المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

انتخابات الليكود التمهيدية ("ألبرايمريز") إخلال بكل القواعد والاصول السليمة * لمثل هذه الاوضاع تقرر فتح تحقيق في ملفات بعض الفائزين بأماكن متقدمة على اللائحة الانتخابية...

يوجد لداني نافيه، المرشح المتقدم في قائمة الليكود للكنيست المقبلة، صديق يدعى روبين جبرائيلي، جمع ثروة طائلة من دور القمار والكازينوهات التي يديرها. يقول "نافيه" إنه لم يخف أبدا علاقته بـ "جبرائيلي" - أو على الأدق مع عائلة جبرائيلي - ولكن لغاية انتخابات الليكود التمهيدية، والتي فاز بها "نافيه" بالمركز الثالث، لم تكن هذه العلاقة معروفة للناس. ويتضح أن "نافيه" كان مرشحا مدرجا في قائمة الصفقة المتفق عليها، والتي وصفها الوزير مئير شطريت بـ "العصابة"، صفقة عائلة جبرائيلي - عائلة دافيد ألفرون – آبيل - إيتان سولمي. كان "نافيه" الراعي لهذه الصفقة أو عرّابها.
في الأسبوع المنصرم طلب من موسى ألفرون - وهو رجل معروف بسوابقه الإجرامية وأصبح خلال السنة الأخيرة عضوا في مركز الليكود - بأن يذكر أسماء الذين شملتهم قائمة الموصى بهم من طرفه في انتخابات الليكود الداخلية (البرايمرز). ألإسم الأول الذي ذكره ألفرون كان إسم دانيه نافيه، وبعد ذلك كال (ألفرون) المديح لـ "عانبل جبرائيلي".

كان نافيه قد شارك في الإجتماع الذي نظمته عائلة جبرائيلي قبل أيام معدودة من البرايمرز. كذلك حضر هذا الإجتماع الذي كرس لحشد التأييد للمرشحة الشابة من طرف عائلة جبرائيلي (عينبال) كل من وزير الأمن الداخلي عوزي لانداو ووزير شؤون البيئة تساحي هنغبي، ووزير التطوير الإقليمي روني ميلو ووزير الإتصالات روبين ربلين، الذي لم يتوقع أن تتفوق عليه المرشحة "جبرائيلي" في السباق لتفوز بالمكان التاسع والعشرين.

لا شك في أن انتخابات الليكود التمهيدية هذه إخلال بكل القواعد.

توجه نافيه إلى "أوفكيم" ليشارك في الإجتماع الإنتخابي الذي نظمته ومولته عائلة جبرائيلي لصالح ابنتها المجهولة. طلبت العائلة من "نافيه" الظهور إلى جانب "عينبال"، ولبى النداء. يقول نافيه: "لا أنكر حقيقة العلاقة التي تربطني بروبين جبرائيلي - عندما طلبوا مني المشاركة في اجتماعاتهم في (أوفكيم) استجبت بسرور. لا توجد بيني وبين موسى ألفرون أي مساومة. لقد صوت من أجلي وأنا لم أعده بشيء".

وعن تأييده للصفقة بين جبرائيلي - ألفرون – آبيل - سالومي، قال نافيه: "لم أطلب منهم إطلاقا أي تأييد، وبالتالي لم أتعهد لهم بشيء. لا يمكن الوصول إلى المكان الثالث في قائمة الليكود من خلال صفقة، لم أبرم أي صفقة مع ألفرون". وبالنسبة لعائلة جبرائيلي: "أعتقد أن جبرائيلي أيدني لكن ذلك لم يكن نتيجة صفقة. لم أحصل منهم على أي شيء". وفي حال توجه إليه جبرائيلي طالبا مساعدة ليسدد (نافيه) فاتورة تأييد جبرائيلي له، قال نافيه: "سأساعده بصورة جوهرية ملموسة في إطار القانون".

يرغب نافيه في تبوأ "منصب تنفيذي"، حقيبة "اجتماعية - اقتصادية" في الحكومة المقبلة، بمعنى وزير رفيع المستوى بما يتلاءم مع مكانته، ويرضي المقربين منه في مركز الليكود.


* لمن التأثير؟!

إذا كان السؤال فيما مضى، من الذي يمتلك نفوذا وتأثيرا أكبر في الليكود: إسحق شامير أم دافيد ليفي، أرئيل شارون أم بنيامين نتياهو، فإنه ينبغي اليوم صياغة السؤال بشكل آخر: من الذي يمتلك تأثيرا أكبر على أعضاء مركز الليكود - أهي عائلة جبرائيلي أم عائلة ألفرون؟! يعترف ألفرون صراحة أن الإجابة على هذا السؤال واضحة بقوله: "إنهم (أي عائلة جبرائيلي) أكثر ثراءاً ومالا وبالتالي فهم يملكون تأثيراً أكبر". ويضيف: هذه سياسة وليس جنوحا إجراميا.. ليس لدى أيّ منا شيء ضد الآخر.. وفي المحصلة لم يمض على وجودي في السياسة سوى سنة واحدة، فكيف يمكن لي منافسة جبرائيلي.. أنا لا زلت في الخمسين من عمري، وربما أصبح في المرة المقبلة عضوا في الكنيست".

في الماضي تعاون مردخاي تسرفاتي، المعروف أكثر بلقبه "منتش"، مع حزب "مباي". رسميا قالوا أنه "المسؤول عن إحضار الكراسي لإجتماعات الحزب"، في حين تولى "منتش" ورجاله بصورة غير رسمية، الحفاظ على النظام خلال الإجتماعات، وأن يسلك الجميع كما يجب، بما فيه دعم وتأييد زعماء الحزب. اليوم يوجد لـ "مباي الجديد"، أي حزب الليكود، رجال جدد يعملون خلف الكواليس، وهم لا يختبئون خلف "إحضار الكراسي" لإجتماعات الليكود أو جمع جمهور مؤيد، بل يرسلون مندوبين من طرفهم إلى الكنيست.

ألفرون راض عن قائمة مرشحي الليكود الجديدة، ويقول: "يجب إجراء تغييرات بصورة دائمة. هناك حاجة لوجوه جديدة، فهذا يمنع الفساد. لدي انطباع إيجابي عن "عينبال جبرائيلي" وقد نالت إعجابي كسياسية..". كذلك دعم ألفرون "ليئا نيس" التي انتخبت في المكان 34، والتي قدمت نفسها بأنها "المتدينة الوحيدة في الليكود". وقد كانت هي الأخرى من ضمن الموصى بهم في نطاق "الصفقة الكبرى". تقول "نيس"، التي تقيم في جوار مع "ألفرون" في "غبعات شموئيل": "توجهت إلى جميع أعضاء مركز الحزب، وإذا كان ألفرون قد اعتقد بأنني مرشحة جديرة وصوت لصالحي، فليس لدي أي مشكلة.. هناك خمسة أعضاء في مركز الليكود يقيمون في غبعات شموئيل، أحدهم موسى ألفرون".

"نيس" نفت بأنها استعانت بـ "شيلي نركيس" من ملوك السوق السوداء في إسرائيل، والذي يحاكم حاليا بتهمة عدم إبلاغ سلطة ضريبة الدخل عن جزء من مداخيله من أعمال الصرافة في السوق السوداء.


* مقاولو أصوات!

نشاط روحما أبراهام، مديرة مكتب بنيامين نتياهو سابقا، في وزارة البنى التحتية، إنحصر بشكل أساسي في تدبير شؤون ومصالح أعضاء مركز الليكود. شقت "أبرهام" طريقها من عملها هذا في الوزارة نحو السباق إلى الكنيست، وكان أفيغدور ليبرمان (وزير البنى التحتية السابق) هو الذي جاء بها للعمل في الوزارة. ميخائيل غورلوبسكي، الذي انتخب في قائمة الليكود، في المكان المضمون لممثلي المهاجرين (الروس)، كان قد عمل في السابق سائقا ومعاونا لأبيغدور ليبرمان. غورلوبسكي سيصبح عضوا في الكنيست القادمة. أبرهام وغورلوبسكي تحولا من خدم ومعاونين إلى مقاولي أصوات ومن مقاولي أصوات إلى أعضاء كنيست. وفي مواجهة هؤلاء اللاعبين الجدد وقفت وزيرة المعارف ليمور ليفنات بوجه ممتقع، وقالت بأنها لم تعِد أحدا بشيء، على الرغم من مطالب أعضاء المركز في مجالات ومسائل تتعلق بوزارة المعارف. يقول "ألفرون" إنه لم يضع اسم ليبنات في قوائمه، لكن اسمها ظهر في قوائم دافيد آبيل. وهكذا احتوت "الصفقة الكبرى" على "صفقة صغيرة". ألفرون، على سبيل المثال، أدرج اسم ميخائيل إيتان في قائمته، غير أن معاوني دافيد آبيل ادرجوا اسم ليبنات بدلا من اسم إيتان. سيلفان شالوم، الذي لم يعول على صفقة شارون وابنه عومري، حاك لنفسه صفقات خاصة به، إحداها مع مقاول الأصوات الحريدي إسحق كويفمان من القدس، وأخرى مع موشيه بايغلين، وثالثة ورابعة..الخ. وهكذا ظهر اسم سيلفان شالوم في جميع القوائم المتفق عليها تقريبا، وهو ما يفسر المكان المتقدم الذي احتله شالوم في قائمة الليكود المنتخبة. وعلى سبيل المثال فقد ظهر اسم "شالوم" في قائمة ألفرون وجبرائيلي اللذين يكنان له الحب والمودة.

يقول شالوم: "ذهبت بالتأكيد إلى كويفمان وطلبت التأييد، لكن ما الذي باستطاعتي أن أقدمه له؟! لم أتحدث مع روبين جبرائيلي ولو بكلمة واحدة قبل البرايمرز".

في الأسبوع الماضي قررت الشرطة فتخ تحقيق ضد "غيلا غملئيل" التي وصلت إلى المكان الـ 11 في قائمة الليكود متخطية وزراء وأعضاء كنيست دحروا إلى أماكن متأخرة.

وطبقا لتحقيق صحفي أجرته محطة إذاعة الجيش الإسرائيلي فإن "غملئيل" مشبوهة بتحويل أموال تخص طلبة جامعيين إلى شركة خاصة. غير أن "غملئيل" التي نجحت في الوصول إلى المرحلة النهائية، عادت وخسرت التنافس لصالح مرشح سياسي قديم وهو عضو الكنيست السابق عكيفا نوف. لا شك أن قائمة الليكود تضم أعضاء كنيست جددا ومؤهلين، لكنها تضم أيضا أشخاصا لا يعرف الكثير عنهم، يجهلون تماما عمل الكنيست ويدين كل منهم بالولاء للذي أوصله إلى المكان الذي وصل إليه.


* رجل نتياهو القوي!

تساحي هنغبي، الذي فاز بالمكان الأول في البرايمرز، أيد عينبال جبرائيلي أيضا، وقد أدرج اسمه ضمن قائمة "الصفقة الكبرى". هنغبي قرر المغامرة في هذه الإتنخابات، فقد بشر إعلان نشر في صحيفة محلية اسمها "مركاز هعنيانيم" ووزعت على نطاق واسع جدا بين أعضاء مركز الليكود بأن "الوزير تساحي هنغبي يحتفظ برقم قياسي في التعيينات لأعضاء الليكود". لقد أصبح من الممكن اليوم التفاخر بما جرت العادة على إخفائه أو كتمانه في السابق. هنغبي - الذي اقتبس عنه في الإعلان قوله: "أقر بالتهمة، ففي كل مرة أتيحت لي فرصة لعرض وظيفة على أحد زملائي في الحزب تناسب كفاءاته، لم أتوانَ عن مطالبته بترشيح نفسه لوظيفة" - أنكر وجود أي صلة له بالإعلان لكنه لم يخف ابتهاجه بالضجة المثارة حول هذا الموضوع. فهذا بالضبط ما كان يحتاجه قبل البرايمرز: إشهار نفسه كملك التعيينات السياسية.

ويقول هنغبي معقبا على الإلتماس الذي قدمته الحركة من أجل نزاهة السلطة، إلى لجنة الإنتخابات على إثر صدور الإعلان المذكور: "لم أقم بتمويل هذا الإعلان، الذي تضمن أشياء مبالغا بها، لكنني أشكر الحركة على انضمامها لحملتي الإنتخابية ومساهمتها في تضخيم وإشاعة هذا الإعلان". ويقر المقربون له بأنه (هنغبي) انتخب للمكان الأول (في قائمة الليكود) بفضل "عشرات التعيينات" ولكونه رئيسا لمركز الليكود ولأنه تجنب هذه المرة الإنحياز أو الوقوف إلى جانب أي طرف. فالذي وقف على الحياد في برايمرز الليكود هو الذي خرج رابحا.

أشار ألإستطلاع الأخير لمينا تسيمح، إلى أن الليكود خسر خمسة مقاعد من قوته في أعقاب فضائح البرايمرز. ولا ريب في أن قصص أعمال الفساد وشراء السلطة بالمال ستطفو على السطح أكثر فأكثر في الفترة المقبلة. إن حقيقة كون أرئيل شارون لم يعبأ بالإهتمام برجاله، باستثناء مساعيه لإنتخاب نجله عومري، أدت إلى إلحاق ضربة قاضية بروبي ريفلين وإيهود أولمرت وليفني، في حين أدى تعيين أولمرت لرئاسة طاقم شارون والليكود الإنتخابي، رغم إخفاقه في البرايمرز، إلى إثارة هنغبي الذي رغب بتولي هذه المهمة. أما الموالون لنتياهو في كتلة الليكود، فهم ينتظرون الآن بترقب، لرؤية ما سيعطيه لهم شارون بعد الإنتخابات.

من جهته، وبعد يومين من انتخابه في المكان الأول، لم يعد هنغبي في موقف المتفرج المحايد، بل عاد للعب دور حامي نتياهو وحارسه الأمين، حيث وجه (هنغبي) تحذيرا لشارون بقوله: "إذا سعى شارون لإستبعاد نتياهو، فإنه سيرتكب خطأ. يجب أن يكون نتياهو وزيرا للخارجية في الحكومة المقبلة، حتى إذا كانت حكومة وحدة. فحزب العمل لن يأتي بأغلبية لمثل هذه الحكومة".

إلى ذلك، فقد أعلن هنغبي بأنه يتطلع إلى تولي "حقيبة (وزارة) اقتصادية هامة في الكنيست المقبلة"مشيرا إلى "الداخلية أو المواصلات أو البنى التحتية أو وزارة الإسكان"، فكلها كما قال "حقائب محترمة في نظري"، و "المحترمة" تعني هنا "غنية بالتعيينات"، لا سيما وأن هنغبي سيكون مطالبا بالوفاء بالوعود التي قطعها لأعضاء مركز الليكود.

بقلم: حاني كيم – هارتس 13 ديسمبر 2002

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات