تجمع التحليلات في إسرائيل على أن يوم الثالث عشر من نيسان 2024 سوف يسجل في تاريخ منطقة الشرق الأوسط باعتباره يوماً تاريخيّاً أعلنت فيه إيران لأول مرة شنّ هجوم غير مسبوق على إسرائيل بواسطة مئات المُسيّرات والصواريخ البالستية التي تم إطلاقها في اتجاه إسرائيل من الأراضي الإيرانية، وأيضاً من العراق واليمن.
طرأ ارتفاع متسارع وغير مسبوق على عنف المستوطنون الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين، خاصة في الضفة الغربية. وتدعو السلطة الفلسطينية باستمرار إلى "إدراج منظمات المستوطنين العنيفة على قائمة الإرهاب العالمي"،[1] إذ يشكّل هذا العنف خطراً يومياً ملموساً على المجتمع الفلسطيني عموماً، ويشكّل تحدياً للسلطة وقواها الأمنية، ويضر بفعاليتها ويسهم في تراجع شعبيتها. وعلى الرغم من صدور بعض الإدانات عن مسؤولين إسرائيليين فإنه نادرًا ما تُوجه للمستوطنين لوائح اتهام أو تُتخذ إجراءات قانونية ضدهم، مما يعكس سياسة إسرائيلية منهجية تقوم على غض النظر عن إرهاب المستوطنين، بل والسماح لهم بأن يكونوا سيفاً آخر مسلطاً على رقاب الفلسطينيين.
تراوحت التقديرات الإسرائيلية بشأن قرار تركيا حظر تصدير 54 منتجا إلى إسرائيل -في الأساس ما يخدم قطاع البناء- وأيضا بعض المنتوجات الزراعية، بين اعتباره ضربة مؤلمة لقطاع البناء، تقود لرفع أسعار البيوت، وأن هذا مجرّد إجراء مؤقت لن يدوم طويلا، بين دولتين يرتفع التبادل التجاري بينهما باستمرار. لكن التخوف الإسرائيلي هو أن يشجع القرار التركي دولا أخرى، على فرض عقوبات على إسرائيل، بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة. وبحسب التقارير فإن قطاع البناء يسارع حاليا لضمان بدائل للبضائع المستوردة من تركيا، التي ستكون أسعارها وكلفة نقلها أعلى مما هما عليه من هذا البلد.
بتاريخ 2 نيسان 2024، قتلت إسرائيل 7 من عمال المطبخ المركزي العالمي في أثناء توزيعهم للمساعدات في قطاع غزة. هذا لم يكن مجرد حدث عابر، أو مُجرّد خطأ عسكري منفرد، وإنما هو جزء من سياق طويل تحولت فيه المساعدات الإنسانية ولوجستيات توزيعها إلى معركة حقيقية تحاول إسرائيل أن تستخدمها كسلاح لوضع معالم "اليوم التالي للحرب". على ما يبدو، تعتبر قضية توزيع المساعدات الإنسانية مسألة محورية بالنسبة للجيش الإسرائيلي: ففي النهاية، ستنسحب إسرائيل من القطاع، وسيتم الانتهاء من قضية الأسرى، بيد أن شكل الحكم وهياكل السلطة والإدارة في قطاع غزة ستبقى هي المركب الأهم، بحيث أن قضية توزيع المساعدات الإنسانية ستتحول إلى حجر الزاوية في تحديد معالم هذه السلطة في اليوم التالي للحرب.
في مساهمات سابقة حول الأسلحة والتقنيات العسكرية والأمنية الإسرائيلية، أشرنا إلى أن الحروب الإسرائيلية المتعاقبة على الفلسطينيين وعلى الدول العربية قد وفّرت لإسرائيل مساحة كبرى لابتكار وتطوير الأسلحة والتقنيات العسكرية والأمنية، بشكلٍ مكّنها من أن تصبح رائدة في هذا المجال. ومنذ بداية حرب الإبادة الحالية على قطاع غزة، تسعى الشركات الإسرائيلية ذات الصلة بمجال التطوير الأمني والعسكري إلى تحويل قطاع غزة إلى مختبر تجارب للأسلحة والتقنيات لما تُشكّله استمرارية الحرب من فرص لتطوير وتحسين قدرات هذه التقنيات والأسلحة والوسائل وما يترتب على ذلك من ميزة عسكرية، بالإضافة إلى الأرباح الطائلة، وهو ما بات يُعرف في الأدبيات بالاقتصاد السياسي للأسلحة والتقنيات الإسرائيلية.
يختتم الكنيست الإسرائيلي، في الأسبوع الأول من شهر نيسان الجاري، دورته الشتوية، في ظل الحرب المستمرّة على قطاع غزة، وحالة وأنظمة الطوارئ الثانية، التي تعلنها إسرائيل خلال 76 عاما. انعكست هذه الأجواء على الأجواء البرلمانية، وأدت إلى انعدام صوت المعارضة من الكتل الصهيونية، في كل ما يتعلق بالحرب وقوانين الطوارئ، التي منها ما هو غير مسبوق. وعلى الرغم من أن بنيامين نتنياهو يتمتع بائتلاف متماسك، لا يهدد استمرارية حكومته، فإنه سعى من خلال توسيع الائتلاف في فترة الحرب، لبث رسالة سياسية للعالم والشارع الإسرائيلي. وعلى الرغم من ما نشاهده من جدل سياسي صاخب، خاصة في الآونة الأخيرة، حول قانون تجنيد شبان الحريديم، فإن الائتلاف الأساس الذي يرتكز على 64 نائبا، ما زال متماسكا، إذ إن تلاقي المصالح فيه يمنع تفككه.
الصفحة 35 من 338