المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

لا تزال التصريحات التي أدلى بها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي في نهاية الأسبوع الماضي، وحذّر فيها من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية في الفترة القريبة بسبب التغييرات في منطقة الشرق الأوسط، مما يتطلب من الجيش التجهز للحرب بسرعة، تثير مزيداً من التحليلات.

فقد أشار كوخافي إلى أن الوضع في الجبهتين الشمالية والجنوبية هش ومتوتر وقد يتدهور إلى مواجهة عسكرية بالرغم من أن "أعداء إسرائيل لا يرغبون بخوض حرب". وأضاف أن إسرائيل تتعامل اليوم وفي نفس الوقت مع عدد كبير من ساحات الحرب والأعداء وأن التهديد الرئيسي الذي تواجهه يأتي من إيران وعملائها في لبنان وسورية والعراق، ولكنه أكد أن الجبهة الشمالية تشكل التحدي الاستراتيجي الرئيسي الماثل أمام إسرائيل في الوقت الحالي، وذلك على خلفية التموضع العسكري الإيراني في سورية، ومشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله الذي تقوده طهران.

وقال أيضاً إن إيران تستغل أراضي دول ضعيفة غير قادرة على تطبيق سيادتها بشكل كامل من أجل تعزيز وجودها العسكري فيها، مشيراً إلى أن لبنان واقع في أسر حزب الله الذي قام بتشكيل جيش خاص به فضلاً عن كونه يتحكم في سياستها الأمنية من ناحية عملية.

وأوضح كوخافي أنه أنهى خلال الأيام الأخيرة وضع اللمسات الأخيرة على خطة أمنية متعددة السنوات تشمل شراء معدات قتالية ذات قدرة تدميرية، وتحسين الوسائل الدفاعية للتصدي للطائرات المسيرة في المنطقتين الشمالية والجنوبية.
وتعقيباً على هذه التصريحات قال المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشواع إنه من المتوقع أن يكون لها تأثير في المحادثات الجارية من أجل تأليف حكومة إسرائيلية جديدة.

كما تطرّق المحلل نفسه إلى الخطة الأمنية التي أنجزها الجيش الإسرائيلي فقال إن تطبيقها يكلف مليارات الشواكل وسيكون من الصعب المصادقة عليها في ظل وجود حكومة انتقالية. وأشار إلى أنه في هذه الأثناء يقوم الجيش الإسرائيلي باستخدام الميزانيات القائمة من خلال تغيير بنود الصرف من غاية إلى أخرى.

وأكد المحلل العسكري لصحيفة "معاريف" طال ليف رام أن تصريحات كوخافي تنطوي على تلميح يتعلق بالاستعداد العسكري المطلوب لمواجهة التطورات الأخيرة، وتآكل قوة الردع للأميركيين كقوة عظمى، وأيضاً في ظل تقديرات تشي بأن أعداء إسرائيل وفي الأساس حزب الله في لبنان يمكن أن يسمحوا لأنفسهم بمزيد من المخاطرة في عملياتهم في المنطقة، وخاصة على خلفية استمرار العمليات الإسرائيلية ضد التمركز الإيراني بالقرب من الحدود ومشروع الصواريخ الدقيقة المشترك بين حزب الله وإيران.
وأكد ليف رام أنه في هذا الوضع يفضل الجيش الإسرائيلي أيضاً استقراراً سياسياً يسمح بتحقيق خطط وميزانيات متعددة السنوات وفي الأساس إصغاء المؤسسة السياسية لحاجات الجيش وللتطورات في المنطقة. وبغض النظر من سيكون رئيس حكومة إسرائيل المقبل، فإن قضية وزير الدفاع لها أهمية كبيرة. وفي الجيش يرغبون في وزير دفاع مع دوام كامل، وأن يكون عمله في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في رأس اهتماماته، لكن أيضاَ العلاقات مع كبار المسؤولين في الولايات المتحدة لها أهمية كبيرة.

ووفقاً ليهوشواع، عندما يشير رئيس هيئة الأركان العامة إلى أن إيران تستغل أراضي دول ضعيفة غير قادرة على تطبيق سيادتها بشكل كامل من أجل تعزيز وجودها العسكري فيها، ويؤكد أن لبنان بات واقعاً في أسر حزب الله، يمكن الاستنتاج بأن العمليات التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد التموضع العسكري الإيراني في سورية حتى الآن لن تمر من الآن فصاعداً من دون رد من طرف طهران، الأمر الذي من شأنه أن يجرّ إسرائيل إلى أيام قتالية في سورية. وفي مثل هذه الحالة سيتعين على المؤسسة السياسية أن تتخذ قراراً غير بسيط بتاتاً: هل يلزم هجوم إيراني مباشر ضد أهداف إسرائيلية رداً إسرائيلياً في الأراضي الإيرانية أو يمكن الاكتفاء بضرب أهداف إيرانية في الأراضي السورية؟. كما أن الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة لا تعدّ هادئة تحت السطح. وفي قيادة الجيش الإسرائيلي يعدون العدة لاحتمال قيام الجهاد الإسلامي بالعمل بشكل مستقل أو بناء على توجيهات من طهران على تصعيد الأوضاع أو الانضمام إلى التصعيد في الجبهة الشمالية في حال حدوثه. وتشير التقديرات السائدة لدى قيادة الجيش الإسرائيلي إلى أن حركة "حماس" لا تزال معنية بالتوصل إلى تسوية مع إسرائيل.

من ناحية أخرى استشهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة صباح الأحد، بتصريحات كوخافي من أجل تأكيد أهمية تأليف حكومة وحدة وطنية واسعة.

وأكد نتنياهو أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تحولات خطرة وقد تهتز مرة أخرى، وأن دول العراق ولبنان وسورية تشهد حالة اضطراب، ويتعين على إسرائيل أن تكون مستعدة لمواجهة التحديات والتصدي لكل القوى التي تهدد المنطقة، الأمر الذي يتطلب اتخاذ قرارات صعبة للغاية ووجود حكومة وحدة وطنية.

وأشار نتنياهو إلى أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها كوخافي تعكس الواقع والتحديات الحالية والمستقبلية، وأكد أن اتخاذ قرارات صعبة يتطلب حكومة تحظى بتأييد غالبية الشعب، ولذا فإن تأليف حكومة وحدة وطنية واسعة هو قضية وطنية وأمنية وليست سياسية بين الأحزاب.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات