يوم الثلاثاء المقبل، الثاني من آذار، تجرى في إسرائيل انتخابات عامة أخرى لانتخاب الكنيست الـ23، وستكون هذه هي الانتخابات العامة الثالثة التي تجرى في غضون أقل من عام واحد، إذ سبقتها الانتخابات للكنيست الـ 21 في التاسع من نيسان الماضي، 2019، ثم تلتها الانتخابات للكنيست الـ 22 في السابع عشر من أيلول من العام نفسه، 2019.
منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، لم تُتمّ أية حكومة دورتها القانونية الكاملة، المحددة بأربع سنوات، مما جرّ بالتالي عدم إتمام الكنيست دورته القانونية المحددة، هي الأخرى، بأربع سنوات، وهو ما حتّم إجراء انتخابات برلمانية عامة مرة كل ثلاث سنوات، بالمتوسط، وأحياناً خلال أقل من ذلك. وقد شذّ الكنيست الـ 20 عن هذه "القاعدة"، إذ امتدت دورته نحو أربع سنوات تقريباً ـ منذ انتخابه يوم 17 آذار 2015 وحتى الانتخابات للكنيست الـ 21 في 9 نيسان 2019. غير أن هذا الاستثناء الذي سجله الكنيست الـ 20، لم يحمل أية بشائر بشأن تغلب النظام السياسي في إسرائيل على أزمته المتفاقمة باستمرار جراء عدم الاستقرار الذي أصبح سمة ملازمة للحكومات المتعاقبة وللكنيست في دوراته المتتالية.
تم حل الكنيست الـ 22 في شهر كانون الأول بعد أكثر من 3 أشهر على انتخابات أيلول، وللمرّة الثانية خلال عام، لتتجه إسرائيل لانتخابات ثالثة، خلال 11 شهرا، في الثاني من آذار المقبل، وفي مركز الأزمة عدم تشكيل حكومة، بأي أغلبية كانت. وفي واجهة الأزمة مسألة ترؤس بنيامين نتنياهو للحكومة، ولو بالمناوبة، في الوقت الذي صدر فيه نهائيا قرار بتقديمه للمحاكمة في ثلاث قضايا فساد. ولكن الأزمة هي أعمق، من ناحية النهج، ومنطق التعامل مع مؤسسات الدولة، وهذا الجانب سنأتي عليه بعد الانتخابات.
يستدل من استطلاعات الرأي العام التي تظهر تباعا أن انتخابات الثاني من آذار المقبل، لن تغير المشهد الانتخابي الذي أفرزته انتخابات أيلول 2019، بما يمكنه أن يقلب الموازين رأسا على عقب، إذ أن الليكود وحلفاءه من جهة، والقوائم الأخرى التي تعارض الليكود، أو تعارض الليكود طالما هو برئاسة بنيامين نتنياهو، من جهة أخرى، هي أيضا لا تحقق أغلبية، في حين أن القائمة المشتركة، التي تمثل أساسا الجماهير الفلسطينية في الداخل، تبدي ثباتا واتجاها نحو زيادة قوتها، ما سيعقد أزمة إسرائيل البرلمانية أكثر.
يشهد كل يوم تطوّراً في إسرائيل أمام الخوف من فيروس كورونا، وهو الذي كان بدأ مع تبيّن وجود مسافرين إسرائيليين مصابين على متن السفينة اليابانية السياحية "دايموند برنسيس"، التي كانت فرضت عليها السلطات اليابانية حجراً صحياً. وقد وصل فجر الجمعة الماضي 11 إسرائيلياً كانوا على متن السفينة تم إخضاعهم للحجر الصحي لأسبوعين في وحدة خاصة أقيمت في مستشفى شيبا تل هشومير بالقرب من تل أبيب.
أكدت ورقة تقدير موقف جديدة صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب بعنوان "صفقة القرن، إلى أين تؤدي؟"، أن فرص تحقيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين ضئيلة جداً وتوازي الصفر.
وأضافت الورقة، التي كتبها الباحثون في المعهد المذكور أودي ديكل وعنات كورتس ونوعا شوسترمان، ونشرت في موقع المعهد، وقامت مؤسسة الدراسات الفلسطينية بنشرها بترجمة كاملة إلى العربية أنجزتها الباحثة اللبنانية رندة حيدر، أن الخطة تمنح دلالات مغايرة لمبادئ رافقت المفاوضات بشأن تسوية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وهي عملياً تفرغها من مضمونها. وفي إطارها، من بين أمور أخرى، جرى رفض المطالبة الفلسطينية بـ"كل شيء أو لا شيء" - وخصوصاً "حق الفيتو الفلسطيني"، على أي تسوية لا تقدم رداً كاملاً على تطلعاتهم، أو لا تلتزم بخط الرابع من حزيران 1967.
تخوض الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، الثالثة في غضون 11 شهرا، والتي ستجري يوم الاثنين المقبل، الثاني من آذار، 29 قائمة انتخابية، وهو العدد الأقل منذ سنوات طويلة، انعكاسا لتكرار الانتخابات، على ضوء الفشل في تشكيل حكومة. وبلغ عدد ذوي حق الاقتراع الرسمي ما يزيد عن 453ر6 مليون نسمة، أكثر من 9% منهم في عداد المهاجرين.
الصفحة 179 من 338