المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تعكف مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين تأسست مؤخرا تحت اسم "أكاديميا من أجل المساواة" على إعداد وإنشاء "بنك معلومات" تطلق عليه اسم "أكاديميا مجنَّدَة" يشمل مواد وتقارير إخبارية، من وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية، ووثائق وتقارير رسمية صادرة عن الجامعات، ويرمي أساساً إلى كشف زيف الادعاء الإسرائيلي بأن الجامعات في إسرائيل "هي جسم مستقل، متنور وتقدمي" ـ وهو الادعاء المركزي المستخدَم، عادة، في مقاومة مبادرات المقاطعة التي تنضم إليها جامعات مختلفة في أنحاء العالم ضد الجامعات الإسرائيلية ـ وذلك من خلال كشف وتأكيد الدور العميق الذي تلعبه الجامعات الإسرائيلية في تكريس الاحتلال الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، من خلال تعاونها الوثيق مع المستوطنات والمشروع الاستيطاني، مع الجيش والصناعات الحربية ومع "الجهد الإعلامي" الإسرائيلي ضد حركة المقاطعة الدولية.

 

وتقول نتالي روتمان، أستاذة التاريخ في جامعة تورنتو وإحدى المبادرات إلى تأسيس مجموعة "أكاديميا من أجل المساواة"، إن الفكرة الأساسية من وراء مشروع "بنك المعلومات" هي الرغبة في الكشف عن الممارسات العديدة المختلفة التي تلجأ إليها الجامعات الإسرائيلية في قمع الآراء والمواقف المعارضة، في التمييز المنهجي والممأسس ضد الطلاب والمحاضرين الفلسطينيين من مواطني إسرائيل، إلى جانب الدور العميق الذي تؤديه في خدمة الاستيطان والاحتلال.

وتؤكد روتمان: "إن بنك المعلومات سيزود الأكاديميين في إسرائيل وفي العالم بالأدوات اللازمة والملائمة لفهم كيفية تعاون الجامعات الإسرائيلية، تعاونا تاما، مع الاحتلال، على عكس الصورة المرتسمة لها دولياً وكأنها تشكل جبهة معارضة ومقاومة للسلطة اليمينية". وتوضح، أيضا، إن "الأكاديميا الإسرائيلية، من مجلس التعليم العالي (المسؤول عن الجامعات) وحتى التنظيمات الطلابية المختلفة، تتعاون تعاونا وثيقا مع الاحتلال، بطرق شتى. ولذلك، كان من المهم جدا بالنسبة لنا توثيق هذا التعاون وكشف خيوطه ومجالاته سعياً إلى البحث عن طرق جديدة مناسبة لمواجهته والتصدي له".

ولا يقتصر الهدف من وراء إنشاء "بنك المعلومات"، بحسب روتمان، على تنفيد ودحض المفاهيم المغلوطة عن الأكاديميا الإسرائيلية فقط، بل يتعداه إلى "وضع علاقاتها مع الحكومة والاحتلال في دائرة الضوء وكشف طابعها الحقيقي". وتضيف: "صحيح أن ثمة مجموعة صغيرة من المعارضين السياسيين في الأكاديميا الإسرائيلية، بيد أن هذه المؤسسات تقيم منظومة من التعاون الوثيق مع النظام، على أساس يومي. ولهذا، ثمة فرصة أمامنا الآن لكشف حقيقة هذا التعاون الذي يسبغ الشرعية على ما يجوز شرعنته"!

بدأت مجموعة "أكاديميا من أجل المساواة" عملها على إنشاء "بنك المعلومات" في مطلع العام الماضي، 2017، وكانت نقطة انطلاقها من مجموعة مقالات جمعها الباحث الاقتصادي الإسرائيلي شاي حيفر، تكشف وتوضح مجالات التعاون الاقتصادي ما بين الجامعات، من جهة، والمستوطنات والجيش والصناعات الحربية من جهة أخرى. ثم انتقلت المجموعة، لاحقا، إلى جمع مقالات ووثائق حول قمع الأكاديميين الفلسطينيين في إسرائيل وفي الضفة الغربية. وتتوزع المواد في "بنك المعلومات" ـ وجميعها مواد علنية منشورة ـ على أربعة أبواب: الأكاديميا العالمية، التمويل الدولي، الأكاديميا الإسرائيلية والأكاديميا الفلسطينية.

ويتيح "بنك المعلومات" للمتصفحين، أيضا، متابعة ورصد حالات انتهاك الحريات الأكاديمية في الجامعات الإسرائيلية، مثل محاولات رئيسة "جامعة بن غوريون" في بئر السبع، ريفكا كرمي، فرض قيود ورقابة مشددة على النشاط السياسي في الحرم الجامعي. كما يتيح "البنك" للجمهور الواسع، أيضا، متابعة ورصد الوجهات المركزية في الأكاديميا الإسرائيلية في الوقت الراهن، مثل العدد المتزايد من البرامج الرامية إلى "مقاومة محاولات نزع الشرعية عن دولة إسرائيل في العالم"؛ العنصرية الممأسسة ضد الطلاب الفلسطينيين في الجامعات والكليات الإسرائيلية، بدءا من شروط القبول، مرورا بمنع استخدام اللغة العربية وانتهاء بالرقابة المفروضة عليهم وتضييق حريتهم في التنظيم والنشاط السياسي؛ ازدهار "البرامج والمساقات الخاصة" التي توفرها الجامعات الإسرائيلية المختلفة لجنود الجيش الإسرائيلي ورجال الأجهزة الأمنية الأخرى "من خلال خفض جدي للمعايير والمتطلبات الأكاديمية، في كثير من الأحيان"؛ التعاون الزاحف ما بين مؤسسات التعليم العالي في داخل "الخط الأخضر" والكليات في الضفة الغربية والجولان المحتلين؛ التعاون بين الجامعات الإسرائيلية ومؤسسات رسمية في مشاريع عسكرتارية، مثل المشاركة في تسويق المصنوعات العسكرية الإسرائيلية.

ويشمل باب "الأكاديميا الفلسطينية" توثيقا واسعا جدا للاقتحامات العسكرية الإسرائيلية للجامعات ومؤسسات التعليم الفلسطينية في الضفة الغربية، بما يتخللها من اعتقالات للطلاب وأعضاء السلك التعليمي، إلى جانب القيود المشددة على حرية الحركة والتنقل المفروضة على الطلاب في قطاع غزة، مع التأكيد ـ من خلال مقالات، وثائق وتقارير عديدة ـ على صمت رؤساء وكبار الأكاديميا الإسرائيلية المطبق حيال القمع الذي يعاني منه زملاؤهم الفلسطينيون.

تقول روتمان إن بنك المعلومات "أكاديميا مجنَّدة"، الذي يشارف العمل في بنائه على الانتهاء على أمل إطلاقه رسميا (على موقع "أكاديميا من أجل المساواة") خلال الأسابيع القليلة القادمة، سيشكل ما يمكن وصفه بـ "مكتبة للأكاديميين في الخارج" يستطيع كل منهم التعرف من خلالها على العلاقة بين المؤسسة الأكاديمية التي يعمل أو يدرس فيها وبين مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل. لكنه، تضيف، "معدّ لخدمة الأكاديميين الإسرائيليين والفلسطينيين، أيضا"، إذ "من الضروري أن يكون هذا الكم من المعلومات متاحا لهم، أيضا". ولهذا، فجميع المواد في "بنك المعلومات" ستكون متوفرة باللغتين العبرية والعربية أيضا.

يشار، في هذا السياق، إلى أن مندوب "مجلس التعليم العالي" كان قد صرح في جلسة للجنة التعليم التابعة للكنيست في أواخر كانون الثاني المنصرم، بأن هذا المجلس (المسؤول عن الجامعات الإسرائيلية والتابع، رسميا، لوزارة التعليم الإسرائيلية ويرئسه وزير التعليم، نفتالي بينيت) يؤيد فرض القانون الإسرائيلي على المؤسسات الأكاديمية في المناطق الفلسطينية المحتلة.

المصطلحات المستخدمة:

شاي, الخط الأخضر, نفتالي بينيت

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات