المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
في موقع جريمة في كفر قرع حديثا.
في موقع جريمة في كفر قرع حديثا.

ما زالت الحكومة الإسرائيلية ترجئ البحث، الذي سبق أن تعهدت به، لإقرار خطة تحمل العنوان ‏‏"توصيات لجنة المديرين العامّين للوزارات بشأن التعامل مع ‏الجريمة والعنف في المجتمع العربيّ". ‏فبعد أن تمت بلورة الخطة الصيف الماضي من قبل كبار مديري القطاع العام، ممثلين بمديري الوزارات، وجرى تسويقها على أنها ستتحوّل الى قرار رسمي، أعلِن قبل أسبوعين عما سُمي وثيقة "اقتراح لاتخاذ قرار" بعنوان "سياسة الحكومة لمواجهة آثار الجريمة والعنف، في المجتمع العربي وتعزيز المجتمع العربي في إسرائيل".للتذكير، ترأس اللجنة مدير مكتب ‏رئيس الحكومة وضمت مديري كل من الوزارات التالية: وزارة الأمن الداخليّ، وزارة

زارة الرفاهية والشؤون ‏الاجتماعيّة، وزارة المساواة الاجتماعيّة، وزارة العدل، وزارة الإسكان، وزارة الاقتصاد، وهذا بالإضافة الى سلطة الضرائب ودائرة ‏الميزانيّات لدى وزارة الماليّة. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كان قد كلّف هذا الطاقم، في تشرين الأول 2019، بإعداد خطّة في غضون 90 يوماً لمعالجة ‏الجريمة الخطيرة ومنع العنف في المجتمع العربيّ. لكن مسوّدة التقرير اكتملت في تموز 2020، ‏ولم يتم إقرار الخطة بعد. وحتى صيغتها المقتضبة التي نوردها هنا ما زالت تنتظر قراراً حكومياً، بالتوقيت الذي يخدم نتنياهو انتخابياً، كما يتردد في حلقات سياسية وصحافية عربية. فزعيم الليكود أطلق حملة مكثفة تستهدف أصواتاً لمواطنين عرب في انتخابات الكنيست القريبة، في آذار 2021. وهناك أصوات غير قليلة تشكّك في أنه سيستخدم هذه القضية لغاياته وفي توقيته.

وفقاً للمقترح المقتضب: بعد قرار الحكومة رقم 1402 في 10 نيسان 2016 بشأن تحسين مستوى الأمن الشخصي في المجتمع العربي وتعزيز الأمن في القدس، والقرارين الحكوميين رقم 468 و 469 بتاريخ 25 تشرين الأول 2020 بشأن "نشاط الحكومة من أجل التنمية الاقتصادية للأقليات" في 2020-2016، وقرار الحكومة رقم 4439 بتاريخ 6.1.2019 بشأن توسيع الأنشطة للحد من ظاهرة العنف المنزلي من قبل وزارة العمل والخدمات الاجتماعية، وقرار الحكومة رقم 513 في 8.11.2020 بشأن صياغة خطة لتشخيص وعلاج العنف المنزلي ومنعه وتحسين أساليب مواجهته من قبل وزارة العمل والرفاه والخدمات الاجتماعية؛ وفي ضوء تزايد الجريمة في المجتمع العربي والأهمية التي تراها الحكومة في توفير استجابة عاجلة لاستعادة الأمن الشخصي وثقة الجمهور في أجهزة إنفاذ القانون، في ظل مطالبة الجمهور العربي بالمشاركة في جهود القضاء على الجريمة والعنف، في إثر توجيه لرئيس الحكومة بتاريخ 28.10.2019 في ظواهر الجريمة والعنف في المجتمع العربي، تقرّر ما يلي (مرة أخرى، هذه صيغة معروضة للتصويت وليست قراراً بعد):

أ. تعتبر الحكومة الحد من العنف والجريمة في المجتمع العربي واستعادة الأمن الشخصي "هدفا قوميا"، وتتبنى مبادئ العمل في تقرير طاقم المديرين التنفيذي الوزاري حول الجريمة والعنف في المجتمع العربي الصادر بتاريخ 9.11.2020.
ب. بناءً على توصيات طاقم المديرين التنفيذيين وفي ضوء الحوار الذي جرى مع ممثلين عن المجتمع العربي، رؤساء السلطات العربية واللجنة الخاصة للقضاء على العنف والجريمة في المجتمع العربي في الكنيست تقرر اعتماد المبادئ التالية:
*استمرار الشراكة مع ممثلين عن المجتمع العربي، بمن في ذلك رؤساء السلطات المحلية العربية والمدن المعنية، في صياغة الخطة التفصيلية وعملية التنفيذ.
* تقوية المجتمع العربي وتعزيز آليات المجتمع للتعامل مع ظواهر الجريمة والعنف جنباً إلى جنب مع الإجراءات الحكومية. وفي الوقت نفسه، مشاركة أفراد المجتمع ورجال الدين والقيادات المحلية في المجتمع العربي للعمل ضمن مجالات مسؤوليتهم لشجب العنف والجريمة ومنعها.

* يتوجب الحفاظ على الشفافية الكاملة من جانب الوزارات الحكومية فيما يتعلق بتنفيذ السياسة ومؤشرات النتائج والبيانات ذات الصلة بالمجتمع العربي، سواء في مرحلة التخطيط أو في مرحلة التنفيذ.
* سيصاحب عملية تنفيذ البرنامج مشاركة عامة في المجتمع العربي.

 خطة عمل خماسية مفصلة خلال 150 يوماً!‏

نص المقترح كذلك (بند ج) على تكليف مدير عام مكتب رئيس الحكومة بتقديم خطة عمل خماسية مفصلة خلال 150 يوماً لتنفيذ التوصيات والمبادئ الواردة أعلاه، لمصادقة الحكومة عليها، وذلك بالتنسيق مع قسم الموازنة بوزارة المالية وهيئة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في "وسط الأقليات" والوزارات ذات الصلة. هذه الخطة يجب أن تشمل مصادر الميزانية والجوانب التنظيمية. سيتم تنسيق الخطة وضبط تزامنها مع الخطط متعددة السنوات التي يتواصل العمل بها للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع العربي، والتي تم تحديدها في قراري الحكومة رقم 468 و469 بتاريخ 25.10.2020.

ينص مقترح القرار أيضاً على أنه: استمراراً لتوصيات المديرين العامين بشأن الحاجة إلى إجراءات تكميلية لبرنامج مواجهة آثار الجريمة والعنف، وفي ضوء الحاجة إلى إجراءات فورية، يجب تعزيز التعامل مع الأسلحة غير المرخصة في المجتمع العربي من خلال:

* قيام وزارة الأمن الداخلي والشرطة بإعلان حملتين لجمع الأسلحة غير المرخصة خلال العام 2021، ويكون هذا مرهوناً بموافقة النيابة العامة فيما يتعلق بمنح حصانة من الملاحقة القضائية لحيازة الأسلحة، لمن يقدم هذه الأسلحة.

* تكثيف الشرطة الإسرائيلية للقيام بنشاط عملياتي المكثف فيما يتعلق بمصادرة الأسلحة والذخيرة غير القانونية بطريقة تؤدي إلى زيادة حجم ضبط الأسلحة والذخيرة بنسبة 10% في العام 2021.

* تشكيل فريق برئاسة رئيس قيادة الأمن القومي وبمشاركة ممثلين رفيعي المستوى من الشرطة الإسرائيلية، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والجيش الإسرائيلي، ووزارة الدفاع، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة العدل (الأقسام الجنائية، المدعي العام)، وزارة المالية ومكتب رئيس الحكومة، للتعامل مع قضية تسرب الأسلحة من الجيش الإسرائيلي، والإنتاج غير القانوني للأسلحة وتهريب الأسلحة غير المرخصة إلى أراضي دولة إسرائيل، مع التركيز على المجتمع العربي.

ملاحظة: كان مراقب الدولة الإسرائيلية قد توقف في صيف 2018 عند هذه المسألة في تقرير رسمي. ومما جاء فيه أن انعدام التنسيق والتعاون بين وحدات الشرطة وبين قوّات الأمن والشرطة هو بين النواقص الأساسيّة التي خلص اليها حيث أن معظم الأسلحة تصل إلى المجتمع العربيّ من ثلاثة مصادر رئيسة: السرقات من الجيش الإسرائيليّ، التهريب من الأردنّ والتصنيع في الضفة الغربية. كما تصل أسلحة أخرى مصدرها السرقات من المنازل والسيّارات. في حزيران 2017 اتُّفق على تشكيل وحدة مشتركة للشرطة العسكريّة وشرطة إسرائيل للقضاء على ظاهرة سرقة الأسلحة من الجيش الإسرائيليّ. حتّى شباط 2018 لم يكتمل تشكيل هذه الوحدة بعدُ. وهو يضيف أن التعاون بين جميع الجهات ذات العلاقة في الشرطة في موضوع الأسلحة في المجتمع العربيّ تشوبه النواقص والعيوب، فمثلاً يعمل كلّ لواء على هذا الموضوع بشكل منفصل؛ ليس هناك نقل منظّم للمعلومات بين الوحدات المركزيّة في الألوية وبين مراكز الشرطة.

يوصي طاقم المديرين في مقترح القرار الحكومي القيام بمسارات عمل قطرية منهجية للحد بشكل كبير من الظاهرة، مع الإشارة إلى ضرورة تعميق التعاون الاستخباراتي والعملياتي بين كافة الجهات ذات العلاقة للتعامل مع قضية إنتاج وتهريب الأسلحة إلى المجتمع العربي، ومواجهة تهريب الأسلحة عبر الثغرات والمعابر البرية في مناطق "خط التماس".

أنظمة مالية متعلّقة بالاحتواء والائتمان والإجراءات التنفيذية

يوصي طاقم المديرين (بند د) بأن يتم تسجيل وإدراج إعلان وزير العدل ووزيرة المساواة الاجتماعية ومحافظ بنك إسرائيل بأنهم قد شكلوا فريقاً سيعمل على صياغة خطة قطرية لزيادة الاحتواء المالي في الاقتصاد الإسرائيلي. ومن بين أمور أخرى، سيشخص الفريق الفجوات في الاحتواء المالي في إسرائيل، بما في ذلك قطاع الائتمان ككل، بما في ذلك الائتمان السكني، بناءً على الأدبيات والممارسات المهنية في العالم، وصياغة توصيات بشأن إجراءات السياسة التنفيذية. في ضوء التحديات الفريدة التي يواجهها المجتمع العربي في هذا المجال، سيتم التركيز بشكل خاص على العمل الجماعي لتحديد الحواجز والتحديات الفريدة للمجتمع العربي واقتراح بدائل لإزالة تلك الحواجز، مع الاهتمام بالجداول الزمنية المحددة لاعتماد الخطة متعددة السنوات للتنمية الاجتماعية والاقتصادية العربية. ستشارك الجهات ذات الصلة في الوزارات الحكومية والسلطات العامة في الفرق.

الجدير بالذكر أنه في العام 2006، تبنت الحكومة استخدام وسائل الملاحقة الاقتصادية وأٌقيم طاقم قيادي وظيفته تحديد سياسة مكافحة الجريمة المنظمة والخطرة ويترأسه المستشار القانوني للحكومة، وبين أعضائه عدد من رؤساء سلطات إنفاذ القانون ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تقرير مراقب الدولة في العام نفسه 2016 أوصى بأن يعمل هذا الطاقم على إعطاء حلول بنظرة منظومتية عامة وليس كهيئة تعالج قضايا عينية محددة. ولكن، يقول، "وفقا لما تبين فهذا الطاقم لم يستوف قدرته الكاملة والكامنة في جَمع رؤساء جميع أذرع إنفاذ القانون معا، ولا ينجح في بلورة أولويات أبحاثه، واجتماعاته لا تتم بشكل منتظم وناجع، بل تحولت إلى لقاءات تطرح فيها معطيات في قضايا محددة وأحيانا بدون اتخاذ قرارات عملية وبدون تحديد الجهة التي يفترض أن تشرف على تطبيقها".

فرغم إقامة هذا الطاقم لا يتسنى، بسبب مشاركة عشرات المسؤولين في اجتماعاته، إجراء بحث معمق وناجع، يجزم المراقب. وهو يصف نوعاً من الاستهتار إذ أشار الى تغيّب مسؤولين كبار عن الاجتماعات والأبحاث على نحو دائم، مما يصعّب اتخاذ قرارات عملية، ويحول الأبحاث إلى مجرد استعراض معطيات ومحاضرات إثراء فقط بدون أي جانب تطبيقي.

يوصي طاقم المديرين أيضاً بتسجيل وإدراج إعلان وزير العمل والرفاه والخدمات الاجتماعية أنه في خطة العمل التي يتم وضعها حالياً بشأن معالجة ظاهرة العنف الأسري، سيتم وضع خطط يتم استيعابها في المجتمعات المحلية في المجتمع العربي. وتمكين البلدات من التركيز بشكل خاص على المجتمع العربي. وعملت الوزارة وستواصل العمل وفقاً للمادة أ -2 من القرار رقم 4439، التي تنص على تخصيص ثلث الردود المخصصة على الأقل بموجب القرار 4439 للمجتمع العربي ووفقاً للقرار رقم 513 بتاريخ 8.11.2020.

يفصّل مقترح التقرير في ملحقاته معطيات غاية في الحدّة والخطورة، فيشير الى أنه مقارنة بالمجتمع اليهودي، حيث وقعت 47 جريمة قتل في عام 2019، وفيما يتعلق بحجم السكان، فإن معدل القتل في المجتمع العربي أعلى من 7 مرات. استمر هذا الاتجاه في العام 2020، عندما كان عدد جرائم القتل أعلى من ذلك (منذ مطلع هذا العام 2021 سقط أكثر من 20 ضحية في جرائم القتل، أي خلال أقل من شهر).

التوصية الفورية الوحيدة: المزيد من مراكز الشرطة!

يقول طاقم المديرين إنه عقد العديد من اللقاءات وقام بجولة ميدانية وقام بتحليل عميق لأسباب الظاهرة والصلات بينها والآثار السلبية للظاهرة، ونتاج عمل الفريق كان تقرير التوصيات الشامل الذي نُشر بتاريخ 9.11.2020. وهو يذكّر بأنه سبق عمل الطاقم عدد من القرارات الحكومية في السنوات الأخيرة، والتي تناولت التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع العربي من خلال خطط خمسية لمختلف قطاعات المجتمع العربي، وبعد تشكيل الحكومة، سيتم إقرار خطط مستمرة متعددة السنوات. بالإضافة إلى ذلك، تم اعتماد قرار الحكومة رقم 1402 في نيسان 2016 لتحسين الأمن الشخصي في المجتمع العربي، مما أدى إلى تخصيص الموارد والمعايير لمعالجة الشرطة لقضايا العنف والجريمة. وبعد قطع العرض، تم الانتهاء من تنفيذ الخطة بشكل جزئي فقط. ويتابع: بالإضافة إلى البرامج الهامة والواسعة التي قادتها الحكومة، والتي ساهمت في تقليص الفجوات بين المجتمع العربي والمجتمع اليهودي، كانت هناك حاجة واضحة لبرنامج حكومي مشترك بين الوزارات للحد من العنف والجريمة، والذي قد يتضمن إجراءات نتائج واضحة للحد من الجرائم الخطيرة.

يوم الأحد (2021/01/17) عُقد اجتماع مُصغَّر لممثلين عن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عبر تطبيق الزوم. ووفقاً لقرارات سكرتارية اللجنة كان اللقاء بمشاركة عدد محدَّد من الرؤساء، وعرضت لجنة مواجهة العنف والجريمة في المجتمع العربي، المنبثقة عن اللجنة القطرية، مطالبها ومواقفها المحدَّدة والشاملة حول مجمل مظاهر وظواهر العنف والجريمة في المجتمع العربي وسبل مواجهتها على مختلف المستويات، إضافة الى إشارتها النقدية للنواقص والثغرات في الخطة الحكومية الخاصة في هذا الصَّدد. وقد أشار أعضاء اللجنة، من الرؤساء والطاقم المهني المُرافِق، إلى ضرورة وأهمية التجاوب العاجل والواضح والمحدَّد مع ملاحظات ومطالب اللجنة القطرية في هذا الخصوص، إذا توفَّرت النوايا الحقيقية والإرادة الجدية، على المستوى الرسمي والحكومي، في مواجهة العُنف والجريمة في المجتمع العربي في البلاد، في المسارات كافَّة، ووفقاً لما عرضته اللجنة خلال الإجتماع.

الخلاصة الواضحة هي التالية: لقد أبقى مقترح القرار من بين العديد من البنود والأفكار والمسائل والقضايا، بنداً واحداً فقط ينتظر المصادقة عليه من قبل الحكومة: إقامة 8 مراكز شرطة في بلدات عربية وتوسيع مراكز أخرى. هذا هو البند الوحيد تقريبا الذي ابتلع كل الميزانية التي تأتي تحت بند "خطة مكافحة الجريمة".

كان هذا المقترح في هذه النقطة موقعاً للفكاهة السوداء في حلقات الجدل والتواصل الاجتماعي التي كررت الحقيقة التالية: في كثير من البلدات وقع العدد الأكبر من جرائم السلاح الناري في بلدات سبقت إقامة مراكز شرطة فيها. في إحداها وقعت الجريمة بمحاذاة المركز ولم تكن فيه قوة شرطية كافية لملاحقة مطلقي النار.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات