المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قرر رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت إقامة ذراع جديدة في الجيش لشؤون السايبر. وقالت مصادر رفيعة المستوى في قيادة الجيش إن هذا القرار يهدف إلى إعادة تنظيم منظومة الحرب السيبرانية في الجيش الإسرائيلي، وأشارت إلى أنه جاء بعد إجراء دراسات مطولة قام بتركيزها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان") اللواء هرتسي هليفي.

وأضافت هذه المصادر أن الذراع الجديدة ستكون مماثلة من حيث بنيتها لسلاحي البحر والجو، وستتولى المسؤولية عن تفعيل القوة في كل ما يرتبط بمجال الشبكة العنكبوتية.

وكان الجيش الإسرائيلي درس بداية تشكيل هيئة قيادية لـ"السايبر" يقف على رأسها لواء، لكنه قرر في النهاية إقامة ذراع بصلاحيات متعددة تكون كل مجالات السايبر تحت إمرتها وكذلك "مجال الحماية" التي تشرف عليه اليوم وحدة التنصت بالإضافة إلى مجال الهجوم السيبراني ومجال جمع المعلومات وتخطيط العمليات ذات الصلة بالشبكة العنكبوتية.

ومن المتوقع أن ينهي الجيش إقامة هذه الذراع في غضون عامين.

ورأى أمير بوحبوط، المحلل العسكري في موقع "والا" الإلكتروني، أن إنشاء هذه الذراع يشكل دليلاً على أن الجيش الإسرائيلي يستعد لحرب السايبر.

وكتب بوحبوط يقول: إن التهديدات السيبرانية التي تتعرض لها دول الغرب لم تترك أي شك لدى رئيس هيئة الأركان الجنرال غادي أيزنكوت، في أنه من الضروري إلى جانب أذرع البر والجو والبحر وجود ذراع قوية ومستقلة في المجال السيبراني، تشمل مهماتها التخطيط العملاني والدفاع والهجوم، ويكون هدفها منع الحرب أو القيام بهجمات واسعة. وإعلان رئيس الأركان بالأمس إنشاء ذراع سيبرانية دليل على أن هذا المجال تحول إلى أحد العناصر الأساسية لأمن دولة إسرائيل.

وأضاف أنه على الرغم من ذلك، فإن إنشاء هذه الذراع يثير خلافات كبيرة في الرأي في هيئة الأركان العامة بشأن طريقة إدارة عملية إنشائها. وفي الواقع فإن دولاً عظمى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا تستخدم هيئات سيبرانية عظيمة القوة، ولكن تنظيمات إرهابية مثل حزب الله تقوم هي أيضاً بمساعدة إيرانية، بتطوير مثل هذه الهيئات، وكذلك يعمل الجيش الإسرائيلي على إنشاء جسم يستطيع أن يقدم ردّاً شاملاً على التهديدات المتزايدة، لكن الطريق ليس سهلاً.

وكشف أنه من أجل الحؤول دون نشوب صراع قوى بين الهيئات المختلفة على الموارد والصلاحيات المختلفة، قرر رئيس الأركان تشكيل لجنة توجيه برئاسة نائب رئيس الأركان، اللواء يائير غولان. وستستمر العملية سنتين. ولكن في تقدير القيادة العسكرية، فإنه عند انتهاء هذه المدة ستبقى هناك "مناطق رمادية" لن يجري التسرع باتخاذ قرارات بشأنها.

وأشار المحلل نفسه إلى أنه في الأسبوع الفائت قدمت اللجنة التي يرأسها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء هرتسي هليفي، والتي حين تسلم أيزنكوت مهماته طلب منها درس إنشاء ذراع سيبرانية، توصياتها إلى رئيس الأركان. وجرى بحث عدد من الأفكار مثل إنشاء قيادة إقليمية مثل قيادات المناطق الجنوبية والوسطى والشمالية، أو شعبة شبيهة بشعبة التنصت. لكن الطابع المعقد والمستقل للمجال السيبراني دفع إلى اتخاذ قرار بإنشاء ذراع خاصة تكون مسؤولة عن وضع طريقة العمل وبناء القوة واستخدامها.

وأوضح بوحبوط أيضاً أن عملية إنشاء الذراع السيبرانية تثير تساؤلات صعبة في ما يتعلق بمصير الوحدة 8200 وهي الوحدة الأكبر في الجيش الإسرائيلي. فمعظم جنود وحدة جمع المعلومات الاستخباراتية وفك الرموز يعملون في المجال السيبراني، ونقل جزء من هؤلاء العاملين إلى الذراع السيبراني سيؤدي إلى تقليص شعبة الاستخبارات بصورة جذرية كما سيقلص ميزانيات الاستخبارات أيضاً.

وترى أطراف معينة في قيادة الجيش الإسرائيلي أنه يجب إبقاء المجال السيبراني ضمن مسؤولية الاستخبارات العسكرية بسبب أساليب عمل الجيش الإسرائيلي. لكن ضابطاً كبيراً أوضح أن جوهر قرار إنشاء ذراع يدل على وجود توجه نحو تعيين ضابط برتبة لواء قائداً لهذه الذراع وليس ضابطاً برتبة عميد يعمل تحت إمرة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية.

وختم قائلاً: إن التخوف الأساس الذي تثيره خطوات مهمة مثل إنشاء ذراع هو هدر المال والجهد البشري النوعي وإلحاق الضرر بالخبرة في المجال الدفاعي الذي تتولاه شعبة التنصت، ومجال الهجوم التابع للاستخبارات العسكرية. ومن الواضح حتى في هذه المرحلة أن قوة شعبة التنصت ستتقلص بصورة جذرية، ومنذ اليوم يجري التفكير في إمكانية خفض رتبة قائد شعبة التنصت من لواء إلى عميد.

من ناحية أخرى قدّم رئيس هيئة الأركان العامة أيزنكوت الأسبوع الفائت تقريراً إلى لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، قال فيه إن إسرائيل قلقة جداً من الحرب الأهلية الدائرة في سورية بالقرب من منطقة الحدود بين الدولتين في هضبة الجولان، ومن ذلك احتمال أن تضطر إلى التعامل مع لاجئين سوريين دروز يصلون إلى منطقة الحدود. وأكد أيزنكوت أن الجيش الإسرائيلي سيبذل كل ما في وسعه لمنع وقوع مجزرة بحق الدروز في سورية.

لكن رئيس هيئة الأركان اعتبر أن البرنامج النووي الإيراني ما زال يشكل التهديد الرئيس الذي تتعرض له إسرائيل في الوقت الحالي، وتوقع أن يستمر هذا البرنامج في إشغال الجيش بما في ذلك شعبة الاستخبارات وسلاح الجو خلال الأعوام المقبلة.

وقال أيزنكوت إن الوضع الأمني في الضفة الغربية مستقر. وفي ما يتعلق بقطاع غزة لفت إلى ازدياد قوة تنظيمات أكثر تطرفاً من حركة "حماس"، وأكد أن الجيش يعمل على منع التعاظم العسكري لهذه التنظيمات كما يعمل ضد حفر الأنفاق الهجومية. وأوضح أن الواقع الأمني في القطاع معقد جداً بسبب النزاعات بين التنظيمات المتعددة، وأشار إلى أن الجيش يقوم بإغلاق المعابر في حال إطلاق قذائف صاروخية أو قذائف هاون من القطاع، أما في أوقات الهدوء فإنه يسمح بزيادة عدد شاحنات البضائع التي تدخل إلى القطاع.

المصطلحات المستخدمة:

لجنة الخارجية والأمن, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات