المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
مسلسل الانتخابات الإسرائيلية، القطار في محطة جديدة.
مسلسل الانتخابات الإسرائيلية، القطار في محطة جديدة.

تجري يوم غد الثلاثاء 23 آذار الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية للكنيست الـ 24، وهي جولة الانتخابات الرابعة التي تجري في غضون 23 شهرا، بعد أن تعثر تشكيل حكومة ثابتة، بعد كل واحدة من الجولات الثلاث، إذ أن الحكومة التي تشكلت بعد الانتخابات الأخيرة، كانت حكومة قلاقل منذ يومها الأول ولم تصمد سوى 8 أشهر. وتتنافس في الانتخابات 37 قائمة، من بينها 13 قائمة مرشحة لتجاوز نسبة الحسم، والفوز بتمثيل برلماني، في حين تشير الاستطلاعات إلى تعزز قوة الليكود وحلفائه الفوريين، ما يتيح لبنيامين نتنياهو إمكانية تشكيل حكومة ثابتة، ولو بأغلبية هشة.

وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية، رسميا، أن عدد ذوي حق الاقتراع وفق سجل الناخبين الرسمي العام، 6578084 شخصا، زيادة بنسبة 1.93% عن الانتخابات التي جرت قبل عام وثلاثة أسابيع، في 2 آذار 2020. ويستدل أن عدد الناخبين الجدد، لأول مرة، وصل إلى ما يلامس 182 ألف شخص، إلا أن عدد ذوي حق الاقتراع، بعد خصم الوفيات، ازداد بما يلامس 150 ألف شخص.

بحسب السجل الرسمي، فإن عدد ذوي حق الاقتراع العرب هو مليون و65 ألف شخص، ويشكلون نسبة 16%، ولكن حسب التقرير، وما صدر عن مكتب الإحصاء المركزي، فإن قرابة 25 ألف شخص من العرب مقيمون بشكل دائم خارج البلاد. بمعنى أقل من 2.5%، وهذا أقل من تقديرات سابقة، تحدثت عن قرابة 5%.

وكان مكتب الإحصاء المركزي قد أعلن في الأيام الأخيرة، أن عدد أصحاب ذوي حق الاقتراع، الذين سيكونون في البلاد في يوم الانتخابات، هم حوالي 6 ملايين شخص، ما يعني أن نسبة من يقيمون في الخارج، أو هم مهاجرون وما زالوا يحملون الجنسية الإسرائيلية، 8.5%.

هذه نسبة مهاجرين أدنى بكثير من سنوات مضت، إذ أنه في السنوات الأخيرة عملت دائرة سجل السكان، على البحث عن حملة الجنسية الإسرائيلية المقيمين في الخارج، بعد أن تبين أن أشخاصا رحلوا عن الدنيا ولم يبلغ أهاليهم السلطات الإسرائيلية بواقعهم، وبقوا مسجلين في السجل السكاني وسجل الناخبين. وقال تقرير مكتب الإحصاء المركزي إن 17% من المقيمين في البلاد يوم الانتخابات هم من العرب، بفعل الفارق في نسبة الهجرة عن اليهود الذين تفوق لديهم النسبة 9%، كما أن 11% من ذوي حق الاقتراع هم من اليهود الحريديم.

يتضح أن 13% من ذوي حق الاقتراع المقيمين في البلاد، هم أبناء 18 إلى 24 عاما، ومن هم أبناء 25 إلى 39 عاما نسبتهم 29%، وأبناء 40 إلى 59 عاما نسبتهم 32%، وأبناء 60 عاما وما فوق نسبتهم 26%.

حسب معدل استطلاعات الرأي العام، فإن الليكود وحلفاءه الفوريين سيحصلون على ما بين 59 إلى 61 مقعدا، مع ميل أكثر لعدد المقاعد الأعلى. وهناك عوامل عدة ساهمت في هذه النتيجة، طالما أن ابتعاد ائتلاف الليكود ونتنياهو عن الأغلبية المطلقة في كل واحدة من جولات الانتخابات السابقة يبعد بمقعدين أو أربعة مقاعد على الأكثر، من بينها أنه خلال عامين نسبة التكاثر الطبيعي لمصوتي هذا الائتلاف، الذي نصفه من المتدينين والمتزمتين، أعلى بضعفين ونصف الضعف من تكاثر الجمهور العلماني، الذي هو أساس جمهور ما يسمى "الوسط- اليسار"، 3.5% مقابل 1.4% لدى جمهور العلمانيين.

ولكن أحد أكبر العوامل هو خسارة التمثيل العربي الإجمالي المتوقعة، في هذه الانتخابات، بما بين مقعدين إلى ثلاثة، ولربما أكثر. وهذا نابع من تراجع متوقع لنسبة التصويت في هذه الانتخابات، من حوالي 65%- 66% في انتخابات قبل عام، إلى 56- 58% في هذه الانتخابات بحسب الاستطلاعات، وهذا الفرق يؤدي إلى خسارة مقعدين كاملين، كما من المتوقع خسارة نصف مقعد، وربما أكثر، في أعقاب رفض القائمة العربية الموحدة، برئاسة عضو الكنيست منصور عباس، التوقيع على اتفاق فائض أصوات مع القائمة المشتركة.

وفي استعراض القوائم الـ 13 التي تمثيلها مؤكد أو شبه مؤكد، نشير إلى وجود 4 قوائم عند حافة نسبة الحسم، وهي "الصهيونية الدينية" وميرتس و"أزرق أبيض" والقائمة العربية الموحدة، إذ أن كل الاستطلاعات تقريبا تمنح كل واحدة من هذه القوائم 4 مقاعد، وفي جزء بسيط من الاستطلاعات، تُمنح قائمة "الصهيونية الدينية" 5 مقاعد، ما يدل على أن فرص اجتيازها نسبة الحسم أعلى من غيرها من القوائم الصغيرة. ولكن في حال سقطت قائمة واحدة من هذه القوائم الأربع، فإن هذا سينعكس مباشرة على توزيع المقاعد، لأن وزن المقعد الواحد، الذي مقياسه عدد إجمالي الأصوات للأحزاب التي اجتازت نسبة الحسم، سيكون أقل، وفي حال كان السقوط من نصيب قائمتين، فإن هذا سيقلب كل التوزيعة التي تشير لها الاستطلاعات الأخيرة.

الليكود وحلفاؤه الفوريون

الليكود: برئاسة بنيامين نتنياهو، وتتوقع له استطلاعات ما بين 29 إلى 31 مقعدا، علما أن الليكود فاجأ الاستطلاعات في كل واحدة من الجولات الانتخابية الثلاث الأخيرة، بأن كانت قوته أعلى مما تنبأت بها الاستطلاعات الأخيرة قبل يوم الانتخابات.

"يمينا": قائمة باتت تمثل حزبا واحدا يترأسه نفتالي بينيت، الذي انفصل قبل عامين عن حزبه "البيت اليهودي"، وشكّل قائمة مستقلة مع شريكته السياسية أييلت شاكيد، ولكن القائمة لم تجتز نسبة الحسم، بل لامستها، وعاد وبنى تحالفا في جولتي الانتخابات الأخيرتين، وفككه تمهيدا لهذه الانتخابات؛ ولكن وضعيته اليوم تختلف كليا عما كان قبل عامين، إذ تتوقع له استطلاعات الرأي من 9 إلى 11 مقعدا، وسيكون شريكا صعبا لنتنياهو في الحكومة، مع سقف مطالب عال، وفق التقديرات.

شاس: حزب المتدينين المتزمتين الحريديم لليهود الشرقيين، برئاسة آرييه درعي. وتتوقع له استطلاعات الرأي 8 مقاعد بالمعدل، بدلا من 9 مقاعد اليوم، ولكن هذا الحزب الذي 70% من أصواته تأتي من جمهور الحريديم الشرقيين، يستفيد مثل قائمة الحريديم الأخرى، من التكاثر الطبيعي السنوي للحريديم، إذ أنه وفق التقديرات، فإن نسبة تكاثر الحريديم الشرقيين في حدود 3.5%، مقابل 1.4% لدى اليهود العلمانيين. وإذا ما هبطت قوة شاس بمقعد، فإن هذا قد يكون من الأصوات من خارج الحريديم، وبالذات من اليهود الشرقيين، من الشرائح الفقيرة والضعيفة.

يهدوت هتوراة: وهي قائمة تحالفية لحزبين، وعدة تيارات من المتدينين المتزمتين الحريديم لليهود الغربيين الأشكناز، وتمنحها استطلاعات الرأي ذات قوتها الحالية 7 مقاعد، ولكن الاحتمال كبير بأن تستكمل هذه القائمة مقعدها الثامن، الذي خسرته في جولتي الانتخابات السابقتين، بفعل قانون احتساب فائض الأصوات.

واستنادا إلى تقدير أن التكاثر الطبيعي للحريديم الأشكناز يصل إلى 4% سنويا، فإن هذه الزيادة من شأنها أن تعزز قوة قائمة يهدوت هتوراة التي 95% من أصواتها تأتي من الحريديم، علما أن نسبة التصويت في أحياء وبلدات ومستوطنات الحريديم، تصل أحيانا إلى 93%، في حين أن نسبة التصويت العامة ما بين 71% إلى 72%، وبين اليهود العلمانيين حوالي 68%.

"الصهيونية الدينية": قائمة تحالفية تضم حزب "الصهيونية الدينية" (التكتل القومي سابقا) برئاسة المستوطن بتسلئيل سموتريتش، مع حركة "قوة يهودية" (عوتسما يهوديت) المنبثقة عن حركة "كاخ" الإرهابية المحظورة. وهي قائمة تمثل التيار الاستيطاني الأشد تطرفا في اليمين الاستيطاني. وتتوقع لها غالبية الاستطلاعات حصولها على 4 مقاعد، وهو تمثيل الحد الأدنى، بحسب نسبة الحسم. وفي بعض الاستطلاعات تحصل القائمة على 5 مقاعد. والاعتقاد السائد، أنه في نهاية المطاف هذه القائمة ستعبر نسبة الحسم، أيضا لأن نسبة التصويت لدى جمهور المتدينين الصهاينة، وخاصة المسيسين منهم، والمستوطنين، تصل إلى 88% بالمعدل، وهذا ما يعزز قوة هذا التيار مثل الحريديم، بأكثر من نسبته بين إجمالي ذوي حق الاقتراع.

القوائم المعارضة لاستمرار حٌكم نتنياهو

في ما يلي القوائم المعارضة لاستمرار حكم نتنياهو، أو أنها لا تحسب نفسها على أي طرف، وتبقي بابها مفتوحا على الجميع، وسنرى كيف أن بينها تناقضات سياسية وفكرية ضخمة، لا يمكن التلاقي بينها، ونعرضها بحسب حجمها في استطلاعات الرأي.

"يوجد مستقبل": برئاسة يائير لبيد، الذي خاض جولات الانتخابات الثلاث الأخيرة ضمن تحالف "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس. وتمنح الاستطلاعات حزب "يوجد مستقبل" ما بين 18 إلى 20 مقعدا. ويعلن رفضه الجلوس في حكومة بنيامين نتنياهو، وعلى الأغلب سيرفض فعلا، متعلما من تجربته مع نتنياهو في حكومته الثالثة (2013- 2015)، وأيضا من تجربة شريكه السابق بيني غانتس. ولكن حسب خارطة الاستطلاعات، فإن لبيد لا يمكنه تشكيل ائتلاف، في حال لم ينجح نتنياهو في تحقيق 61 مقعدا مع حلفائه الفوريين.

"أمل جديد لإسرائيل": برئاسة جدعون ساعر، الذي انشق عن الليكود قبل نحو 4 أشهر، وانتقل معه 5 نواب، 4 منهم حاليون وأحدهم سابق، بنيامين بيغن. وهو ينافس الليكود بمواقفه اليمينية الاستيطانية، وتتوقع له استطلاعات الرأي ما بين 9 إلى 10 مقاعد، إذ تراجع بشكل دائم في استطلاعات الرأي العام منذ بدء الحملة الانتخابية، حيث بدأ مع 15 مقعدا، وقبل تقديم القوائم كان يحصل على ما بين 17 إلى 18 مقعدا.

القائمة المشتركة: وهي الجسم الأكبر الذي يمثل الفلسطينيين في إسرائيل، وتضم ثلاثة أحزاب، بعد خروج حزب منها، والأحزاب الثلاثة هي: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ويترأس قائمتها النائب أيمن عودة الذي يحتل المقعد الأول. والتجمع الوطني الديمقراطي، الذي يترأس قائمته النائب سامي أبو شحادة، ويحل ثالثا، والحركة العربية للتغيير برئاسة النائب أحمد طيبي ويحل ثانيا في القائمة.
وتتوقع استطلاعات الرأي حصول القائمة المشتركة على 8 مقاعد، وفي بعضها 9 مقاعد.

"إسرائيل بيتنا": برئاسة أفيغدور ليبرمان، وتجمع كل استطلاعات الرأي خلال كل الأسابيع الأخيرة على حصوله على 7 مقاعد، ورغم مواقفه اليمينية الاستيطانية، إلا أنه يرفض المشاركة في حكومة الليكود طالما أنه يترأسها بنيامين نتنياهو كشخص.

العمل: فاجأ حزب العمل بعودته إلى الحلبة السياسية، بعد أن أظهرت كل استطلاعات الرأي العام حتى نهاية العام الماضي 2020، أنه لن يجتاز نسبة الحسم، ولكن انتخاب رئيسة جديدة له، ميراف ميخائيلي، وقائمة مرشحين جديدة، أعادته إلى الاستطلاعات وبتقدير حصوله على 6 إلى 7 مقاعد، جاءت على حساب قوائم، كانت تستفيد من زوال حزب العمل، مثل حزب "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس. كما انعكس الأمر سلبا على حزب ميرتس الذي يصارع نسبة الحسم.

"أزرق أبيض": برئاسة بيني غانتس، وعلى الرغم من أنه يحصل في استطلاعات الرأي على 4 مقاعد بمعنى أنه يتأرجح عند نسبة الحسم، إلا أن بعض الاستطلاعات تمنحه أحيانا 5 مقاعد، بمعنى أنه متقدم على غيره من القوائم التي تصارع نسبة الحسم، ولكنه لم يخرج من احتمال عدم اجتيازها.

ميرتس: برئاسة نيتسان هوروفيتس، وهو الحزب الأكثر تأرجحا عند نسبة الحسم من بين الأحزاب الصهيونية، وإذا ما جمعنا معه حزب العمل، بحصولهما في العام 1992 على 56 مقعدا، حينما كانت تحولات سياسية لافتة في العمل في اتجاه ما يسمى "اليسار الصهيوني"، نستطيع أن نعرف حجم اندفاع الشارع الإسرائيلي نحو اليمين المتشدد والاستيطاني. واستطلاعات الأيام الأخيرة منحت ميرتس 4 مقاعد، تمثيل الحد الأدنى، ولكن هذا لا يُخرج القائمة من دائرة عدم اجتياز نسبة الحسم.

القائمة العربية الموحدة: الذراع البرلماني للحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي)، برئاسة عضو الكنيست منصور عباس، وفي الأسابيع السابقة كانت القائمة تتأرجح عند نسبة الحسم، ولكن في الأيام الأخيرة تم تثبيتها عند 4 مقاعد. وهذه القائمة كما صرّح رئيسها لا تعد نفسها ضمن الكتل المحسوبة على معارضة استمرار حُكم نتنياهو، بل تبقي بابها "مفتوحا على الجميع"!

 

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات