يمكن إعادة أبرز تحسّبات إسرائيل، ولا سيما أطياف اليمين فيها، من انتخاب زهران ممداني رئيساً لبلدية نيويورك يوم 4 تشرين الثاني الحالي إلى الأسباب التالية: أولاً، يُنظر إلى ممداني كجزء من صعود تيّار تقدمي ينتقد إسرائيل داخل الولايات المتحدة. ثانياً، كل تقدّم انتخابي لهذا التيار يُقرأ في إسرائيل باعتباره إشارة إلى تحوّل في المزاج الأميركي العام. ثالثاً، نجاح ممداني في استقطاب الكثير من يهود نيويورك من حوله يُنظر إليه كنجاح في تفكيك "التضامن اليهودي العالمي" على قاعدة "الارتباط بإسرائيل".
تشكّل قضية تسريب الفيديو الذي يُظهر مشهد اغتصاب أسيرٍ فلسطيني من قطاع غزة اعتُقل بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 داخل معتقل "سديه تيمان" واحدة من الأزمات التي يواجهها النظام القضائي العسكري في إسرائيل منذ سنوات طويلة. لا تكمن خطورة الحدث إسرائيلياً في الواقعة الأخلاقية والقانونية لجريمة الاغتصاب، بل أن النقاش حولها مرتبط بالشبهات التي تلاحق المدعية العسكرية العامة وطاقم المكتب بالتورط في تسريب المادة المصورة، ومحاولة التستّر على التحقيق، بل وتضليل جهات قضائية عليا، بما في ذلك المحكمة العليا، خاصة بعد حادثة انقطاع الاتصال المؤقّت مع المدعية العسكرية العامة يفعات يروشالمي قبل عدّة أيام.
صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 7 تشرين الثاني 2025 بأنّ وصول قوة الاستقرار الدولية إلى قطاع غزة بات قريباً جداً، مؤكداً أن تنفيذ وقف إطلاق النار يسير بصورة جيدة حتى الآن. ويأتي هذا التصريح في وقت يتصاعد فيه الجدل حول مستقبل غزة وترتيبات اليوم التالي، حيث تُعدّ فكرة نشر قوة دولية في القطاع إحدى القضايا المركزية في النقاش الراهن. وترتبط هذه الفكرة مباشرةً بـالبند الخامس عشر من خطة ترامب، التي تنصّ على إنشاء قوة استقرار دولية (ISF) تتولى الانتشار في غزة خلال المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة.
في أيلول الأخير، عرضت القناةُ الثالثةَ عشرةَ الإسرائيليةُ سلسلةَ تحقيقاتٍ مؤلَّفةً من أربعِ حلقاتٍ تحمل عنوان: "ما الذي جرى للجيشِ الإسرائيلي؟"، وفيها قام الصحافيُّ عُمري أَسنهايم والمخرج جِلعاد توكتالي باختيارِ أبرزِ قادةِ الجيشِ لتوجيهِ الأسئلةِ الحارقةِ حول القراراتِ المُتَّخَذةِ خلال فترةٍ تمتدُّ على أربعينَ عاماً.
فاز زهران ممداني في الانتخابات لرئاسة بلدية نيويورك، وهي المدينة التي تضم أكبر جالية يهودية في العالم خارج إسرائيل، ووصلت في العام 2024 إلى ما بين 1.6 إلى 1.8 مليون شخص، أي خمس سكان المدينة الكبرى. تستعرض هذه المقالة مواقف ممداني من إسرائيل، والحرب على غزة، وكيف يتفاعل المجتمع اليهودي في نيويورك مع فوزه.
هزّت قضية الفساد الكبيرة، في اتحاد نقابات العمال الإسرائيلية العامة (الهستدروت)، الأوساط السياسية والعامة، نظرا لحجمها، إذ أن أول المتورطين فيها، رئيس الهستدروت أرنون بار دافيد وزوجته، ومعه عشرات المسؤولين النقابيين، بمستويات مختلفة، وهذا فتح من جديد قضايا الفساد في الهستدروت، الذي كان حتى العام 1994 يسيطر على 30% من الاقتصاد الإسرائيلي، ويجمع في صفوفه لا أقل من 80% من القوى العاملة، وله مكانة حاسمة في السياسات الاقتصادية، ذات العلاقة بظروف وشروط العمل، إلا أنه في ذلك العام، حصل انقلاب في قيادة الهستدروت، وكان فاتحة لتغيير جذري في المبنى التنظيمي للنقابات واتحادهم، ليظهر في ما بعد أن المخطط كان ضرب مكانة النقابات والهستدروت، ومنذ ذلك الحين دخل الهستدروت في مسار إضعاف تأثيره، وتقلبت عليه قيادات، لم تكن على رأس أجندتها المصالح العمالية لجمهور العاملين عامة.
الصفحة 1 من 613