المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الضباب الذي ساد الجهاز السياسي الاسرائيلي في ختام لقاء شارون - متسناع قلب ظهر المجن لشخصيات رفيعة في "الليكود": بنيامين نتنياهو، مثلاً، الذي أخذ يعتاد التفكير بأنه سيواصل المكوث في وزارة الخارجية، قد يكون الضحية الاولى لحكومة الوحدة. شالوم، الذي يتأرجح كرسيه من تحته بطبيعة الحال، قد يكون التالي في الدّور، وإن كانت هذه في مثل حالته ستكون طريقة محترمة للفرار من <<السرير المريض>>. كذلك يوجد لدى موفاز ما يفكر به أيضًا: صحيح أن شارون أعلن رسميًا وعلانية أن حقيبة الدفاع ليست موضوعاً لمفاوضات ائتلافية، لكنَّ هناك شخصاً مقرباً جداً من شارون، يدعى اوري شاني، يعتقد أن على "العمل" تسلّم هذه الحقيبة..

لم يتفق زعيما "العمل" و "الليكود"، في ثالث لقاء لهما بعد انتخابات الثامن والعشرين من كانون الثاني الماضي، على شيء حقيقي يقرّبهما من هدف المفاوضات غير الرسمية الأول: تشكيل حكومة وحدة وطنية – "علمانية" بلسان طومي لبيد – تضم احزاب "الليكود" و "العمل" و "شينوي". فقد حضر رئيس حزب العمل عمرام متسناع الى اللقاء مع رئيس الحكومة الاسرائيلية أرئيل شارون (الاثنين 17 شباط) يحدوه هدف واحد: أن يخرج منه بسلام. بدون حكومة وحدة، وكذلك بدون ضرر إضافي لصورته التي تضررت أصلاً عندما رفض ارسال طاقم للتفاوض مع "الليكود".
في الساعات التي سبقت اللقاء، اجرى متسناع مشاورات مع كبار كتلته. كلّهم أرادوا الانضمام اليه، لعلهم ينجحون في تليين تشدده ورفضه قليلاً، لكن الرجل لم يشعر بالراحة في الحديث عن نفسه. لذلك عرض عليه بنيامين بن اليعيزر اصطحاب شمعون بيريس معه، كبير مؤيدي الوحدة الوطنية، والسكرتير العام اوفير بينيس، الذي يعارضها – ظاهرياً على الأقل! بيريس نصح متسناع ان يصطحب بن اليعيزر معه، فهو يقول انه يعارض حكومة وحدة مع شارون، لكن احداً لا يصدقه، ولا يصدق بينيس أيضاً. قال له شالوم سمحون: خذ معك ابراهام شوحط (الذي يملك موقفًا موضوعيًا ومباشراً من مسألة الوحدة)، لكي يتحدث مع شارون في المواضيع الاقتصادية.

أصغى متسناع مطولا لنصائح زملائه، وبالتالي قرر اصطحاب بينيس معه. <<للحظة لم يفكر في ان يصطحب الثعالب معه الى كرم العنب>>، قال احد المقربين منه.

وهكذا ترك متسناع وراءه كتلة متذمرة وقلقة وعاجزة عن صنع شيء، وتوجه الى مكتب رئيس الوزراء بصحبة بينيس، الذي يعتبره شارون مصدر إزعاج متواصل. في ساعات الصباح نجح متسناع في إفشال نية شارون استدعاء وزير الدفاع شاؤول موفاز ووزير المالية سلفان شالوم لحضور اللقاء. خشي ان يضطر، مع تركيبة كهذه التي يحضّر لها شارون، أن يصطحب شمعون بيريس وبن اليعيزر معه، وهو لم يكن راغبًا في أن يصبح أقليةً في اللقاء.

قبل ان يتوجه الى شارون التقى متسناع في الكنيست برئيس "شينوي"، يوسف لبيد. رفع لبيد نحوه عينين مليئتين بالامل وحمراوتين من قلة النوم. في الليلة السابقة قضى ساعات طويلة في بيت ايهود اولمرت، سوية مع رئيس "المفدال" الوزير ايفي ايتام، في محاولة للتصالح في قضايا الدين والدولة. اتكأ متسناع ولبيد على الدرابزين وتحادثا. بدا لبيد يائساً. <<سأدعمك في هذا الموضوع يا عمرام>>، سمعوه يقول له. لكن، لا حدود لإحباط لبيد: <<لو حضر حزب العمل لما كان عليّ أن أجلس مع إيتام على كل بند وكلمة>>، قال لبيد. <<سوية كنا سنشكل حكومة علمانية>>.

في اجمال اللقاء بين متسناع وشارون تقرر العودة الى اللقاء لمواصلة <<استيضاح المواقف>>. شكليا، هذا تطور صاخب. فمتسناع، رافض الوحدة المتزمت، الزعيم الذي جرّ قادة كتلته الصارخين والراكلين بأقدامهم في الهواء الى مؤتمر صحفي جماعي بدا أشبه بحفل أداء قسَم الكشاف، وفرض عليهم الإعلان بأنهم لن ينضموا أبدا الى حكومة وحدة – هذا الزعيم أخذ يلين شيئًا فشيئاً. صار هناك ما يمكن الحديث عنه الآن. لا أحد يغلق الباب. هناك طرف خيط، قد يبرر البدء بمفاوضات حول الوحدة.

من جهة اخرى، قد يكون كل شيء مناورة في العلاقات العامة. ذلك أن متسناع، وبكل بساطة، ليس معنياً بأن يبدو أمام الجمهور كمن أغلق مجدداً الباب في وجه شارون أمام الوحدة. لذلك سينتظر يومين – ثلاثة أيام وبعدها سيقول إنه وَزَنَ الامور جيدًا وتشاور مع زملائه – وإنه على ما يبدو لا يوجد أساس حقيقي للوحدة.

يوم أمس (17 شباط) كان من الصعب أن نعرف صورة الوضع الحقيقية. رفض المشاركون في الحديث الادلاء بالتفاصيل. الضباب الذي ساد الجهاز السياسي الاسرائيلي في ختام لقاء شارون - متسناع قلب بطبيعة الحال ظهر المجن لشخصيات رفيعة في "الليكود": بنيامين نتنياهو، مثلاً، الذي أخذ يعتاد التفكير بأنه سيواصل المكوث في وزارة الخارجية، قد يكون الضحية الاولى لحكومة الوحدة. شالوم، الذي يتأرجح كرسيه من تحته بطبيعة الحال، قد يكون التالي في الدّور، وإن كانت هذه في مثل حالته ستكون طريقة محترمة للفرار من <<السرير المريض>>. كذلك يوجد لدى موفاز ما يفكر به أيضًا: صحيح أن شارون أعلن رسميًا وعلانية أن حقيبة الدفاع ليست موضوعاً لمفاوضات ائتلافية، لكنَّ هناك شخصاً مقرباً جداً من شارون يدعى اوري شاني يعتقد أن على "العمل" تسلّم هذه الحقيبة..

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات