المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

إلى جانب "ملف 2000" لا يزال "الفحص" جاريا في قضية الامتيازات والمنافع الشخصية التي حصل عليها نتنياهو من رجال أعمال مختلفين، والتي تبلغ قيمتها المالية مئات آلاف الشواكل، وفق تقديرات الشرطة.

وتشمل هذه القضية (التي أطلق عليها اسم "ملف 1000")، مثلا، طلب نتنياهو من رجال أعمال أثرياء، من بينهم منتج الأفلام السينمائية في هوليوود أرنون ميلتشين (وهو مواطن إسرائيلي)، شراء هدايا وأغراض ثمينة جدا له ولزوجته، سارة، مقابل تدخل نتنياهو لدى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لحل مشكلة تتعلق بمنح ميلتشين تأشيرة أميركية. وكشفت الأنباء، وفقا لمصادر الشرطة الإسرائيلية، أن السلطات الأميركية اشترطت على ميلتشين تجديد تأشيرة العمل في الولايات المتحدة بشكل سنوي، بدلا من مرة واحدة كل عشر سنوات، وذلك بعد الكشف عن دوره الواسع في المشروع النووي الإسرائيلي.

وأضافت المعلومات أن نتنياهو تحدث مع كيري في هذا الموضوع ثلاث مرات خلال العام 2004 وطلب منه حل مشكلة تجديد تأشيرة ميلتشين سنوياً من خلال منحه تأشيرة لمدة عشر سنوات، وهو ما تم بالفعل في وقت لاحق.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد كشفت عن أن نتنياهو زار ميلتشين في منزله في مدينة هرتسليا أربع مرات خلال أسابيع قليلة في شهر آب 2015 وأن رئيس حزب "المعسكر الصهيوني"، إسحاق هيرتسوغ، قد شارك في أحد تلك اللقاءات. وفي حينه، ادعى هيرتسوغ بأن اللقاء الذي شارك فيه في منزل ميلتشين كان لقاء جماعيا شاركت فيه مجموعة من الأشخاص، لكن كاميرات الأمان المثبتة في المنزل أثبتت أن اللقاء ضم نتنياهو ي وميلتشين وحدهم فقط. وقد ورد اسم ميلتشين آنذاك في سياق الحديث عن الاتصالات التي جرت بين هيرتسوغ ونتنياهو في محاولة لتشكيل حكومة "وحدة وطنية" يشارك فيها "المعسكر الصهيوني".

ومن المعروف أن ميلتشين يتمتع بعلاقات وثيقة وحميمة مع عدد من السياسيين الكبار في إسرائيل، من بينهم رئيس الدولة السابق شمعون بيريس، ورئيس حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل)، يائير لبيد، الذي أشغل منصب وزير المالية في حكومة نتنياهو السابقة وكان قد عمل من قبل مديراً لإحدى الشركات التجارية التي يمتلكها ميلتشين. كما ورد اسم ميلتشين، أيضا، في سياق الحديث عن تجارة الأسلحة وعن صفقات أمنية، إذ أفادت تقارير إعلامية أجنبية بأنه كان وكيلاً وممثلا لـ"دائرة العلاقات العلمية" في وزارة الدفاع الإسرائيلية وساعد، في إطار مهمته هذه، في امتلاك معدات لصالح المشروع النووي الإسرائيلي.

وتشتبه الشرطة بأن ميلتشين زوّد نتنياهو، بناء على طلب الأخير وزوجته، طوال 7- 8 سنوات، بكميات كبيرة من السيجار الفاخر وزجاجات الشمبانيا وغيرها من المشروبات الكحولية والهدايا بتكلفة إجمالية تصل إلى مئات آلاف الشواكل!

وإضافة إلى هذا كله، نُشر أن ميلتشين جنّد لنتنياهو مستشارا استراتيجيا أميركيا "يقدم خدماته السريّة لنتنياهو منذ بضع سنوات، مجانا دون أي مقابل"!

ويشمل "ملف 1000"، أيضا، شبهات بشأن حصول نتنياهو وأبناء عائلته (زوجته وابناهما) على هدايا وامتيازات ثمينة، وكذلك على وجبات فاخرة، بقيمة إجمالية تبلغ عشرات آلاف الشواكل من رجل أعمال أسترالي يدعى جيمس باكر. وتقول الشبهات إن هذه الوجبات الفاخرة كانت تصل إلى منزل عائلة نتنياهو في مدينة قيسارية. كما تشمل، أيضا، استخدام نتنياهو وابنه البكر يائير شققا فاخرة جدا يمتلكها باكر في إسرائيل وغيرها من الدول، ، علاوة على تمويل رحلات جوية خاصة ليائير نتنياهو وعطل نقاهة في فنادق فخمة في دول مختلفة. وإلى جانب ذلك، زوّد باكر نتنياهو وزوجته بتذاكر مجانية لحضور حفلات للمغنية الأميركية ماريا كاري، التي كان باكر متزوجا منها.

وفي نهاية أيلول 2015، رافق يائير والده إلى جلسة الهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وهناك، نزل يائير في فندق فخم في المدينة، هو الفندق الدائم الذي ينزل فيه باكر نفسه، إذ حجز يائير مجموعة من الغرف، على حساب باكر. وقد شارك باكر في إعداد الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما انضم إلى الوفد الإسرائيلي الذي شارك في تلك الجلسة، إذ يظهر في الصور وهو يجلس في منصة الضيوف، إلى جانب سارة ويائير نتنياهو!

وكان الصحافي رفيف دروكر قد كشف، في القناة التلفزيونية العاشرة، عن لقاء عقده المحامي يعقوب فاينروت، محامي جيمس باكر (ومحامي بنيامين نتنياهو أيضا)، مع وزير الداخلية أرييه درعي من أجل منح باكر إقامة دائمة في إسرائيل، بغية الحصول على امتيازات ضريبية تمنحها السلطات الإسرائيلية لرجال أعمال أثرياء يهاجرون إلى إسرائيل.

وأفاد دروكر بأن ميلتشين وباكر، وهما صديقان حميمان وشريكان في عدة مصالح ومشاريع تجارية، يشغلان عضوية مجالس الإدارة في شركات تعمل في جزر البهاما، التي تشكل "ملجأ ضريبياً"، وبأنهما نظما معاً "حفلة خاصة" لنتنياهو في فيللا فاخرة في لوس أنجلوس في العام 2014. وقال الصحافي بن كسبيت إن ميلتشين هو الذي كان عراب التعارف والصداقة بين باكر ونتنياهو.

وقال محامي نتنياهو، يعقوب فاينروط، إنه "ليس ثمة في هذه القضية طرف مخالفة جنائية، إطلاقا"، مضيفا أن "كل عاقل يعرف أنه ليس ثمة ما يمنع قيام صديق بمنح صديقه هدايا، أيا كان نوعها". وأضاف فاينروت أنه "سمع أجوبة نتنياهو خلال التحقيق وحين تُنشر هذه الإجابات سيتضح للجميع أنها لا تنطوي على أي شك بوجود مخالفة جنائية".

وأفاد المعلق في القناة التلفزيونية الثانية، أمنون أبراموفيتش، بأن طاقم المحامين الذي يعالج "ملفات نتنياهو" في وزارة القضاء يعتبر أن "ملف 1000" هو أكثر خطورة من "ملف 2000" من الناحية القضائية (الجنائية).

وقال الصحافي بن كسبيت إنه "مما رشح حتى الآن، يبدو أن القضية المركزية في "ملفات نتنياهو" هي قضية الامتيازات والمنافع التي حصل عليها رئيس الحكومة وأفراد عائلته من رجال أعمال وأثرياء مختلفين، طوال سنوات عديدة".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات