شكّلت الحروب الإسرائيلية على مدار العقود السبعة الماضية، بما في ذلك الحروب المتلاحقة التي شنّتها على قطاع غزة منذ العام 2006، فرصة من أجل تطوير وابتكار تقنيات ووسائل عسكرية وتكنولوجية بالنسبة للشركات الإسرائيلية العاملة في مجال الصناعات العسكرية والأمنية على اختلاف أنواعها. وليس مبالغة القول إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي حوّل التجمّعات الفلسطينية المحتلّة إلى مختبر حيّ للتجارب والاختبارات لمختلف الأسلحة والتقنيات حيث يتم تحديد كفاءتها وفعاليتها والترويج لها على مستوى الدول والجيوش حول العالم. وعلاوةً على المكاسب الأمنية والعسكرية المترتبة على هذه العملية، فإن هناك فوائد اقتصادية ضخمة وهو ما يُفسّر التحالف الوثيق بين هذه الشركات والمستثمرين والنخب العسكرية في كثير من الأحيان.
تُعتبر الحرب على الرأي العام العالمي من أصعب التحديات التي تواجهها إسرائيل في الوقت الراهن. فقد شهدت الدولة انحداراً يومياً في مستويات الدعم الدولي التي تحظى بها، وذلك بسبب انتشار صور القتل والدمار التي خرجت من قطاع غزة إلى أرجاء العالم، بالإضافة إلى المحاكمات القضائية التي جرت في لاهاي ضدها، بغض النظر عن نتائجها النهائية.
لمواجهة هذا التحدي، اعتمدت إسرائيل منذ نشأتها على استراتيجية "القوة الناعمة" في جهودها الدبلوماسية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية، بهدف كسب الشرعية الدولية. وتُعتبر الدبلوماسية الثقافية واحدة من أهم الاستراتيجيات التي تستخدمها إسرائيل لتحقيق هذه الغاية، حيث تولي اهتماماً كبيراً للمشاركة في الأحداث الثقافية والفنية والرياضية والتكنولوجية من حول العالم أجمع، بغرض ترويج صورتها كدولة ديمقراطية ومتحضرة وليبرالية ومتعددة الثقافات وأنها جزء من نادي دول غرب أوروبا، وإخفاء قدر الإمكان نظام الأبرتهايد الذي تحكم به الفلسطينيين.[1]
يتّضح من معطيات وتحليلات توفّرها مصادر عدة، أبرزها تقرير لوزارة الصحة الإسرائيلية، أن عدد أسرّة الرقود في المستشفيات آخذ في الانخفاض باضطراد طيلة العقد الماضي، إذ انخفض عدد أسرّة المستشفيات لكل 1000 شخص في إسرائيل بنسبة 9%، وهو رقم أقلّ بفجوة كبيرة مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD.
عنوان التقرير "أسرّة ومحطات في المستشفيات قيد الترخيص حتى كانون الثاني 2022" ويتضمن المؤشرات في العقد الأخير لعدد الأسرّة ومعدلها في نهاية كل عام وبحسب نوع العلاج في المستشفى. ويعرض المعلومات المتوفرة حتى نهاية العام 2022 عن عدد الأسرّة في المؤسسات الصحية المختلفة، بما في ذلك أسرّة الرّقود النهاري، ومحطات الرعاية النهارية وطب الطوارئ والجراحة وغسيل الكلى والولادة وأسرّة الأطفال حديثي الولادة. بالإضافة إلى ذلك يعرض عدد المستشفيات وعدد مرافق التمريض وعدد أسرّة المستشفيات، ومقارنة دولية لمعدل الأسرّة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتعتمد المعلومات كما ورد في المقدّمة على شهادات الترخيص الصادرة عن قسم ترخيص المؤسسات الطبية في وزارة الصحة للمؤسسات الطبية في إسرائيل.
تكشف قراءة مقالات إسرائيلية كتبت في موضوع التربية للسلام منذ أكثر من 50 عاماً، أن نبوءتها السوداء قد تحققت. فإهمال السلام كقضية تربوية أدى بالفعل إلى انهيار الديمقراطية والتفكك الاجتماعي، مثلما توقعَت.
إذاً، فالتربية للسلام مهمة، أولاً وقبل كل شيء، للمجتمع الإسرائيلي داخلياً، قبل أن تصبح بكثير مهمة "لصالح" العرب. لكن يبدو أن التطبيق البسيط لهذه التربية، بواسطة التعارف واللقاء ليهود وعرب، ليس ممكناً في أزمان الحرب. والعدد الضئيل من المربيات والمربين الذين أظهروا مؤخراً درجة من التعاطف مع الوجود الفلسطيني، قوبلوا بتنديد شعبي بل وحتى بطردهم من المدارس.
منذ أسبوع تقريباً، تشن قوة إسرائيلية خاصة عملية عسكرية واسعة النطاق في مجمّع الشفاء الطبي في غزة، ذلك بعد عدّة أشهر على اقتحام المجمّع وما رافق ذلك من صخب إعلامي محلي ودولي كبيرين (في شهر تشرين الثاني من العام المنصرم)، ووسط تلفيقات وروايات إسرائيلية متعدّدة ثبت زيفها لاحقاً حول استخدام حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية للمجمّع كمقرّ عسكري لمهاجمة إسرائيل خلال "المناورة البرية" التي انطلقت في نهاية تشرين الأول من العام المنصرم.حظيت هذه العملية بتركيز إعلامي إسرائيلي وترويج للعديد من الروايات حول أبعاد ونتائج العملية التي ما تزال مستمرّة حتى وقت إعداد هذه المساهمة والتي ستسلّط الضوء على أبعادها من ناحية الرغبة الإسرائيلية باستنساخها لاحقاً بحيث تُصبح صورة مصغّرة عما سيحدث مستقبلاً في القطاع.
في شهر آذار 2024، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على بؤرتين استيطانيتين في الضفة الغربية. وهي المرة الأولى على الإطلاق التي تفرض فيها الولايات المتحدة قيودا اقتصادية على بؤر استيطانية إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كان الدافع وراء هذا القرار هو أعمال الإرهاب (أو العنف بلغة الموقف الأميركي) التي ينفذها المستوطنون من سكان هذه البؤر ضد الفلسطينيين. والبؤر الاستيطانية التي تستهدفها هذه العقوبات هي مزرعة موشيه (الموجودة بالقرب من فروش بيت دجن) ومزرعة تسفي (المقامة على أراضي قرية أم صفا شمالي رام الله)، وكلتاهما تعتبران غير قانونيتين بموجب القانون الإسرائيلي، مما يميزهما عن مستوطنات الضفة الغربية الأخرى التي تسمح بها الحكومة الإسرائيلية وتمنحها التصاريح اللازمة. تستعرض هذه المقالة آخر مستجدات أوضاع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.
الصفحة 36 من 338