أقر الكنيست الإسرائيلي الأسبوع الماضي بالقراءة الأولى مجددا مشروع القانون الذي يحرم آلاف العائلات الفلسطينية، التي أحد الوالدين فيها من الضفة الغربية وقطاع غزة ودول عربية، من لم الشمل؛ ولم يتسن للحكومة اجتياز ما كان يظهر وكأنه عقبة إلا بعد التنسيق مع الكتلة الأكثر تطرفا في اليمين الاستيطاني في صفوف المعارضة، التي تم إقرار مشروعها الأكثر تشددا لنفس الغرض في ذات المشهد. ومشهد التصويت يدل على تعلق الأحزاب المشاركة في الائتلاف بهذه الحكومة، حتى لو أصابت ممارساتها نقاطا جوهرية في مواقف سابقة لها. في المقابل، فإن موجة الغلاء ما تزال تشغل الساحة الإسرائيلية والحكومة تعرض خطوات لن تغير الكثير من واقع الغلاء.
دأبت إسرائيل في الماضي على إظهار استخفافها ولامبالاتها إزاء الأصوات الصادرة عن أطراف إقليمية ودولية تنتقد سياساتها وممارساتها، سواء كانت تلك الأطراف دولا وحكوماتٍ وأحزابا، أو منظماتٍ، وبشكل خاص إزاء تقارير منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، والتي واظبت على رصد الانتهاكات الإسرائيلية الفظيعة لحقوق الفلسطينيين. ولم تخل هذه التقارير يوما من كيل الاتهامات لحكومة إسرائيل بمخالفة القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، وارتكاب أعمالٍ ترقى إلى مستوى جرائم الحرب. وكانت الانتقادات القاسية تصدر بشكل دوري عن منظمات حقوق الإنسان، لكن ردودَ أفعال الأوساط الإسرائيلية الرسمية والحزبية، ومن يدور في فلكها من وسائل الإعلام، بدت على الدوام جاهزةً ونمطيةً من حيث التصنيفُ المسبق لهذه المنظمات بأنها تقف في صف أعداء إسرائيل من اليسار والعرب وقوى التطرف الإسلامي، وبأن مواقفَها جزءٌ من الحملات اللاسامية المعادية لحق الشعب اليهودي في تقرير المصير!
أعادت وفاة القاضية الإسرائيلية ميريام ناؤور (1947-2022) السجال الإسرائيلي حول المحكمة العليا إلى الواجهة. ناؤور كانت ترأست المحكمة العليا منذ العام 2015 وحتى تقاعدها في العام 2017، وعملت في سلك القضاء الإسرائيلي لمدة 38 عاماً منها 14 عاماً في المحكمة العليا، كما كانت تشغل عند وفاتها، في 24 كانون الثاني 2022، رئاسة لجنة التحقيق في حادثة جبل ميرون.
في كانون الثاني 2022، استشهد المسن عمر عبد المجيد أسعد، 80 عاما، من قرية جلجليا قضاء رام الله، وهو مواطن فلسطيني يحمل جواز سفر أميركياً، بعد أن قيده جنود إسرائيليون لساعات وألقوه في البرد القارس. لاقى استشهاد أسعد ردود فعل محلية ودولية بسبب هذه الواقعة. كانت كتيبة في الجيش الإسرائيلي تدعى "نيتسح يهودا" هي من قام باقتحام جلجليا والتسبب في استشهاد أسعد.
ما الذي يمكن قوله بشأن مستجدات الموقف الإسرائيلي من إيران، وذلك في ضوء تقارير متقاربة تؤكد أن المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي من العام 2015 المنعقدة في العاصمة النمساوية فيينا بلغت المرحلة النهائية؟
وقد تم تعليق هذه المحادثات مؤخراً ومن المقرّر أن تُستأنف هذا الأسبوع. ومنذ نيسان الفائت عقدت الولايات المتحدة وإيران ثماني جولات من هذه المحادثات غير المباشرة بهدف إعادة العمل بالاتفاق المذكور، والذي رفع العقوبات عن طهران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
كما أن مثل هذا السؤال يبدو مستحقاً في إثر إعلان مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن إدارة الرئيس جو بايدن أعادت، يوم الجمعة الماضي، إعفاء إيران من "عقوبات نووية"، بغية تمكين طرف ثالث من المشاركة في مشاريع عدم انتشار الأسلحة النووية في إيران، موضحاً أنه لا يمكن إجراء مناقشات فنية مفصلة بشأن إيران في غياب هذا الإعفاء من تلك العقوبات.ولكن المسؤول نفسه أكد أن ذلك "ليس تنازلاً لإيران"، كما أنه ليس إشارة إلى أن واشنطن على وشك التوصل إلى توافق لإنقاذ اتفاق 2015 الذي يفترض أن يمنع إيران من تطوير قنبلة نووية.
"إن الطريقة الصحيحة للتواصل مع الرأي العام حول العالم، هي التواصل مع الناس على الأرض، وزارة الشؤون الاستراتيجية اتخذت من الضوابط العسكرية منطقاً لها، وهي تتعامل مع "الهسبرا" على أنها حرب؛ يتم تحديد مكان الأعداء عبر المؤسسة الأمنية وبواسطة وسائل الذكاء الأمنية، ومن ثم مهاجمتها، لكن التعامل مع حركة المقاطعة ومواجهتها يفرض على إسرائيل أن تُظهر للعالم أنها قابلة للنقد"، هكذا عبّر نداف تمير، وهو دبلوماسي إسرائيلي سابق وأحد الخبراء في مجال العلاقات الدولية، عن فهمه لدور عملية "الهسبرا" ونقده لمنطق عمل وسلوك "وزارة الشؤون الاستراتيجية" الإسرائيلية في مواجهة BDS.
الصفحة 143 من 611