خصصنا معظم مواد هذا العدد لموضوعين متصلين:
الأول، موضوع تصعيد هجوم اليمين الإسرائيلي الجديد الحاكم على الجهاز القضائي وفي طليعته المحكمة العليا؛
الثاني، موضوع شبه تبخر "اليسار" بماركته الإسرائيلية المعروفة باسم "اليسار الصهيوني"، وبالأساس على خلفية أدائه المتناقض والمعطوب وما أسفر عنه ذلك من تلاشي التأييد الجماهيري العام تقريباً له، كما أظهرت نتائج آخر جولة من جولات الانتخابات الثلاث التي جرت خلال العام الأخير، شأن ما كانت عليه نتائج الجولتين اللتين سبقتاها.
يشمل هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" مقالات وتقارير تحاول أن تستشرف أبرز القضايا والتحديات التي ستكون مطروحة في جدول أعمال إسرائيل في غضون الفترة القليلة المقبلة على مختلف الصُعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك في إثر إنجاز تأليف حكومة وحدة بين حزبي الليكود و"أزرق أبيض" برئاسة بنيامين نتنياهو في البداية، والتي وصفت بحق بأنها حكومته الخامسة، من المتوقع أن تؤدي اليمين الدستورية يوم الخميس المقبل.
يشمل هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" عدداً من التحليلات التي تتناول النتائج المباشرة والبعيدة المدى المترتبة على تفشي وباء كورونا فيما يتعلق بالسياسة والاقتصاد في إسرائيل، وتسلط الضوء على سيناريوهات الخروج المتداولة في إثر انتشار هذه الجائحة.
يسود لدى البعض في إسرائيل اعتقاد بأن السقوط الأخير لحزب العمل على خلفية نية ثلثي نوابه (2 من 3 نواب!) الانضمام إلى حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة، التي تجري هذه الأيام مفاوضات لتأليفها بين حزبي الليكود و"أزرق أبيض"، بما قد يعنيه ذلك من انهيار لـ"اليسار الإسرائيلي" التقليديّ وتلاشيه كليّاً، ناجم عن تبوء "مُخلّص دجّال" على شكل عضو الكنيست عمير بيرتس زعامته في آخر جولتين انتخابيتين من الجولات الثلاث التي جرت خلال العام الأخير.
ثمة محاور كثيرة يمكن التطرّق إليها لدى محاولة إجمال الملامح الرئيسة التي اتسم بها عهد بنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية والذي بدأ منذ العام 1996، وكان متصلاً من الناحية الزمنية على مدار ما يزيد على أعوام العقد الأخير، سواء أكان ذلك على صعيد السياسة الداخلية أو على صعيد السياسة الخارجية، وهي ملامح من شأنها أن تزداد رسوخاً في حال نجاح زعيم الليكود واليمين في تأليف الحكومة المقبلة. وحتى للآن تبدو هذه العملية صعبة للغاية وإن لم تكن مستحيلة، وذلك برسم النتائج النهائية التي أسفرت عنها نتائج الانتخابات للكنيست الـ23 التي جرت يوم 2 آذار الحالي، وخصصنا لها حيّزاً واسعاً في هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي".
بصرف النظر عن التفصيلات المهمة التي تتضمنها ورقة تقدير الموقف الجديدة الصادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب فيما يتعلق ببنود صفقة ترامب- نتنياهو المعروفة باسم "صفقة القرن"، فإن الاستنتاج الذي تخلص إليه يظل الأكثر أهمية، وفحواه أن فرص تحقيقها ضئيلة جداً وتوازي الصفر.
الصفحة 36 من 49