر إحداهما بما يجري في الأخرى كما هو الحال فيما بين فلسطين وإسرائيل. فكلما كان هناك انتخابات في إسرائيل استأثرت بالاهتمام الموضوعات التي لها صلة بالفلسطينيين، وانقسم الإسرائيليون بشأن أفضل الطرق لمعالجة المشكلة الفلسطينية أو بشأن المواقف من معاهدة بعينها، وهكذا. كذلك، وبينما لم يحظ الفلسطينيون للأسف بالفرص نفسها لإجراء انتخابات، فإنهم عندما توجهوا إلى صناديق الاقتراع كانت معاهدة أوسلو مع إسرائيل الموضوع الأسخن والأكثر تسببا في الانقسام.

لهذا السبب، فلا معنى في الواقع للجدل حول أهمية "التدخل" أو "عدم التدخل" في انتخابات الطرف الآخر، فكل طرف هو عنصر مهم في تشكيل مصير الطرف الآخر. ولأن إسرائيل هي الطرف الأقوى في هذا النزاع فإن نتيجة انتخاباتها مهمة لكلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. يجب أن يكون متوقعا أن كل من له مصالح في سياق النزاع الإسرائيلي الفلسطيني سيكون مهتما وذا مصلحة في نتيجة الانتخابات الإسرائيلية.

على أن هذه الانتخابات الإسرائيلية على وجه الخصوص تسترعي قدرا استثنائيا من الاهتمام والمتابعة – من جانب الفلسطينيين، والدول المجاورة، وعلى الصعيد الدولي – لأنها ببساطة تضعنا جميعا على مفترق طرق مهم. قد يختار الإسرائيليون التمديد لقيادة العنصر اليميني المتطرف الحالي في السياسة الإسرائيلية بزعامة أرئيل شارون، ما سيعني استمرارا لا مفر منه للمواجهات الدامية الجارية بين الطرفين. ولنقل ببساطة إن هذه الحكومة اليمينية هي المعسكر نفسه الذي عارض في الأصل عملية السلام لأنه متمسك بأيديولوجية لا تنسجم والمفاهيم التي قامت عليها عملية السلام والتي تتلخص في مبادلة الأرض بالسلام. لا بل إن هذا المعسكر اليميني منغمس تماما في مسألة الحقوق التاريخية والدينية للشعب اليهودي في كل الأراضي التي يعتبرها القانون الدولي واقعة تحت احتلال عسكري غير مشروع تسبب عن الحرب.

من ناحية أخرى فإن الجمهور الإسرائيلي قد ينكفئ على نفسه، ويتنكب عن طريق المواجهة الدامية بانتخاب قيادة سياسية تنتمي إلى معسكر السلام وتسمح باستئناف علاقة تقوم على مفاوضات السلام. هذه العلاقة قد تؤدي إلى إحدى نتيجتين: إما أن حكومة كهذه ستتمكن من التوصل إلى معاهدة نهائية وشاملة وبذا تنهي الصراع، أو أنها على أقل تقدير سوف تُحِل محل هذه المواجهات الفظيعة والفادحة علاقة حوار وتعاون فيما يتعلق بالأمن والاقتصاد، بينما تمضي في إجراءات بناء الثقة وفي التطبيق التدريجي للترتيبات الانتقالية.

قد لا يكون الخيار الثاني إيجابيا بقدر عقد معاهدة نهائية وشاملة، ولكنه سيكون أفضل بكثير للطرفين من استمرار الوضع المأساوي الحالي.

ولتوضيح ذلك أكثر يمكن القول إن الإسرائيليين يواجهون في هذه الانتخابات خيارا: هل يريدون أن يركزوا على الاحتلال أم على السلام؟ والأمران متضادان. طالما استمر الاحتلال والتوسع الاستيطاني فسوف يكون هناك مواجهة طابعها العنف، لأن الاحتلال بحد ذاته عنف، فهو يسعى إلى الحفاظ على السيطرة في حين لن يضيع القابعون تحته فرصة لتخليص أنفسهم من سيطرته البغيضة.

وفي المحصلة، لا ريب في أن على الفلسطينيين أن يحاولوا الإسهام إيجابيا عن طريق تشجيع الإسرائيليين على اختيار الاتجاه الصحيح. وسبيلهم إلى ذلك هو تأكيد الالتزام الفلسطيني بالسلام القائم على القانون الدولي الذي ينص على وجوب إنهاء احتلال مناطق الـ 1967 تماما بحسب قرار مجلس الأمن 242 ، وعلى ضمان إحلال سلام شامل ودائم يتضمن حلا لمشكلة اللاجئين يستند إلى القانون الدولي.

.

المصطلحات المستخدمة:

معسكر السلام

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات